عقيدة المهتدين بين التحريف والتحصين
احمد عزيز الخزعلي
منذ 14 سنةعقيدة المهتدين بين التحريف والتحصين
احمد عزيز الخزعلي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
نقف _نحن الشيعة الامامية الاثنى عشرية_ أمام ظاهرة خطيرة تتمثل في انتهاك أهم عقيدة نؤمن بها وهي العقيدة المهدوية، ومن أبرز مصاديق هذا الانتهاك هو تقمص الارذلين الادنين لأهم وأبرز شخصيات هذه القضية محاولين قيادة الناس تجاه غاياتهم المنحرفة، مشوهين بذلك الوجه الجميل والحقيقة الناصعة لقضية الإمام المهدي عليه السلام، فتسبب ذلك في انحراف الكثير من أبناء مجتمعنا وسقوطهم في هاوية الضلال.
فنحن اذاً أمام مسؤولية كبرى ومهمة عظيمة لإنقاذ هؤلاء الغرقى من جهة، ومن الآخرين من السقوط في شراك المنتحلين والمحتالين بتحصينهم بالثقافة المهدوية الصحيحة والحقة من جهة ثانية.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كتم علما نافعاً الجم بلجام من نار».(1)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ظهرت الفتن وسكت العالم فعليه لعنة الله».(2)
فتوجب على كل مخلص ان يشمر عن ساعد الجد لتشخيص هذا المرض الخطير الذي أخذ يستشري في مجتمعاتنا، وتحديد أسباب ظهوره ولماذا ظهر في العقيدة المهدوية خصوصا دون غيرها من العقائد، ولماذا سقط ويسقط الكثير من أبناءنا ضحايا لمثل هذه الادعاءات، ثم تحديد المنهج الاوفق لمعالجة هذه الظاهرة ومنع حدوثها من جديد.
هذا ما التفت إليه مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام فأقام الدورات العديدة ومنها هذه الدورة مساهمة منه في نصرة المذهب الحق، فجزا الله العاملين فيه عن المؤمنين خير جزاء المحسنين.
وفيما يلي ملخص لما طرح في هذه الدورة:
تعيين المشكلة:
ان ظاهرة تقمص شخصية الإمام المهدي أو أحد قادته البارزين ليست وليدة الساعة بل تمتد جذورها إلى ما قبل ولادة الإمام الحجة عليه السلام وذلك لعدة عوامل منها وجود الفرق المقابل المتمثل بنموذجين من الناس الأول: من استحوذ عليه الشيطان فجعل أكبر همه اتباع شهواته الذاتية ورغباته النفسية من حب الدنيا وحب الرئاسة والسلطة وغيرها من الغايات الدنيوية وان كان ذلك على حساب تهديم الدين والمعتقدات الحقة وهذا النموذج هو الذي يتزعم قيادة هذه الحركات المنحرفة. الثاني: المتمثل بالاتباع وهم لفيف من السذج الجهال، أو المعاندين أصحاب الجدل ومحبي المخالفة، أو الطامعون بحطام الدنيا الذين باعوا آخرتهم بدنياهم، أو الطامحون بشوق مبالغ فيه لمشاهدة الشخص الشريف للإمام عليه السلام أو للخلاص من الظلم الذي نفد صبرهم منه فيتأملون ظهوره ويتشبتون ومن دون بصيرة ولا دليل بأي شخص يعجبون به ويعتقدون انه هو المنقذ.
ان خطورة هذه الظاهرة تكمن في انحراف أبناء المجتمع المسلم عن العقيدة الحقة وهذا يعني الهلال الحتمي لهم واستحقاقهم لسخط الله وعقوبته (سبحانه وتعالى). فإن الانحراف في المعتقدات المهدوية يعني الانحراف أصل الامامة وخروج المؤمن عن طاعة إمام زمانه، بل إذا أخطأ في تشخيص الإمام الحق فاتبع أئمة الظلم والجور فإنه سيكون مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «من مات وهؤلاء يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»؛(3)
ان المخيف والخطير في هذا الحديث هو معناه الذي بينه لنا الإمام الصادق عليه السلام فيما ورد في صححه الحرث بن المغيرة حيث قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية(4) جهلاء أم جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال: جاهلية كفر ونفاق وضلال وهنا الإمام يصرح علانية ان من انحرف عن إمام زمانه فهو كافر، منافق ضال، وهذا يعني ان متبع اصحاب الادعاءات الباطلة _أو أدعياء المهدوية_ فهو كافر ومنافق، والكافر ليس له إلاّ جهنم خالداً فيها، فيا له من مصير مخيف، لا نرضى به لأي انسان فما بالك ان أصحاب أبناءنا وإخواننا.
هذا هو حجم المصيبة النوعي فكيف بنا إذا انتشرت هذه الظاهرة وسادت في مجتمعنا وكيف سيكون حجم مصيبتنا.
أسباب نشوء هذه الظاهرة:
يمكن تلخيص أهم العوامل المؤدية إلى ظهور هذه المشكلة بما يلي:
1_ ضبابية وغموض القضية المهدوية: وهذه الضبابية ولدت امرين:
الأول: استفهامات متنوعة وعديدة عن مفردات ومفاهيم ومصاديق هذه القضية وهذه الاستفهامات قد تكون حسنة بل يمكن القوم ان لا علم يحصل إلاّ بالاستفهام وهذا هو الجانب الايجابي من هذه الاستفهامات، ولكن هذه الاستفهامات قد تأخذ منحى سلبي يتمثل في عدم وجود حلول مقنعة لها فتبقى عالقة في الاذهان فتستمر حتى تتحول إلى شكون وطعون في القضية المهدوية.
الثاني: استنكارات لهذه القضية بمختلف جوانبها وهذه الاستنكارات تمثل عاملا قوياً في إنكار حقائق هذه القضية وعدم التصديق بها.
ان ضبابية القضية المهدوية كان نتيجة أسباب أهمها:
أ_ تعلق القضية المهدوية بالامور الغيبية أكثر من تعلقها بالامور المشهودة المحسوسة فأكثر جوانبها لا يمكن اوراكها بالحواس فهي مرتبطة بإمام غائب لم يشاهد ولا نعرف اين هو ولماذا غاب دون باقي الائمة، وبعلامات تسبق ظهوره لم نعرف زمن حصولها ولم تشخص لحد الآن، وبشخصيات غير محددة ولا معينة ولا ظاهرة المعالم.
