الدعارة الحلال
المصدر : زواج المتعة ، تأليف : السيّد جعفر مرتضى الحسيني العاملي ، ج3 ، ص 243ـ 275
________________________________________ الصفحة 243 ________________________________________
الفصل الثاني
الدعارة الحلال..
________________________________________ الصفحة 244 ________________________________________
________________________________________ الصفحة 245 ________________________________________
الناس هم المذنبون:
نتحدث في هذا الفصل بإيجاز عن ما اعترضوا به على هذا التشريع الإلهي مما يدخل في دائرة الاستحسانات والأمور الذوقية والتحليلات المستندة إلى استقراءات ناقصة أو التخيلات والأوهام الباطلة..
غير أننا قبل ذلك كله نذكّر القارئ الكريم بحقيقة مهمة وهي:
أن الناس في مواجهة حالات الخلل يلقون باللوم ـ عادة ـ على القانون، وعلى التشريع، وعلى المشرع والمقنن، ويطالبون بالتغيير والتبديل، مع أن المذنب الحقيقي في ذلك هو الناس أنفسهم، الأمر الذي يعني: أن الناس بحاجة إلى العمل الجاد في سبيل توعيتهم وإثارة قابليتهم للالتزام بأحكام الشريعة،
________________________________________ الصفحة 246 ________________________________________
وإجراء قوانينها بدلاً من إدانتهم للتشريع، والتشهير به بصورة ظالمة وغير منطقية.
المتاجرة بالاسلام وبالقضايا المصيرية:
وإنه لا ريب في أن مفاهيم الإسلام وتشريعاته هي أسمى وأجل من أن تنالها الشبهة، ويتطرق إليها الريب.. ولكنها على الرغم من ذلك لم تزل مستهدفة من قبل أعداء الإسلام والإيمان والإنسانية.
غير أن ما يبعث على الاعتزاز والشموخ هو: أنه كلما تعرضت مفاهيم الإسلام وحقائقه وتشريعاته.. للتحدي ثم للبحث والتمحيص فإنها تخرج أكثر إشراقاً ووضوحاً، وأشد تجذراً ورسوخاً، لأن ذلك يساعد على تجليها واستكناهها، بصورة أعمق، شأن كل الحقائق الأصيلة، والمفاهيم، والأفكار الصحيحة، المنسجمة مع الحقائق الموضوعية، والظروف والملابسات الواقعية.
إلا أن ما يحزّ في النفس ألمه، ويدمي كلمه: أن نرى البعض يتاجرون بالفكر، وبالمفاهيم الإنسانية، والحقائق الدينية، ويشوهونها في أذهان شبابنا المتعطش للحقيقة، وتكون نتيجة
________________________________________ الصفحة 247 ________________________________________
ذلك أن يبقى هؤلاء الشباب وهم جند الحاضر، ورجال المستقبل، يعانون من مشاكل حادّة وخطيرة، تعصف براحتهم وسعادتهم، وتقوض شامخ مجدهم وعزهم في الدنيا وفي الآخرة على حدّ سواء.
أما ذلك المتاجر اللئيم، والحاقد الأثيم: فيبقى في برجه العاجي، يصدر الفتاوي، ويتشدق بالنظريات الفارغة والمشبوهة، لا يرثي لأحد من ضحاياه، ولا يرحم ولا يلين قلبه وهو يرى ما جنته يداه، لأنه بحكم ما تهيأ له من ظرف خاص، ليس لديه أية مشكلة يعاني منها، لا المشكلة الجنسية ولا غيرها، وبات فارغ البال مطمئن الخاطر، لا يحسّ، ولا يشعر بشيء مما يعاني منه الآخرون، وإنما كل همه أن يصدر أوامره وتوجيهاته المتعالية من برجه العاجي ذاك، متجاوزاً هذا الواقع المرّ الذي يعاني منه شبابنا وفتياتنا، إنطلاقاً من ذهنية محدودة، وعقلية متعصبة، ومتحيزة، ونفسية مريضة وحاقدة.
ويبدو ذلك بوضوح: بالمراجعة إلى ما يذكره الكثيرون ممن تصدّوا للحديث عن الموضوع الذي نحن بصدد معالجته، فإنهم إنطلاقاً من تعصّبهم المذهبي المقيت يجهدون لإظهار هذا الزواج الذي شرّعه الله سبحانه، بصورة بشعة، ومستهجنة،
________________________________________ الصفحة 248 ________________________________________
بحيث يبدو أمراً غريباً عن ديننا وتراثنا ومعتقداتنا. ويحاولون ـ ما أمكنهم ـ تلفيق الحجج مهما كانت ضعيفة وواهية، حتى لو خالفت النص القرآني أحياناً، وسنة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وكل الأحكام العقلية، والفطرية، والوجدانية أحياناً أخرى، من أجل إثبات ما يدعون، وتأكيد ما يزعمون.
ونحن نسجل هنا: بعض الإجابات على تساؤلات أو بالأحرى تجنيات وتهم ظالمة تعرض لها هذا التشريع الإلهي، متوخين في ذلك الإشارة الموجزة، واللفتة السريعة بهدف توفير الفرصة لما هو أهم وأجدى..
