تفصيل الأقوال في المسح في آية الوضوء
المصدر : نـهـايـة الاقـدام في وجوب المسح على الاقدام ، تأليف : السيّد نور الله التستري ، تحقيق : هدى جاسم محمّد ابو طبرة ص 359 ـ 370
________________________________________ الصفحة 359 ________________________________________
[من ذهب إلى وجوب المسح في آية الوضوء]
قال الله تعالى في سورة المائدة: (يا أَيُّها الّذينَ آمَنوا إذا قُمْتُم إلى الصلاةِ فَاغْسِلوا وُجوهَكُمْ وأيْدِيَكُمْ إلى الْمَرافِقِ، وَامْسَحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ)(1)... الآية.
اعلم أنَّ صريح هذه(2) الآية يدلّ على وجوب مسح الرجلين(3)، كما روي عن الشعبي(4) أنَّه قال: «نزل القرآن بالمسح، والغسل سُنّة»(5)(6).
____________
(1) سورة المائدة 5: 6.
(2) لم ترد كلمة «هذه» في «ر».
(3) في حاشية «ر»: «روي أنّه ذُكر لاَنس قول الحجّاج: اغسلوا القدمين ظاهرهما وباطنهما، وخلّلوا بين الاَصابع.
فقال أنس: صدق الله، وكذب الحجّاج، وقرأ الآية. منه سلّمه الله».
وستأتي الاِشارة إلى من روى ذلك عن أنس، مصرِّحاً بأنّ أنس كان يمسح على قدميه في الوضوء، في الهامش رقم 3 ص 362.
(4) هو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري، يكنّى أبا عمرو، يعدّ من حفّاظ التابعين ومشهوريهم، كان نديم عبدالملك بن مروان، وسميره، ورسوله إلى ملك الروم، وقد استقضاه عمر بن عبدالعزيز، واحتجّ بحديثه أرباب الصحاح والسنن والمسانيد، ولد بالكوفة ومات فيها سنة 103 هـ وقيل سنة 104 هـ.
الطبقات الكبرى 6/246، كتاب الطبقات ـ لابن خياط ـ: 266 رقم 1144، المعارف: 449 و451، الثقات ـ لابن حبان ـ 5/185 و451، حلية الاَولياء 4/310 رقم 283، الاِكمال 5/119، وفيّات الاَعيان 3/12 رقم 317، تذكرة الحفّاظ 1/79، سير أعلام النبلاء 4/294 رقم 113.
(5) في حاشية «ر»: «لا يخفى أنّ تحرير المذاهب على هذا الوجه مأخوذ من التفسير الكبير للفخر [لفخر] الدين الرازي. منه سلّمه الله».
(6) ذكر هذا القول الزمخشري (ت 538هـ) في الكشّاف 1/598، كما أورده غيره مثل الغزنوي
=
________________________________________ الصفحة 360 ________________________________________
.........................................
____________
= (ت 555هـ) في وضح البرهان.
والسخاوي (ت 643هـ) في جمال القرّاء وكمال الاِقراء 2/41، ونسبه الزجّاج (ت 311هـ) في معاني القرآن وإعرابه 2/153 إلى بعضهم، فقال: «وقال بعضهم: نزل جبريل بالمسح، والسُنّة في الغسل».
هذا، ويمكن القول بأنّ ذيل العبارة المنسوبة إلى الشعبي هي من زيادة راوي قوله تحكّماً في تحديد رأي الشعبي في حكم الرجلين في الوضوء ثمّ نقله الآخرون على أنّه من تتمّة قوله، وممّا يدلّ على ذلك تصريح عشرات العلماء بأنّ الشعبي كان من القائلين بوجوب المسح على الرجلين في الوضوء، وأنّه لا يرى أداء الفرض بالغسل، ولو صحّ عنده أنّ الغسل سُنّة، لما نسب علماء العامّة إليه خلافه.
وإليك بعض من تعرّض إلى بيان موقف الشعبي من حكم الرجلين في الوضوء:
1 ـ الفرّاء (ت 207هـ)، وهو أقرب ـ من صرّح بما ذكرناه ـ إلى عصر الشعبي، قال في معاني القرآن 1: 302 ـ 303، عن الشعبي، إنّه قال: «نزل جبرئيل بالمسح على محمّـد صلّى الله عليهما، وعلى جميع الاَنبياء».
