دور العراق في حركة الإمام المهدي عليه السلام
السيد ياسين الموسوي
منذ 14 سنة
الأسئلة والأجوبة
السؤال الأوّل:
سيدي تحدّثتم عن تأهيل النفس الإنسانية، ووردت آيات قرآنية كثيرة في مسألة الصراع بين الشر والخير، وقد نقل كثير من هذه الآيات أنّ أصحاب الخير هم قلة، فهذه النفس الإنسانية، هل هي محصورة بالمؤمنين أم تشمل غير المسلمين؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله المعصومين، بطبيعة الحال أنّ الإنسان له موقفان: الموقف الفردي، والموقف الاجتماعي.
الموقف الفردي متميّز عن الموقف الاجتماعي، وقد تحدّثنا عن الجانب الاجتماعي كمجتمع، لأننا حينما نحلل في علم النفس مرة نتحدّث عن الإنسان الفرد، ومرة نحلل الإنسان ولكن بطريقة علم الاجتماع، أي الإنسان المجتمع.
الجانب الذي تحدّثت فيه إنّما كان عن الجانب الاجتماعي في حركة الإمام المهدي عليه السلام ، وليس معنى ذلك غض النظر والطرف عن الجانب الفردي، لأن هناك ترابطاً بين الفرد وبين المجتمع.
يعني أنه يمكن أن يفصل الواحد عن الآخر، ولكن كما أن هناك مؤثرات شخصانيّة للإنسان فهناك مؤثّرات اجتماعية في الإنسان أقوى وأكبر من إرادة الإنسان التي في بعض نظريات علم الاجتماع يعبر عنها بالحتمية الاجتماعية أو الجبر الاجتماعي.
أي أن هناك جبراً فردياً، وهناك جبراً اجتماعياً، لست أريد حالياً أن أحدّد وأشخص هاتين النظريتين وهل هما صحيحتان أم لا، وإنما استشهد بهما لأوضح الظروف التي أتحدّث عنها، وهو أن الإنسان الفرد يحتاج إلى موقف تفصيلي، وقد تحدّثت في هذه المحاضرة عن الإنسان المجتمع فقط.
أمّا الإنسان الفرد في عصر الظهور، وعصر ما قبل الظهور فله دور كبير في إيجاد هذه الحالة الاجتماعية، لكن لم يكن الدور هو الدور الأوّل والآخر، وإنّما يبقى الإنسان بدوره الفرداني والشخصاني يؤثر فيه الخيّر وفيه الشرير، ولكنَّ هناك أبعاد اجتماعية تتحكم في عمليّة التغيير الاجتماعي في تطور المجتمع الإنساني.
فكما تحدّثت عن ذلك الجانب، يبقى الحديث كما هو معروف أن الإنسان فيه خيّر وفيه شرير ولكن التطور الاجتماعي يوصل الإنسان قبل مرحلة الظهور إلى منطقة المائز والحد الفاصل بين الخير والشر.
السؤال الثاني:
أو بالأحرى مداخلة من أحد الأخوة الحضور: قلتم سماحتكم ما معناه أن الإمام أو المصلح النهائي لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن أحداً من الأئمّة الأحد عشر قبل الإمام لأن المجتمع غير مؤهل لذلك.
أقول: وذلك لأنّه لم يميز بين الخبيث والطيب.
وبما أننا نشهد الآن سقوط قانون وضعي بعد آخر لكونه غير صالح لكل الأزمان، حتّى تصبح البشرية مدركة أنه لا يكون صلاحها إلاّ بدين الله، ودين الله الصحيح ومن منابعه الأصلية، وهذا هو التمييز بين الخبيث والطيب.
الجواب:
إن هناك سؤال أثاره البعض لطول عمر الإمام عليه السلام وبيّن هذا السؤال أنه ربّما يقال أن أحد أسباب طول عمر الإمام لزيادة خبرة الإمام، في الواقع نحن الإماميّة نعتبر هذا الجواب خاطئاً، لأننا نعتبر أن الإمام المعصوم عليه السلام علمه لدنّي ولا تؤثّر عليه الظروف الاجتماعية لتطوّر علومه عليه السلام ، وإنّما العكس هو الصحيح أن الخبرات الاجتماعية كلما تكثّفت، كلما سبّبت تكامل البشرية، فتكون البشرية مؤهّلة لاستقبال الحركة المحددة للتغيير التام ما قبل وما بعد _ من قبل ومن بعد _ فهذه الخبرات التي أشار إليها الكاتب بإشارة من الإشارات إنما عبرت عنها بالتطوّر.
السؤال الثالث:
هل هناك رواية تقول أنه لا يكون أمركم _ أي ظهور الإمام المهدي عليه السلام _ حتّى يأتي الله بقوم لا تضرهم الفتنة،(1) فهل هؤلاء القوم المقصود بهم الأمّة أم أصحاب الحجّة عليه السلام؟
الجواب:
عندما نتكلّم عن الأمّة ونتكلّم عن أصحاب الإمام لا نعتبر أصحاب الإمام شيئاً مجرداً عن الأمّة، وإنّما قلنا: إنّ الأمّة أو المجتمع الإيماني، وبطبيعة الحال يكون الأصحاب هم قادة هذا المجتمع الإيماني، ويكون هذا المجتمع مؤهّلاً لقيادة الإمام، ففي الواقع أنّه لا تمييز بين القادة والمجتمع لأنّه سوف يكون هؤلاء هم قادة المجتمع.
السؤال الرابع:
هنا مجموعة من الأسئلة كلها تتمحور في محور واحد، نعرضها على سماحة السيد:
الأوّل: ما هي الواجبات الملقاة على عاتقنا، وما هو دورنا كنساء وموظفات ومعلّمات؟ وكيف نتهيأ في هذا الزمان لظهور الإمام عليه السلام.
الثاني: ما هو دور المرأة المؤمنة في عصر الظهور؟
الثالث: هل هناك من النساء مع الإمام المهدي عليه السلام؟
الرابع: ماذا على المكلف أن يقوم به لتعجيل فرجه عليه السلام؟
الخامس: كيف تتهيأ المرأة لعصر الظهور؟
السادس: هل تستطيع المرأة في زمن الظهور اللقاء معه عليه السلام؟
السابع: هل صحيح أنّ الإمام المهدي عليه السلام يقتل على يد امرأة وما هي مواصفاتها واسمها وأين تظهر؟
الجواب:
مجموع الأسئلة تتحدّث بشكل عام عن دور المرأة قبل الظهور وبعد الظهور، والإسلام يرى أنّ المرأة قد وجّه إليها التكليف بمقدار ما وجّه إلى الرجل، فعندما يقول تعالى: (إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً)(2) فإن الكل يعلم أنّ الله خلق اثنين _ لم يخلق واحداً _ خلق آدم وحوّاء، وكان التكامل الإنساني بين الطرفين، ولكن الخطاب عندما يوجّه إلى آدم، فهو من خطاب التغليب وهو _ كما تعلمون _ يوجّه إلى طرف مع أنه يقصد الطرفين.