فنقول..
الدعارة الحلال:
إنهم يقولون: إن المتعة نكاح بأجر، وهذا يعني أن المرأة تبيع نفسها بمهر معين لمدة معينة يستمتع بها الرجل مع بدل مادي.. فقد اجتمعت عناصر الدعارة، مغطاة بغطاء شرعي، فالدعارة والزواج المؤقت وجهان لعملة واحدة..
________________________________________ الصفحة 249 ________________________________________
ونقول:
1 ـ إنه يشترط في الزواج المؤقت إذن الولي إذا كانت بكراً، فمن الذي يستأذن الولي ليزني بابنته.
2 ـ إن زواج المتعة زواج عقدي يدخل المتعاقدين في منظومة قيم والتزامات، وتنشأ عنه آثار وحقوق وتشريعات تؤدي مخالفتها إلى الدخول في المعصية، وليست الدعارة كذلك.
3 ـ إن هذا الزواج قد شرعه الله ورسوله في صدر الإسلام، فهل يصح تشريع الدعارة؟!.
4 ـ ولو صرفنا النظر عن هذا الزواج، وألقينا الكرة في ملعب المنكرين لاستمرار تشريعه وقلنا لهم:
إن مما لا شك فيه: أن الزواج الدائم لم يحل المشكلة الجنسية، أو فقل مشكلة الحاجة إلى العلاقة الخاصة بين الذكر والأثنى ـ لأي سبب كان ـ إذ إن من الواضح أن هناك حالات لا ينالها هذا الزواج.
فكيف يكون الحل البديل، فهل يكون هو المساكنة والمخادنة، والزنا؟
________________________________________ الصفحة 250 ________________________________________
قد يقال لك: إن المخرج والحل هو الزواج الدائم المتعدد..
ولكننا قلنا أكثر من مرة: إن هناك حالات لا يقدر معها كلا الجنسين حتى على الزواج الأول الدائم، فكيف بالمتعدد.
فماذا يصنع هؤلاء، وماذا يصنع من لا يتمكن من تثنية الزواج فضلاً عن تثليثه.
على أن الزوجة ترفض دائماً التعدد من زوجها، وتمنعه منه في الدائم على الخصوص أما المنقطع، فتجد أنه حالة عابرة، لا تشكل خطورة كبيرة..
5 ـ أما بالنسبة لكون المهر أجراً، فذلك لا يعني صيرورة الزواج دعارة، لأن الله قد سمى المهر أجراً في النكاح الدائم أيضاً. قال تعالى: (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن)(1) وغيرها من الآيات التي ستأتي إن شاء الله.
على أن المهر قد يكون تعليم سورة من القرآن الكريم، وهذا يعني أنه لا يرتبط ـ دائماً ـ بالاقتصاد والمال، ولأجل ذلك
____________
(1) سورة الأحزاب، الآية 50، وكذا في سورة النساء، الآية 25، وسورة المائدة، الآية 5، وسورة الممتحنة، الآية 10.
________________________________________ الصفحة 251 ________________________________________
ورد الحث الشرعي على تقليل المهر، ولو كان الجانب الاقتصادي هو الملحوظ فيه لكان الأولى الحث على المساومة حتى يعرق الجبينان، كما هو الحال في البيع والشراء مثلاً.
6 ـ بالنسبة لدوام المعاشرة أو انقطاعها. نقول:
أولاً:
ماذا يقول هؤلاء عن زواج المسيار، حيث يشترط الرجل على المرأة في الزواج الدائم أن تعفيه من دوام المعاشرة.
فليس في هذا الزواج سكن، ولا مبيت عند المرأة، فهل يحكمون ببطلان هذا العقد، أم يحكمون بصحته.
إن الأجل شرط في العقد، فيلحقه حكم سائر الشروط، فهو كما لو اشترطت المرأة السكن في محل خاص، فكما لا دليل على بطلان اشتراط هذا ولا على بطلان اشتراط ذلك الإعفاء من دوام المعاشرة.. كذلك لا دليل على بطلان اشتراط الأجل أيضاً.
عقد المتعة استئجار لبضع المرأة:
وقالوا أيضاً: «إن عقد المتعة من باب استئجار بضع المرأة، وفي ذلك تضييع للمرأة نفسها، وإذلالها، وامتهانها. وهذه شناعة
________________________________________ الصفحة 252 ________________________________________
يمجها الذوق السليم، لذا ضج بالشكوى منه عقلاء فارس»(1).
ثم أيد ذلك بكلام امرأة تسمى شهلا حائري وصفها بالباحثة..
ونقول:
1 ـ إن هذا المعترض يستدل على الشيعة بكلام أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام الذي ينقل: أن عقلاء فارس قد ضجوا من عقد المتعة.
مع أن القاصي والداني يعلم أن أحمد أمين متحامل على الشيعة غير مأمون فيما ينقله عنهم، وينسبه إليهم..
