ضرورة البحث عن المهدويّة
الشيخ نجم الدين الطبسي
2024 Oct 13ضرورة البحث
نستهل البحث حول المهدي عليه السلام بنقاط :
أولا / أهمية هذا البحث : يعد بحث المهدوية اليوم من الأبحاث الحيوية الأساسية لا على مستوى النجف الأشرف أو قم المقدسة أو البلدان الشيعية بل على صعيد كل العالم ، فالعالم اليوم كله يتحدث عن المهدوية.
ثانياً / دراسة في الكتب والمؤلفات : قد يستغرب البعض أن المؤلفات في هذا المجال لا تقل عن خمسة آلاف كتاب فإن دل على شيء لدلّ على أهمية هذا الموضوع.
حينما نتحدث مثلاً عن كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ، فكم مرة طالعنا هذا الكتاب ؟ وما معرفتنا به ومضامينه ؟
اننا وفي كتابة رسالة الماجستير والدكتوراه نفتخر بالاستاذ المشرف ، فهل تعلم أن المشرف على هذا الكتاب هو الإمام المهدي عليه السلام.
يذكر الشيخ الصدوق في المقدمة أربع علل لتأليف هذا الكتاب ، وفي طليعتها إشارة ولي أمرنا وولي نعمتنا الإمام الحجة عليه السلام ، نعم لا كل ما في كمال الدين هو قطعي الصدور بل يخضع للدراسات السندية والدلالية.
ونبحث مثلاً عن كتاب ( الغيبة ) للنعماني ، ونبحث عن كتاب ( الغيبة ) للطوسي.
ثالثاً / دراسة في المؤلفين : أي مدى معرفتنا بمؤلفي الكتب في هذا المجال قديماً وحديثاً من العامة والخاصة.
فمن العامة كثيراً ما نسمع عن إبن حمَّاد ، من هو ؟ وما أهميته ؟ وما قيمته ؟ وما مدى اعتباره عند السنة والشيعة ؟
ومع الأسف أبتلينا بظاهرة خطرة ، وهي أخذ بعض الروايات وإرسالها إرسال المسلمات وكأن الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أو الأئمة عليهم السلام حدثونا بهذا الحديث. وسمعناها عنهم مباشرة.
ونسمع عن الحاكم النيشابوري أو النيسابوري ، فما مدى اعتباره ؟
وهناك رواة ـ دع عنك أحمد بن حنبل ـ من أمثال عكرمة والشعبي وعروة بن الزبير.
فهل قيّمنا هؤلاء ؟ وهل عرفناهم ؟
فإذا لم ندرس القضية المهدوية دراسة معمقة ومتقنة تكثر لدينا المشاكل ونواجه دعاوي جديدة.
رابعاً / دراسة في الروايات : لكن دراسة موضوعية لأن عدد الروايات هائل ، فالروايات الموجودة في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام ـ الذي ألفته مع أخويَّ وإبن أختي وبعض الأخوة وسماحة الشيخ الكوراني ـ كان في الطبعة الأولى منه قرابة ألفي رواية وكان في خمسة مجلدات ، نعم تم دمج بعض الروايات ، ويدعي البعض ـ ولعله الشيخ لطف الله الصافي ـ أنها ثلاثة آلاف ، وأطلعت على بعض آراء الشهيد الصدر بأنها سبعة آلاف رواية.
فقراءة ألفي رواية تقريباً كم يستغرق من الوقت ؟.
فبما انا لا نستطيع أن نأتي بكل هذه الروايات لذلك نأتي بالدراسات الموضوعية مثلاً :
نبحث عن اليماني ، من أين هو ؟ هل أن أصله من اليمن ؟ أم أنذ ظهوره من اليمن ؟ وهل هو سيد أم لا ؟ وتفاصيل أخرى في هذا البحث (١).
ونبحث عن السيد الحسني ، من هو ؟ ما ارتباطه مع النفس الزكية ؟ ومن هو النفس الزكية ؟ يستشهد قبل ظهور المهدي عليه السلام أم بعد ظهوره ؟ في العراق أم في مكة ؟
ونبحث عن الثورات التي تكون قبل ظهور المهدي عليه السلام ، وهل أن كل راية ترفع قبل ظهور المهدي عليه السلام صاحبها طاغوت أم أن هناك تفصيل ؟
ونبحث عن مسألة القتل والدماء ، فهناك من يدعي أنه تسفك الدماء حين الظهور ، إذا البعض يصور المهدي عليه السلام بأنه إنسان ذباح ويتصرف بعنف وقسوة ، نقول نعم قد يكون كذلك على الأعداء كما نقرأ في دعاء الندبة ( أين مستأصل أهل العناد والعصيان والطغيان ، أين مبيد العتاة والمردة ) ، ولكنه غياث للمؤمنين وعون للمساكين ، فقد شوهوا صورة الإمام المهدي عليه السلام ، فهذا إبن العربي يقول ( لولا السيف بيده لأفتى العلماء بقتله ) ، فكيف يلتقي هذا مع مدح الأئمة للعلماء فقد ورد في كتاب الاحتجاج في نهاية احتجاج الإمام الهادي عليه السلام أنه قال : ( لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه ، والدالين عليه ، والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ، ومن فخاخ النواصب ، لما بقى أحد إلّا ارتد عن دين الله ، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، أولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل ) (٢).
