هل تأخّر الزّواج غضبٌ من الله سبحانه وتعالى؟ (مكتوبة) -
هل تأخّرُ الزّواجِ غَضَبٌ من اللهِ سبحانَهُ وتَعالى؟
يَعتقدُ بعضُ الناسِ أنَّ التأخيرَ الحاصلَ في زواجِ الفتاةِ هو مِن غَضَبِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ عليها ، وهذا ما يَشغَلُ فَكرَها ويَخلُقُ عندَها شبهةً إِثرَ الهاجِزِ الطارِئِ عَلَيها، فَتَسأَلُ نَفسَها لماذا يَحرِمُني اللهُ مِنَ الزَّواجِ ، وهذا ما يَشغَلُ فِكرَها ويسبِّبُ لَها أفكاراً واهيةً تُؤَثِّرُ على مُعتَقَدِها وعلاقتِها باللهِ سُبحانَهُ وتَعالى ، ولكن هل هذا الأَمرُ صَحيحٌ أم مُجَرَّدُ شَائِعَةٌ لا أَصلَ لَها؟
هذا ما سنعرِفُهُ عِندَ مشاهدَةِ المقطَعِ. ولكِن قبلَ أن نَبدأَ ، نَرجو أَن لا تَنسَوا إعجابَكُم بالفیدیو و الاشتراكَ في القناةِ و تَفعیلَ الجرسِ الرَّمادي ليصلَ إليكم كلُّ ما هو جديد.
إذا كان التأخيرُ الحاصلُ في هذا الأمرِ علامةً على غَضَبِ اللهِ تَعالى ، فيَجِبُ أن نَقُولَ إِنَّ الزَّواجَ السَّهلَ والسَّريعَ هو أيضاً رحمةٌ من اللهِ تعالى، وهل هذا هو واقعُ الأمرِ ؟ بينَما نلاحظُ العديدَ من الأشخاصِ الفاسدينَ والعاصِينَ ، مِثلَ بَعضِ الملوكِ الضالمينَ والسفّاكينَ للدِّماءِ ، كانَ لَدَيهِم زَوجاتٌ مُتَعَدَّدَةٌ وكثيرةٌ وسُرعانَ ما يتهيَّأُ لهم ولأبنائِهِم أمرُ الزّواجِ وبكلِّ سهولة ، فهل تُرى هؤلاء شَملَتهُمُ الرَّحمَةُ الإِلهيّة ؟ وكذلك نرى من ناحيةٍ أخرى ، أنَّ بعضَ عبادِ اللهِ الصّالحينَ والمُقرَّبينَ منهُ عزّ وجلّ انقَضَت أعمارُهُم وانطَوَت وهُم عُزَّابُ من غيرِ زواجٍ مثلُ السّيِّدَةِ فاطمةِ المعصومةِ سلامُ اللهِ عليها. فهل تَعرَّضُوا لغَضَبِ اللهِ في حَياتِهِم ؟
الزَّواجُ هو خَيرٌ ورزقٌ من اللهِ سبحانَهُ وتعالى يَهَبُهُ من يَشاءُ مِن عِبادِه في أيّ وَقتٍ يَشاءُ ، لِحكمَةٍ لا يَعلَمُها إِلّا هو سبحانَهُ وتَعالى ، ولن تَموتَ نفسٌ حَتّى تَستَوفي رِزقَها. وقد قالَ تَعالى في مُحكَمِ كتابِهِ : » وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ » (سورة الذّاريات، الآية 22)
وهُناكَ أَدعيةٌ وأذكارٌ خَاصَّةٌ لجلبِ الرّزقِ ولِتَيَسُّرِ أمرِ الزّواجِ قد ذُكِرَت في الإسلامِ وأَورَدَها علماؤُنا في كُتُبٍ مُختَصَّةٍ.
