ماورد عن النبي(ص) في المهدي من الصحيح
الأربلي
منذ 12 سنةفمنها ما نقله الإمامان أبو داود و الترمذي رضي الله عنهما كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما و يملك سبع سنين.
و منها ما أخرجه أبو داود بسنده في صحيحه يرفعه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا .
و منها ما رواه أيضا أبو داود رحمه الله يرفعه بسنده في صحيحه إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و رضي عنها قالت ; سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة .
و منها ; ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي رضي الله عنه في كتابه المسمى بشرح السنة و أخرجه الإمامان البخاري و مسلم رضي الله عنهما كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم.
و منها ما أخرجه أبو داود و الترمذي رضي الله عنهما بسندهما في صحيحيهما يرفعه كل واحد منهما بسنده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا مني أو من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا .
و في رواية أخرى : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يلي رجل من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي .
هذه الروايات عن أبي داود و الترمذي رضي الله عنهما .
و منها ما نقله الإمام أحمد بن إسحاق بن محمد الثعلبي رضي الله عنه في تفسيره يرفعه بسنده إلى أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نحن ولد عبد المطلب سادة الجنة أنا و حمزة و جعفر و علي و الحسن و الحسين و المهدي .
فإن قال معترض هذه الأحاديث النبوية الكثيرة بتعدادها المصرحة بجملتها و أفرادها متفق على صحة أسنادها و مجمع على نقلها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و إيرادها و هي صحيحة صريحة في كون المهدي (عليه السلام) من ولد فاطمة (عليها السلام) و أنه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و من عترته و أهل بيته و أن اسمه يواطي اسمه و أنه يملأ الأرض قسطا و عدلا و أنه من ولد عبد المطلب و أنه من سادات الجنة و ذلك مما لا نزاع فيه غير أن ذلك لا يدل على أن المهدي الموصوف بما ذكره (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصفات و العلامات هو هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجة الخلف الصالح (عليه السلام) فإن ولد فاطمة (عليها السلام) كثيرون و كل من يولد من ذريتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنه من ولد فاطمة و أنه من العترة الطاهرة و أنه من أهل البيت (عليهم السلام) فتحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل يدل على أن المهدي المراد هو الحجة المذكور ليتم مرامكم.
فجوابه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما وصف المهدي (عليه السلام) بصفات متعددة من ذكر نسبه و اسمه و مرجعه إلى فاطمة (عليها السلام) و إلى عبد المطلب و أنه أجلى الجبهة أقنى الأنف و عدد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفا و جعلها علامة و دلالة على أن الشخص الذي يسمى بالمهدي و يثبت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ثم وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة و دلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له و أنه صاحبها و إلا فلو جاز وجود ما هو علامة و دليل و لا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في نصبها علامة و دلالة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و ذلك ممتنع.
فإن قال المعترض لا يتم العمل بالدلالة و العلامة إلا بعد العلم باختصاص من وجدت فيه بها دون غيره و تعيينه لها فأما إذا لم يعلم تخصصه و انفراده بها فلا يحكم له بالدلالة و نحن نسلم أنه من زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ولادة الخلف الصالح الحجة (عليه السلام) ما وجد من ولد فاطمة (عليها السلام) شخص جمع تلك الصفات التي هي الدلالة و العلامة لكن وقت بعثة المهدي و ظهوره و ولادته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال و نزول عيسى ابن مريم (صلى الله عليه وآله وسلم) و ذلك سيأتي بعد مدة مديدة و من الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة و في العترة الطاهرة من سلالة فاطمة (عليها السلام) كثيرة يتعاقبون و يتوالدون إلى ذلك الإبان فيجوز أن يولد من السلالة الطاهرة و العترة النبوية من يجمع تلك الصفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة و مع هذا الاحتمال و الإمكان كيف يبقى دليلكم مختصا بالحجة المذكور (عليه السلام) .