2 ـ الطبري (ت 310هـ) في تفسيره، أورد عن الشعبي عدّة أقوال، هي:
الاَوّل في 10/59 ح 11480: «نزل جبريل بالمسح، ألا ترى أنّ التيمّم أنْ يمسح ما كان غسلاً ويلغى ما كان مسحاً؟!»، ومثله في الجامع لاَحكام القرآن ـ للقرطبي (ت 671هـ) ـ 6/92.
الثاني في 10/ 59 ح11481: «أمر بالتيمم في ما أمر به بالغسل».
الثالث في 10/ 59 ح 11482: «انما هو المسح على الرجلين، ألا ترى أنه ما كان عليه الغسل جعل عليه المسح، وما كان عليه المسح أُهمل؟!».
الرابع في 10/ 59 ح11483: «أمر أن يمسح في التيمم ما أمر أن يغسل في الوضوء، وأبطل ما أمر أن يمسح في الوضوء: الرأس والرجلان»، وأخرجه عنه من طريق آخر 10/ 60 ح11484.
الخامس في 10 / 60 ح 11485، عن اسماعيل قال: «قلت لعامر [ أي: الشعبي]: ان ناساً يقولون: ان جبريل عليه السلام نزل بغسل الرجلين، فقال: نزل جبريل بالمسح»، ومثله عند ابن كثير (ت 774 هـ) في تفسيره 2/ 27، والشوكاني (ت 1250 هـ) في فتح القدير 2/18.
3 ـ ابن ابي شيبة (ت 235 هـ) في مصنفه، في باب المسح على القدمين 1/ 18 أورد قول الشعبي: «نزل جبريل بالمسح على القدمين» من دون زيادة «والغسل سنة».
=
________________________________________ الصفحة 361 ________________________________________
ولـذلـك ذهـب إلـيـه عبـد الله بـن عبّـاس(1)، وعبـد الله بـن
____________
=4 ـ ابو زرعة (ت بعد سنة 403 هـ) في حجة القراءات: 222، أورد قول الشعبي: «نزل جبريل بالمسح، ألا ترى أنه أهمل ما كان مسحاً، ومسح ما كان غسلاً في التيمم؟!»، ومثله عند البغوي (ت 510 هـ وقيل 516 هـ) في معالم النزيل 2/ 217.
5 ـ عبدالله بن قدامة الحنبلي (ت 620 هـ) في المغني 1/150، ونقل قول الشعبي: «الوضوء مغسولان وممسوحان، فالممسوحان يسقطان في التيمم»، ومثله عند عبدالرحمن بن قدامة (ت 682 هـ) في الشرح الكبير 1/ 147.
6 ـ السيوطي (ت911 هـ) في الدر المنثور 3/29، قال: «وأخرج عبدالرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير؛ عن الشعبي أنه قال: نزل جبريل بالمسح على القدمين، ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلاً، ويلغى ما كان مسحاً؟!»، ومثله عند القاسمي (ت 1322 هـ) في محاسن التأويل 6/111.
هذا، وأما من صرح من علماء العامة بأن الشعبي من القائلين بوجوب المسح من غير اولئك فهم:
ابن حزم الظاهري (ت 460 هـ) في المحلى 2/56: مسألة 200، وابن عطية (ت 546 هـ) في المحرر الوجيز 5/48، والفخر الرازي (ت606 هـ) في التفسير الكبير 11/161، وأبو حيان الاندلسي (ت754 هـ) في البحر المحيط 3/437، والنيسابوري (ت 850 هـ) في غرائب القرآن 6/73، وابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) في فتح الباري 1/215.
وأما من نص على أن قراءة الشعبي لآية الوضوء بخفض «وأرجلكم»، مع تأويلها بالمسح، فهو الطبري في تفسير 10/61 ح 11491، وأبو حيان في البحر المحيط 3/437.
أقول: انما أطلت في تخريج قول الشعبي؛ لكي يعلم بأن ما زعمه الآلوسي الوهابي (ت 1270 هـ) في تفسيره «روح المعاني» 6/74 من أن الشيعة كذبت على الشعبي وغيره بنسبة القول بالمسح اليهم؛ انما هو زعم مفترى لا يليق بمن يتصدى لتفسير الكتاب العزيز.