2 ـ إن الدين لا يؤخذ من شهلا حائري ولا من أحمد أمين، بل يؤخذ من المجتهدين، الذين يستنبطونه من الكتاب والسنة.
3 ـ إنه إذا كان عقد المتعة من باب استئجار بضع المرأة فلماذا شرعه الله ورسوله في أول الإسلام؟!
____________
(1) تحريم المتعة ليوسف جابر المحمدي ص 196 عن ضحى الإسلام لأحمد أمين ج4 ص259.
________________________________________ الصفحة 253 ________________________________________
4 ـ إنه إذا كان مجرد إمكانية انفصال المرأة عن الرجل بحيث تستطيع الانتقال إلى رجل آخر بعقد جديد يجعل ذلك من قبيل إجارة البضع، فلماذا شرع الله الطلاق، وجعله بيد الزوج، وجعله بذلك قادراً ـ من ناحية شرعية على ممارسة الزواج لنساء ـ قلوا أو كثروا ـ لمدة ساعة أو يوم ثم يطلقهن، لينتقل إلى غيرهن بزواج جديد، وإلى طلاق جديد. وهلم جراً.
5 ـ وأما الحديث عن المهانة، والإذلال، فقد تحدثنا عنه في مورد آخر من هذا الكتاب فلا نعيد.
زواج المتعة تسهيل للإباحية والفساد:
وذكر البعض أيضاً: بعض مفاسد تشريع زواج المتعة، فقال: «فيه تسهيل لعيشة الإباحية، التي لا تتقيد بقيود، ولا تتحمل عبء الزواج، يضاف إلى ذلك ما يستتبعه نظام إباحة المتعة من فساد المرأة واستهتارها، وكثرة الضحايا منهن»(1).
وبتعبير آخر: تكون المرأة في هذا الزواج بمثابة سلعة
____________
(1) ضحى الإسلام ج 3 ص 259.
________________________________________ الصفحة 254 ________________________________________
تتداولها أيدي الرجال، تباع وتشترى في سوق الشهوات والملذات، وتنتقل من رجل إلى آخر، ومن بيت إلى بيت كلما وجدت الخدين الموافق، والعشير الخبير(1).
ونقول:
1 ـ إن الزواج المؤقت، وكل حكم شرعي سواه، إنما يكون حلالاً وثابتاً في الحدود التي لا توجب الفساد والاستهتار..
2 ـ إن سوء الاستفادة من أي قانون أو تشريع، لا يوجب رفع اليد عن ذلك القانون ورفض ذلك التشريع، فإذا كان البعض يرائي في صلاته، توطئة لخداع الناس في مجالات أخرى، فلا يوجب ذلك رفض الصلاة، وإبطال تشريعها، كما أن رفض هذا التشريع، ورفع اليد عن ذلك القانون، لا يمنع من سوء الاستفادة هذه، بل هو يمهد السبيل إلى زيادتها، ولكن بنحو أعظم خطراً، وأشد فساداً وإفساداً..
وخلاصة الأمر: أن الاحتيال على القانون أو التشريع، وسوء الاستفادة منه لا يكون دليلاً على صحته ولا على فساده،
____________
(1) راجع: فقه السنة ج 2 ص 43.
________________________________________ الصفحة 255 ________________________________________
ولا يوجب رفع اليد عنه دفع ذلك الفساد، ولا إبطاله. بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.
3 ـ إن ما ذكره أحمد أمين وغيره، لو صحّ لمنع من الطلاق، ولا سيما مع تكرره، خصوصاً مع التسهيل فيه، كما هو المتبع عند من يدّعي حرمة زواج المتعة، حيث يحكمون، ببينونة المرأة بمجرّد أن يقول لها: أنت طالق ثلاثاً.
ومن دون حاجة إلى إشهاد، فتحرم عليه إلى أن تنكح زوجاً غيره..
كما أن على هؤلاء المتحذلقين: أن يمنعوا من الوطء بملك اليمين، لا سيما وأن ملك اليمين لا يتحدد بعدد معين تماماً كما هو الحال في نكاح المتعة.
مع أن: تشريع الطلاق، وحلية الوطء بملك اليمين من بديهيات الإسلام..
هذا بالإضافة إلى: أن الطلاق أمر حياتي، وضرورة لا بد منها، ولا ينكر ذلك أحد من المسلمين..
4 ـ لو صح ما ذكروه، وثبت أن زواج المتعة يشتمل على مفاسد كبيرة وخطيرة، فلا بد للشارع الحكيم الذي يعترف
________________________________________ الصفحة 256 ________________________________________
الجميع، حتى من يحرم الآن هذا الزواج، أنه كان قد شرّع زواج المتعة في صدر الإسلام، أن يجد هو الجواب على ذلك، فإن الاعتراض يكون متوجهاً إليه أولاً وأخيراً، فما يجيب به هو، نجيب به نحن.
5 ـ إن تشريع هذا الزواج، لا يعني أنه يصبح واجباً على كل مكلّف كالصلاة، كما أنه ليس كل حلال يرغب فيه، أو تميل القلوب إليه، لا سيما ممن لا يجد ضرورة ولا حاجة إليه.