نَذكُرُ من بابِ المثالِ ما جاءَ في كتابِ الهداية : إذا أراد الرَّجُلُ أن يَتَزَوَّجَ ، يُصَلّي ركَعَتَينِ ، ويَرفَعُ يدَهُ إِلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، ويقولُ اللهمَّ إِنّي أُريدُ أن أَتَزَوَّجَ ، فَسَهِّل لي مِنَ النّساءِ أَحسنَهُنَّ خُلُقاً ، وأَعَفَّهُنَّ فَرجاً وأَحفَظَهُنَّ لي في نَفسِها ومالي، وأَوسَعَهُنَّ رزقاً، وأعظمَهُنَّ بَركةً، واقضِ لي مِنها ولَداً يحمِدُ رَبّي حَليماً صالحاً في حَياتي وبعدَ مَوتي، ولا تَجعَلْ للشَّيطانِ فيهِ شَريكاً ولا نَصيباً (كتاب الهداية، الشيخ الصدوق، المجلد : 1، الصفحة : 67)
قد لا يحصُلُ العبدُ على ما يُريدُهُ رَغمَ صلاتِهِ ودُعائِهِ وقِيامِهِ بنُذُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، ولكِن يَجِبُ على العبدُ أَن يَحرُصَ على بقاءِ صِلَتِهِ باللهِ تَعالى ويَعلَمَ أَنَّ جَميعَ دَعَواتِهِ تَكُونُ محفُوظَةً عندَ اللهِ تَعالى وسَتُؤَدّي إِلى سَعادَتِهِ في الدُّنيا والآخِرَة. حَتّى لو لم يَحصُلْ على ما يُريدُهُ بعدُ ، ولكن يَجِبُ عَليهِ أَن يَعلَمَ أَنَّ استِجابةَ الدُّعاءِ في الوَقتِ الَّذي يُرِيدُهُ نَوعٌ واحِدٌ من أَنواعِ استِجابَةِ الدُّعاءِ وهُناكَ أَنواعٌ أُخرى وفوائدُ جَمّةٌ في الدُّعاءِ حيثُ وَرَدَ عن الإِمامِ السَّجّادِ عَليهِ السَّلامُ أَنَّهُ قالَ : اَلْمُؤْمِنُ مِنْ دُعَائِهِ عَلَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ، وَ إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ ، وَ إِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ بَلاَءٌ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَهُ. (تحف العقول : ابن شعبة الحراني جلد : 1 صفحه : 280)
ولا يَلزَمُ في تَأَخُّرِ الزَّواجِ أن يَكُونَ نَوعاً من العِقابِ ، بل قَد يَكونُ مُجَرّدُ ابتِلاءٍ. وقد يَكُونُ لأَسبابٍ عَادِيّةٍ حيثُ لم يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ للخِطبَةِ، وقد يَكُونُ لأَسبابٍ غيرِ عادِيّةٍ كالسِّحرِ ونَحوِهِ ، فيَنبَغي على المؤمِنِ أَن يَسعى في إزالةِ الأَسبابِ قدرَ إمكانِهِ وبما يُناسِبُ الأَمرَ.
ولا يَجوزُ رَبطَ أي شَيءٍ يُضايِقُنا في الحياةِ بِأَنَّهُ عِقابٌ مِنَ اللهِ تَعالى لأَنَّ هذا مُخالِفٌ لعقيدةِ حُسنِ الظَّنِّ بِاللهِ ، لِأَنَّهُ أَرحَمُ الرّاحمينَ ورَحمَتُهُ وسِعَت كُلَّ شَيءٍ ، فإِذا أَذنَبَ الإِنسانُ ذَنباً أو ظَهَرَ منهُ شَيءٌ ثُمّ أصابته من بعدِ ذلكَ مُصِيبةٌ أو حَدَثَ لَهُ حَدَثٌ ومَوقِفٌ يَسُوؤُهُ يَقُولُ هذا مِن عِندِ اللهِ لأَنَّهُ يُريدُ أَن يُعاقِبَني، فهو تَفكيرٌ غَيرُ صَحيحٍ وغَيرُ سَليم.
