تجسم العمل
الحساب والشهود
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص262
(262)
الشاهد العاشر : تجسم العمل بهويّته الأُخروية
دلّ القرآن والأحاديث على أنّ لكل عمل يرتكبه الإنسان في هذه النشأة ،
صورتين وظهورين وهويتين ، يتمثل بإحداهما في هذه النشأة ، وبالأخرى في
النشأة الآخرة . فالصلاة في هذه الدنيا عبارة عن الأذكار والحركات ، وهي هويتها
الدنيوية ، ولكنها لها في النشأة الأُخروية ظهوراً آخر . ومثله الأعمال الإجرامية ،
فإنّ لكلّ منها صورتين ، يتمثّل بإحداهما في الدنيا ، وبالأُخرى في الآخرة.
يقول سبحانه : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَه } (2) ، وظاهرالآية هو مشاهدة نفس العمل . وتأويله بمشاهدة الجزاء ،
على خلاف الظاهر ، والآيات الواردة في مجال تجسّم الأعمال كثيرة ، نكتفي بواحدة
منها :
يقول سبحانه : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ
وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ ِلأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} (3) .
والآية تعرب عن تجسم الذهب والفضة اللّذين كنزا بصورة النار المُحمّاة ،
بحيث يطلق عليها أنّها نفس ما كنزوه .
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) - سورة الزلزلة : الآيتان 7 ـ 8.
(3) - سورة التوبة : الآيتان 34 ـ 35.
التعلیقات