6 ـ قد ذكرنا: أن جميع قيود الزواج الدائم آتية في الزواج المنقطع، باستثناء الأجل، وكون النفقة والإرث ـ على قول ـ تابعاً لما يشترطانه في متن العقد، كما أن الحمل يخضع للاتفاق بينهما.
وعليه: فإن كان الزواج المنقطع يسهّل حياة الإباحية فالزواج الدائم كذلك، وإن كان المنقطع يفسد المرأة، ويدعوها إلى الاستهتار فالدائم مثله، لا سيما مع تعدد الطلاق، وتعقب الزواج له..
فالمتعة، والنكاح الدائم على حدّ سواء، حذو القذّة بالقذّة ومطابقة النعل بالنعل، فما يقال في أحدهما يقال في الآخر..
________________________________________ الصفحة 257 ________________________________________
7 ـ وأخيراً، فهل كانت المرأة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث كان هذا التشريع ساري المفعول باعتراف هؤلاء ـ هل كانت ـ سلعة تشرى وتباع، وتنتقل من رجل إلى رجل، كلما وجدت الخدين الخبير والعشيق الموافق على حدّ تعبير هؤلاء؟!.
هذا الزواج واحتقار المرأة:
وأما ما يقال: من أن في هذا الزواج احتقاراً لشخصية المرأة، وهدراً لكرامتها، حيث ترى: أنها تؤجر نفسها للرجل ليقضي منها شهوته في مقابل شيء من المال.. فهو كلام غريب حقاً وعجيب!!:
1 ـ إذ متى كان إعطاء المهر في عقد شرعي، وزواج معترف به يعطي للمرأة انطباعاً كهذا؟!.
وهل إعطاء المهر الذي عبّر عنه القرآن بالأجر، يجعلها بغياً وأجيرة شأنها شأن بنات الهوى، وبائعات اللذة؟!.
وهل إذا لم يعطها مهراً وتراضيا على الزنا ـ والعياذ بالله ـ يصبح الزنا مشروعاً ومقبولاً، ولا يتضمن احتقاراً للمرأة؟!.
________________________________________ الصفحة 258 ________________________________________
2 ـ هل بذل المهر يجعل المرأة مهانة ومحتقرة؟! وعدم وجوده يعيد إليها عزتها وكرامتها؟!.
3 ـ هل المهر يجب أن يكون أمراً مادياً دائماً؟ وألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبعض أصحابه: «زوجتكها بما معك من القرآن(1)»؟! وإذا أصبح المهر بمثابة أجر للزنا والبغاء، فهل يصح جعله (صلى الله عليه وآله) تعليم القرآن أجراً للزنا؟!!!.
4 ـ إذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا يكون رمزياً تارة، وعظيماً أخرى، حتى ليصل إلى القنطار من المال.. (وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئا)(2).
5 ـ لماذا يوجه الاتهام للرجل على أنه يتلاعب بمصير المرأة، ويستخدمها لشهواته.. ولا يوجه الاتهام للمرأة بأنها التي
____________
(1) السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص236، وراجع صحيح البخاري، وصحيح مسلم وغير ذلك.
(2) سورة النساء الآية 20.
________________________________________ الصفحة 259 ________________________________________
تغوي الرجل وتتلاعب بمصيره، بهدف سلب أمواله أو لأهداف أخرى..
وهل يجبر الرجل المرأة على هذا الزواج، أم أنها تقدم عليه بمحض اختيارها، وبملء إرادتها؟!.
6 ـ هل تختص الاستفادة من هذا الزواج بالرجل فقط؟ أم أن المرأة تشاركه في ذلك أيضاً؟!!. سواء في اللذة، أو في المحبة، أو في الولد، أو في غير ذلك من شؤون الحياة. فما الدليل على أن هذا يتلاعب بمصير ذاك، ولماذا لا يكون العكس؟!.
7 ـ لماذا لا يوجه هذا الكلام إلى الزواج الدائم، فإنه أولى بهذا الاتهام الظالم، لأن المرأة فيه ليس لها أي خيار أو اختيار بعد إجراء العقد، بل هي أسيرة إرادة الرجل مدى الحياة، إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك، لا سيما مع تصريح الفقهاء بأن ماهية كلا الزواجين واحدة، ولا فرق بينهما فيما تقدمت الإشارة إليه، بل لقد صرّح بعضهم بأن لفظ الإجارة لا يصح به عقد الزواج(1).
____________
(1) راجع كتاب: حقوق زن در اسلام [فارسي] ص 34.
________________________________________ الصفحة 260 ________________________________________
8 ـ وعدا عن ذلك، فإن القرآن قد عبّر عن المهر ب «الأجر» بالنسبة إلى الدائم والمنقطع على حد سواء، قال تعالى: (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن)(1)، وقال تعالى بالنسبة إلى المنقطع: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن..)(2) ولم يوجب هذا التعبير في كلا الموردين نقصاً في مقام المرأة، ولا امتهاناً لكرامتها..