(1) صرّح الكثير من علماء العامّة بأنّ ابن عبّاس كان يمسح على رجليه في الوضوء، وإليك بعضهم، وهم:
الاَخفش (ت 207هـ أو 210هـ) في معاني القرآن: 465، والطبري (ت 310هـ) في تفسيره 10/58 ح 11474، وابن العربي المالكي (ت 543هـ) في أحكام القرآن 2/577، وأبو زرعة (ت بعد سنة 403هـ) في حجّة القراءات: 223، والبيهقي (ت 458هـ) في سننه 1/71، وابن حزم (ت 460هـ) في المحلّى 2/56: مسألة 200، والسرخسي الحنفي.
=
________________________________________ الصفحة 362 ________________________________________
مسعود(1)، وسلمان الفارسي، وأبو ذرّ، وعمّار(2)، وأنس بن مالك(3) وأئمّة
____________
= (ت 490هـ) في المبسوط 1/8، والبغوي (ت 510هـ) في معالم التنزيل 2/217، وابن عطية (ت 546هـ) في المحرّر الوجيز 5/48، والرازي (ت 606هـ) في التفسير الكبير 11/161، وابن قدامة الحنبلي (ت 620هـ) في المغني 1/150، والقرطبي المالكي (ت 671هـ) في الجامع لاَحكام القرآن 6/92، وعبدالرحمن بن قدامة (ت 682هـ) في الشرح الكبير 1/147، وابن جزي الكلبي (ت 741هـ) في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 1/170 ـ 171، وفي تفسيره أيضاً 1/49 ـ 50، وأبو حيّان (ت 754هـ) في البحر المحيط 3/437، وابن كثير (ت 774هـ) في تفسيره 2/27، والنيسابوري (ت 850هـ) في غرائب القرآن 6/73، وابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) في فتح الباري 1/215، والسيوطي (ت 911هـ) في الدرّ المنثور 3/28، والشوكاني (ت 1250هـ) في فتح القدير 2/18، والآلوسي الوهّابي (ت 1270هـ) في روح المعاني 6/73، والقاسمي (ت 1322هـ) في محاسن التأويل 6/109 و111.
ومن الشيعة: السيّـد الشريف المرتضى (ت 436هـ) في الانتصار: 105، والشيخ الطوسي (ت 460هـ) في تفسير التبيان 3/452، وابن إدريس الحلّي (ت 598هـ) في المنتخب من تفسير القرآن 1/222، والطبرسي (ت 548هـ) في مجمع البيان 3/207.
(1) لم أجد من صرّح باختيار ابن مسعود المسح في الوضوء؛ نعم خالف عثمان في كثير من آرائه الفقهية، ولعلّ منها غسل الاَرجل الذي يعدّ من مبتدعاته في الاِسلام كما بُرهن عليه بتفصيل في كتاب «وضوء النبي» ـ للسيّـد علي الشهرستاني ـ، فراجع.
(2) هؤلاء الثلاثة ـ سلمان، وأبو ذرّ، وعمّار ـ هم من قادة التشيّع الاَوائل، ولا يحتاج بيان موقفهم من مسح الاَرجل في الوضوء إشـارة إلى مصدر؛ لاَنّهم ـ زيادة على مذهبهم ـ كانوا من أشدّ الناقمين على عثمان لابتداعاته الكثيرة، ومن بينها غسل الاَرجل بدلاً عن مسحها في الوضوء.
(3) وقد صرّح علماء العامّة بأنّ فرض الرجلين عند أنس بن مالك هو المسح لا غير، وإليك بعضهم:
الطبري في تفسيره 10/58 ح 11475 وح 11476 وح 11477، ابن العربي في أحكام القرآن 2/577، والناسخ والمنسوخ ـ له أيضاً ـ 2/198، ابن عطية في المحرّر الوجيز 5/48، الرازي في التفسير الكبير 11/161، ابن قدامة في المغني 1/150، والقرطبي في الجامع لاَحكام القرآن 6/92، وعبدالرحمن بن قدامة في الشرح الكبير 1/147، والنووي في المجموع شرح المهذّب 1/418، أبو حيّان في البحر المحيط 3/437، ابن كثير في
=
________________________________________ الصفحة 363 ________________________________________
أهل البيت، (على نبيّنا و)(1) عليهم السلام (2).
