هل جميع الشيعه الآن عارفون لإمام الزمان(المهدي)ذاتاً؟
محمّد عليّ السيد يحيى الحلو
منذ 10 سنواتإمكانية معرفة الإمام عليه السلام وتشخيصه
الشبهة الثانية:
إن قلتم ذاتاً؛ فهل جميع الاثني عشرية الآن عارفون لإمام الزمان (المهدي) ذاتاً ويستطيعون تحديده والإشارة إليه وتمييزه؛ إن قلتم نعم فحددوه لنا، وإن قلتم لا؛ فهل موتاكم موتى جاهلية؟!
الجواب:
قلنا: إن خصوصيات الغيبة لا تقتضي إشارة المكلفين للإمام بذاته، وقولنا (غائب) بمعنى إمكانية مشاهدته محدودة إلاّ على خواص شيعته وصفوة مواليه، وإلاّ لا معنى أن نطلق على زمانه بزمان الغيبة، نعم خصوصيات معرفة الإمام الغائب تتلخص في التالي:
أوّلاً: معرفة وجوب الحجة وأن الأرض لا تخلو من حجة مشهور أو غائب مستور _ كما في بعض كلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام _.
ثانياً: معرفته بشخصه ونسبه وهو:
محمّد بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ السجاد بن الحسين السبط شهيد كربلاء بن عليّ بن أبي طالب، من فاطمة بنت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ثالثاً: التسليم بأنه حي غائب بأمر الله تعالى، ويظهر بأمره تعالى ليملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
ومعرفته بذاته بهذا المقدار مقتضى حال غيبته صلوات الله عليه، وبهذا المقدار يصدق معرفته ذاتاً لا معرفته صفةً. علماً أن الروايات تدل على أنه صلوات الله عليه لم يكن مختفياً بشخصه بل بعنوانه، فهو يجوب البلدان ويتعايش مع الناس، ويرعى مصالح شيعته، فهو يلتقي عليه السلام مع شيعته دون معرفتهم له، ويتابع شؤونهم ويراقب مصالحهم ويلتقي بهم حتّى أن الناس عند ظهوره عليه السلام كلٌ يقول اني رأيت هذا الشخص لكثرة تماسه بهم ومخالطته معهم، لكن مقتضى غيبته تخفّيه وعدم اطلاع الناس على شأنه لمصالح لا يعلمها إلاّ الله تعالى، وإن كان بعضها منسوباً إلى خوفه من الأعداء وحذره من كيدهم، وتحفظه من مراقبتهم له.
ولا غرابة في ذلك فإن يوسف النبي عليه السلام كان يخالط الناس ويتعامل معهم وهم له منكرون حتّى أذن الله تعالى باعلامهم عن نفسه وإخبارهم عن أمره.
روى الصدوق في كمال الدين بسنده إلى سدير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام يقول: (إن في القائم سنة من يوسف).
قلت: كأنك تذكر خبره أو غيبته؟
فقال لي: (وما تنكر هذه الأمّة أشباه الخنازير أنَّ إخوة يوسف كانوا أسباطاً، أولاد أنبياء، تاجروا بيوسف وباعوه وهم اخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال لهم: (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله عز وجل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته عنهم، لقد كان يوسف يوماً ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد الله تبارك وتعالى أن يعرّفه مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة في تسعة أيام إلى مصر، فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله عز وجل له أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف عليه السلام حين قال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أَ إِنَّكَ لأََنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي)(9)).(10)
* * *
(ضمن كتاب: محكمات السنن في الرد على شبهات أهل اليمن شبهات الزيدية حول الإمام المهدي عليه السلام )
التعلیقات