فأمرُ الزّواجِ يَتَطَلَّبُ مُقَدَّماتٍ يَجِبُ تَحضِيرَها والخَوضُ فيها ، على سَبيلِ المثالِ يَجِبُ أَن تَحضَرَ الفَتاةُ بِصُحبَةِ أَهلِها في المجتَمَعِ النَّسَويِّ ، وتُظْهِرُ نَفسَها بِشَكلٍ جَميلٍ وأَنيقٍ لِكَي يَتَعَرَّفُوا عَلَيها ، ويَجِبُ الإِستِفادَةُ مِنَ الوَسيطِ بِأَمرِ الزَّواجِ ولا يَهمِلُ هذا الدَّورَ المبارَكَ في تَقديمِ الفَتَياتِ الصَّالحاتِ المؤمِناتِ واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى كَثيرٌ ما يُحِبُّ هذا الدَّورَ حَيثُ يُستَحَبُّ السَّعيَ في التّزويجِ ، والشَّفاعَةَ فيهِ، وإِرضاءَ الطَّرَفَينِ ، ووَرَدَ في الخَبَرِ عَن أَبي عَبدِ اللهِ عليهِ السَّلامُ قال: قالَ أَميرُ المؤمِنينَ عَليهِ السَّلامُ: « أَفضَلُ الشَّفاعاتِ أَن تَشفَعَ بَينَ اثنينِ في نِكاحٍ حَتّى يَجمَعَ اللهُ بَينَهُما » (جامع أحاديث الشيعة: البروجردي، السيد حسين جلد : 20 صفحه : 15).
ويجب على الفتاة أن تكون لها نشاط في الاجتماعات الدينية وفي المجتمع على نحو العموم مع الحفاظ على كرامتها وشخصيتها ، فعليها أن تكون بشّاشة وذات حيوية حتى يرغب فيها وتتقدم العوائل لأمر الخطبة والزواج.
ويَجِبُ أَن تَعرِفَ الفَتاةُ أَنَّ الكمالَ كُلُّهُ لا يتمثَّل في الزَّواجَ فقط ، فلا ينبغي لها أَن تقضيَ كُلَّ حَياتِها بِفكرِ الزَّواجِ ، لقَد شاهَدَ التاريخُ نِساءً مُؤَثِّراتٍ للغايةِ في مُجتَمَعِهِنَّ ، قَد بلغن الكمالَ في ظِلِّ التَعلِيمِ والتَّعَلُّمِ وسَجَّلَ التاريخُ أَسمائَهُنَّ على جَبِينِهِ بِنُورٍ مِن دُونِ زَواج.
لا تَيأسي مِن رَحمَةِ اللهِ إشلى نِهايَةِ حَياتِكِ. اُطلُبي دَائماً مِنَ اللهِ الأُمورِ الدُّنيَوِيَّةِ والأُخرَويَّةِ بِقَيدِ المصلَحَةِ والحِكمَةِ وحَتّى إذا لم يُستَجَبْ دُعاؤُكِ ، ومِن بَعدِ ذلكَ يَجِبُ أَن تَتَجَنَّبي الاكتِئابَ واليَئسَ مِنَ الدُّعاءِ.
وكذلكَ ، لِتَيسيرِ قَضِيَّةِ الزَّواجِ انتَبِهي لما يَلي:
1ـ قِراءَةُ الآياتِ مِن سُورَةِ يُونُسَ من 75 إلى 82.
2ـ اصطحابُ سُورَةِ الرَّحمنِ عِندَما يَأتي الخاطِبُ.
3ـ لا تَنسَوا الدُّعاءَ والتّوَسُّلَ بأَهلِ البَيتِ عَلَيهِمُ السَّلامُ.
4ـ كتابَةُ سُورَةِ طه ثُمَّ الاغتِسالُ بِمائِها سُيُوفِّرَ وَسِيلَةَ الزَّواجِ لِلفَتاةِ ، قالَ الإِمامُ الصّادِقُ عَلَيهِ السَّلامُ : « وَ إِذَا اغْتَسَلَتْ بِمَائِهَا مَنْ لاَ طَالِبَ لِعُرْسِهَا خُطِبَتْ،وَ سَهُلَ عُرْسُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى »
(البرهان في تفسير القرآن: البحراني، السيد هاشم جلد : 3 صفحه : 745).
نأمل أن يكون هذا الفيديو مفيدًا لكم وأن أجاب على بعض أسئلتك حول هذا الموضوع
يرجى مشاركة تعليقاتك حول الفيديو.
التعلیقات