9 ـ وعدا ذلك كله، فإن الجميع معترفون بأن هذا التشريع قد كان موجوداً في صدر الإسلام، لكن البعض يدعي نسخه ـ وهي دعوى غير صحيحة كما عرفنا ـ فهل شرّع الإسلام ما فيه مهانة واحتقار للمرأة وما يوجب أن تصبح المرأة بغياً، وتعيش حياة الإباحية والفساد، وما إلى ذلك؟!.
والمؤسف حقاً أننا نرى مستوى الهجمات التي شنها هؤلاء على هذا الزواج الذي يعترفون بأن الإسلام شرعه وعمل به في
____________
(1) الأحزب / الآية 50، والنساء الآية 25، والممتحنة الآية 10، والمائدة الآية 5.
(2) النساء الآية 24.
________________________________________ الصفحة 261 ________________________________________
عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي عهد الخلفاء بعده ـ أن مستوى الهجمات ـ لا يقل عن مستوى الإنكار والتصدي لعملية المتاجرة الرخيصة بالمرأة، وبكل ما فيها من أنوثة وسحر، وجمال، من أجل الحصول على المال والثروة عبر شاشات التلفزة، وفي دور السينما، وفي مكاتب الشركات، وفي المطاعم، والفنادق والصحف، والمجلات، وفي إعلانات الدعاية.. وفي صالونات الضيافة إلى آخر ما هنالك مما يقصد به جلب الراغبين، والطالبين، والباذلين، ليحصل هذا الإنسان الوحش الكاسر، والأناني على بغيته، من الثروة والمال، أو على أي شيء آخر من حطام الدنيا وزخرفها، مما تزينه له نفسه الشريرة، والأمارة بالسوء.
فهل أصبح: هذا الزواج الذي شرعه الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) في صدر الإسلام، وعمل المسلمون به دهراً في حياته (صلى الله عليه وآله)، وبعد وفاته (صلى الله عليه وآله) يوازي في قبحه وفي سلبياته كل هذا الذي نراه مما هو متاجرة حقيقية بالمرأة، وامتهان لكرامتها، واحتقار لها ولإنسانيتها؟!.
وأخيراً.. ماذا يقول هؤلاء في نكاح المرأة بملك اليمين الذي يقرُّ به أهل السنة، ألا يرون في ذلك احتقاراً للمرأة أيضاً؟!
________________________________________ الصفحة 262 ________________________________________
هل الطبيعة تنفر من زواج المتعة:
وقد يرى البعض: أن هذا النوع من الزواج مما تنفر منه طبيعة الإنسان، وتأباه، وتمقته، حتى عند أولئك الذين يرونه حلالاً، ومشروعاً ومعنى ذلك: أنه لا بدّ من الإحجام عن الإقدام على هكذا زواج، لا سيما إذا قلنا: إن الإسلام لا يشرّع ما فيه منافرة للطبيعة البشرية، وللفطرة الإنسانية.
وبتعبير آخر: «إن علاقة المتعة علاقة حيوانية بحتة، لا ترتفع إلى هذه المعاني السامية، إذ هي انسلاخ عن الطبيعة الإنسانية، ووقاحة يمجها الباطن السليم»(1).
ونقول:
قد فات هؤلاء: أن نفور الناس من هذا الزواج لم يكن لأجل منافرته للفطرة الإنسانية، وإباء الطبيعة البشرية له، وإنما بسب ما تعرض له هذا التشريع من حملات الدعاية المغرضة ضده، بهدف تشويهه في أذهان الناس، وإعطائهم انطباعاً سيئاً عنه.
____________
(1) نكاح المتعة للأهدل ص358.
________________________________________ الصفحة 263 ________________________________________
مع العلم بأن: هذا التشريع قد كان معمولاً به في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) رغم ما هو معروف عن العرب من غيرة وحمية فيما يرتبط بأمر النساء على العموم.
هذا بالإضافة إلى: أن الكثيرين قد أساءوا استعمال هذا التشريع، ولم يلتزموا بضوابطه، وشرائطه، مع عدم وجود قوة تحميه، وتدافع عنه كتلك القوة التي كانت تحمي وتدافع عن غيره من القوانين والتشريعات.
بل لقد واجه هذا التشريع كل أشكال التشويه، والتهجين، والتجني، بعد صدور الأمر بالمنع عنه بعد وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وإلى يومنا هذا..
هذا كله عدا عن: أن طبيعة ظروف العمل بهذا التشريع لا تسمح بأن يكون الإقبال عليه في مستوى الإقبال على الزواج الدائم(1) وذلك لأسباب مختلفة.
ولنفترض: أن ثمة نوعاً من النفور منه، فإنه ليس كل ما ينفر الإنسان منه يكون حراماً فالإنسان ينفر مثلاً من الدواء
____________
(1) راجع كتاب: نظام حقوق المرأة في الإسلام للعلامة الشهيد مطهري.