فالجواب أنكم إذا اعترفتم أنه إلى وقت ولادة الخلف الصالح و إلى زماننا هذا لم يوجد من جمع تلك الصفات و العلامات بأسرها سواه فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه و ما ذكرتموه من احتمال أن يتجدد مستقبلا في العترة الطاهرة من يكون بتلك الصفات لا يكون قادحا في أعمال الدلالة و لا مانعا من ترتب حكمها عليها فإن دلالة الدليل راجحة لظهورها و احتمال تجدد ما يعارضها مرجوح و لا يجوز ترك الراجح بالمرجوح فإنه لو جوزنا ذلك لامتنع العمل بأكثر الأدلة المثبتة للأحكام إذ ما من دليل إلا و احتمال تجدد ما يعارضه متطرق إليه و لم يمنع ذلك من العمل به وفاقا.
و الذي يوضح ذلك و يؤكده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما أورده الإمام مسلم بن الحجاج رضي الله عنه في صحيحه .
يرفعه بسنده قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : يأتي عليك من أمداد أهل اليمن أويس بن عامر بن مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والده هو بها بر لو أقسم على الله لأبر قسمه فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل .
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر اسمه و نسبه و صفته و جعل ذلك علامة و دلالة على أن المسمى بذلك الاسم المتصف بتلك الصفات لو أقسم على الله لأبر قسمه و أنه أهل لطلب الاستغفار منه و هذه منزلة عالية و مقام عند الله تعالى عظيم و لم يزل عمر رضي الله عنه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه يسأل أمداد أهل اليمن عن الموصوف بذلك حتى قدم وفد من اليمن فسألهم فأخبر بشخص متصف بذلك فلم يتوقف عمر رضي الله عنه في العمل بتلك العلامة و الدلالة التي ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل بادر إلى العمل بها و اجتمع به و سأله الاستغفار و جزم بأنه المشار إليه بالحديث النبوي لما علم تلك الصفات فيه مع وجود احتمال أن يتجدد في وفود اليمن مستقبلا من يكون بتلك الصفات فإن قبيلة مراد كثيرة و التولد فيها كثير و عين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود.
و كذلك قضية الخوارج الذين وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بصفات و رتب عليها حكمهم ثم بعد ذلك لما وجد علي (عليه السلام) تلك الصفات موجودة في أولئك في واقعة حرورا و النهروان جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي و قاتلهم و قتلهم فعمل بالدلالة عند وجود الصفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم و أمثال هذه الدلالة و العمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترك لاحتمال المرجوح نزيده بيانا و تقريرا فنقول بثبوت الحكم عند وجود العلامة و الدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل به و المصير إليه فمن تركه و قال بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحكم ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي و قد عدل عن النهج القويم و وقف نفسه موقف اللئيم و يدل على ذلك أن الله عز و علا لما أنزل في التوراة على موسى (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء و نعته بأوصافه و جعلها علامة و دلالة على إثبات حكم النبوة و صار قوم موسى (صلى الله عليه وآله وسلم) يذكرونه بصفاته و يعلمون أنه يبعث فلما قرب زمان ظهوره و بعثه صاروا يهددون المشركين به و يقولون سيظهر الآن نبي نعته كذا و صفته كذا نستعين به على قتالكم فلما بعث (صلى الله عليه وآله وسلم) وجدوا العلامات و الصفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوته أنكروه و قالوا ليس هو هذا بل هو غيره و سيأتي فلما جنحوا إلى الاحتمال و أعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة و جنحوا إلى الاحتمال.
و هذه القصة من أكبر الأدلة و أقوى الحجج على أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها و إثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه فإذا كانت الصفات التي هي علامة و دلالة لثبوت تلك الأحكام المذكورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) تعين إثبات كونه المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.
فإذا قال المعترض نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة و دلالة إذا وجدت تعين العمل بها و لزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه لكن نمنع وجود تلك العلامة و الدلالة في الخلف الصالح محمد (عليه السلام) فإن من جملة الصفات المجعولة علامة و دلالة .
أن يكون اسم أبيه مواطئا لاسم أبي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هكذا صرح به الحديث النبوي على ما أوردتموه و هذه الصفة لم توجد فيه فإن اسم أبيه الحسن و اسم أب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله و أين الحسن من عبد الله فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة و الدلالة فإذا لم يثبت جزء العلة فلا يثبت حكمها إذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلك الصفات كلها له التي جزءها مواطاة اسمي الأبوين في حقه و هذه لم تجتمع في الحجة الخلف الصالح فلا يثبت تلك الأحكام له و هذا إشكال قوي.