وأمّا سبب التغليب الذي صار في هذه المحادثات الربانيّة، فهو لشدّة العلقة بين حوّاء المرأة وبين آدم الرجل حتّى صارا شيئاً واحداً في الخطاب، فلو قرأنا القرآن الكريم نجد تكاليف الصلاة وتكاليف الصيام وتكاليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد وجهت إلى الطرفين الرجل والمرأة، ولا توجد عندنا تكاليف قرآنية موجهة إلى الرجل وحده أو تكاليف قرآنية موجهة إلى المرأة فقط، فمثلاً: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)،(3) كلمة: (من) لم يقصد بها الرجل ولم يقصد بها المرأة، ولذلك كان الخطاب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لم يقصد به الرجل وإنّما المقصود به خطاب التكليف للذين آمنوا، أي الذين تكونوا من رجل وامرأة.
أقصد من هذا التصور أنّ الرؤية القرآنية والإسلاميّة للمرأة بمنزلة الرجل بمستوى واحد، ولا يفرّق القرآن ولم تفرّق سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام بين الرجل والمرأة، إلاّ عندما تتميّز الخلقة، في باب تميّز الخلقة والتكوين فيكون هناك خطاب مختص بالرجل ويكون هناك خطاب مختص بالمرأة، ولكنه جاء التكليف للحاظ الخصوصية مثل الجهاد على الرجل وأحكام الحيض على النساء، وليس هو في أصل التشريع.
أمّا التشريعات الخاصة بالمرأة، فإنّما جاءت نتيجة التميز التكويني للمرأة، فمثلاً عندما أسقط الله تعالى الجهاد عن المرأة وأوجبه على الرجل في زمن من الأزمنة عندما كانت الحرب تعتمد على استخدام العضلات، فإنما كان السبب هو أنّ التكوين الفسلجي للمرأة لا يستطيع أن يوفّر هذا التكليف، وكذلك عندما أسقط الله سبحانه وتعالى تكاليف معيّنة عن الرجل وأوجبها على المرأة، فذلك لأنه كان فاقداً القدرة التكوينيّة، أو لهذه التغيرات التكوينية لأداء ذلك التكليف.
أمّا بالنسبة للمرأة في عصر التهيئة للظهور، فدورها نفس الدور الذي هو للرجل، وعندما نتحدّث ويكون الخطاب للتذكير وليس التأنيث لم نكن نقصد به التذكير بما هو تذكير، وإنّما المقصود به المكلف الذي يتكون من رجل وامرأة، ولذلك فدور المرأة في عصر الغيبة وفي عصر التمهيد للظهور هو نفس دور الرجل وبنفس القوّة وبنفس الحساسيّة، وبنفس التكليف.
وعندما نتحدّث مع المجتمع بهذا الأسلوب فسوف تعلم المرأة كيف تؤدي وظيفتها، كما أن الرجل يعلم من خلال التكاليف الشرعية كيف يؤدي وظيفته، وهكذا بالنسبة لما بعد الظهور.
ومن البديهي فإن هذا الموضوع مهم، وأحب أن أشير إليه إشارات وأترك التفاصيل، وهو أن حركة الإمام العسكرية بعد الظهور هل هي كما نعرفها نحن؟ حرب وقتال، أم هناك حركة أخرى وبصورة أخرى؟ فمثلاً عندما تُذْكَر الحرب في بعض الروايات فهل هي عبارة عن كناية، ومجاز، وألفاظ هدفها إيصال معنى أن حركة الإمام ضخمة وعظيمة؟ إن الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى بحث ودراسة، ووقت لشرح تلك الأبعاد المهمة لتلك الحركة بالنسبة إلى الإمام عليه السلام.
والحقيقة أن دور المرأة التغييري يتبين فيما لو عرفنا أن دور حركة الإمام ليست قتالاً بمعنى القتل والقتال فقط، وإنّما هي لتغيير الإنسان، وسوف نعرف أن الدور واحد للرجل والمرأة.
وأمّا أن المرأة سوف تقتل الإمام فجاء في رواية شاذة مهملة لا تصلح في مقام تأسيس النظرية الإسلاميّة.
.
إضافة إلى أن هناك بحثاً يا أخواتي وهو: هل أن الإمام عليه السلام سوف يقتل أو يموت ميتة طبيعية أو بإشاءة ربانية؟ هذا السؤال يحتاج إلى جواب يؤصل في بحث لست الآن بصدد التفاصيل عنه، وتوجد عندنا روايات بأنّه عليه السلام سوف يقتل، لكن هناك روايات أخرى أيضاً تقول بأنه عليه السلام سوف يموت ميتة طبيعيّة،(4) واستميحكم عذراً للايجاز لأني أحتاج إلى وقت كافٍ وهو ما لم يسعه الوقت المخصص لهذا اللقاء.
السؤال الخامس:
لماذا نقول: حركة الإمام المهدي ولا نطلق عليها ثورة الإمام المهدي عليه السلام؟
الجواب:
يتمكّن الإنسان أن يعبّر عنها بكلا التعبيرين، فإن شاء أن يعبر عنها بالحركة التغيرية أو الثورة، فهذا مصطلح يمكن التسامح به لأنه مصطلح.
والمتحدّث والمتكلّم والكاتب يستخدم المصطلح كما هو يصطلح عليه، ولا تشاح باستعمال الألفاظ.
السؤال السادس:
يظهر من الروايات أن الإمام المهدي يتخذ العراق (الكوفة) عاصمة له، فهل هذا الاختيار مبني على وجود قاعدة محبة أم لأسباب أخرى؟
الجواب:
إن موقع العراق بالنسبة لحركة الإمام وموضع العراق، فيه جملة من الأبعاد المهمة التي سوف تتحقق في هذه البقعة المباركة، فإن عاصمة دولة الإمام عليه السلام هي العراق وبالخصوص الكوفة، والكوفة معقل الإمام وفيها بيت الإمام، ولذلك فقد جاء في بعض الروايات أن مسجد سهيل _ أي مسجد السهلة _ هو بيت الإمام(5) وقد يستشكل على هذا الموضوع أنه كيف يكون مسجداً وبيتاً في آن واحد؟ وهو موضوع لطيف وطريف وفيه من المعالم العقائدية والفكرية التي تحتاج إلى تفصيل، ويمكن أن يجاب عليه بسؤال آخر وهو: كيف كان مسجد النبي بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وبيت فاطمة عليها السلام في المسجد؟ ولذلك سدّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل الأبواب التي كانت تطل علي المسجد إلاّ بيت عليّ عليه السلام ،(6) لأن بيت علي هو بيت النبي وهو المسجد _ أي لا فرق بين بيت عليّ والمسجد _ لأنّ إرادة الله شاءت أن تكون للإمامة موقعها الخاص، وهذا يحتاج إلى تفصيل.
