تساؤلات حول موقعيّة شخصيّات الظهور
ايه الله الشيخ محمد السند
منذ 10 سنواتالأوّل والثاني : اليماني والحسني
فقد ورد في جملة من الروايات منها: ما رواه النعماني بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال في حديث يذكر ( عليه السلام ) فيه علامات الظهور الحتميّة ، كالصيحة لجبرئيل في شهر رمضان ، ثمّ صوت إبليس اللعين ، وخروج السفياني والخراساني كفرسي رهان يستبقان إلى الكوفة ، ثمّ قال: «خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً ، فيكون البأس من كلّ وجه ، ويل لمن ناواهم ، وليس في الرايات أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى؛ لأنّه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على النّاس وكلّ مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإنّ رايته راية هدى ، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النّار؛ لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى صراط مستقيم» ـ الحديث. (1)
ورواه الراوندي في الخرائج. (2)
وفي الرواية جملة نقاط :
الأولى : أنّها تحدّد علامة اليماني بعلامة الظهور الحتميّة ، وهي الصيحة السماوية ، وقد ذكر في أوصاف تلك الصيحة ، والتي هي نداء جبرئيل من السماء أنّه يسمعه أهل الأرض ، كلّ أهل لغة بلغتهم (3) ، واستيلاء السفياني على الشام ، وهكذا التحديد للخراساني الذي قد يعبّر عنه في روايات اُخرى بالحسني.
وهذا التحديد يقطع الطريق على أدعياء هذين الاسمين قبل الصيحة والنداء من السماء ، وقبل استيلاء السفياني على الشام.
وبعبارة اُخرى: التحديد لهما هو بسنة الظهور وعلاماتها من الصيحة والخسف بالبيداء وخروج السفياني.
الثانية : أنّ مقتضى تعليل الرواية لراية اليماني بأنّها راية هدى؛ لأنّه يدعو إلى صاحبكم ، هو إبداء التحفّظ على راية الحسني ، وعدم خلوص دعوته إلى المهدي عجل الله فرجه ، ويظهر من روايات اُخرى أنّ ذلك لتضمّن جيشه جماعة تقول إنّ الإمام والإمامة هي لمن يتصدّى علناً بقيادة اُمور المسلمين وإصلاحها لا أنّها بالنصّ الإلهي ، وقد اصطلحت الروايات عليهم بالزيديّة ، والمراد باللفظة المعنى النعتي والإشارة إلى ذلك المقال والمعتقد لا المسمّين بالزيديّة كاسم علم.
وبعبارة اُخرى : أنّ الحسني والخراساني يتبنّى الإمامة بالتصدّي للاُمور والإصلاح العلني ، بينما يتبنّى اليماني أنّ الإمامة بالنصّ الإلهي على الاثني عشر آخرهم المهدي عجل الله فرجه.
الثالثة : أنّ الرواية تعلّل حرمة الالتواء على اليماني بأنّه يدعو إلى الحق والصراط المستقيم وإلى المهدي عجل الله فرجه ، فالمدار في مناصرته على توفّر الميزان والحدود الشرعيّة.
وبعبارة أدقّ : الرواية تدلّ على حرمة العمل المضادّ لحركته لإفشالها ، ففرق بين التعبير بالإلتواء عليه والالتواء عنه ، فكلمة «عليه» تفيد السعي المضاد لحركته لا صرف المتاركة لحركته بخلاف كلمة «عنه» ، فإنّها تفيد الانصراف والابتعاد عن حركته. نعم الأمر بالنهوض إليه يفيد المناصرة ، والظاهر أنّ مورده لمن كان في معرض اللقاء به والمصادفة لمسيره؛ إذ سيأتي استعراض طوائف من الروايات تحثّ على النهوض والتوجّه إلى مكّة المكرّمة للانخراط في الإعداد لبيعة الحجّة في المسجد الحرام.
وبعبارة اُخرى : أنّ الرواية كما تحدّد استعلام علامته بأنّه يدعو إلى المهدي عجل الله فرجه بنحو واضح وشفّاف ، أي أنّ برنامجه الذي يدعو إليه متمحّض في إعلاء ذكر الإمام المنتظر والنداء باسمه والدعوة إلى ولاية المهدي ( عليه السلام ) ، والالتزام بمنهاج أهل البيت عليهم السلام ، كما أنّ هناك علامة اُخرى تشير إليها الرواية ، وهي كون خروجه من بلاد اليمن ، وهو وجه تسميته باليماني ، كما أنّ استعمال الروايات لليمن بنحو يشمل كلّ تهامة من بلاد الحجاز ، أي بنحو شامل لمكّة دون المدينة المنوّرة ، لكن في بعض الروايات الإشارة إلى خروجه من صنعاء ، كما سيأتي. ويتحصّل أنّ الرواية لا يستفاد منها أنّ اليماني من النوّاب الخاصّين والسفراء للإمام المنتظر عجل الله فرجه ، ولا تشير إلى ذلك من قريب ولا بعيد ، ولا دلالة لها على وجود ارتباط واتّصال له مع الحجّة ( عليه السلام ) ، وإنّما تجعل المدار على كون البرنامج الذي يدعو هو على الميزان الحقّ لأهل البيت عليهم السلام ، وأنّه لا ينادي إلى تشكيل دولة هو يترأّسها ، بل يواكب خروجه زمان الصيحة والنداء من السماء الذي يدعو إلى نصرة المهدي عجل الله فرجه ، فيكون خروج اليماني على ضوء برنامج الصيحة السماويّة ونداء جبرئيل.
ضمن شخصيات الظهور - کتب فقه علائم الظهور
التعلیقات