فالجواب لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض فالأول أنه سائغ شائع .
في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى و قد نطق القرآن الكريم بذلك فقال الله مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ و قال تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام) وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ و نطق (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و حكاه عن جبرئيل (عليه السلام) في حديث الأسراء أنه قال قلت من هذا قال أبوك إبراهيم فعلم أن لفظة أب تطلق على الجد و إن علا فهذا أحد الأمرين.
الأمر الثاني أن لفظة الاسم تطلق على الكنية و على الصفة و قد استعملها الفصحاء و دارت بها ألسنتهم و وردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري و مسلم رضي الله عنهما كل واحد منهما يرفع ذلك بسنده إلى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه .
أنه قال عن علي (عليه السلام) و الله إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سماه بأبي تراب و لم يكن له اسم أحب إليه منه .
فأطلق لفظة الاسم على الكنية و مثل ذلك قول الشاعر :
أجل قدرك أن تسمى مؤننة *** و من كناك فقد سماك للعرب
و يروى و من يصفك فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة و هذا شائع ذائع في كلام العرب فإذا وضح ما ذكرنا من الأمرين فاعلم أيدك الله بتوفيقه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان له سبطان أبو محمد الحسن و أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) و لما كان الحجة الخلف الصالح (عليه السلام) من ولد أبي عبد الله و كانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الكنية لفظة الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه و أطلق على الجد لفظة الأب فكأنه (عليه السلام) قال يواطئ اسمه اسمي فأنا محمد و هو محمد و كنية جده اسم أبي إذ هو أبو عبد الله و أبي عبد الله لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته و إعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز فحينئذ تنتظم الصفات و توجد بأسرها مجتمعة للحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) و هذا بيان شاف كاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه.
قلت رحم الله الشيخ كمال الدين و أثابه الجنة بحثه أولا مع قوم يشاهدون الإمام (عليه السلام) فينكرونه و يدفعون العلائم و الدلالات التي وصف بها و لا يحتاج إلى البحث مع هؤلاء فإنهم إذا رأوه و شاهدوه كان هو (عليه السلام) قيما بإثبات حجته دالا لهم على اقتفاء محجته و إنما البحث معهم في بقائه و وجوده (عليه السلام) فإنهم مجمعون أو أكثرهم على ظهوره و مختلفون في أنه ولد أو سيولد.
و جوابنا لمخالفينا إن القائلين بوجوده قائلون به فلا يحتاجون إلى دليل لما ثبت عندهم من نقل رجالهم عن أئمتهم (عليه السلام) و أما المنكرون لوجوده فقائلون بإمكانه فقد ترجح جانب الوجود و عبارة كمال الدين فيها طول.
و قال : و أما ولده فلم يكن له ولد ليذكر و أما عمره ففي أيام المعتمد على الله خاف فاختفى إلى الآن فلم يمكن ذكر ذلك إذ من غاب و إن انقطع خبره لا توجب غيبته و انقطاع خبره الحكم بمقدار عمره و لا بانقضاء حياته و قدرة الله تعالى واسعة و حكمه و ألطافه بعباده عظيمة عامة و لو رام عظماء العلماء أن يدركوا حقائق مقدوراته و كنه قدره لم يجدوا إلى ذلك سبيلا و لا تقلب طرف تطلعهم إليه حسيرا و حده كليلا و أملى عليهم لسان عجزهم عن الإحاطة به و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
و ليس ببدع و لا مستغرب تعمير بعض عباد الله الصالحين المخلصين و لا امتداد عمره إلى حين فقدمه الله أعمار جمع كثير من خلقه من أصفيائه و أوليائه و من مطروديه و أعدائه فمن الأصفياء عيسى (عليه السلام) و منهم الخضر (عليه السلام) و خلق آخر من الأنبياء (عليهم السلام) طالت أعمارهم حتى جاز كل واحد منهم ألف سنة أو قاربها كنوح (عليه السلام) و غيره.