وأن مسجد السهلة سوف يكون بيت الإمام، وفي هذا البيت سوف تشدّ الرايات للإمام المهدي، أي أن مركز الحرب يبتدئ هناك، والسبب في ذلك هو أنّ هذا الشعب بإرادة الله تبارك وتعالى سوف يبلغ القمة في التمحيص.
وعندنا روايات تتحدّث عن الآية الكريمة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ) ثمّ الآية تقول: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (7) الإمام الباقر عليه السلام يقول: إن هذه خاصّة بأهل العراق،(8) يعني أن هذه العلامات، التي هي علامات الضغط، ونقص في الأموال والثمرات ثم القتل والدمار والدم الذي سال في العراق وعلى أرض العراق.
أمّا لماذا أنّ الله ابتلى أهل العراق بهذا الابتلاء؟! فللأسف أنّ هناك ثقافة أمويّة _ وليست ثقافة علوية هاشمية _ حاولت أن تثبت كثيراً من قطاعات الأمّة على الانحراف باتهام العراقيين بأنّ هؤلاء يستحقون العذاب والمرارة لأنهم أهل الشقاق والنفاق.
إن هذه الثقافة إنما هي من رواسب الثقافة الأموية؟ وعليه فلماذا خصّوا بها أهل العراق ولم يخصوا بها أهل الشام؟!
لأن أهل العراق ومن بداية تأسيس العراق وقبل أن يأتي الإمام أمير المؤمنين إلى الكوفة وأسّس خلافته كانوا قد بنوا أساسهم على أساس علوي هاشمي، ولذلك كانت النهضة الأولى التي أسقطت الانحراف الذي سبق خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وقبل أن ترجع زمام الإمامة إلى الإمام ابتدأت من العراق، وهكذا فالتصحيح بدأ من الكوفة، وحرب الانحراف بدأ من الكوفة، والحرب ضد الانحراف بدأ من الكوفة، لأن الكوفة كانت علويّة من بداياتها، وكبرت علويّة، وبقيت الكوفة وبقي العراق علوياً، وبتعبير آخر (محمّدياً)، وبتعبير آخر إن الإسلام الصحيح كان في العراق، ولذلك كان على عاتق هذا الشعب بناء جيش الإمام المنتظر عليه السلام ، وعلى عاتق هذا الشعب قيادة البشريّة في التغيير الذي يحدث عند ظهور المهدي.
ولذلك سوف يبتلي الله هذا الشعب بهذه الابتلاءات، ويشدّد التمحيص ويشدّد الابتلاء، لأنّه جاء في روايات الابتلاء وروايات الفتن: كلّما اشتد الابتلاء وكلما كثرت المحن زكى هذا الإنسان، وهذا المجتمع، وهذا الشعب، وكان أكثر أهميّة لقيادة البشرية، كما أن الحديد كلما سلّطت عليه النار كلما تخلّص من الشوائب، وكلما كان أنقى وأكثر تحمّلاً للصعوبات.
والمصاعب التي مرَّ بهذا الشعب كانت مقصودة لأنّ هذا الشعب هو قائد العالم، وقائد التغيير للدنيا في عصر الظهور، وأعطيكم مثالاً صغيراً رأيناه بأم أعيننا: إن العراقي في أي بلد كان من البلاد _ حتّى وإن كان قبل خروجه من العراق ليس متديّناً _ فهو عندما يخرج إلى بلد من بلدان العالم فإن أوّل ما يشيد في ذلك البلد حسينيّة، ويبني مسجداً، يقام فيه مجلس الحسين عليه السلام ، وقد امتلأت الأرض حالياً بأبعادها بذكر الحسين من يوم هاجر العراقيون إلى العالم، فهذه حكمة إلهيّة أن يكون هذا الإنسان يُربَّى هذه التربية التي جاءت في كثير من الأحيان انعكاساً للسلوك العدواني الذي كان يواجهه الإنسان العراقي من الأنظمة الطائفية ويعلّم هذا التعليم الذي له _ قطعاً _ يد غيبيّة فيكون هذا الإنسان له دور حالياًَ، فكيف يكون دوره في التغيير المستقبلي؟! إن شاء الله يشارك بشكل مؤثر بتغيير الأمّة وتغيير العالم.
لعلَّ لهذه الأسباب يكون منشأ أهميّة العراق.
والحمد لله رب العالمين
* * *
الندوة الثانية:
دور العراق في
حركة الإمام المهدي عليه السلام
ألقيت الندوة في كلية الآداب
في النجف الأشرف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن على منكري فضائلهم إلى يوم الدين.
اللهم ربنا وفقنا وجميع المؤمنين، واجعله خالصاً لوجهك الكريم، إنّك أرحم الراحمين.
شمولية النظريّة الإسلاميّة:
عندما نتحدّث عن حركة الإمام المهدي عليه السلام ، وندرس خريطة الحركة تظهر أمامنا مواقع كثيرة مهمّة ذُكِرَتْ في الروايات المستقبليّة لحركة الإمام، وأهم تلك المواقع هو العراق، وقد وجدنا موقع العراق على خارطة حركة الإمام، قد أخذ اهتماماً كبيراً في الروايات.
وقبل أن نتحدّث عن تفاصيل وجزئيات هذا الموقع الوارد في الروايات الشريفة لا بدّ من الحديث كمقدّمة أولى (لدفع دخل كما يقول العلماء) للموضوع بالحديث الجغرافي عن المناطق والأمكنة الجغرافية:
وذلك لأن الفكر الإسلامي يعالج مسألة المكان برؤية فلسفيّة ثورية واقعية، وموضوع (أثر المكان في حركة الإنسان)، من المواضيع المهمة والضرورية التي تجعل الباحث يتطرق إلى عالمية الإسلام والمفاهيم التي جاء بها كأدليوجية حملها الإنسان بدون قيد زماني أو مكاني.
فعندما نقرأ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)،(9) فهو كسر لطوق المكانية وطوق الزمانية، يعني أن المؤثرات المكانية والزمانية سوف تنعدم عن الروح والفكر الثوري الإسلامي.
ونلاحظ أيضاً أن الأطروحات المؤطرة بأطر مكانية، كالأطروحة القومية، سواء ما سميت بالقومية العربية أو القومية الفارسية أو القومية الألمانية أو أي أطروحة قومية أخرى، قد برز فيها المكان واضحاً على الأطروحة، يعني أنه قد اُخذ في الأطروحة موضوع المكان كمسألة أساسية وأوّلية، يحدّد طوق تلك الأطروحة، وذلك المشروع الفكري، أو الثقافي الذي يطرح للأمّة المختصة بالمكان.
فالقومية العربية تتحدّث عن مكان محدد بوطن سموه الوطن العربي، والقومية الفارسية تحدّثت عن المكان الذي يحكمه جوّ من الانتماء العرقي أو الانتماء المكاني، وهكذا في القوميات الألمانية والقوميات الأخرى التي طرحت في أوربا في عصور تسبق ما طرح في وطننا العربي، أو وطننا الإسلامي.
