الإمام المهدي عليه السلام والعلم اللدنّي
الشيخ علي الدهنين
2024 Oct 8الإمام والعلم اللدنّي :
إنَّ الله تبارك وتعالى زوَّد الخضر به ، ( آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) ( الكهف : ٦٥ ) ، وبواسطة هذا العلم اللدنّي تصرَّف الخضر تصرّفات لم يكن نبيّ الله موسى عليه السلام يعرفها.
قال تعالى : ( قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ) ( الكهف : ٦٦ ) ، إذن يوجد عند الخضر علم لا يوجد عند نبيّ الله موسى عليه السلام ، وليس ذلك العلم إلَّا العلم اللدنّي ، نحن لا نعرف كيفيته ولا نعرف ماهيَّته ، ولكن نعرف بأنَّ الخضر استند إلى هذا العلم وخرق السفينة وقتل الغلام قبل أن يبدر من الغلام شيء ، ولهذا استنكر نبيّ الله موسى عليه السلام عليه ، لأنَّ موسى عليه السلام عنده الشريعة الظاهرية وبحسب موازين الشريعة الظاهرية لا يجوز قتل الغلام ، ولكن الخضر لا يعمل بموازين الشريعة الظاهرية وإنَّما يعمل بموازين العلم اللدنّي ، والعلم اللدنّي له مقتضيات وآثار غير آثار العلم الظاهري المستند إلى الشريعة الظاهرة.
ثمّ إنَّ الخضر بيَّن لنبيّ الله موسى عليه السلام تأويل ما فعله ، ( سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) ( الكهف : ٧٨ ) ، يقول الخضر : عندي تأويل وتفسير لأفعالي توافق مع العلم اللدنّي ، قال : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ) ( الكهف : ٧٩ ـ ٨١ ) ، فلو بقت السفينة لأخذها الملك ، وهكذا لو بقي الغلام لجرَّ والديه إلى الكفر ومنع من وجود سبعين نبيَّاً ، فقد ورد أنَّ الله تعالى أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّاً (١).
إذن نظر الخضر بواسطة العلم اللدنّي نظرة مستقبلية لما يحتاج إليه العالَم وشخَّص أنَّه لا بدَّ من قتل الغلام ، لأنَّ مصلحة العالَم تتوقّف على قتله الآن ، والنظرة للتغيّرات وما يجري وما يحتاج إليه الناس في المستقبل حصل عليه الخضر عليه السلام من العلم الخاصّ.
الهوامش
١. راجع : الكافي ٦ : ٧ / باب فضل البنات / ح ١١.
مقتبس من كتاب : [ المعارف المهدوية قراءة تمهيدية ] / الصفحة : ٢٩ ـ ٣٠
التعلیقات