النجف الاشرف
الجامعات العلمية الشيعية
منذ 15 سنة
(101)
5 ـ مدرسة النجف الأشرف :
إنّ هذه الحادثة المؤلمة التي أدّت إلى ضياع الثروة العلمية للشيعة وقتل العديد من الأبرياء ، دفعت الشيخ
الطوسي ـ رحمه الله ـ إلى مغادرة بغداد واللجوء إلى النجف الأشرف وتأسيس مدرسة علمية شيعية في جوار
قبر أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ
________________________________________
(102)
، وشاء الله تبارك وتعالى أن تكون هذه المدرسة مدرسة كبرى أنجبت خلال ألف سنة من عمرها
عشرات الآ لاف من العلماء والفقهاء والمتكلّمين والحكماء .
والمعروف أنّ الشيخ الطوسي هو المؤسّس لتلك الجامعة العلمية المباركة ، وهو حقّ لا غبار عليه ، ومع
ذلك يظهر من النجاشي وغيره أنّ الشيخ ورد عليها وكانت غير خالية من النشاط العلمي . يقول في ترجمة
الحسين بن أحمد بن المغيرة : له كتاب عمل السلطان أجازنا بروايته أبو عبد الله بن الخمري الشيخ صالح في
مشهد مولانا أمير المؤمنين سنة (400هـ ) (1) .
ولقد استغلّ الشيخ تلك الأرضية العلمية ، وأعانته على ذلك الهجرة العلمية الواسعة التي شملت أكثر
الأقطار الشيعية ، فتقاطرت الوفود إليها ، من كلّ فجّ ، فصارت حوزة علمية ، وكلّيّة جامعة في جوار النبأ
العظيم عليّ أمير المؤمنين ـ من
عصر تأسيسها (448هـ ) ـ إلى يومنا هذا ، ولقد مضى على عمرها قرابة (1000) سنة ، وهي بحقّ شجرة
طيبة أصلها في الأرض وفرعها في السماء آتت أُكلها كلّ حين بإذن ربّها .
إنّ لجامعة النجف الأشرف حقوقاً كبرى على الإسلام والمسلمين عبر القرون ، فمن أراد الوقوف على
تاريخها والبيوتات العلمية التي أنجبتها ، فعليه الرجوع إلى كتاب « ماضي النجف وحاضرها» يقع في ثلاثة
أجزاء(2) . وقد قام الشيخ هادي الأميني بتخريج أسماء طائفة من العلماء الذين تخرّجوا من هذه المدرسة
الكبرى ، فراجع .
____________
(1) النجاشي، الرجال : 1 : 190 / 162 .
(2) تأليف الشيخ جعفر آل محبوبة ، ط النجف .
المصدر : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الإسلامية : للشيخ جعفر السبحاني ص 100 ـ 101
التعلیقات