ولا أريد أن أعالج مسألة المكان؛ وهل أنّ الإسلام قد أكّد على هذا المنطق في طرحه، وفي مفهومه، وفي المقدار الشرعي واللاشرعي فيه؛ لأن هذا الموضوع يجرنا للحديث عن مفهوم الوطن وعن مفهوم القومية، وقد سبق لي أن طرحت هذا الموضوع في كتب مطبوعة ومنشورة على نحو مستقل ومنشورة في عدّة صحف في العراق وفي غير العراق.
خصوصيّة العراق:
لكني أريد أن أشير إلى أنّنا وإن تجاوزنا بطرحنا العام، وطرحنا الأممي المكاني، لأن الفكر الإسلامي تجاوز الموقع المكاني والزماني؛ فالإسلام ليس لأمّة دون أمّة، ولا لزمان دون زمان، مع أننا نؤكد على هذه الحقيقة فأننا نؤكّد أن هناك أموراً لابدّ أن نتحدّث عنها بواقعية، وهي: أنه كان للمكان في كثير من الأحيان خصوصيته في تحديد مواقع المبادئ والعقائد.
وعندما نتحدّث عن العراق، فإنّ العراق يحتاج للحديث عنه من خلال الرؤية الإمامية الشيعية للعراق، فنتحدّث عنه كمستقبل، ونتحدّث عنه كماضي مؤثّر في المستقبل ومؤثر في الحاضر، ونتحدّث عن العراق كموقع اهّتم به أهل البيت عليهم السلام فكرياً، واهتموا به تطبيقياً وميدانياً.
وهذا الموضوع بنفسه يحتاج إلى تفصيل ويحتاج إلى حديث خاص لملاحظة ما ورد في العراق من روايات أهل البيت عليهم السلام من موقع قيادي في الماضي والحاضر والمستقبل، ولكني أختصّ بالحديث في هذه المحاضرة عن العراق ودور العراق المستقبلي في حركة الإمام المهدي عليه السلام.
وقد وجدنا هناك تنوعاً في الروايات، كما وجدنا تحديداً لكثير من الخصوصيات التي تتحدّث عن العراق كموقع جغرافي، وقد عبّرنا عنه باصطلاح المكان.
وهناك شيء آخر وجدناه في الروايات التي تحدّثت عن الناس، والمجتمع الذي يعيش في هذه البقعة من الأرض، والذي قد أعبر عنه بالعراقيين، وأقصد سكان هذه الأرض بدون لحاظ الانتماء العرقي أو غير ذلك من الانتماءات، ومن دون تحديد الهوية والجنسية، وما إلى ذلك من التفصيلات مما يمكن للإنسان أن يتعرّض لها، أو لا بدّ للباحث أن يشخص تلك الخصوصيات، مثلاً مَنْ هو العراقي؟ ومَنْ هو غير العراقي؟ وسوف أغضّ الطرف عن هذه التفصيلات في هذه المحاضرة، لأني أرى أن الروايات تحدّثت عن العراقي الذي يكون متواجداً في هذه المنطقة، ويحمل همّ هذه الأرض، وينتمي جغرافيّاً وليس قطرياً وإقليمياً فحسب، بل ينتمي جغرافياً لهذه الأرض المسماة بالعراق.
مراحل دور العراق:
والعراق له دور مستقبلي في حركة الإمام المهدي عليه السلام ، وبملاحظة الروايات التي تحدّثت عن العراق نجدها قد أخذت عدة صور في الحديث عنه، فمرّة تحدّثت الروايات عن العراق الذي يسبق الظهور، وأخرى تحدّثت عن العراق الذي يمهد للظهور، وأخرى تحدّثت عن العراق الذي سوف يشارك في الظهور.
بمعنى أن هناك مراحل ثلاثاً يمر بها العراق، وهذه المراحل الثلاث هي:
المرحلة الأولى: قبل التمهيد:
وهي المرحلة التي تسبق التمهيد للظهور، وقد قالت عنها الروايات: أن الأمّة في العراق سوف تعاني التمحيص، وسوف تعاني الابتلاء والشدة من حكام جور سيحكمون هذا البلد، ويحكمون هذه البقعة الجغرافية، حتّى يؤدي هذا الجور إلى حالات صعبة يمر بها العراق والشعب العراقي، وقد عبرت الروايات عن هذه الحالات بأنواع مختلفة.
ومن جملة تلك الأنواع التي يمر بها العراق في عصر قبل التمهيد، وهو العصر الأوّل الذي نتحدّث عنه المرارة التي يمر بها المجتمع العراقي، التي سوف تؤدّي إلى ضغوط كثيرة، منها ضغوط نفسيّة، وضغوط دينيّة، وضغوط اقتصادية، وحتّى ضغوط تكوينية تغير في طوبوغرافية المجتمع العراقي.
وإن هذه الصور المتعددة التي تحدّثت عنها الروايات قد صورت لنا أن العراق سوف يُحكم من قبل حكّام جور، وإن هؤلاء الحكام يغيرون كثيراً من خصوصيّة هذه المنطقة مما يجعل المنطقة تعيش في حصار اقتصادي، وهو المعبر عنه في الروايات بالجوع: (يشمل أهل العراق جوع ذريع.
.
يشمل أهل العراق نقص في الأموال)؛(10) هذا كله موجود في نصوص وروايات وردت عن الإمام الصادق عليه السلام والأئمّة عليهم السلام حيث تحدّثوا عن الجوع والحصار والألم الاقتصادي الذي يمر به الشعب العراقي قبل مرحلة التمهيد.
ومن الصحيح أن هذا شيء قد مر به العراق مرات كثيرة، ولكنّه قد يكون آخر مرة مرَّ به خلال الحقبة الزمنية الأخيرة التي تجاوزت العشر سنوات.
والشيء الآخر الذي يمر به العراق حالة الحروب المتكررة، وكثرة الدم، وكثرة القتل، وكثرة الذبح، مما يؤدي إلى انتشار حالة اجتماعية مرفوضة، وهي حالة الخوف الذريع.
والخوف الذريع سببه إنعدام الأمن الذي سوف يكون في العراق.
وهذا الخوف الذريع _ للأسف الشديد _ سوف يؤثر على إرادة الإنسان، لأن الإنسان بطبيعته تحكمه خصوصيات اجتماعية ونفسية وإن أراد أن يتجرد منها أو يكبر عليها، لكن هناك ضغوط اجتماعية قد تفقد الإنسان في كثير من الأحيان إرادته، وهذه الحالة سببها الخوف، والذي يمكن أن نرجع سكوت الشعب العراقي أو كثير من قطاعات الشعب العراقي عما مرَّ عليه من الاضطهاد، والحرمان، والعذاب، والقتل وما إلى ذلك، مع أنه كان _ تقريباً _ ساكتاً بالشكل العام نتيجة في كثير من الأحيان لما يفسر بفقدان الإرادة، فالإنسان عندما يرى الظلم لا بدّ أن يقاتل الظلم لكنه كان فاقد الإرادة أمام الظلم، وغير قادر على أن يجابه الظلام والحكام الذين سبق وأن حكموه وسلبوا إرادته.
