لماذا لا يظهر الامام ( عليه السلام ) لأولياءه
اربلي
منذ 12 سنةقالوا إذا كانت العلة في غيبته خوفه من الظالمين و اتقاؤه من المخالفين فهذه العلة منفية عن أوليائه فيجب أن يكون ظاهرا لهم أو يجب أن يسقط عنهم التكليف الذي إمامته لطف فيه.
الجواب أنه قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأجوبة.
أحدها أن الإمام ليس في تقية عن أوليائه و غاب عنهم كغيبته عن أعدائه لخوفه من إيقاعهم الضرر به و علمه أنه لو ظهر لهم لسفكوا دمه و غيبته عن أوليائه لغير هذه العلة و الاحتجاج بوجوده فيؤدي ذلك إلى علم أعدائه بمكانه فيعقب علمهم بذلك ما ذكرناه من وقوع الضرر به.
وثانيها أن غيبته عن أعدائه للتقية منهم و غيبته عن أوليائه للتقية عليهم و الإشفاق من إيقاع الضرر بهم إذ لو ظهر للقائلين بإمامته و شاهده بعض أعدائه و أذاع خبره و طولب أولياؤه به فإذا فات الطالب بالاستتار أعقب ذلك عظيم الضرر بأوليائه و هذا معروف في العادات.
وثالثها أنه لا بد أن يكون في المعلوم أن في القائلين بإمامته من لا يرجع عن الحق من اعتقاد إمامته و القول بصحتها على حال من الأحوال فأمره الله تعالى بالاستتار و ليكون المقام على الإقرار بإمامته مع الشبه في ذلك و شدة المشقة أعظم ثوابا من المقام على الإقرار بإمامته و المشاهدة له فكانت غيبته عن أوليائه لهذا الوجه و لم تكن للتقية منهم.
ورابعها و هو الذي عول عليه المرتضى قدس الله روحه قال نحن أولا لا نقطع على أنه لا يظهر لجميع أوليائه فإن هذا أمر مغيب عنا و لا يعرف كل منا إلا حال نفسه فإذا جوزنا ظهوره لهم كما جوزنا غيبته عنهم فنقول العلة في غيبته عنهم أن الإمام عند ظهوره من الغيبة إنما يميز شخصه و تعرف عينه بالمعجز الذي يظهر على يديه لأن النصوص الدالة على إمامته لا تميز شخصه من غيره كما ميزت أشخاص آبائه و المعجز إنما يعلم دلالته بضرب من الاستدلال و الشبه تدخل في ذلك فلا يمتنع أن يكون كل من لم يظهر له من أوليائه فإن المعلوم من حاله أنه متى ظهر له قصر.
على أن أولياء الإمام و شيعته منتفعون به في حال غيبته لأنهم مع علمهم بوجوده بينهم و قطعهم بوجوب طاعته عليهم لا بد أن يخافوه في ارتكاب القبيح و يرهبوا من تأديبه و انتقامه و مؤاخذته فيكثر منهم فعل الواجب و يقل ارتكاب القبيح أو يكونوا إلى ذلك أقرب فيحصل لهم اللطف به مع غيبته بل ربما كانت الغيبة في هذا الباب أقوى لأن المكلف إذا لم يعرف مكانه و لم يقف على موضعه جوز فيمن لا يعرفه أنه الإمام يكون إلى فعل الواجب أقرب منه إلى ذلك لو عرفه لو لم يجوز فيه كونه إماما.
فإن قالوا إنه هذا تصريح منكم بأن ظهور الإمام كاستتاره في الانتفاع به والخوف منه.
فالقول إن ظهوره لا يجوز أن يكون في المنافع كاستتاره و كيف يكون ذلك و في ظهوره و قوة سلطانه انتفاع الولي و العدو و المحب و المبغض و لا ينتفع به في حال غيبته الأولية دون عدوه و أيضا فإن في انبساط يده منافع كثيرة لأوليائه و غيرهم و لأنه يحمي حوزتهم و يسد ثغورهم و يؤمن طرقهم فيتمكنون من التجارات و المغانم و يمنع الظالمين من ظلمهم فتتوفر أموالهم و تصلح أحوالهم غير أن هذه منافع دنيوية لا يجب إذا فاتت بالغيبة أن يسقط التكليف معها و المنافع الدينية الواجبة في كل حال بالإمامة قد بينا أنها ثابتة لأوليائه مع الغيبة فلا يجب سقوط التكليف بها .
ضمن كتاب كشف الغمة
التعلیقات