________________________________________ الصفحة 264 ________________________________________
لكنه حين يحتاج إليه يقبل عليه. وينفر من بعض الألبسة والأزياء في الحالات العادية، ولكنه يلبسها إذا احتاج إليها لمجاراة صديق، أو لدفع برد أو حرٍ عن نفسه، بل إنك لا تكاد تجد إنساناً لا ينفر من بعض الأطعمة، فهل يوجب ذلك تحريمه؟!
إن النفرة التي توجب التحريم هي تلك التي تصل إلى حدّ منافرة الطبع الإنساني ككل، بحيث إذا واجهها أيّ إنسان على وجه الأرض فإنه لا يستسيغها بمقتضى جبلّته الإنسانية وطبيعته البشرية..
العلاقة مادية فقط:
ومما أخذ على زواج المتعة: أنه زواج مادي صرف، ولأجل ذلك، فإن للزوج أن ينقص من المهر بمقدار ما تخلّ به المرأة من المدة(1).
____________
(1) الفكر الإسلامي والمجتمع المعاصر ص 204.
________________________________________ الصفحة 265 ________________________________________
ونجيب عن ذلك:
أ ـ إنه لا مانع من أن تكون العلاقة مادية في بعض جهاتها، ما دام أن هذا الزواج قد جاء ليعالج مشكلة لها طابع مادي في بعض جوانبها هو دفع طغيان الشهوة، ولا ننكر أن يكون للجهات المادية تأثيرها في التشريع، فإن السرقة توجب قطع يد السارق إلا إذا كانت لدفع الجوع.
ب ـ في الزواج الدائم أيضاً هناك جانب مادي من هذه الناحية أيضاً، فإن الناشز التي لا تمكن زوجها من نفسها تسقط نفقتها ما دامت كذلك.
الهدف مجرد الاستمتاع:
ومن مآخذهم على زواج المتعة: أن المقصود به ليس إلا قضاء الشهوة، وصب الماء وسفحه، فيكون سفاحاً، لأن السفاح عبارة عن ذلك.
أما الزواج: فالهدف الأمثل له هو الاستيلاد، وبقاء النسل
________________________________________ الصفحة 266 ________________________________________
والنوع(1) والمحافظة على الأولاد، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره(2).
وقد اختصر البعض هذه المحاذير بقوله: «إن هذا الزواج لا يحل، لأن المقصود من الزواج دوام المعاشرة للتوالد، والمحافظة على النسل، وتربية الأولاد، ولهذا حكم الفقهاء على زواج المتعة، والتحليل بالبطلان لأنه يقصد بالأول مجرد الاستمتاع الوقتي إلخ..»(3).
وقد زاد البعض في الطنبور نغمة حين قال: «يرشدك إلى هذا أيضاً ما رواه معقل بن يسار، قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، فأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم»(4). «إذ ليس
____________
(1) البحر الزخار ج 4 ص 23 وراجع: التفسير الكبير للرازي ج 10 ص 53 وراجع أيضاً: فقه السنة ج 2 ص 43 وتحريم المتعة في الكتاب والسنة ص 5.
(2) فقه السنة ج 2 ص 41 و 43.
(3) فقه السنة ج 2 ص 41.
(4) قال في الهامش: أخرجه أبو داود/ 2050 والنسائي 6/ 65.
________________________________________ الصفحة 267 ________________________________________
المقصد مجرد الاستمتاع بالحسن والجمال الخ»(1).
ونقول:
1 ـ انه لا يقصد من زواج المتعة مجرد سفح الماء، وقضاء الشهوة، بل فيه أيضاً، تحصين للنفس عن الوقوع في الإثم، وثمة مقاصد أخرى مختلفة غير ذلك أيضاً وليس فيه في جميع الأحوال تعدٍّ لحدود الله كما هو الحال في الزنا.
قال الفخر الرازي: «المقصود منها سفح الماء، بطريق مشروع، مأذون فيه من قبل الله، فإن قلتم: المتعة محرمة، قلنا: هذا أول البحث»(2).
2 ـ إن المتعة لا تنافي الاستيلاد، بل لا بدّ من اللجوء إليها، كحل أفضل لمن لم يحصل على أولاد من الزواج الدائم، ولا تسمح له ظروفه بتحمل أعباء زواج دائم آخر، فالتناسل وبقاء النوع حاصل في المتعة كحصوله في الدائم بلا فرق..
وقد تقدم: أن الولد في هذا الزواج يلحق بأبويه تماماً كما
____________
(1) راجع: تحريم المتعة في الكتاب والسنة ص 6.
(2) التفسير الكبير ج 10 ص 53.
________________________________________ الصفحة 268 ________________________________________
هو الحال في الدائم.
بل لماذا لا يكون الهدف من زواج المتعة هو الاستيلاد، وبقاء النوع والنسل؟! وقد ولد في الصدر الأول وفي سائر العصور الكثيرون عن طريق زواج المتعة، وقد ورثوا آباءهم، وورثوهم، وعاشوا في كنفهم، وتحت رعايتهم، مثل: ابن أم أراكة، وابن عمرو بن حريث، وغيرهما.