و أما من الأعداء و المطرودين فإبليس و الدجال و من غيرهم كعاد الأولى و كان منهم من يقارب عمره الألف و كذلك لقمان صاحب لبد و كل هذا البيان اتساع القدرة الربانية في تعمير بعض خلقه فأي مانع يمنع من امتداد عمر الخلف الصالح إلى أن يظهر فيعمل ما حكم الله تعالى له به.
و حيث وصل الكلام إلى هذا المقام و انتهى جريان القلم بما خطه من هذه الأقسام الوسام فلنختمه بالحمد لله رب العالمين فإنها كلمة مباركة جعلها الله سبحانه و تعالى آخر دعوى أهل جنانه و خصها بمن اختاره من خليفته فكساه ملابس رضوانه فهذا آخر ما حرره القلم من مناقبهم السنية و سطره من صفاتهم الزكية و نثره من مزاياهم العلية و إن ذلك و إن كثر لقليل في جنب شرفهم الشامخ و يسير فيما آتاهم الله من فضلهم الراسخ و أنا أرجو من كرم الله عز و علا أن يشملني ببركتهم و يدخلني في زمرتهم و يجعل هذا المؤلف مسطورا في صحيفة حسناتي المعدودة من حسنتهم فقد بذلت جهدي في جميع مزاياهم بذل المجد الطالب و لم آل جهدا في تأليفها و جمعها قضاء لحقهم اللازم اللاذب و لسان الحال يقرع باب الأسماع لإسماع كل شاهد و غائب :
رويدك إن أحببت نيل المطالب *** فلا تعد عن ترتيل آي المناقب
مناقب آل المصطفى قدوة الورى *** بهم يبتغى مطلوبة كل طالب
مناقب آل المصطفى المهتدى بهم *** إلى لقم التقوى و رعنا الرغائب
مناقب تجلى سافرات وجوهها *** و يجلو سناها مدلهم الغياهب
عليك بها سرا و جهرا فإنها *** تحلل عند الله أعلى المراتب
و جد عند ما يتلو لسانك آيها *** بدعوة قلب حاضر غير غائب
لمن قام في تأليفها و اعتنى به *** ليقضى من مفروضهم كل واجب
عسى دعوة تزكو بها حسناته *** فيخطئ من الحسنى بأسنى المواهب
فمن سأل الله الكريم أجابه *** و جاوره الإقبال من كل جانب
آخر كلام كمال الدين رحمه الله و كتابه و الحمد لله رب العالمين.
قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتابه الإرشاد باب ذكر الإمام بعد أبي محمد (عليه السلام) و تاريخ مولده و دلائل إمامته و ذكر طرف من أخباره و غيبته و سيرته عند قيامه و مدة دولته : و كان الإمام بعد أبي محمد (عليه السلام) ابنه المسمى باسم رسول الله ص المكنى بكنيته و لم يخلف أبوه ولدا ظاهرا و لا باطنا غيره و خلفه أبوه غائبا مستترا على ما قدمنا ذكره.
و كان مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين و أمه أم ولد يقال لها نرجس و كان سنه عند وفاة أبيه (عليه السلام) خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة و فصل الخطاب و جعله آية للعالمين و آتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيا و جعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى ابن مريم (عليه السلام) في المهد نبيا.
و قد سبق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدى (عليه السلام) تم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و نص عليه الأئمة (عليه السلام) واحد بعد واحد إلى أبيه الحسن و نص أبوه عليه عند ثقاته و خاصة شيعته و كان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده و بدولته مستفيضا قبل غيبته و هو صاحب السيف من أئمة الهدى (عليه السلام) و القائم بالحق و المنتظر لدولة الإيمان و له قبل قيامه غيبتان إحداهما أطول من الأخرى كما جاءت بذلك الأخبار فأما القصرى فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه و بين شيعته و عدم السفراء بالوفاء و أما الطولى فهي بعد الأولى و في آخرها يقوم بالسيف قال الله عز و جل ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ و قال جل اسمه ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ .
و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لم تنقضي الأيام و الليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا من ولدي يواطئ اسمه اسمي يملأها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا .
ضمن کتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة ( عليهم السلام ) ج3
التعلیقات