ب_ اشمال الآيات والروايات المتعلقة بقضية الإمام المهدي عليه السلام على المحكم والمتشابه والمجمل والبين مما أتاح الفرصة لأصحاب الشبهات من المتشابه والمجمل اساسا يستندون عليه لتأكيد وتثبيت ادعاءاتهم وسلاح يهاجمون به الحق وأصحابه، فظهرتت دعاوى عديدة مضللة ونشرت أفكارها المنحرفة فأحاط ذلك الحقائق ابصارته في قضية الإمام المهدي بالغموض وعدم الوضوح.
ج _ عدم إحاطة هذه القضية بالبحث والتدقيق والتحقيق المناسب الذي يخرجها من حيز الغموض والحيرة إلى عالم النور والوضوح لتكون عقيدة بينة للجميع راسخة لدى كافة شرائح المجتمع.
د_ غموض مفردات ومفاهيم القضية المهدوية كمفردة الانتظار وعدم التفريق بين الانتظار السلبي والانتظار الايجابي، ومفهوم الغيبة ومعناها والحكمة منها، ومفهوم ان الارض لا بد ان تملأ ظلما وجورا قبل ظهوره عليه السلام وغيرها من المفردات والمفاهيم التي بقي الظلام يملأها حتى سيء فهمها وتسببت هي الأخرى في غموض العقيدة المهدوية.
هـ _ تركيز المؤسسات الحوزوية على الجانب الفقهي دون الجانب العقائدي مما جعل قضية الإمام المهدي من القضايا الثانوية الغيب مهمة في حياة طالب العلم ولم يجد الطالب داعيا لبذل الجهد لدراسة هذه القضية بجوانبها المتفرعة فكان مخزونه الفكري لهذه العقيدة فقيرا جدا بل قد نجد من غير الطلبة من هو أكثر اطلاعا على هذه العقيدة، وبهذا ضعف دور طالب الحوزة فينشر وبيان حقائق القضية المهدوية بل قد يحرج الطالب لأيسر سؤلا ونتيجة ذلك كله غموض فكرة الإمام المهدي وما يتعلق بها عن الكثير من أصحاب الاختصاص مما يعني غموضها وضبابيتها على القاعدة الشعبية الجماهيرية العريضة.
و_ بقاء دعاة الحق ولفترات زمنية طويلة تحت سلطة انظمة وحكومات تحارب وتمنع التثقيف والدعوة لقضية الإمام المهدي وتعرض المتصدي لها لأشد انواع العقوبات والمطاردة وهذا العامل قيد المبلغين وفهمهم بشكل كبير من إنارة الطريق تجاه هذه القضية. بل وسبت هذه المؤسسات والحكومات إلى نشر عوامل الجهل وترسيخها لدى الشعب وتضليله بالانكار والخرافات البعيدة عن حقيقة هذه التضحية وجعل أبناء المجتمع ينشغلون بأمور تافهة وبسد متطلباتهم المعاشية. وكان نتيجة كل ذلك هو بقاء هذه القضية قيد السرية والكتمان وعدم الظهور فكان ذلك عاملا قويا في إضفاء الغموض على هذه القضية.
2_ تعرض قضية الإمام المهدي عليه السلام إلى التحليل والتفسير من قبل من هو ليس من أصحاب الاختصاص مخلط بين المحكم والمتشابه _بقصد أو بغير قصد_ وفسر ما فيها وفقاً لهواه أو امكاناته وقدراته الناقصة فكانت النتيجة ناقصة قطعاً.
3_ كما قد تصدت لهذه القضية من الطرف المعادي عقول ذات أهداف هدامة قامت بتشويه الصورة الحقانية الجميلة لها وإظهارها بمظهر بعيد كل البعد عن الحقيقة. وكان قصدهم تسفيه هذا الاعتقاد والنزول به إلى قصر الانحطاط. «كما ينقل ابن بطوطة في كتاب رحلة ابن بطوطة مشاهداته في الحلة: انه في ذلك الزمان يخرج من أهل الحلة كل ليلة مئة رجل من المدينة وفي أيديهم سيوف فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر يأخذون منه فرسا مسرجا وملجما ويضربون الطبول ويبوقات امام الدابة ويتقدمها خمسون وخلفها خمسون وعن يمينها خمسون وعن شمالها خمسون ويمشون ويقولون بسم الله أخرج اخرج يا صاحب الزمان قد ظهر الفساد وكثر الظلم وهذا اوان ظهورك»(5) أو ما ينقل عن ياقوت الحمودي في كتابه معجم البلدان يذكر عن سرداب سامراء ما يلي: يقول «ان الشيعة ينتظرون كل يوم بجانب السرداب يقفون بالخيل ويهتفون ب هان يخرج إليهم وهكذا يفعلون كل يوم».(6)
4_ عدم تولي مؤسسات التبليغ الدينية نشر الروايات والافكار المهدوية الصحيحة بالكم والكيف الذي يفي بالغرض ويلائم حجم وأهمية هذه القضية، كروايات ولادته وكيفية غيبته، ومكان غيبته وأسبابها وأهم توقيعاته ووصاياه و... الخ من المسائل المتعلقة بقضيته عليه السلام والتي يحتاج اليها الجمهور. مما ساعد في بقاء الجهل مسيطرا على عقول أبناء المجتمع.
5_ عدم وضوع الاجابة الشافية ن السؤال المطروح الذي يلح على عقول أبناء المذهب الشيعي: من هو صاحب الحق الشرعي في قيادة الامة بعد غياب الإمام الحجة عليه السلام، والى من ترجع الامة أثناء الغيبة في تحديد الحق من الباطل، وماذا ينبغي ان تفعل عند طرو الحوادث أو ظهور الفتن، فبقي صاحب الحق الشرعي في خلافه الإمام الحجة عليه السلام غامضا على الكثيرين، وكان ولا يزال الكثير من أبناءنا لا يعرفون ان المجتهد العادل، الحافظ لدينه، المخالف لهواه، المطيع لأمر مولاه هو الشخص الوحيد الذي له الحق في القطع في الامور وتحديد ما يجب وما لا يجب في غيبة الإمام فقفز إلى ساحة القيادة من هو ليس أهلا لها، وادعى الكثير من المنحرفين انهم هم الخلفاء الشرعيون للإمام الحجة، فضل واضل معه الكثيرين.