إنّ هذه الحالة تظهر قبل مرحلة التمهيد، والتي عبر عنها الأئمّة عليهم السلام في كثير من تلك الأحيان بأنه وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريع فيه.
(11)
هذا الخوف الذريع قد يؤدي إلى تغيير خصوصيات التفكير عند الإنسان، ولكن مع كل ذلك فإن هذا الخوف الذريع، قد يؤدّي إلى حالة إيجابية أيضاً، ليست الحالة سلبية فقط، فقد تكون هناك حالة إيجابية، وهذه الحالة الإيجابية تميز وتغربل الناس بغربال كما يقول الإمام الصادق عليه السلام: (بغربال) تميّزهم على قسمين وهذه الرواية رواها النعماني في غيبته عن أبي بصير عندما كلّمه الإمام الصادق عمّا يمر على أهل العراق من الفتن والامتحان والبلايا، وأنهم يغربلون كغربلة الغربال فيميز أحدهم عن الآخر، الرديء عن الحسن.
(12)
هذا التمييز إنما يأتي من الفتن، يأتي من الضغوط التي يمر بها المجتمع العراقي في هذه المرحلة.
وهنا قد يثار سؤال: لماذا يمتحن هذا الشعب بهذا الامتحان دون غيره من شعوب العالم، ومناطق الدنيا؟
قد نجد أكثر الروايات التي تحدّثت عن عصر الظهور ذكرت فيها منطقة العراق، بحيث أنّ الفقيه والقارئ المستنبط لتلك الروايات التي تحدّثت عن عصر الظهور يجد أكثر تلك الروايات التي تحدّثت عن عصر الظهور وما فيها من علامات ودلالات وآيات وما إلى ذلك أنها سوف تحدث في العراق؟
ففي هذه المرحلة التمهيدية (المرحلة الأولى) نجد أكثر هذه العلامات تصير وتحدث في العراق قبل أن تشمل العالم وقبل أن تشمل المناطق الأخرى.
.
لماذا هذا التمحيص والابتلاء في العراق؟ لماذا هذا الامتحان وشدة الامتحان في العراق؟
الجواب: لأن الله سبحانه وتعالى أخذ العراق مكاناً جغرافياً مهماً لحركة الإمام المهدي، وهو الذي نقرؤه في العصر الثالث، وهو عصر ظهوره وعصر حركته عليه السلام ، فإنّ موقع التحرك المهم يكون في العراق، ولذلك سوف يكون هذا الموقع لأهميته بمستوى هذه المهمة، وأن يكون الجمهور والمجتمع والناس الذين يسكنون في هذا الموقع الجغرافي يكونون بمستوى هذه المهمة.
بمعنى أنه لا بدّ من تناسب طردي بين المهمة، وبين شخصية المجتمع الذي يسكن في تلك الأرض التي تتحمل هذه المهمة، فعندما نقرأ أن عاصمة الإمام المهدي عليه السلام سوف تكون في العراق، وتكون في الكوفة، وعندما نقرأ أن مرحلة تحرك الإمام المهدي عليه السلام تكون من الكوفة، أو من العراق؛ فلا بدّ أن يكون المجتمع في ذلك الموقع قد تحمل كل الامتحانات ولم يسقط أمامها، وتحمل كل الهموم ولم يسقط أمامها.
هذا المجتمع الذي لم يسقط، أو الذي خرج من الامتحان ناجحاً يكون مؤهلاً لقيادة البشرية وقيادة العالم، فلذلك ولأجل أن يكون هذا المجتمع القائد، والمجتمع الرائد الذي يقوم بمرحلة هداية البشرية، لا بدّ أن يكون قد مر بالامتحانات السابقة الصعبة وقد خرج منها ناجحاً.
وبالفعل كان التأكيد الإلهي على العراق؛ لأن العراق دولة الإمام، ولأن العراق مجتمع الإمام، ولأن العراق محط قادة الإمام وجند الإمام، ولذلك فلابد لهذا المجتمع أن يمر بالامتحان.
إذن هذا الامتحان وهذا العذاب وهذا التمحيص لم يكن سخطاً إلهياً على المجتمع كما يصوّره بعض الناس عندما يقرؤون حركة الإمام، وإنما هذه العلامات التي تظهر من أجل أن يوفر المجتمع كل خصوصيات، وكل صفات القيادة المؤهلة له لقيادة البشرية.
نلاحظ الدور الإيجابي للمجتمع العراقي في عصر الظهور، هذا الدور مترابط بالمراحل.
إذن فهذا العذاب وهذه المرارة التي يمر بها العراق ويمر بها المجتمع العراقي سوف يؤهّله وينظّمه ليأخذ دوره الطبيعي.
ونحن في عقيدتنا الإمامية نعتقد أن الامام المهدي عليه السلام لا يظهر بصورة إعجازية، ويريد أن يثبت الإعجاز في الأرض، وفي الوجود، وإنما يظهر عليه السلام بشكل طبيعي عندما تتوفّر القواعد وتتهيّأ القيادة المؤهّلة لذلك الدور التغييري للعالم، وليس للعراق فقط، وليس للعرب فقط، وليس للمسلمين فقط، وإنما التغيير الأرضي، وبواسطة التغيير الأرضي سوف يكون هناك تغيير كوني، فالكون سوف يتغيّر.
وقد تعجب كيف يكون تغيير الكون؟! ولإزالة هذا التعجب نحتاج إلى حديث خاص حول دور المهدي في تغيير المجموعة الشمسيّة وحركة المجموعة الشمسيّة، وهذا فيه لحاظات ليست انطلاقاً من الروايات والأحاديث المقدسة فقط وإنما من خلال بحوث علمية تتحدّث عن هذا التغيير الكوني الذي سوف يحدث في عصر المهدي عليه السلام.
المرحلة الثانية: التمهيد:
هذا التغيير الذي يقوم به الإمام يبتدئ من العراق، ولذلك يحتاج هذا الدور إلى تمهيد، وهو المرحلة الثانية:
وفي مرحلة التمهيد يأخذ العراق دوراً كبيراً قبل أن يتحرك الإمام، وقبل أن يظهر الإمام.
ولا بدّ لهذا المجتمع الذي خرج من الامتحان ناجحاً أن يكون له دور الممهّد لظهور الإمام المهدي عليه السلام.
وهناك روايات تتحدّث عن الممهدين للمهدي سلطانه، وعن الموطّئين الذين تعبّر عنهم الروايات: الموطئون للمهدي سلطانه(13) وان هؤلاء ينطلقون بحركتهم من العراق إلى خراسان، في حركة متواصلة.
ولا أريد أن أتحدّث عن الجانب الجغرافي لوجود هذه الحركة المتّصلة؛ العراق.
.
خراسان.
.
والمناطق الأخرى، وإنّما أتحدّث عن هذا الجانب في هذه المحاضرة وهو: أنّ العراق جزء من الموطّئين والممهّدين للإمام المهدي عليه السلام.