____________
= تفسيره 2/27، النيسابوري في غرائب القرآن 6/73، السيوطي في الدرّ المنثور 3/28، الآلوسي الوهّابي في روح المعاني 6/74، القاسمي في محاسن التأويل 6/109.
ومن الشيعة: السيّـد الشريف المرتضى في الانتصار: 106، الشيخ الطوسى في تفسير التبيان 3/452، ابن إدريس الحلّي في المنتخب 1/212.
(1) ما بين القوسين لم يرد في «م».
(2) كما في تواتر أخبار المسح عنهم عليهم السلام، المدوّنة في مصادر شيعتهم، وإليك بعضها:
فروع الكافي 3/21 ـ 71 من كتاب الطهارة، باب 14 حديث 3، وباب 17 حديث 1 و2 و3 و4 وذيل حديث 4 و5 و8، وباب 19 حديث 1 و2 و4 و6 و7 و10 و11، وباب 22 حديث 4 و5 و6 وباب 46 ح 6 و7 وغيرها، ومن لا يحضره الفقيه 2/24 باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و1/26 باب صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السلام، وفي البابين عدّة أحاديث، وتهذيب الاَحكام 1/52 ـ 102 باب صفة الوضوء والفرض سُنّة والسُنّة والفضيلة و1/357 ـ 364 باب صفة الوضوء والفرض منه من أبواب الزيادات، وفي البابين أكثر من مائة وخمسين حديثاً، والاستبصار 1/64 باب وجوب المسح على الرجلين وفيه ثمانية أحاديث.
هذا وقد صرّح أعلام العامّة بأنّ عليّاً عليه السلام كان يمسح على رجليه، كما نقلوا قراءة «وأرجلِكم» بالخفض عن الاِمام محمّـد بن علي الباقر عليهما السلام، مع تصريحهم بأنّه عليه السلام من القائلين بوجوب مسح الرجلين.
انظر: مصنّف ابن أبي شيبة 1/18 باب في المسح على القدمين، وشرح معاني الآثار ـ للطحاوي ـ 1/35، وتفسير الطبري 2/576 ح 1492، والمحلّى 2/56: مسألة 200، وأحكام القرآن ـ لابن العربي ـ 2/576، والناسخ والمنسوخ 2/198، والمحرّر الوجيز 5/48، والتفسير الكبير 11/161، والمجموع شرح المهذّب 1/418، والبحر المحيط 3/437، وتفسير ابن كثير 2/27، وتفسير النيسابوري 6/73، وروح المعاني 6/74، ومحاسن التأويل 6/111.
والعجب أنّهم يعترفون بأنّ سُنّة أهل البيت عليهم السلام في الوضوء المسح لا غير، ولكنّهم يخالفونهم صراحة! وقد بيّن المصنّف قدس سره في رسالة «السحاب المطير في تفسير آية التطهير» ـ المنشورة بتحقيقنا في «تراثنا» العدد 38 ـ 39 لسنة 1415هـ ـ إلزام الاَُمّة باتّباع سُنّة أهل البيت عليهم السلام، فراجع.
________________________________________ الصفحة 364 ________________________________________
وانعقد عليه مذهب شيعتهم الاِمامية(1)، ومن الفقهاء: أبو العالية(2)،
____________
(1) لظهور الكتاب العزيز في المسح، وتواتر السُنّة ـ القولية والبيانية ـ فيه عن أهل البيت عليهم السلام كما مرّ في الهامش السابق، زيادة على ما توجبه القواعد النحوية من عطف الاَرجل على ظاهر (برؤوسكم) في قراءة الجرّ، وعلى محلّه في قراءة النصب، وكلتا القراءتين توجبان المسح.
وأمّا ادّعاء كون قراءة الجرّ بالمجاورة، أو ادّعاء قراءة النصب بالعطف على «الوجوه»، إنّما هو مجرّد ادّعاء، بل تحكّم في تطبيق الآية على المذهب!