6_ انكار بعض الطوائف لنفس اصل الإمامة وذلك لانكارهم حق الإمام علي بالامامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجرهم ذلك إلى انكار كل الائمة بعده وانكار امامه الإمام المهدي عليه السلام؛ نعم قد يؤمن بعظهم بان هناك مهدي سيظهر، ولكن لو اعترفوا بأنه هو (م ح م د) بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن... الخ لأدى بهم ذلك إلى التصديق بالامامة وبإمامة الإمام علي وهذا يعني اتهام سادتهم وأئمتهم بالظلم والكفر وهذا ما لا ترضاه نفوسهم ويأباه تعصبهم. فإنكارهم لوجود الإمام المهدي وإمامته مبني على إنكارهم لأصل الامامة ولهذا يوجهون الطفي والتشكيل والشبهات لفكرة الإمام المهدي ويمارسون تسفيه هذه العقيدة، أملاً في تهديمها وبالتالي زعزعة وهدم الاعتقاد باصل الامامة.
7_ وجود صنفين من الروايات تجعل البعض يجرؤ على تفحص شخصية الإمام المهدي أو أحد القيادات البارزة عنده، أو تشخيص هذه الظاهرة أو هذا الشخص كمصداق لما ورد في تلك الروايات، الصنف الأول: الروايات التي تثبت قضية الإمام المهدي، وانه لابد ان يظهر ويملأ الارض قسطاً وعدلاً بعدما ظلماً وجوراً وان ظهوره مسبوق بعلامات معينة وان هناك أشخاص سيظهرون قبل أو عند عظهوره عليه السلام وهذه الروايات بلا بديه حصول مضامينها.
الصنف الثاني: الروايات التي تجعل شخصية الإمام المهدي، أو قادته أو الشخصيات والاحداث والعلامات التي تسبق ظهوره من الامور الغامضة المجملة التي يحتمل فيها أكثر من مصداق.
فكان من الصعب على العوام تعيين الحق من الباطل وتشخيص العلامات والشخصيات بشكل دقيق.
وهذا يعني وجود صنفين من الروايات يؤلف مجموعها مركب فكري زبدته اثبات جوانب عديدة من قضية الإمام المهدي ولكن هذا الاثبات يكون على نحو مجمل لا يتبين فيه المصاديق الحقيقية لمضامين هذه الروايات، مما فتح الباب أمام الاحتمالات والظنون والتنبؤات في التشخيص وفتح هذا الباب داعب عقول المغرضين والمنحرفين في استغلال ذلك لإيهام الناس وخداعهم وتعيين الشخصيات والاحداث التي يريدونها وتلائم اغراضهم. ولهذا تراهم يستندون إلى رواية أو روايتين في بلورة فكره تؤدي إلى غاياتهم وانكار باقي الروايات التي تتعارض مع ما استندوا إليه، وهم مطمئنين إلى وجود من يستمع اليهم ويصدق بكل دعاواهم.
8 _ تطور وتقدم المؤسسات والمراكز الثقافية والاعلامية المعادية والتي تثير الشبهات ويطبعون بقضية الإمام المهدي عليه السلام، وذلك للتفوق الكبير في الامكانات الاقتصادية والفكرية وللدعم الكبير من لدن حكوماتهم وأصحاب الاموال من تجار وغيرهم، مقارنة بمؤسساتنا التي كانت ولا زالت تعاني من الفقر والعوز في جميع الجوانب، وتسلط الغير عليها.
كيف نتعامل مع هذه الظاهرة؟
لابد لنا قبل الولوج في محاولة معرفة علاج هذه الظاهرة من ان نفرق بين شرعيتين في المجتمع:
الشرعية الأولى: أصحاب الاختصاص الذين يعدون المسؤولين عن حل هذه المشكلة ومحوها من الوجود.
الشرعية الثانية: القاعدة الجماهيرية الواسعة تمثل جانبا مهما في أسباب انتصارنا في الدفاع عن عقيدتنا في الإمام المهدي عليه السلام.
ويجب التفريق في اللغة التي نخاطب بها كل من هاتين الشرعيتين والكيفية التي نتوصل بها إلى احداث قناعة بالافكار الصحيحة لدى كل منهما، إذ لابد ان يكون الخطاب الموجة إلى الشرعية الأولى متسما بالبرهان والدليل النقلي الدقيق والعقلي الحق بعيدا عن منهج الخطابة أو الاقتناع العاطفي. على العكس تماما من أسلوب التعامل مع القاعدة الشعبية والتدقيق في البرهان فإنه مدعاه لملل وجزع المستمعين ونفورهم عن مثل هذه المحافل، فلا مناص إذاً للمبلغ حينما يخاطب القاعدة الجماهيرية من ان يتبع منهج اللغة العامة الملائمة والخطاب الجماهيري المتواتر في قلوب الجميع وان يتفحص جمهوره ومستواهم الثقافي وميولهم ورغباتهم وأهم حاجاتهم ومشاكلهم لأجل ان يتناغم خطابه مع خصائصهم وحاجاتهم ورغباتهم فيؤثر فيهم ويصل كلامه إلى قلوبهم وعقولهم ويقودهم إلى بر الامان والنجاة.
وفيما يلي بعض ما فهمناه من مقترحات اساتيذنا (اطال الله بقائهم) في هذه الدورة الشريفة.
1_ تحديد النظرية المعرفية لدراسة العقيدة المهدوية، وكيفية علاج الشبهات التي تتعرض لها، فيجب ان غدد حجم الدليل النقلي وحجم الدليل العقلي وكيف ؟؟؟؟ تعارض الدليل العقلي مع الدليل النقلي أو تعارض الأدلة النقلية فيما بينها وهل يمكن الاستعانة بالوسائل العلمية الأخرى وهل يمكن بلورة افكارنا المهدوية بهذا المنهاج الفكري أو ذاك.
وهذا يحتم علينا إيكال الامر إلى أصحاب الاختصاص في هذا الجانب ومنع المتطفلين من تصديهم للقيادة الفكرية لهذه القضية الذين يفترقون إلى المقدمات والعلوم التي تؤهلهم لفهم الافكار العقائدية لقضية الإمام المهدي بشكلها الصحيح.
والحق في هذا الامر هو اتباع منهج تفسير الروايات بالروايات وارجاع المتشابه منها إلى المحكم وتحكيم العقل على النقل فما وافق العقل اخذناه وما خالفه ضربنا به عرض الجدار وجعل القرآن هو الحاكم على كل اعتقاداتنا وأفكارنا فما لم يوافق القرآن فهو زخرف مردود.
