الإشكال الخامس
الإشكالات المثارة حول الشفاعة
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 355 ـ 356
(355)
* الإشكال الخامس :
الّذي ورد في إثبات الشفاعة من الآيات المتشابهات ، وفيه يقضى بمذهب
السلف ، بالتفويض والتسليم ، ولا نحيط بحقيقتها ، مع تنزيه اللّه تعالى جلّ
جلاله عن المعنى المعروف للشفاعة في لسان التخاطب العرفي (2).
والجواب :
قد تعرفتَ على أصناف الآيات الواردة في الشفاعة ، وليس فيها آية مبهمة
مستعصية على الفهم ، وعلى فرض وجودها ، يرفع أبهامها بآية أختها ، أو
بالأحاديث الواردة حولها.
على أنّ ما ذكره المستشكل من أنّ مذهب السلف في المتشابهات هو التفويض
والتسليم ، مردود من رأس ؛ فإنّ القرآن كتاب الهداية والتربية ، نزل للفهم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) ـ المنار : ج 1، ص 307 ـ 308.
________________________________________
(356)
والعبرة ، فلا معنى لقراءة الآيات ، وتفويض مفاهيمها التصديقيّة إلى اللّه ، بل يجب
رفع إبهام المتشابهات عن طريق المحكمات.
نعم ، هناك مفاهيم تصورية مبهمة ، كحقيقة ذاته تعالى ، و صفاته ،
وحقيقة الميزان ، والحساب ، والجنة والنار ، ولكنها مفاهيم تصورية خارجة عن
موضوع البحث.
هذه جملة من الإشكالات ، وبالاحاطة بها وبأجوبتها ، تقدر على دفع ما لم
نورده ممّا ذكروه (1).
وفي الختام نشير إلى أنّ مسألة الشفاعة مسألة إجماعية ، اتفق عليها
الفريقان ، فلا تجد في كتاب كلامي إلاّ التصديق بها .
قال القاضى عيّاض : « مذهب أهل السنة هو جواز الشفاعة عقلاً ،
ووجوبها سمعاً بصريح الآيات ، وبخبر الصادق ، وقد جاءت الآثار التّي بلغت
بمجموعها التواتر ، بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف
الصالح ، ومَن بعدهم من أهل السنة ، عليها » (2).
وقال الإمام أبوحفص النسفي : « والشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حق
أهل الكبائر ، بالمستفيض من الأخبار » (3).
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - راجع في الوقوف على سائر الإشكالات وأجوبتها ، مفاهيم القرآن : ج 4، ص 246 ـ 256.
(2) - شرح العقائد النسفية : ص 148 ، ولاحظ أنوار التنزيل للبيضاوي : ج 1 ص 152، و مفاتيح
الغيب : للرازي ، ج 3 ص 56 ، ومجموعة الرسائل الكبرى : لابن تيمية ، ج 1،
ص 403 ، وتفسير ابن كثير : ج 1 ص 309 ، وغير ذلك من المصادر.
التعلیقات