وهناك روايات متنوّعة تحدّثت عن هذا التمهيد، ومن جملة تلك الروايات التي تحدّثت عن أن هناك قوى بمستوى الوعي، وبمستوى الإدراك، وبمستوى المسؤولية للتغيير الشمولي للدنيا في العراق قبل الظهور، اقرأ هذه الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام:
قال: (يدخل الكوفة _ يعني الإمام المهدي عليه السلام _ وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له، ويدخل حتّى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء).
(14)
لاحظ شيئين:
الشيء الأوّل: أنّه يأتي العراق، فلو كان العراق لا يملك التأهيل المناسب لاستمرار ثورته لانتقلت حركة الإمام إلى منطقة أخرى، مثلاً: إلى الشام، أو إلى خراسان، أو إلى اليمن، أو إلى مصر، لكنه تجاوز كل تلك المناطق وتحرك بمجرّد أن نجح في مكّة والمدينة _ كما تقول الروايات _ وتوجّه إلى العراق.
والجهة التي يتحرّك، وينطلق منها إلى الدنيا هي العراق فيؤسّس الدولة المهدويّة في العراق، ثمّ بعد ذلك ينطلق إلى الدنيا.
ولا يتصوّر البعض في حركة الإمام الجانب السلبي الذي سمعناه وقرأناه في كثير من المرّات، حيث تحدّث بعض الناس عن العراق بشكل سلبي فقط، وإنما سوف يكون للعراق دور إيجابي، هذا الدور الإيجابي فيه ثلاث رايات.
بعض الروايات تقول فيها: راية الحسني وراية الحسيني وراية الخراساني هذه ثلاث رايات وهي رايات هدىً؛ يعني أنّ القوى الحاكمة في المنطقة قوىً لها امتداد عميق في الأمّة، وهي قوىً تشكل براياتها الثلاث _ والراية تمثل عملاً إيجابياً _ قوى مسلّحة أو قوى غير مسلحة عسكرياً، ولكن تملك الجمهور الذي يساند هذه الراية؛ وهذه القوى هي الموطّئة والممهّدة.
وعندما يأتي المهدي تكون هذه القوى قد فَرَّغَتْ العراق له، ولذلك لم نقرأ في الروايات أن هناك حرباً تجري في العراق بين الإمام المهدي وبين أهل العراق، ولا توجد أي رواية بهذا الصدد إلاّ رواية البتريّة التي تحدّثت عن أولئك الستة عشر ألف الذين يخرجون ويسمّون البتريّة يقولون عندما يظهر الإمام: ما لنا ولك يا بن فاطمة ارجع لا شأن ولا شغل لنا معك فيضع السيف فيهم.
(15)
أولئك البتريّة قوم غرباء عن العراق، والبترية لم يكونوا من الشيعة، إنما هم قوم غرباء عن العراق، وغرباء عن التشيع، وغرباء عن شخصيّة هذا المجتمع العراقي، لكنّ الحرب تكون على الأرض العراقية، وأمّا الشعب لم يكن شعباً عراقياً، ولم يكن مجتمعاً عراقياً، وان الذي يقاتل هؤلاء هو الإمام المهدي بالرايات الثلاث: راية الحسني وراية الحسيني وراية الخراساني التي تكون قد نشرت.
ولا نقصد بالغرباء أنهم غرباء الجنسية، وإنما نقصد بالغربة غربة الشخصية فقد يكون أولئك من شذاذ سكنة هذه الأرض ولكنهم غرباء عنها وعن أهلها بالشخصية والطبعية.
الشيء الثاني: الاضطراب الذي تذكره الرواية قد يكون له معنيان: الأوّل: معنىً من معاني الاضطراب الاهتزازي كما لو اهتزت تلك الرايات لشدة وكثرة الجمهور والقواعد التي تحمل تلك الراية يعبّر عنها أيضاً بعبارة: (قد اضطربت).
وهناك تفسير آخر قد يكون للاضطراب: وهو حالة من اللاتفاهم الجزئي، أو حالة من الاختلاف الجزئي الذي قد يكون بين هذه الرايات، ثمّ تسقط وتتلاشى هذه الاختلافات على يد الإمام عليه السلام.
وهذا الوضع يوضّح أن هناك قوىً قبل ظهور الإمام، وأن هذه القوى تمهّد للإمام، وتوطّئ للإمام عليه السلام.
والرواية تتحدّث عن المجتمع العراقي تقول: (حتّى يأتي المنبر)؛ يعني لم يكن للإمام مدّة طويلة عند دخوله العراق، وإنما بمجرد أن يصل الإمام عليه السلام إلى الكوفة فإنه يصعد المنبر، ويخطب بالناس (فلا يدري الناس ما يقول من البكاء).
لاحظ: قوله عليه السلام: (فلا يدري الناس ما يقول من البكاء) لا يفهم الناس ما يقول الإمام، لأن حالة البكاء شملت الناس، وهذا يفسّر شيئين:
أوّلاً: كثرة الجمهور، لأنه لو كان بكاءاً فردياً لانتبهوا.
ثانياً: يعطيك مدلول الحالة النفسية والعاطفيّة بين الجمهور والقائد بما تعني الحالة العاطفيّة والانفعال في أوج من حالات الترقب والفرح والحضور في أعلى مستوياتها، حيث غلب البكاء على الجمهور.
إذن هذه القاعدة التي تكون قبل ظهور الإمام لم تكن قاعدة صغيرة، ولم تكن هذه القاعدة شاذّة أو تعبّر عن حالة فردانية بالحضور، وإنما تكون قاعدة واسعة من حيث الكم، وتكون قاعدة واعية ومتّفقة عقائديّاً وعاطفيّاًَ مع الإمام لذلك يأخذها الانفعال الذي يغلب على كل حواس الإنسان سواء السمع أو غيره، لأنّ الإنسان الحاضر قد توجّه بكلّه إلى الإمام.
هذا الوضع يعطينا أملاً في هذه الظلمة التي نعيشها، إذ ربما الإنسان في مثل هذا الجو يعيش الاحباط فهو عندما يخرج إلى الشارع وعندما يخرج إلى المجتمع يجد كثيراً من الأشياء المنكرة فقد تأخذه حالة من حالات اليأس، وحالة من حالات فقد الإرادة التي يعيش بها العالم الإسلامي والعالم العربي الآن.
إن هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمّة ككل، هو فقدان الجانب الفاعل في الإنسان، والجانب المؤثّر في الإنسان.
والذي يعطي الزخم المستقبلي الإيجابي هو العقيدة المهدوية عندما تكون في هذه المرحلة بكل خصوصيّاتها الشيعيّة التي تحكم الإنسان وفكر الإنسان، وتكون مؤهّلة للظهور.