روي في الصحيح عن أيوب بن الحر «قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله، فهو زخرف».(7)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أتاكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله وحجة عقولكم فإن وافقهما فاقبلوه والا فاضربوا به عرض الجدار».(8)
2_ لابد لنا من تحكيم اصالة الاشتغال في التصدي لهذه الظواهر المنحرفة وان لا نعمل اصالة التسامح، وبيان ذلك يكون بأمور:
أ_ فنحن نواجه خطرا كبيرا يتمثل بانتشار عقائد فاسدة هدامة للدين اخذت تعصف بمجتمعنا وتتخطف ابنائنا من بين أيدينا وهي مهلكة لكل من اعتقد بها إذ انها تفسد اهم عقيدة لدينا وهي عقيدتنا بالامام المهدي التي هي من ذاتيات اصل الامامة فيكون صاحب هذه المعتقدات خارج عن الملة بالاتفاق بل عن الاسلام _نستجير بالله من مضلات الفتن_.
ب_ نحن مسؤولون مسئولية كبرى عن موقفنا حيال هذه الظواهر، ونحن نشاهد سقوط العشرات والمئات من أبناءنا في مهاوي الانحراف والاعتقادات الباطلة، فلا بد لنا إذاً من التصدي لهذه الانحرافات ومحاولة منعها وعدم التفرج على ما يحل بمجتمعنا ونحن مكتوفي الايدي.
ج_ يمتاز العدو المتصدي للترويج لهذه المعتقدات الفاسدة بالتخفي والتستر فكثيرا ما نسمع بهذه العقائد وبالافعال المنحرفة لأصحابها ونتأكد من رجوعهم من غير ان نعرفهم فلا يتاح لنا غالبا تمييز شخص قائدهم ولا عدد اتباعه ولا من هم بل تقتصر معرفتنا في غالب الاحيان على صفاتهم واعتقاداتهم وسلوكياتهم المنحرفة.
إذا غالبا ما يوجد لدينا علم اجمالي بوجود الفتنة من دون تشخيص قادتها والمفتونين بها.
د_ فإذا تساهلنا مع الجميع وفعلنا اصالة التسامح لكان ذلك منا تهاونا وتركا للساحة ونكون قد نفذنا طموح العدو وسمحنا له بأن يتصرف وبكل حرية في عقول ابناءنا واضلالهم.
فكان لزاما علينا ان نتبنى اصالة الاشتغال والتحقيق والتثبت لكي نكون قد ادينا الذي علينا في مواجهة المنحرفين فلابد لكل منا ان يكون فطنا ذكيا في التعامل مع الغير وان لا يخدع بالمظاهر والازياء والوجوه الجميلة، وان نعلم مجتمعنا ذلك منجعله يحكم عقله في التعامل مع الغير وخاصة المجهولين الذين لا نعرف تأريخهم وحقيقة نواياهم ومن خلفهم.
3_ لابد للمبلغ من دراسة العقائد العامة والعقيدة المهدوية بشكل جيد وجدي وشامل ليحيط بكل جوانب هذه العقيدة وبشكل دقيق، والاطلاع على الشبهات الموجهة لها والحلول الموضوعة لهذه الشبهات ليتمكن من تحمل مسؤولية بيان حقيقة هذه العقيدة وتجريدها من الاعتقادات الباطلة والتصدي للشبهات الموجهة اليها.
4_ تثبيت الاعتقاد بوجود الإمام المهدي وبإمامته وولادته وبغيبته وأسبابها وكيفية انتظاره، وبكل ما يتعلق بقضيته عليه السلام في أذهان المجتمع وتثقيف الناس على فهم ومعرفة هذه المفاهيم والتصديق بها وجعلها بديهية لديهم.
5_ إلقاء الضوء وبشكل مكثف ومكرر على علامات الظهور وبيانها وحبلها معروفة واضحة بحيث نكشف عن هذه العلامات الغموض كما يجب علينا ان نفرق لهم ونميز بين الحتمية منها وغير الحتمية بحيث نجعل التابع يشخص وبسرعة ودقة الدعوات الضالة المنحرفة من خلال تطبيق ما فهمه من العلامات على هذه الادعاءات.
6_ تهذيب عقول الناس من الخرافات والاساطير التي تكتنف قصة الإمام المهدي ونجرد عقولهم إلاّ عن الحقائق القرآنية والروائية المحققة والمنقحة، الصحيحة لتنجلي لهم مفاهيم القضية المهدوية بحقيقتها الناصعة النقية.
7_ تشجيع المؤسسات الثقافية والاعلامية الدينية وتقديم كافة انواع الدعم والسند اليها والسعي لتطويرها وجعلها تواكب أو تتفوق على المؤسسات المعادية.
8_ دعوة المؤمنين والمخلصين إلى تهذيب ابناءهم واخوانهم ونسائهم وجيرانهم على العقائد الحقة والافكار الصالحة ونشر اخلاق اهل البيت والسير على منهجهم ، وتثقيف ابناء المجمتع على التعاون في تبادل المعارف ونقل المعتقدات الحقة والاخلاق الفاضلة إلى جميع ابناء المجتمع.
9_ على كل من تصدى إلى التبليغ والتثقيف والارشاد ان يبتعد عن مواطن الشبهات وان يحافظ على الاخلاق الحميدة والحرص الشديد على إعطاء صورة جميلة مقدسة عن الحوزة وعما لها ان يعلم اننا محاطون بخصوم يراقبوننا وينتضرون منا الزلة ليشنوا علينا ويلقون بالتهم الباطلة علينا لأجل تهديم هذا الصرح العظيم للحوزة لان العدو يعلم ان مؤسسة الحوزة هي الجدار المنيع الذي يحمي المجتمع من أفكاره وضلالاته وليعلم كل مبلغ انه ليس مستقلا في عمله وإنما يمثل بكل افعاله وتصرفاته الحوزة بكاملها.
10_ ان نشمر عن ساعد الجد والعمل الحثيث المتواصل لأجل تثقيف الناس وإبطال كل الادعاءات الباطلة، بمعنى ان يكون جهدنا مواز لخطر هذه المشكلة وفداحتها وان لا نتساهل أو نتهاون في استئصال هذه المشكلة من جذورها لأنها مشكلة خطيرة جداً ويحتمل ظهورها في كل وقت والمحتمل إذا كان ستزيد الخطورة فيجب العمل بكل الطاقات لمنع وقوعه وان كان احتمال وقوعه ضعيف جدا.
11_ نقل رأي علماء الحوزة في مدعي المهدوية وبيانها للناس ليتنبه الناس عن موقف الشارع المقدس من هذه الادعاءات ولقد اثبته نشر فتاوى العلماء حول اصحاب هذه الاباطيل أثر كبير في تغيير اعتقادات الناس ونظرتهم لهؤلاء وفي تحصينهم ضد المنحرفين.
