وجوب الثّبات على الولاية في زمن الغيبة
السيّد ثامر هاشم العميدي
منذ 5 ساعاتقام أهل البيت عليهم السلام بتأسيس القواعد المتينة في علاج ما يعترض الأمة من عقبات تقف حيال المبادئ الإسلامية التي آمنوا بها وضّحوا من أجلها.
وقد كان إمامنا الصادق عليه السلام حريصاً على مستقبل التشيّع بإزاء ما يراه من تلبّد الافق الإسلامي بالرياح الصفراء التي تحاول العبث بكل شيء لتغطّيه بغبارها الكثيف ، ذلك المستقبل الذي يمثّل إرادة السماء ، وطموع الرسالة ، في بقاء ثلّة على الحقّ لا يضرّها من ناوأها حتّى يأتي الله بأمره ، ثلّة خيّره تكمّل مسيرة طلائع التشيّع الذين لم تثنهم عن الحق اعتى العواصف وأقسى همجية الجاهلية الاولى ، من أمثال : سلمان ، وعمار ، وأبي ذرّ ، وأضرابهم رضي الله تعالى عنهم.
مستقبل لا حياة فيه بغير التمسّك بعرى آل محمد صلى الله عليه وآله ، والاستماتة من أجل بقاء نهجهم محفوراً في قلوب الاتباع ، خالداً في ضمير الزمن.
وفي هذه الفقره ما يشير إلى الخطوات التي أمر الإمام الصادق عليه السلام باتخاذها كضمانات أكيدة في ديمومة مستقبل التشيّع بعده ، خصوصاً في صورة اختفاء الإمام عليه السلام ، سواء كان ذلك بحبس من السلطات الغاشمة كما حصل مع ولده الإمام الكاظم عليه السلام ، أو بغير ذلك من وسائل الضغظ والتعسّف كما حصل لبقية الائمة عليهم السلام ، أو بغيبة كما هو الحال مع الإمام المهدي عليه السلام.
فالأحاديث الآتية إذن هي أعمّ من اختصاصها بإمام أعين ، وانّما هي قاعدة عامّة يمكن للقواعد الشيعية تطبيقها على موردها كلما ضاق الخناق في زمانهم على واحد من الائمة الستة من ولد الإمام الصادق عليه السلام ، وإن كان بعضها صريحاً في خصوص الإمام السادس من ولد الإمام الصادق عليه السلام ثاني عشر الائمة الهداة الميامين : المهدي أرواحنا فداه.
ومن تلك الأحاديث الشريفة :
١ ـ عن عبد الله بن سنان ، قال : « دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله عليه السلام فقال : فكيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدىً ولا علماً يُرى ، لا ينجو منها إلاّ من دعا دعاء الغريق ، فقال له أبي : إذا وقع هذا ليلاً فكيف نصنع؟ فقال : أما أنت فلا تدركه ، فإذا كان ذلك فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر » (1).
٢ ـ وعن منصور الصيقل قال : « قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا أصبحت وأمسيت يوماً لا ترى فيه أوصياء من آل محمد صلى الله عليه وآله ، فاجبب من كنت تحب ، وابغض من كنت تبغض ، ووال من كنت توالي ، وانتظر الفرج صباحاً ومساءً » (2).
٣ ـ وعن أبان بن تغلب قال : « قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة ، يأرز العلم فيها بين المسجدين كما تأرز الحيّة في جحرها .. فبينما هم كذلك ، إذا أطلع الله عزّ وجلّ لهم نجمهم ، قال : قلت : وما السبطة؟ قال : الفترة والغيبة لإمامكم! قال : قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال : كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم » (3).
٤ ـ وعن زرارة قال : « قال أبو عبد الله عليه السلام : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. فقلت له : ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال : يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم » (4).
٥ ـ وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية » (5).
٦ ـ وعن يمان التمّار قال : « كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا فقال لنا : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ـ ثم فقال هكذا بيده ـ فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق ملياً ، ثم قال : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتّقِ الله عبدٌ وليتمسّك بدينه » (6).
الهوامش
1. إكمال الدين : ٢ : ٣٤٨/٣٤٩/٤٠ باب ٣٣ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩/٤ باب ١٠.
2. كتاب الغيبة / النعماني : ١٥٨ / ٣ باب ١٠ ، واصول الكافي ١ : ٣٤٢ / ٢٨ باب الغيبة.
3. اكمال الدين : ٣٤٩ / ٤١ باب ٣١ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩ / ٦ باب ١٠.
4. إكمال الدين ٢ : ٣٥٠ / ٤٤ باب ٣٣.
5. إكمال الدين ٢ : ٣٥٨ / ٥٥ باب ٣٣ ، ومعاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ١١٢ / ١ باب معنى طوبى.
6. اُصول الكافي ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ / ١ باب في الغيبة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٩ / ١١ باب ١٠ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٤٣ / ٢٥ باب ٣٣ ، واثبات الوصية / المسعودي : ٢٦٧ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٥ / ٤٦٥ ، والقتاد : شجر صلب ، شوكه كالابر. وخرط القتاد : مثل يضرب عند ارتكاب صعائب الامور.
مقتبس من كتاب غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام / السيد ثامر هاشم العميدي / المجلّد : 1 / الصفحة : 141 ـ 144 / الناشر : مركز الرسالة.
التعلیقات