إكسير المحبة
موقع نور فاطمة (ع)
منذ 8 سنواتاحب الأولياء
إنّ الحب لا يقتصر على الحب الحيواني الجنسي، ولا الحب الحيواني النسلي، بل إنّ
هناك نوعاً آخر ينمو في جو أعلى وأرفع، خارج حدود الماديات، ويستمد وجوده مما وراء غريزة بقاء النوع. وهو ـ في الحقيقة ـ الحد الفاصل بين عالم الإنسان وعالم الحيوان. إنّه الحب المعنوي الإنساني. إنّه تعشق فضائل الإنسن وما فيه من خير، والولوع بالسجايا الإنسانية وجمال الحقيقة.
وهذا الحب هو الّذي يرد كثيراً في القرآن تحت ألفاظ «المحبة» وأحياناً «الود» أو «المودة».
ويمكن تقسيم الآيات الخاصة بهذا في القرآن إلى عدة أقسام، فمنها:
1 ـ الآيات الّتي وردت في وصف المؤمنين وتتحدث عن حبهم العميق لله أو للمؤمنين:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا أشَدُّ حُبّاً لِلّهِ).
(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا اُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
2 ـ الآيات الّتي تتحدث عن حب الله للمؤمنين:
(إنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ)
(وَاللّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ)
(إنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ)
(وَاللّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ)
(إنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ)
3 ـ الآيات الّتي تتضمن الحب المتبادل بين الطرفين، حب الله للمؤمنين وحب المؤمنين لله، وحب المؤمنين بعضهم بعضاً:
(قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)
(فَسَوْفَ يَأتِي اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
(إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)
(وَجَعَلَ بَـيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)
وهذا هو الحب الّذي أراده إبراهيم لذريته، وما طلبه نبينا(صلى الله عليه وآله وسلم)لأهله بأمر من الله.
ويستفاد من الروايات أن روح الدين وجوهره ليس سوى الحب والمحبة.
يقول بريد العجلي:
كنت في حضرة الإمام الباقر(عليه السلام) فدخل عليه مسافر من خراسان كان قد قطع تلك المسافة الطويلة للتشرف برؤية الإمام، فعندما نزع نعليه رأيت الشقوق في قدميه. قال: والله لم يأت بي آت من حيث جئت سوى حبكم أهل البيت. فقال الإمام(عليه السلام): والله لو أحبنا حجر لحشره الله معنا «وهل الحب إلاّ الحب».
قال رجل للإمام الصادق(عليه السلام): إننا نسمي أبناءنا بأسمائكم وأسماء آبائكم. أينفعنا هذا في شيء؟ فقال الإمام: «نعم والله. وهل الدين إلاّ بالحب. ثمّ تلا الآية الشريفة: (إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ).
إنّه الحب الّذي يحمل على الطاعة، فالعاشق لن يتأتى له أن يتقاعس عن تحقيق إرادة المعشوق.
إنّنا نرى هذا بأعيننا، فهذا الشاب العاشق يضحي بكلّ شيء في سبيل معشوقته.
إن إطاعة الله وعبادته تكون بمقدار حب الإنسان لله تعالى. قال الإمام الصادق(عليه السلام):
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إنّ المحب لمن يحب مطيع
التعلیقات