12_ ربط الناس بالغيب وترسيخ اعتقادهم بوجود قوة غيبية الهية مقدسة حكيمة تفعل ما تشاء ولا يوجد قانون يمنحها تحقيق الارادة الالهية، وتذكير الناس بقصص الانبياء ونقلها من القرآن اليهم.
واذا اطلع الناس مثلاً على قصة ابراهيم عليه السلام وكيف جعل الله سبحانه وتعالى بقدرته هذه النار المحرقة ؟؟؟ التي لا يشك احد في احراقها لكل من سقط فيها كيف جعلها بردا وسلاما على ابراهيم ( قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ).(9)
أو قصة سليمان وكيف سخر الله له كل شيء الهواء والجبال والجن والانس والشياطين وكيف جلب وصية عرش بلقيس قبل ان يرتد إليه طرفه، ( وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)،(10) ( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)،(11) وكيف أطال الله عمر نوح وكيف انه بقي في التبليغ فقط تسعمائة وخمسين سنة ( وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً).(12)
وكيف أن الله الهم نبيه عيسى عليه السلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ( وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَْكْمَهَ وَالأَْبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).(13)
أو غيرها من القصص التي تثبت قدرة الله على كل شيء وان هناك حبلا ممدودا من السماء إلى الأرض فإن الإنسان يقتنع بما ينقل له من دقائق غيبية عن الإمام المهدي ويؤمن بإمكان طول غيبة الإمام كل هذه السنين، وبما سيفتح الله على يديه من فتوحات ومعاجز.
ان ارجاع الناس إلى القرآن وقصصه يشدهم إلى الله وقدرته ويقوي لديهم الامل بالفرج وامكان ظهور قائم آل محمد عليه السلام ويحصنهم ضد الشبهات والتشكيك بالمفاهيم الغيبة التي يؤت به شيعة أهل البيت حول أئمتهم وخصوصاً الإمام الحجة عليه السلام.
13_ على المبلغ ان يسعى هو بنفسه إلى مواطن الشبهات واماكن انتشارها والمجتمعات التي يتواجد فيها فيذهب اليها ويعمل على رد كل هذه الشبهات لينقذ أهلها من شراك المضلين. فلابد للمبلغ ان يكون هو المبادر إلى حل مشاكل الناس ومساعدتهم في مواجهة التيارات المنحرفة وان لا ينتظر حتى يطرق بابه الناس طلبا للحلول.
14_ لابد لنا _وقبل أن نبدأ بعملنا_ ان نضع امامنا احتمال الرفض أو عدم القبول أو العداء أو أي نوع من انواع الرد القاسي ضدنا وضد توجهاتنا الاصلاحية، ولابد ان نعلم اننا مهما فعلنا واجتهدنا فإننا لا نستطيع استئصال المرض بكله من جميع افراد المجتمع فهذا شبه محال، بل سعى إلى تقليل الانحراف والمحافظة على الباقين ومعالجة المصابين. بمعنى إذا اجتهد المبلغ في عمله ولم يرد النتيجة المتوقعة فلا ييأس بل لابد له ان يستمر متوكلا على الله مستعداً بنصرة الله له وتأييد الإمام مؤمناً ان سيرة الانبياء تثبت انه لم يهتدي لهم جميع من عاصرهم. بل قد لا تخلو سيرة نبي من الانبياء من الأذى والطعن ؟؟؟؟؟ والتشريد بل والى محاولات القتل وقد قتل فعلا بعض الانبياء في سبيل دعوتهم إلى الحق.
15 _ جعل المجتمع بكافة شرائحه نسائه ورجاله صغيره وكبيره وشبابه يرتبط ارتباط وثيق بالحوزة وترسيخ الاعتقاد بان المراجع المجتهدين العدول هم ورثة الإمام ونوابه العامين وهم الوحيدون الذين لهم الحق في اعطاء الفتاوى وتحديد ماذا ينبغي ويجب ان نفعل:
فهناك سؤال طالما طرح في أوساطنا وداهم عقول المخلصين منا وتسببت الاجابة الخاطئة عنه في انحراف الكثيرين وظهور امثال هذه الظواهر المنحرفة ومغار هذا السؤال: اننا في عصر كثير الفتن غريب الاحداث، فكيف نعرف رأي الإمام الحجة عليه السلام واوامره لنا، وماذا يريد منا حيال هذه الاحداث؟ وبعبارة اخرى من هو صاحب الحق الشرعي في اصدار الاراء كقائد للامة في عصر الغيبة؟
وجواب ذلك هو بتذكير لناس بوصايا الأئمة وخاصة الإمام الحجة بالرجوع إلى رواة الحديث والفقهاء في كل حادثة. سمعنا قول الإمام الحجة عليه السلام:
«واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله»(14) اما الإمام عليه السلام في هذا الحديث جعل الفقهاء هم الواسط بيننا وبينه على جعلهم الحجة علينا وعلق طاعته بطاعتهم ورضاه برضاهم، فإإن حدث حادث صغيرا كان ام كبيرا خاصاً ام عاماً فلا نعرف راي الإمام فيه إلاّ بالرجوع إلى المجتهد العادل.
ان تنصيب الإمام الحجة لرواة الحديث راجع لنا قد بين امامي تجاوز هؤلاء فهو عاص للامام غير متبع له وان ادعى أو اعتقد غير ذلك فلا طريق إذا للامام الحجة إلاّ مراج الدين الذين عينهم الإمام بصفاتهم قائلا: «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه، فللعوام ان يقلدوه».(15)
والخلاصة: ان القناة الوحيدة للحق وللامام الحجة هم العلماء والفقهاء العدول فلا طريق للنجاة سواهم وكل طريق مخالف لطريقهم فهو طريق هلاك وظلال.
16_ التأكيد على الاحاديث المرتبطة بقضية الإمام المهدي واظهارها للناس وتكرار ذكرها حتى نتحول إلى مقولات بديهية راسخة في أذهان ابناء المجتمع فإن لهذه الاحاديث دور سحري في تحصين ابناء المجتمع ضد الظواهر المنحرفة.
مكا ينبغي للمبلغ شرح هذه الاحاديث وبيانها لمنع تأويلها من قبيل المحرفين ليكون التابع ذو ثقافة مهدوية مرتبطة بالأئمة عليهم السلام وفيما يلي اهم تلك الاحاديث.