ويكفي في ردّ كلّ ذلك مخالفته لوضوء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ووضوء سفن النجاة عليهم السلام، مع موافقة غسل الاَرجل للوضوء البدعي الذي أحدثه عثمان، ودعمته السياسة الاَُموية إمعاناً في مخالفة عليٍّ عليه السلام في كلّ ما أُثر عنه أو عُرف به واشتهر.
ولهذا انعقد إجماع الشيعة على وجوب مسح الاَرجل بنحو التضييق، وإنّ غسلها اختياراً لا يجزىَ في الوضوء بحال من الاَحوال.
انظر: فتاوى العلمين (علي بن بابويه وابن أبي عقيل) ضمن: «رسالتان مجموعتان» من فتاواهما: 23، والمقنع: 9، والمقنعة: 44، والانتصار: 20 ـ 21، والناصريات: 221 مسألة 31، والنهاية: 14، والمبسوط 1/22، والخلاف 1/89، والمراسم: 37، وشرح جُمل العلم والعمل: 60، والكافي في الفقه ـ لاَبي الصلاح ـ: 132، والسرائر 1/102، والنهاية ونكتها 1/220، والمختصر النافع: 6، وشرائع الاِسلام 1/51، والمعتبر 1/146، وإرشاد الاَذهان 1/223، والمختلف 1/293، ومنتهى المطلب 2/60، وتذكرة الفقهاء 1/168، ونهاية الاَحكام 1/44، وكشف الرموز 1/67، والدروس 1/92، والمهذّب البارع 1/132، والمسالك 1/111 وغيرها.
هذا، وإجماع الشيعة على ذلك مصرّح به عند العامّة والزيدية أيضاً.
انظر: حلية العلماء 1/155، وشرح السُنّة 1/396، وبدائع الصنائع 1/5، وتفسير الرازي 11/161، والدرّ اللقيط 3/436، والبحر المحيط 3/473، وتفسير ابن كثير 2/27، وتفسير النيسابوري 1/73، وفتح الباري 1/215، والبحر الزخار 1/67، وروح المعاني 6/73.
وبالجملة فإن شهرة إجماع الشيعة على المسح لا يكاد يخفى على أحد قديماً وحديثاً، حتّى أنّه كان مدعاة لاِختبار من يُشكّ في تشيّعه في العهود التي تناهى فيها اضطهاد الشيعة، وفي قصّة عليّ بن يقطين؛ مع فرعون هذه الاَُمّة وطاغيتها هارون الرشيد خير دليل.
(2) أبو العالية: هو رفيع بن مهراث الرياحي البصري، من التابعين، أدرك الجاهلية، وتأخّر إسلامه إلى ما بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، له تفسير رواه عن الربيع بن أنس، وثّقه العامّة، مات سنة 90هـ.
=
________________________________________ الصفحة 365 ________________________________________
وعكرمة(1)، والشعبي(2).
[من قال بالتخيير بين الغسل والمسح]
وذهب ابن جرير الطبري(3) ـ من أئمّة الشافعية ـ وأبو علي
____________
= الطبقات الكبرى 7/112، حلية الاَولياء 2/217 رقم 182، طبقات الفقهاء: 88، تهذيب الاَسماء واللغات 2/251، وفيّات الاَعيان 3/165، سير أعلام النبلاء 4/207 رقم 85.
هذا، ولم أجد من أشار إلى أبي العالية بما ذكره المصنّف قدس سره.
(1) عكرمة: هو أبو عبدالله البربري المدني، مولى ابن عبّاس، احتجّ بحديثه أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد من العامّة، كما وثّقه أحمد بن حنبل، وابن معين، والعجلي، والبخاري، كما نقل ابن أبي حاتم، عن أبيه، توثيقه، وذكره ابن حبّان في الثقات، وهؤلاء حجّة على غيرهم من العامّة، وإن كان عكرمة في الواقع على غير ما وصفوه لما ورد بحقّه من ذموم كثيرة، مات عكرمة في المدينة سنة 105هـ.
الطبقات الكبرى 2/358، الطبقات ـ لابن خياط ـ: 491 رقم 2537، المعرفة والرجال 2/5 ـ 12، الكامل في ضعفاء الرجال 3/1905، حلية الاَولياء 3/326 رقم 351، الاِرشاد في معرفة علماء الحديث: 67، طبقات الفقهاء: 70، الضعفاء والمتروكين ـ لابن الجوزي ـ 1/182، وفيّات الاَعيان 3/265 رقم 421.