3 ـ وهل يعني ذلك: أننا يجب أن نحرم الزواج الدائم على العقيم رجلاً كان أو امرأة؟ وألا تشير كراهة نكاح العقيم ـ بحجة أن الهدف من الزواج الدائم هو الاستيلاد ـ إلى أن لها حلاً آخر كالزواج المؤقت مثلاً؟! ما يجعل الرواية المتقدمة أدل على مطلوبنا.
الداعي فقط هو سفح الماء:
وقد زعم بعضهم أن «المتمتع بها لا يقصد الإحصان دون المسافحة، بل يكون قصده المسافحة، فانحصرت الداعية الفطرية في سفح الماء وصبه».
إلى أن قال: «الفطرة تدعو الرجل إلى الاتصال بالأنثى،
________________________________________ الصفحة 269 ________________________________________
والأنثى إلى الاتصال بالرجل، ليزدوجا وينتجا. فالإحصان هو هذا الاختصاص الذي يمنع النفس أن تذهب أي مذهب؛ فيتصل كل ذكر بأي امرأة، وكل امرأة بأي رجل، إذ لو فعلا ذلك لما كان القصد من هذا إلا المشاركة في سفح الماء الذي تفرزه الفطرة إيثاراً للذة على المصلحة الخ»(1).
ونقول: إن ذلك غير معقول، ولا مقبول، وذلك لما يلي:
1 ـ من الذي قال: إنه لا يوجد قصد للإحصان في زواج المتعة.. وأن القصد متمحض بالمسافحة وصب الماء, بحيث بلغ الأمر درجة الانحصار..
2 ـ إن القصد لمجرد صب الماء وسفحه كما يحصل في المنقطع كذلك يحصل في الدائم، فهل يحرم الدائم أيضاً إذا كان القصد هو مجرد التلذذ الجنسي، ولا سيما في حالات العقم لدى الرجل أو المرأة، أو كليهما. وكذلك في حالات أخرى؟!.
3 ـ إن قصد سفح الماء وصبه في موارد المتعة ليس كيفما اتفق، بل هو مرتكز ومستند إلى العقد، فالمتمتع لا يريد ممارسة الجنس من دون عقد، ولو عرض عليه ذلك لرفضه بشدة..
____________
(1) تحريم المتعة ص 148.
________________________________________ الصفحة 270 ________________________________________
4 ـ إن الإشكال المذكور لو صح، فهو إشكال على الله ورسوله لأن هذا الزواج قد شرع في صدر الإسلام جزماً، فهل كانوا يقصدون فيه صب الماء وسفحه؟!، أم كانوا يقصدون الإحصان؟!، وهل كانت المتعة تمنع نفوسهم من أن تذهب أي مذهب الخ..؟!
5 ـ إنه قد فسر الإحصان بما ينتهي إلى ما ذكرناه من التعفف، ولم يفسره بما ذكره الفقهاء من ترتب الرجم في صورة حصول الزنا من المحصن. وهذا يناقض كلامه في موارد أخرى، فأورد الاشكالات على زواج المتعة زاعماً أنها لا إحصان فيها، لأن المتمتع إذا زنى لا يرجم، بخلاف المتزوج بالدائم إذا زنى فإن صح كلامه هنا بطل كلامه هناك، وإن بطل كلامه هنا صح هناك..
6 ـ تفسيره للإحصان بالاختصاص الذي يمنع النفس من التعدي ومن أن يتصل كل ذكر بأي امرأة وكل امرأة بأي رجل ـ هذا التفسير ـ هل يصدق على الذي يملك إماءً وينكحهن بملك اليمين؟ فإذا كان لا يصدق عليه، فهل يحكم ببطلان النكاح بملك اليمين لأجل ذلك كما حكم ببطلان زواج المتعة لأجله؟!
________________________________________ الصفحة 271 ________________________________________
7 ـ هل تفسيره الآنف الذكر للإحصان يصدق ويتحقق في الزواج الدائم؟ فما أكثر الزنا الذي يقع بين المتزوجين والمتزوجات بالنكاح الدائم.. وإذا كان كذلك فلماذا لا يحرم الزواج الدائم أيضاً؟!
ماذا لو كذبت العاهرة:
ويحاول البعض التشنيع على هذا الزواج بإثارة سؤال يقول: ماذا لو أن العاهرة كذبت على الرجل فتزوجها ليوم أو أكثر، ثم انتقلت إلى آخر فكذلك، ثم إلى ثالث.. وهكذا إلى ما لا نهاية؟!.
فالزواج المؤقت إذن: يعطي الفرصة لهذا النوع من النساء لممارسة الرذيلة بغطاء شرعي..
وعلى حد تعبير السيد سابق: «ثم يضر بالمرأة إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل من يد إلى يد»(1).
____________
(1) فقه السنة ج2 ص 43.
________________________________________ الصفحة 272 ________________________________________
ونقول:
1 ـ إن انتقالها من رجل إلى آخر ليس قسرياً، بل هو باختيار منها، مما يعني أنها تسيء الاستفادة من هذا الزواج، وسوء الاستفادة من التشريع لا يعني خطأ التشريع، بل الخطأ والسوء في ممارسته واستغلاله، ومن يفعل ذلك فإنه هو الذي يتحمل مسؤولية ما يقدم عليه.