أ_ آخر توقيف للامام المهدي (ارواحنا فداه) صدر من الناحية المقدسة: وهو توقيع من الإمام إلى السفير الرابع ابو محمد علي بن محمد السمري:
«بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي بن محمد السمري، أعظم الله اجر اخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع امرك ولا توحي إلى احد يقول تعامل بعد وفاتك، فقد وقعت الفتية التامة، فلا ظهور إلاّ بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب وامتلاء الارض جورا، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم».(16)
وما ينبغي التنبيه له هو ان الإمام اظهر معجزة بإخباره عن يوم وفاة هذا السفير. كما ان الإمام عليه السلام قطع أي صلة بالانام في الغيبة الكبرى تلك الصلة التي قد يدعيها البعض على انه باب الإمام أو احد سفرائه أو نوابه الخاصين وذلك بقوله «ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر».
ان الإمام لم ينكر امكان مشاهدته بل انكر امكان المشاهدة بعنوان ان المشاهد باب للامام يتلقى منه اثناء لقاءه التعليمات والتوجيهات فإن ادعى احد ذلك فهو كذاب مفتر. اما لو شاهده احد من الصالحين بعد التوبة والاخلاص والعبادة فهذا مما لم ينفه احد من علماء الامامية.
وكذلك فإن الإمام تنبأ _بإذن الله_ بظهور من يدعي النيابة وحذرنا منهم قبل ان يظهروا. فأدبنا على المبادرة إلى تحصين مجتمعنا من مثل هذه الادعاءات قبل ان تظهر وان لا ننتظر حتى ينتشر المرض.
ب_ قول الإمام الحجة عليه السلام الذي ينبغي ان لا يخلو عقل امامي منه:
« واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله»(17).
وفي هذا الحديث هداية ونور وثبات على الصراط المستقيم إذ ان الإمام عليه السلام بنفسه عين العلماء العدول قادة لنا ومراجع نرجع اليهم في كل حادثة تحدث صغيرة كانت ام كبيرة عامة كانت ام خاصة. كما ان الإمام بهذا الحديث أكذ ان المتبع للمجتهد الاعلم العادل ناج يوم القيامة وذلك يقول عليه السلام: «فانهم حجتي عليكم»، ولقد بين الإمام عليه السلام بشكل صريح ان كل من سار على غير منهج المجتهين فهو ضال منحرف وان لا طريق لا هداية ولا نجاة من الفتن والانحرافات إلاّ باتباع رواة الحديث وهم العلماء العدول.
ج_ ما ورد عن الإمام العسكري عليه السلام: «فأما من كان من الفقهاء، صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام ان يقلدوه».(18)
وبهذا الحديث الشريف يتم ربط جميع أبناء المجتمع الشيعي بصدر واحد وقيادة حكيمة فيكون الأمر واحد والآمر واحد والمؤتمرون موحدون فتقوى شوكة اصحاب الحق ويتخلصوا من أخبث مرض استتشرى في جسدهم ألا وهو مرض تعدد الرئاسات والقيادة مما كان له الأثر الكبير في احلال الضعف والهواء في هذه الطائفة الحقة.
د_ هناك أحاديث أخرى كثيرة من نذكرها رعاية للاختصار ومنعاً للملل فلا تفوت المبلغ ويراجع الكتب المعتبرة في ذلك.(19)
رد أهم الشبهات:
ان مسؤوليتا تجاه مجتمعنا تحتم علينا مواجهة التيارات الفكرية التي تغزوه وهذا يلزمنا التصدي للشبهات المطروحة في الساحة وذلك بدراستها وتحليله وإيجاد الحلول الحقيقية المقنعة لها، خاصة وعدونا لا يذدخر جهدا في ابتكار الشبهات وتلبسها بلباس الحق والاستدلال عليها وبثها ومحاولة ايصالها إلى اقصى اطراف المجتمع، هذا والاجهزة الصوتية والمرئية منتشرة في كل بيت حتى وصلت الشبهات رغما علينا إلى بيوتنا فأخذ صوت الباطل والتضليل يطرق اسماع أبناءنا ونساءنا، وهذا يؤكد مسؤوليتنا ويدعونا إلى مضاعفة الجهود لمواجهة هذا الغزو الثقافي وتحصين أبناءنا ضده.
وقبل الدخول في ذكر الشبهات وحلولها نبين ان التصدي للرد على الشبهات لابد له ان يدرس الشبهة جيدا ثم يطرحها بكاملها ويذكر جوانب القوة فيها ويوضح مراد صاحبها قبل ان يذكر الايرادات عليها ليحقق بذلك الانصاف العلمي والحقانية في طرح الحقائق ويكون رده مقبولا مقنعا للجميع.
تنبيه: ان الشبهات المثارة حول قضية الإمام المهدي في الوقت الحاضر ما هي إلاّ شبهات قديمة جدا قد أثارها أجدادهم وقام علماء الشيعة بتفنيدها وابطالها ولكنهم اليوم يصوغونها بصياغة جديدة وإطار حديث لتظهر وكأنها شبهة جديدة، ومن هنا ينبغي للمبلغ ان يطلع على المراجع والمصادر التي تتطرق إلى هذه الشبهات في الازمات السالفة ليعرف أصل ما يطرح الآن ويكون ردها لديه سهلا.
وفيما يلي أهم تلك الشبهات مع الرد عليها:
الشبهة الاولى: ان الإمام المهدي لو يولد ولا يوجد لأي الشيعة دليل على ولادته.
الجواب: اننا نؤمن ان الإمام المهدي قد ولد ولدينا الادلة الكافية والمقنعة لكل متبصر عاقل على ولادته وقد ذكرها علماؤنا في كتبهم ولكن ما نصنع مع من اعماه تعصبه عن رؤية ما هو واضح ومنير.
الادلة على ولادته عليه السلام:
1_ المؤرخون: ذكر المؤرخون ان الإمام (م ح م د) بن الحسن العسكري، المهدي المنتظر ولد وذكروا مكان ولادته وأمورا أخرى وكان من المؤرخين من هو على خلاف مذهب التشيع نذكر منهم:
أ_ ابن الأثير: ذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ الجزء السابع، الصفحة 274 ما نصه: «... وفيها توفي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو أبو محمد العلوي العسكري وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية وهو والد محمد الذي يعقتدونه المنتظر».(20)
ب_ ابن خلكان: ذكر ابن خلكان في كتاب وفيات الاعيان وأنباء أبناء الزمان، الجزء 4، الصفحة 176 ما نصه: «أبو القاسم المنتظر: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد، المذكور قبله ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الامامية المعروف بالحجة وهو الذي تزعم الشيعة انه المنتظر والقائم والمهدي».(21)
هذا ما ذكره بعض المؤرخين حول ولادته عليه السلام.