هذا، وقد نصّ العامّة بأنّ عكرمة كان يمسح على رجليه في الوضوء.
انظر: مصنّف ابن أبي شيبة 1/18 باب في المسح على القدمين، وتفسير الطبري 10/59 ح 11479، 10/60 ح 11486، والمحلّى 2/56: مسألة 200، ومعالم التنزيل 2/217، والمحرّر الوجيز 5/48، والتفسير الكبير 11/161، والجامع لاَحكام القرآن 6/92، والبحر المحيط 3/28، وتفسير ابن كثير 2/27، وتفسير النيسابوري 6/73، وفتح الباري 1/215، وفتح القدير 2/18، وروح المعاني 6/74، ومحاسن التأويل 6/109.
ومن الشيعة: الانتصار: 106، والمنتخب ـ لابن إدريس ـ 1/212.
(2) تقدّمت الاِشارة ـ ص 359، هامش رقم 6 ـ إلى من صرّح بمسحه على الرجلين، فراجع.
(3) هو محمّـد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفـر الطبري الآملي، ولد بآمل
=
________________________________________ الصفحة 366 ________________________________________
الجُبّائي(1)، وأتباعهما(2) إلى التخيير(3).
____________
= طبرستان سنة 224هـ، استوطن بغداد، وتفرّد بمذهب خاصّ به ثمّ انقرض أتباعه بعد القرن الخامس الهجري، كان الطبري إماماً في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ، وأعلن في تاريخه 4/557 في حوادث سنة 36هـ ـ طبع بيروت، تحقيق محمّـد أبو الفضل إبراهيم ـ مداراته للعامّة!! التي لم تنفعه لا سيّما مع الحنابلة فنسبوه الى التشيّع لتأليفه كتاب «غدير خم»، مع عدم اعتباره إمامهم فقيهاً في كتابه «اختلاف الفقهاء»، مات في بغداد سنة 310هـ عن سبع وثمانين سنة.
فهرست ابن النديم: 326 و337، تاريخ بغداد 2/162 رقم 589، المنتظم 13/215، وفيّات الاَعيان 2/284 رقم 720 (1) هو محمّـد بن عبدالوهاب بن سلام الجُبّائي، أبو علي، أحد كبار أئمّة المعتزلة، وإليه تنتهي فرقة الجبّائية، ولد سنة 235هـ ومات في البصرة سنة 303هـ عن ثمان وستّين سنة.
الفَرْقُ بين الفِرَقِ: 183، الملل والنحل 1/73، وفيّات الاَعيان 4/267 رقم 607، سير أعلام النبلاء 14/183 رقم 102، ولسان الميزان 5/271.
(2) سبق هؤلاء إلى القول بالتخيير ـ بين المسح والغسل في الوضوء ـ الحسن البصري كما سنبيّنه فيما بعد، وأمّا من قال بالتخيير بعد الطبري والجُبّائي فهو صاحب «الشفا» كما حكاه القاسمي في محاسن التأويل 6/112، قال: «قال في الشفا: القراءتان لا توجبان الجمع بل تثبتان التخيير»، كما قوّى القول بالتخيير: النحّاس في إعراب القرآن 2/9، قال: «والمسح واجب على قراءة من قرأ بالخفض، والغسل واجب على من قرأ بالنصب، والقراءتان بمنزلة آيتين».
وقال في فتح القدير 2/18، بعد ذكر من ذهب إلى التخيير: «وقوّاه النحّاس».
(3) في ما يخصّ الطبري؛ انظر: حلية العلماء 1/155، ومعالم التنزيل 2/217، وأحكام القرآن ـ لابن العربي ـ 2/577، والناسخ والمنسوخ ـ له أيضاً ـ 2/198، وبداية المجتهد 1/15، وتفسير الرازي 11/161، والمغني 1/150، والجامع لاَحكام القرآن 6/92، والمجموع شرح المهذّب 1/417، والشرح الكبير 1/147، والدرّ اللقيط 3/436، والبحر المحيط 3/437، وعمدة القاري 2/238، والبحر الزخّار 1/67 وفيه صُحّف (ابن جرير) إلى (ابن جريج) والمراد به: الطبري، لا ابن جريج الاَُموي (ت 150هـ)، ونيل الاَوطار 1/209، وفتح القدير 2/18، وروح المعاني 6/74، والروضة النديّة في شرح الدرر البهية 1/40، والهداية في تخريج أحاديث البداية 1/155.
