الأعراف
الشيخ حسن محمّد مكّي العاملي
منذ 15 سنةالأعراف
يقول سبحانه : ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ) (1).
الحجاب : هو الستر المتخلل بين الشيئين يستر أحدهما من الآخر ، والضمير في قوله : ( وَبَيْنَهُمَا ) ، راجع إلى أصحاب الجنّة والنار ، المذكورين في الآية المتقدّمة.
والأعراف أعالي الحجاب والتلال من الرمل ، والعرف للديك ، وللفرس ، هو الشعر فوق رقبته ، وأعلى كلّ شيء ، ففيه معنى العلو ، والآية تدلّ على أنّ في أعالي الحجاب الّذي بين الجنّة والنار ، رجال يعرفون أهل الجنّة والنّار بعلائمهم ، وهم مشرفون على الجانبين ، لارتفاع موضعهم. وظاهر السياق أنّ هؤلاء الرجال منحازون عن الطائفتين ، متمايزون عن جماعتهم ، فيكون بذلك أهل الجمع منقسمين إلى طوائف ثلاث : أصحاب الجنّة ، وأصحاب النار ، وأصحاب الأعراف.
ثمّ إنّه وقع الكلام في معرفة من هم هؤلاء الرجال (2) ، والتدبّر في الآيات يعطي أنّهم جمع من عباد الله من غير الملائكة ، هم أرفع مقاماً وأعلى منزلة من سائر الجمع ، يعرفون عامة الفريقين ، لهم أن يتكلّموا بالحقّ يوم القيامة ، ولهم أن يشهدوا ، ولهم أن يشفعوا ، ولهم أن يأمروا ويقضوا ، كلّ ذلك بإذنه سبحانه.
وقد تضافرت الروايات على أنّ المراد من الرجال هم الأئمّة من آل محمّد ـ صلوات الله عليهم ـ.
قال الصدوق : « اعتقادنا في الأعراف أنّه سور بين الجنّة والنار عليه رجال يعرفون كلّا بسيماهم ، والرجال هم النبي وأوصياؤه » (3).
الهوامش
1. سورة الأعراف : الآيات 46 ـ 48.
2. اختلف المفسرون في ذلك على اثني عشر قولاً.
3. لاحظ بحار الأنوار : ج 8 ، ص 329 ـ 340. وفي بعض الروايات : « يوقف كلّ نبي وكلّ خليفة نبي » ، وعند ذلك يكون ذكر النبي والأئمة من باب تطبيق الكلي على المصاديق المثلى.
مقتبس من كتاب : [ الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل ] / المجلّد : 4 / الصفحة : 272 ـ 273
التعلیقات