2_ أخبار الإمام الحسن العسكري عن ولادته عليه السلام:
ان اخبار الإمام الحسن العسكري عن ولادة ابنه الحجة عليه السلام محكوم بأمرين كان لابد له من مراعاتهما:
الأول: الحفاظ على سلامة الإمام المهدي من الطغاة فإن الحكم حينذاك كان يراقب بشدة ولادة الإمام ليقتله وكان يداهم بيت الإمام العسكري ويفتشه لعله يعثر على آثار الإمام المهدي فكان الإمام العسكري يعلم يقينا ان الطاغي لو علم بولادة الحجة لبادر إلى قتله دون أي تردد لتخوف الحكومة الظالمة حينذاك من ان يكون المهدي هو الذي يقضي على حكمهم ويملا الارض قسطا وعدلا ويقضي على كل الوان الظلم والجور.
الثاني: اعتقاد الإمام الحسن العسكري بوجوب اخبار اعلام الشيعة بولادته لمنع الفتن ولبقاء أمر الشيعة موحدا تحت الإمام الحق وليعترف شيعة أهل البيت بولادة امامهم المنتظر ويتيقنوا بذلك فينقطع بذلك كل تخرص أو ؟؟؟ وكاذب بعدم ولادته أو غير ذلك من ادعاءات.
ولهذين السببين فإن الإمام حرص اشد الحرص على اخبار الشيعة بولادته من جهة كما حرص على عدم معرفة عيون وجواسيس الحاكم الظالم بذلك من جهة أخرى.
ولهذا فقد عمد الإمام الحسن العسكري عليه السلام إلى اخبار الاعلام وخواص الشيعة بذلك وأراهم الإمام المهدي وأخبرهم بأنه هو امامهم من بعده.
قال أبو محمد بن شاذان رحمه الله:
حدثنا محمد بن حمزة بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: سمعت ابا محمد عليه السلام يقول:
«قد ولد ولي الله، وحجته على عباده، وخليفتي في بلدي، مختونا، ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر، وكان أول من غسله رضوان خازن الجنان مع جمع من الملائكة المقربين بماء الكوثر والسلسبيل، ثم غسلته عمتي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليهم السلام. قال امه ملكية التي يقال لها بعض الامام سوسن وفي بعضها ريحانة، وكان صقيل ونرجس أيضا من أسماءها».(22)
وهناك روايات أخرى تؤكد أخبار الإمام عن ولادته فراجع الكتب المختصة بذلك.(23)
3_ أخبار السيدة حكيمة (رضوان الله تعالى عليها) _وهي القابلة التي أولدت الإمام_ بولادته عليه السلام:
ان اخبار السيدة حكيمة بولادة الإمام الحجة عليه السلام يعد من أقوى الحجج والادلة على ولادته وذلك لجهتين.
الاولى: ان السيدة حكيمة ثقة صادقة من نسل طاهر طيب عرفت بالتقوى وبورع وصدق الحديث.
الثانية: انها هي القابلة التي تولت ولادته عليه السلام، وأخبار القابلة بالولادة يعد دليلاً شرعياً على صحة الولادة وهذا الدليل أقربه وانفذه كل علماء المسلمين من الخاصة والعامة.
فيما يلي احدى الروايات التي تبين شهادة السيدة حكيمة بولادته: ذكر الشيخ الصدوق في كتابه كمال الدين وتمام النعمة ما يلي:
«حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن عيسى العطار قال: حدثنا ابو عبد الله الحسين بن رزق الله قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، قالت: «بعث لي أبو محمد بن الحسن بن علي عليهما السلام فقال: يا عمة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا فانها ليلة النصف من شعبان فإن الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجته في أرضه، قالت فقلت له: ومن أمه؟ قال لي: نرجس، قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر، فقال: هو ما اقول لك، قالت: فجئت، فلما سلمت وجلست جاءت تنزع حقي وقالت لي: يا سيدتي وسيدة أهلي كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي، قالت فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمة؟ قالت فقلت لها: يا بنية ان الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة. قالت: فخجلت واستحيت.
فلما فرغت من صلاة العشاء الآخرة افطرت وأخذت مضجعي من قدت. فلما ان كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتهت فزعة وهي راقدة، ثم قالت فصلت ونامت.
قالت حكيمة: وخرجت اتفقد الفجر فإذا انا بالفجر الأول كذنب السرحان فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمد عليه السلام من المجلس فقال: لا تعجلي يا عمة فهناك الامر قد قرب، قالت فجلست وقرأت الم السجدة ويس، فبينما انا كذلك إذ انتهت فزعة فوثبت اليها فقلت: اسم الله عليك، ثم قلت لها أتحسين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمة، فقلت لها اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة فانتبهت بحس سيدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجداً يتلقى الارض بمساجده فضممته الي فإذا أنا به نظيف متنظف فصاح بي أبو محمد عليه السلام هلمي إلي ابني يا عمة فجئت به إليه فوضع يديه تحت ال؟؟؟ وظهره ووضع قدميه على صدره ثم أدلى لسانه في فيه وأمر يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثم قال: تلكم يا بني فقال: اشهد ان لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمّداًً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم صلى على أمير المؤمنين وعلى الائمة عليهم السلام إلى ان وقف على ابيه. ثم احجم. ثم قال ابو محمد عليه السلام: يا عمة اهبي به إلى امه ليسلم عليها واعتني به، فذهبت به وسلم عليها ورددته فوضعته في المجلس ثم قال: يا عمة إذا كان يوم السابع فاتينا.
قالت حكيمة: فلما اصبحت جئت لأسلم على ابي محمد عليه السلام وكشفت الستر لاتفقد سيدي عليه السلام فلم أره فقلت: جعلت فداك ما فعل سيدي؟ فقال يا عمة استودعناه الذي استوعته ام موسى عليه السلام... الحديث».(24)
وهناك اخبار روايات اخرى كثيرة تؤكد مولده الشريف احجمنا عن ايرادها رعاية للاختصار.(25)
وقد ذكر السيد محسن الدين العاملي في ترجمة الإمام المهدي في اعيان الشيعة ثلاثة عشر عالما من علماء السنة ممن قالوا قالوا بوجود الإمام وولادته وذكروا سنة ولادته ومكان الولادة فراجع هذا الكتاب القيم.(26)
الشبهة الثانية: مفادها: اثارة الشكوى عن اسباب الغيبة حيث لا يوجد مسوغ للغيبة. خلاصة الشبهة: ما هي الحكمة من غيبة الإمام عليه السلام.