إنّ هذه الحالة من حالات الهزيمة التي نعيشها، والمعمقة في الهزيمة السياسية بعد الهزيمة العسكرية في عدّة مواقع وقعنا فيها ابتداءاً من حرب حزيران وانتهاءاً بحرب أمريكا سوف تكون في مرحلة زمنية محدودة، وفي مرحلتنا هذه لا تكون طويلة وممتدّة، وإنما سوف تنقلب هذه الهزيمة إلى حالة إيجابية عندما نرتبط مع الروح الحقيقيّة للعقيدة الشيعيّة بما تفهمه عن الحركة المهدوية.
(16)
المرحلة الثالثة: العراق في عصر الظهور:
قرأت الآن مجموعة من الروايات، وأنا أتحدّث عنها بشكل سريع، فإنها تحدّثت عن أهميّة العراق ودور العراق المستقبلي.
ونجد بعض تلك الروايات قد تحدّث عن هذا المجتمع من حيث كل الخصوصيّات التغييريّة يصنع على عين الإمام(17) وحركة الإمام، ولذلك فإنّ أوّل شيء يقوم به الإمام عليه السلام هو الوصول إلى العراق، ويؤسّس في العراق هذه الدولة، وسيكون مقرّ الدولة الكوفة.
وتقول هذه الروايات هكذا تكون الأمور، حتّى أنّها تحدّثت عن الكوفة، وعن علاقة الكوفة بهذه القيادة، تقول: (ويكون أسعد الناس به أهل الكوفة).
(18) إشارة إلى العراق؛ والروايات عندما تتحدّث عن الكوفة فهي تعني العراق ككل وعموماً، أي بالشكل العام.
وعندما تتحدّث عن العراق تقول: (أسعد الناس به أهل الكوفة)، ولم تقل الرواية: (أفرح الناس)، أي أكثر فرحاً، بل هم أكثر سعادةً، لأن هذا الشعب تحمّل الكثير من أجل الإمام عليه السلام ، وتحمّل الكثير من أجل أهل البيت عليهم السلام ، فيكون حينئذٍ محل اقتطاف تلك الثمرة هو هذا المجتمع في هذه الأرض فلذلك يكون الناس سعداء، بمعنى مرتاحين من جميع الجوانب؛ الجوانب الحضاريّة، والمدنية، والثقافية، والسياسية، والعسكرية، وكل الجوانب التي ترتبط بحياة الإنسان، وحينها تتوفّر أحسن سبل الراحة في العراق وفي عصر الإمام عليه السلام.
ولذلك نجد الإنسان في العراق سوف يتغيّر من حالة الهزيمة والتعب، والمرارة، والعذاب، والشقاء يتحوّل إلى مجتمع مثالي.
ولا بدّ أن نتحدّث عنه ضمن الحديث عن خصوصيّات المجتمع المهدوي في محاضرة مستقلة.
الدولة المهدوية:
المجتمع المهدوي يختلف عن باقي المجتمعات بخصوصيّات لم تتوفّر قبل الظهور، وإنما تكون هذه الخصوصيات قد توفرت بعد ظهوره عليه السلام ، فعندما تتوفر السبل العمرانية والحضارية فبطبيعة الحال يكون ذلك سبباً للهجرة، فعلى سبيل المثال عندما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة فإنه قد كان لا يقطنها إلاّ الأوس والخزرج وبعض اليهود في مناطق وحصون بعيدة عن داخل المدينة، أي أن المدينة المنورة كانت قرية صغيرة؛ أمّا مكّة فكانت تسمّى أمّ القرى، لأنّ فيها كل وسائل الراحة التي تجبى من الشام، وتجبى من اليمن، ومن حضارات الدنيا من الفرس والروم، وما إلى ذلك، ولكن بعدما جعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المدينة المنورة عاصمة له وحينها بدأت الهجرة إليها من باقي المناطق حتّى أهل مكّة أنفسهم قد هاجروا إليها لتوفّر وسائل الراحة، ولذلك صار المهاجرون من حيث الكم والنفوس العدد الأكبر بالنسبة إلى سكّان المدينة والتنوّع من جميع العرقيّات ومن جميع الناس، حتّى تجد الرومي _ الرومي يعني الأوربي في زماننا _ قد سكن المدينة.
وفي عصر الإمام وعندما يكون العراق، وتكون الكوفة عاصمة الإمام وتتوفّر في هذه العاصمة كل وسائل الراحة وتطوّرات المدنيّة، فحينئذٍ يكون الحضور والهجرة بكثرة بحيث تعبّر تلك الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: (إذا قام قائم آل محمّد عليه السلام بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب واتّصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء).
(1)
يعني أن الدنيا سوف تهاجر إلى هذه المنطقة الخربة، التي خرّبها صدام وخرّبتها الأنظمة.
وسوف يعمّرها المهدي، وتعمّر في عصر قبل المهدي، ولكن يتم التعمير الأعظم عندما يظهر بقية الله.
وهذا التطوّر في هذه المنطقة بالخصوص _ وهي العراق _ سوف يكون حقّاً أسعد الناس به أهل الكوفة، يعني أهل العراق، لما يظهر في هذه المنطقة من تطوّر كبير، والحديث طويل جدّاً.
واكتفي بهذا المقدار، لكني أرجو أن يوفّق الحاضرون لمتابعة الموضوع ومعرفة الدور المطلوب من العراقي.
طبعاً أن القضية المهدوية بالبداية عقيدة في العقول والنفوس، ولكننا نؤمن أن العقيدة المهدوية لها آثارها الحياتية في واقع المجتمع العراقي، وهناك بحث كتبته سابقاً هو: أثر العقيدة المهدوية في الفكر السني، يعني الفارق بين أثر العقيدة المهدوية في الفكر السني عن الفكر الشيعي وأثر العقيدة المهدوية في تأريخ الشيعة وحاضر الشيعة، وأهم أثر واقعي هو أن يعيش الإنسان الإيجاب والإيجابية والتغيير والتحول نحو الأحسن.
والحمد لله رب العالمين
* * *
الأسئلة والأجوبة
السؤال الأوّل:
أوّلاً: أود أن اتفق مع سماحة السيد أن العراق نقطة الانطلاق للمشروع الحضاري الإسلامي المعاصر، وأنه نقطة الانطلاق كما تقول (كنودا ليزا رايس) مستشارة الأمن القومي: أن العراق اليوم نقطة انطلاق لشرق أوسط جديد.
ثانياً: هناك حملة شديدة تتهّم الروايات المهدوية بالضعف والإرسال واضطراب المتون وضعف بعض روات أسانيدها مثل المفضّل بن عمر، فما يقول سماحة السيد بهذا الأمر؟
الجواب:
أشكر الأخ الدكتور العميد(2) على ما كتبه وأشكره على حفاوته وتهيئة الظروف والأجواء الأخوية والعلمية، وأسأل الله له ولكم التوفيق، وأن يجعلنا من جند الإمام المهدي عليه السلام.
