سلمان على لسان أئمة أهل البيت عليهم السلام
الشيخ محمّد جواد آل الفقيه
منذ سنةسلمان على لسان أئمة أهل البيت عليهم السلام
سئل علي أمير المؤمنين عليه السلام عن سلمان ، فقال :
« إمرء منا وإلينا أهل البيت ، من لكم بمثل لقمان الحكيم ، علم العلم الأول والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، وكان بحراً لا ينزف . ! » (1)
عن أبي جعفر عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :
« ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون ، وبهم تنصرون ، وبهم تمطرون ، منهم : سلمان الفارسي والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، وحذيفة . وكان علي ( ع ) يقول : وأنا إمامهم ، وهم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام . » .
أخرج الشيخ الطوسي في أماليه ، عن منصور بن بزرج ، قال :
قلت لأبي عبد الله الصادق ( ع ) ما أكثر ما أسمع منك ـ سيدي ـ ذكر سلمان الفارسي . ؟
قال ( ع ) : لا تقل سلمان الفارسي ، ولكن قل سلمان المحمدي ، أتدري ما أكثر ذكري له . ؟ قلت : لا .
قال : لثلاث خصال ، إيثاره هوى أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه . والثانية : حبه للفقراء واختياره إياهم على أهل الثروة والعدد . والثالثة : حبه للعلم والعلماء .
وأخرج الكشي عن محمد بن حكيم ، قال :
ذكر عند أبي جعفر ( ع ) سلمان المحمدي ، فقال : إن سلمان منا أهل البيت ، إنه كان يقول للناس : هربتم من القرآن إلى الأحاديث . ، وجدتم كتاباً دقيقاً حوسبتم فيه على النقير والقمطير والفتيل وحبة الخردل ، فضاق عليكم ذلك ، وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم . (2)
وبسنده عن الحسين بن صهيب عن أبي جعفر ، قال : ذكر عنده سلمان الفارسي قال فقال أبو جعفر عليه السلام :
لا تقولوا سلمان الفارسي ، ولكن قولوا : سلمان المحمدي ، ذاك رجل منا أهل البيت . (3)
الصدوق ، بسنده عن إبن نباته قال :
سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه وقلت : ما تقول فيه ؟
فقال : ما أقول في رجل خلق من طينتنا ، وروحه مقرونة بروحنا ، خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها وظاهرها وباطنها وسرها وعلانيتها ، ولقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمان بين يديه ، فدخل أعرابي فنحاه عن مكانه وجلس فيه ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى در العرق بين عينيه واحمرتا عيناه ثم قال : يا أعرابي ، اتنحي رجلاً يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ويحبه رسوله في الأرض ! يا أعرابي ، أتنحي رجلاً ما حضرني جبرئيل إلا أمرني عن ربي عز وجل أن أقرئه السلام ! يا أعرابي ، إن سلمان مني ، من جفاه فقد جفاني ومن آذاه فقد آذاني ، ومن باعده فقد باعدني ، ومن قربه فقد قربني ، يا أعرابي لا تغلطن في سلمان ، فان الله تبارك وتعالى قد أمرني أن أطلعه على علم المنايا والبلايا (4) والأنساب وفصل الخطاب .
قال : فقال الأعرابي : يا رسول الله ، ما ظننت أن يبلغ من فضل سلمان ما ذكرت ، أليس كان مجوسياً ثم أسلم ؟
فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا أعرابي أخاطبك عن ربي ، وتقاولني ؟ ! إن سلمان ما كان مجوسياً ، ولكنه كان مظهراً للشرك ، مبطناً للإيمان .
يا أعرابي ، أما سمعت الله عز وجل يقول : « فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا » أما سمعت الله عز وجل يقول : « وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . » يا أعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذبين ، وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين . (5)
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
« دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدراً له ، فبينا هما يتحادثان إذ انكبت القدر على وجهها على الأرض ، فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها شيء ! فعجب من ذلك أبو ذر عجباً شديداً ، وأخذ سلمان القدر فوضعها على حالها الأول على النار ثانيةً ، وأقبلا يتحدثان فبينما يتحدثان إذ انكبت القدر على وجهها فلم يسقط منها شيء من مرقها ولا من ودكها !
قال : فخرج أبو ذر ـ وهو مذعور ـ من عند سلمان ، فبينما هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين عليه السلام على الباب ، فلما أن بصر به أمير المؤمنين عليه السلام ، قال له : يا أبا ذر مالذي أخرجك من عند سلمان وما الذي ذعرك ؟
فقال له أبو ذر : يا أمير المؤمنين ، رأيت سلمان صنع كذا وكذا ، فعجبت من ذلك !
فقال أمير المؤمنين : يا أبا ذر ، إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت : رحم الله قاتل سلمان . . الحديث . (6)
الهوامش
1. الأعلام للزركلي م 3 / 169 .
2. الدرجات الرفيعة / 209 ـ 210 .
3. البحار 22 / 349 .
4. علم المنايا والبلايا : ربما يقصد به إطلاعه على ما يجري على بعض الناس ، ومنه اخبار علي عليه السلام لميثم التمار بأنه سيقتل ويصلب وأخباره لرشيد الهجري كذلك ، وأمثال هذا مما هو معروف مشهور .
5. البحار 22 / 347 .
6. معجم رجال الحديث 8 / 193 ـ 194 . وإذا صح هذا الحديث فان الفقرة الأخيرة تكون كناية عن عدم تحمله لعلم سلمان .
مقتبس من كتاب : سلمان الفارسي / الصفحة : 149 ـ 152
التعلیقات