الجواب: إن لغيبة الإمام الحجة أسباب كثيرة يكفي واحد منها لإخفائه عن الانظار وفيما يلي بعض منها:
1_ السبب الأول: الحذر من القتل:
ان الإمام الحجة عليه السلام هو القائد _الذي لا يوجد له بديل_ الذي يملأ الارض قسطا وعدلا وهو القائد الرصيد القادر على كسح الظلم ونشر الحق والعدل فهناك ضرورة توجب بقائه حياً ومن هنا وجب إخفاؤه عن أنظار الظالمين لئلا يقتل.
فخوف القتل ليس على نفس الإمام بل على الغاية الإلهية الكبرى ففي حديث زرارة عن عن الإمام الصادق عليه السلام قال الإمام عليه السلام «للغلام غيبة قبل قيامه، قلت: ولم؟ قال: يخاف على نفسه الذبح».(27)
2_ السبب الثاني: تمييز المؤمنين:
لابد قبل خروج القائم عليه السلام من تمييز المؤمنين عن الكافرين والصابرين عن الجازعين والعالمين عن الجاهلين ليعطي كل ذي حق حقه ويمتاز أصحاب الصبر والجهاد وكمال النفر بالحكمات التي تليق بهم تحت يد الإمام الحجة عليه السلام عن محمد بن منصور عن أبيه قال: هيهات، هيهات، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تحدرن إليه اعينكم حتى تميزوا» هذا الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام.(28)
3_ السبب الثالث: خلاصه من بيع الظالمين:
عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «صاحب هذا الامر تعمى ولادته إلى الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج»(29). فإن الإمام _أي أي امام من المعصومين_ إذا بايع امام الملأ فلابد له ان يفي ببيعته ولا يخرج بفتنة أو حرب ضد من بايع وطالما ان الحجة عليه السلام لابد ان يخرج على الظلمة فلم يكن في عنقه لأحد بيعة. وهذه من مختصات الإمام الذي لا يبقى للظالمين أثراً ويملأ الأرض قسطا وعدلاً.
4_ السبب الرابع: الامتحان:
عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان للقائم غيبة قبل ان يقوم، قلت له: ولم؟ قال: يخاف _ وأومأ بيده إلى بطنه _ ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول: هو حمل ومنهم من يقول: هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين غير ان الله تبارك وتعالى يجب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون».(30)
5_ السبب الخامس :ان هذا الامر سر من اسرار الله:
عن احمد بن اسحق بن سعد الاشعري قال: دخلت على ابي محمد الحسن بن علي عليهم السلام وانا اريد ان أسأله عن الخلق من بعده، فقال لي مبتدءاً: ... يا أحمد بن اسحق: هذا امر من امر الله، وسر من سر الله وغيب من غيب الله...».(31)
إذاً ممكن ان يجاب على السؤال عن سبب غيبته هو ان الحكمة من غيبته مهما تعددت اجوبتها فإنه تبقى الحكمة الحقيقية مجهولة لا ينبغي لنا انكارها بل لابد من التسليم في هذه القضية وأغلب القضايا الدينية من إلى ان من روائه حكمة نحن نجهلها.
6_ السبب السادس: اجراء سنن الانبياء في غيباتهم فيه عليه السلام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ان للقائم منا غيبة يطول أمدها فقلت له: يا بن رسول الله ولم زال؟ قال: لأن الله عز وجل أبى إلاّ ان تجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام في غيباتهم وانه لابد له ؟؟؟؟؟ من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي سنن من كان قبلكم».(32)
ويمكن فهم ان اجراء سنن الانبياء السابقين هو سبب لغيبته إذا علمنا ان الإمام الحجة هو مجمع كمالات من كان قبله من الانبياء والاوصياء فلابد إذاً من استكمال جميع ما أكملوا ويتجاوز ما تجاوزوا. فكما ان للانبياء أحوال وأحداث استوفوا بها كمالهم المطلوب فكذلك الإمام الحجة لكي يستوفي ذلك الكمال ويستجمعه لابد له من ان يمر بكل ما سروا به ولا يعني هذا ان الإمام فيه نقص _والعياذ بالله_ بل طالما ان كمال الله لا متناهي فإنه يبقى يسير متكاملا إلى الله أو ان كمال اتباع الإمام هو صورة لكمال الإمام فلكي يكمل اتباعه فلابد من مدة زمنية تمثل مدة الغيبة وبكمال الاتباع تكون الإمام الحجة مع من تبعه كاملين.
7_ السبب السابع: هو إقرار جميع المخالفين بفشلهم:
من الممكن ان يكون من أسباب طول غيبته عليه السلام هو ان يمارس جميع المخالفين تطبيق نظرياتهم التي يوا؟؟؟ بصحتها مع مخالفتها للمذهب الحق حتى يتيقنوا بفشلهم ويستسلموا للأمر الواقع حتى إذا ظهر الإمام الحجة لا يبقى احد على الارض يقول لو تنيت لي الوسادة قبل ظهوره لاصلحت الارض فعندها يكون الاقرار والاذاعات إلى ان إلى ان الاصلاح لم يكن إلاّ باتباع اوامر الله ورسوله وأهل بيته.
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: «ما يكون هذا الامر حتى لا يبقى صنف من الناس إلاّ وقد ولوا على الناس حتى لا يقول قائل: انا لو ولينا لبدلنا، ثم يقوم القائم بالحق والعدل».(33)
8_ السبب الثامن: ظلم الناس وجورهم:
ان ظلم الناس وجورهم أدى إلى ظلام انفسهم وبُعدهم عن الله ورسوله والائمة عليهم السلام وبُعْدِهِم عن الإمام الحجة عليه السلام وطالما انه لابد للامام من قاعدة شعبية مؤمنة طاهرة مخلصة فلهذا لابد من تأخر ظهور الإمام حتى تكتمل هذه القاعدة ولا يون ذلك مع وجود الظلم وانتشاره ضمن المؤهلين لأن يكونوا هذه القاعدة.
الشبهة الثالثة: حول طول عمر الإمام المهدي وكيف لإنسان عادي من جسد بشري ان يطول عمره هذه السنين الطوال.
الجواب: ان هذه الشبهة شبهة قديمة ومعروفة وجوابها بأمور:
الأول: ان العقل لا ينكر امكان
التعلیقات