أمّا بالنسبة لتوثيق السند للروايات، فهذا موضوع قائم بنفسه، فهناك بحث بالنسبة إلى موضوع أسانيد روايات الظهور وهل تحتاج إلى دراسة أسانيدها بالضبط كما نفعل مع الروايات الواردة في مسائل الفقه أم أنها بغير حاجة إلى هذه الجهود العلمية من أبحاث الأسانيد، ويكفى بالقرائن الحالية والمقامية لتصحيحها كما يفعل مع القضايا التاريخية.
أمّا اتهام هذه الروايات بالضعف فلنا بحث مكتوب ومطبوع حول روايات الظهور عموماً بالشكل العام، ففي الفكر الإسلامي عندنا نوعان من الروايات:
النوع الأوّل: الروايات العامّة التي تحدّثت عن المهدي وعلامات الظهور، يدخل أكثر تلك الروايات تحت عنوان كتاب الملاحم لأحد بن جعفر بن المنادي وكتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي، وهذان الكتابان موضع نقد من حيث السند، ولو أن السيد ابن طاووس عندما كتب كتاب الملاحم والفتن في علامات الظهور إنما اعتمد على هذين الكتابين بالدرجة الأولى وهو واضح من خلال عنوان كتابه ولذلك نعتبر من حيث الأسانيد أنّ هذه الأسانيد ساقطة من الاعتبار ولا يمكن أن نعمل عليها على نحو المسألة الفقهية، ولكن هناك بحث بالنسبة إلى المسألة التاريخية وتنبّؤات المستقبل.
النوع الثاني: وهي روايات الشيعة الموجودة في كتاب الغيبة للنعماني، والغيبة للشيخ الطوسي، وإكمال الدين للشيخ الصدوق، وغيرها من كتب الشيعة، ففيها من الروايات المتينة والصحيحة سنداً ودلالة، ولكنها تحتاج إلى التفصيل في هذا الموضوع، نسأله تعالى أن يوفقنا للحديث عنه لاحقاً بشكل مفصّل.
السؤال الثاني:
نجد في كثير من الروايات والمقالات ما يذم أهل العراق ويتّهمهم بالنفاق، ولذا نجدهم قد وضعوا منهجيّة تنشر اليأس في قلوب الكثيرين، وتخمّد الروح الثوريّة لدى الناس، لأنّها في الغالب تذكر السلبيّات دون الإيجابيّات.
الجواب:
في الواقع لا توجد رواية: يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق في نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وإنّما هو افتعال قام به الأمويّون لأجل حربهم ضدّ العلويين باعتبار أنّ العراق تأريخياً كان علوياً نشأةً، وكان علوياً جهاداً، وكان علوياً سياسة، وفي كل أبعاده بقي العراق مع أهل البيت وسوف يبقى العراق مع أهل البيت إلى أن يظهر المهدي إن شاء الله تعالى.
ولذلك حظي العراق بحرب ضروس من الأمويين فاختلقوا من تلك الأكاذيب التي تحدّثوا فيها عن أهل العراق.
وأمّا ما نجده في بعض الروايات من خطب أمير المؤمنين عليه السلام فهو ما نعبّر عنه منطقيّاً وبالمنطق الأورسطي بالقضيّة الخارجية، فكان عليه السلام إنما يتحدّث عن مجتمع عاصره وقد عانى هو عليه السلام من هذا المجتمع المرارات، ولذلك كان يتحدّث عن بعض الحاضرين ولم يكن قد تحدّث عن المجتمع كمجتمع على نحو القضية الحقيقية، بل بالعكس فلو أراد الفقيه أن يحدّد الصورة الدينيّة والرؤية الإسلاميّة والشيعيّة للمجتمع العراقي لرآه مجتمعاً ممدوحاً، وأهم رواية _ في نظري _ تحدّثت عن الكوفة هي ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام بصيغ مختلفة تؤدي كلها معنى: (يا كوفة ما أرادك جبّار بسوء إلاّ قصمه الله)،(3) يعني أنّ الله نصر الكوفة وسوف ينصر الكوفة ويحفظ الكوفة ويجعلها المنطقة التي تؤدي دورها المطلوب في دولة الإمام.
سؤالان يتمحوران في محور واحد:
الأوّل: هل تدل الأحداث الحالية في العراق وفي دول أخرى على أنّنا نعيش في عصر الظهور؟
الثاني: حاول سماحة السيد المحاضِر أن يطوّع الواقع ومجرياته ليوحي للمستمع وليدلل على أن المرحلة الراهنة هي مرحلة ما قبل التمهيد، أي المرحلة الأولى، في حين أنّ العراق مرّ بمراحل مماثلة على مرّ تأريخه وحتّى عصرنا الحالي، خاصة في العصر الوسيط الذي عاصر السنوات الأخيرة للدولة العبّاسية وتلى سقوطها، والويلات التي مرّت على العراق، وكانت تلك الفترة من أقسى الفترات.
إنّ ظروف الظهور تحتاج إلى وقت طويل لكي تمهّد لذلك الظهور، وهي تحتاج منّا نحن العراقيين بالذات العمل الجاد والدؤوب لنكون بحق الممهدين لتلك الدولة.
الجواب:
نتفق أنّ المرحلة طويلة وليست هذه المرحلة بالأيام، وعندما نتكلم عن المرحلة فلا نقصد بها أنها تكون بيومين أو شهرين أو سنتين ويظهر المهدي عليه السلام ، وإنّما نتحدّث عن العناصر المشتركة في هذه المرحلة بشكلها العام، فمثلاً أن الشيخ المجلسي وعندما تحدّث عن التوطئة للمهدي تحدّث عنها قال عن الدولة الصفوية في كتاب البحار الذي ألّفه في زمان الدولة الصفوية: (إنّ هذه الدولة التي سوف تسلم للمهدي الراية وتسلم للمهدي عليه السلام الأمور).
(4)
وعلى كل حال فنحن نعيش الآن في الأمل، ونبقى فيه، وأمّا تشخيص هذه المرحلة فلم أتحدّث بالتشخيص الدقيق، لأن التشخيص الدقيق قد يكون نوعاً من أنواع التوقيت المذموم الذي نهينا عنه، وإنّما أتحدّث عن المرحلة بخصوصيّاتها العامّة التي نعيشها.
ولا إشكال فنحن الآن في المرحلة الأولى أو الثانية وليس نحن في مرحلة الظهور، ولكن في المرحلة التي تمهّد إن شاء الله لظهوره، وقد تكون هذه المرحلة ألف سنة أو سنة أو سنتين أو أيّام أو أشهر، فعلم ذلك عند الله، لأنّ التوقيت مذموم ونهينا عنه، فلم يكن المقصود من كلامي هو التوقيت، وإنّما الطرح العام لتوضيح الرؤية الدينية والشيعية لحركة الإمام ومستقبلها.
والحمد لله رب العالمين
الهوامش
(1) عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال: (.
.
.
لا يبقى منكم إلاّ عصابة لا تضرها الفتنة شيئاً).
راجع كتاب الغيبة للنعماني: 210/ ح 17.
(2) البقرة: 30.
(3) آل عمران: 97.
التعلیقات