ونبحث عن التشرفات واللقاءات ، وهل أن اللقاء في عصر الغيبة ممكن ومتحقق أم لا ؟ وهذا بحث مهم لا بد من استعراضه حتى نسد الذرائع ودعوى من يدعي ذلك ، واللقاءات أما اختيارية بأن الشخص متى ما شاء يلتقي بالإمام عليه السلام ، ومن يدعي هذه الدعوى فهو كاذب حتماً ، إلا نادراً أو غير اختيارية وإذا كان الشخص أميناً وثقة نقبل منه هذه الدعوى كما حدث لبعض علمائنا قدس الله أرواحهم.
وضرورة البحث عن المهدوية لها أسباب ومن أسبابها :
أن المهدي عليه السلام هو سندنا وهو اعتبارنا وشرفنا واحترام الناس لنا إنّما هو لأجل المهدي عليه السلام ، لذلك لا بد أن نطلع ونبحث وندقق في هذا الموضوع.
وورد ما لا يقل عن ثلاثمائة آية تفسيراً وتأويلاً ترتبط بالمهدوية ، جمعناها في الجزء السابع من معجم الإمام المهدي عليه السلام ، فوجود آية واحدة يكفي لضرورة البحث فكيف بثلاثمائة آية.
الحجم الهائل من الروايات كما بيّنا بما لا يقل عن ألفي رواية ، يقتضي البحث والتدقيق.
حجم الكتب من الفريقين في شأن المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف وقضية المهدوية بما فيها كتب ألّفت قبل ولادة الإمام المهدي عليه السلام وأن المؤلف توفي قبل ولادته عليه السلام بسنين ، ككتاب الفتن لنعيم إبن حمَّاد المروزي المتوفي سنة ٢٢٩ للهجرة ـ لا نريد أن نصحح كل ما في هذا الكتاب ولا نريد أن ندافع عن المؤلف وهو من السلف ولكن يهمنا أن المؤلف توفى قبل ولادة الإمام المهدي عليه السلام بست وعشرين سنة تقريباً ـ وككتاب المسند لأحمد بن حنبل ( ١٦٠ هـ ـ ٢٤٠ هـ ) وفيه من أحاديث تتعلق بالإمام المهدي عليه السلام حوالي ( ١٣٠ ) رواية مع المكررات.
وهناك كتب من السنة مختصة بهذا الموضوع مثل :
١. البيان في أخبار صاحب الزمان :
تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ( ت ٦٥٨ هـ ) ومن الجدير بالذكر أن المؤلف يوصف بـ ( المستشهد ) فقد قتل ضحية لهذا الكتاب ، وهناك محاولات يائسة من بعض النواصب أن ينسبوه للشيعة ولكنا لو طالعنا ترجمة أساتذته لوجدناهم جميعاً من اهل السنة وهو ايضاً سني شافعي ، ولكن كتاب بمثل هذه المعلومات لا يكون موافقاً لمزاجهم خصوصاً الباب ( ٢٥ ) في إثبات حياته عليه السلام وما فيه من الأدلة ، وممن طال عمره من الصالحين ومن الظالمين.
٢. البرهان في علامات مهدي آخر الزمان :
لمؤلفه المتقي الهندي ( ت ٩٧٥ هـ ).
٣. العرف الوردي في أخبار المهدي :
للسيوطي ( ت ٩١١ هـ ).
٤. عقد الدرر في أخبار المنتظر :
للسلمي المقدسي من أعلام القرن السابع أي معاصر للكنجي الشافعي ، وهدفه ليس الجمع فقط بل جمعه بمنهجية وأسلوب علمي ، وطبع الكتاب بمصر.
٥. فرائد فوائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر :
للشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي من علماء القرن الحادي عشر.
والواقع أن هناك إفراط وتفريط ، فالبخاري لم يذكر في كتابه ـ المهم جداً عندهم ـ ولا رواية واحدة عن المهدي وصار هذا ذريعة ومستنداً للبعض.
والحاصل إن الإساءات واستغلال القضية المهدوية ، ومن هذه الإساءات وسوء الفهم للقضية المهدوية كما بيَّنا مسألة تهمة الذبح والقتل ومسألة اللقاءات والتشرفات ومسائل كثيرة اخرى في الإساءة واستغلال فكر القضية المهدوية كقصة اليماني والحسني والسفياني ، تقتضي البحث والتحقيق في هذا المجال.
الهوامش
١. ستعرف أجوبة هذه الأسئلة عند البحث عن اليماني بعنوان ( دراسة في روايات اليماني ).
٢. الاحتجاج ـ الطبرسي ج ٢ ص ٢٦٠.
مقتبس من كتاب : [ أبحاث حول المهدويّة ] / الصفحة : ٧ ـ ١٣
التعلیقات