ولو أوجب هذا: إلغاء تشريع المتعة لوجب إلغاء تشريع الصلاة، والزكاة، والحج، لأن هناك من يسيء الاستفادة ويرتكب الموبقات من خلالها. وللزم تحريم بيع السكين، وتحريم صنعه، لأن هناك من يجد به وسيلة للاعتداء على حياة الآخرين، ولوجب عدم إنتاج الكهرباء، ومنع مد شبكات المياه لأن هناك من يستفيد منهما في معصية الله سبحانه.. وهكذا..
2 ـ إن هذا الأمر قد يحصل في الزواج الدائم أيضاً ـ ولو بصورة أقل ـ حيث يطلقها الزوج فتبادر إلى الزواج من غيره، ثم يطلقها، فترتمي بأحضان ثالث ورابع.. وهكذا.. فإن افتراض حصول الكذب لا يختص بالزواج المؤقت والجرم عليها وحدها، ولا جرم على من يتزوجها إذا لم يكن عالماً بذلك منها.
________________________________________ الصفحة 273 ________________________________________
3 ـ على أن العدّة شرط في الزواج الدائم وفي المنقطع على حد سواء، فإن أكملت العدة فيهما كان زواجاً شرعياً ولا عهر فيه، وإن لم تكمل العدّة كان عهراً، سواء أكان زواجاً دائماً أم منقطعاً.
والحرمة ثابتة سواء تعدد إرتكاب المحرم كما في الزواج في العدّة في المؤقت أو الدائم أحياناً.. أو لم يتعدد كما قد يحصل في المؤقت، والدائم أيضاً بلا فرق في ذلك.
المرأة كالحيوان:
ولهم هنا محاولة أخرى لتهجين هذا الزواج على اعتبار أنه يجرح شعور المرأة، لأنها على حد تعبيرهم تصير كالحيوان..
ونقول:
1 ـ إن الطلاق أيضاً يجرح شعور المرأة ويؤذيها، فهل نحرم الطلاق أيضاً؟ بل إن الطلاق أشد عليها، لأنها لا خيار لها فيه، ولها خيارها في الزواج المؤقت، حيث إنها قادرة على تقدير ظروفها من أول الأمر..
2 ـ ولماذا شرّع الله في صدر الإسلام ما يؤدي إلى جرح
________________________________________ الصفحة 274 ________________________________________
شعور المرأة، وجعلها كالحيوان؟!.
3 ـ ومن الذي قال: إنه يجرح شعور المرأة، وهي التي تقدم عليه برضاها وباختيارها حين تجد نفسها بحاجة إلى ذلك.
المتعة تؤجج الغريزة الجنسية:
وثمة محذور آخر ذكروه هنا هو: أن الحاجة الجنسية لا تطفأ في زواج المتعة، بل تزيد استعاراً، فماذا يصنع؟!.
ونقول:
1 ـ لا ندري من أين صحت له هذه الدعوى، فإن الحاجة الجنسية تطفأ بالممارسة، ولا يختلف الأمر في ذلك بين دائم ومنقطع.
2 ـ على أن التشريع للزواج ـ دائماً كان أم منقطعاً ـ لا تنحصر أغراضه بإطفاء سعير الشهوة الجنسية، ولذلك جاز تزويج الشيخ والشيخة، والصغير والصغيرة، بإذن وليهما، مع عدم وجود حاجة جنسية، فضلاً عن وجود جموح جنسي.
3 ـ إن النصوص التي تحدثت عن تشريع هذا الزواج قد
________________________________________ الصفحة 275 ________________________________________
صرحت بأنه من فوائد تشريعه هو تلبية الحاجة الجنسية، فقد قال بعضهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا نختصي؟: فلم يجز لهم ذلك، ورخص لهم بالمتعة.
وثمة نصوص أخرى تشير: إلى هذا الأمر ذكرناها في فصل النصوص والآثار فلتراجع.
4 ـ على أن هذا لو صح لمنع من تشريع الطلاق في النكاح الدائم، فإنه إذا طلقها لم تطفأ الحاجة الجنسية لها، ولم تشبع فماذا تصنع..
5 ـ بل إننا نقول: إن الحاجة إلى إشباع الرغبة الجنسية لا تنحصر بالمرأة، فقد يكون لدى بعض الرجال حاجة جنسية جامحة تقتضي البحث عن أخرى، فيلجأ إلى الزواج المنقطع.
فإن قيل: الحل في هذه الحالة هو في الزواج الدائم المتعدد.
فيجاب: بأن ذلك قد لا يكون متيسراً للرجل، فيضطر إلى الطلاق، أو إلى الانحراف، بل قد لا يكون قادراً على الزواج الدائم من واحدة فضلاً عن التعدد.
وعلى جميع التقادير ليس الزواج المؤقت مفروضاً عليه فيمكنه اختياره، ويمكنه اختيار الدائم المتعدد..
التعلیقات