وكذلك: الانتصار: 105، والخلاف 1/90، وتفسير التبيان 3/452، ومجمع البيان 3/207، والمعتبر 1/48، وفيه صُحّف (ابن جرير) إلى (ابن حريز)، وتذكرة الفقهاء
=
________________________________________ الصفحة 367 ________________________________________
[من قال بالجمع بين الغسل والمسح]
وذهب الحسن البصري(1)، وداود(2) ـ (من الظاهرية)(3) ـ إلى أنّه يجب الجمع بينهما(4).
____________
= 1/169.
وفي ما يخصّ الجُبّائي؛ انظر: البحر الزخّار 1/67، ونيل الاَوطار 1/209، والروضة النديّة 1/40.
وكذلك: الانتصار: 105، والخلاف 1/90، ومجمع البيان 3/207، والمعتبر 1/48، ومنتهى المطلب 2/61.
(1) هو الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، أبو سعيد، مولى، رأى عليّاً عليه السلام، وطلحة، وعائشة، يُعدّ من كبار فقهاء التابعين، كثير العلم، رُمي بالتدليس خصوصاً في ما يرويه عن سمرة، مات بالبصرة سنة 110هـ عن ثمان أو تسع وثمانين سنة.
الطبقات الكبرى 7/156، الطبقات ـ لابن خياط ـ: 360 رقم 1726، المعارف: 18، الكنى والاَسماء 1/187، فهرست ابن النديم: 203 و235.
(2) داود بن علي بن خلف، أبو سليمان الاَصبهاني، ولد بالكوفة سنة 202هـ، وكان أصله من أصبهان، ونشأ ببغداد، كان متعصّباً للشافعي، وصنّف في فضائله، من مؤلفاته: إبطال القياس، وغيره، مات ببغداد سنة 270هـ، عن ثمان وسبعين سنة.
طبقات الفقهاء: 92، المنتظم 12/235 رقم 1756، وفيّات الاَعيان 2/255 رقم 223، العِبر 2/45، طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ 2/284.
(3) في «ر»: «بن ظاهر»!
(4) اختلفوا في بيان حكم الاَرجل في الوضوء عند الحسن البصري على أقوال:
أشهرها: التخيير بين المسح والغسل، كما يظهر من المبسوط ـ للسرخسي ـ 1/8، وتفسير الرازي 11/161، والدرّ اللقيط 3/436، والبحر المحيط 3/437، وتفسير النيسابوري 6/73، وفتح الباري 1/351، وروح المعاني 6/47.
وكذلك الانتصار: 105، والناصريات: 220 مسألة 31، والخلاف 1/90، ومجمع البيان 3/207، والمعتبر 1/148، ومنتهى المطلب 2/61.
ومنهم من نسب إليه الجمع بين المسح والغسل كما في تفسير التبيان 3/452، والكشّاف
=
________________________________________ الصفحة 368 ________________________________________
.......................................................................
____________
= 1/198، والمنتخب ـ لابن إدريس ـ 1/212.
ومنهم من صرّح بأنّه قرأ قوله تعالى: «وأرجُلِكم» بالخفض، فأوّلها بالمسح، وأنّ المحفوظ عنه استيعاب الرجل كلّها بالمسح، كما في شرح معاني الآثار 1/40، وأحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2/345.
ومنهم من صرّح بأنّه قرأ «وأرجُلُكم» بالرفع على الابتداء والخبر محذوف، وهنا اختلفوا في توجيه قراءة الرفع على ثلاثة أقوال:
الاَوّل: التقدير: «وأرجلكم ممسوحة إلى الكعبين» كما في مختصر شواذّ القراءات ـ لابن خالويه ـ: 37/38.
الثاني: التقدير: «وأرجلكم مغسولة إلى الكعبين» كما في المحتسب ـ لابن جنّي ـ 1/208، والمحرّر الوجيز 5/44، ووضح البرهان ـ للغزنوي ـ 1/307، والقراءات الشاذّة ـ لعبدالفتّاح القاضي ـ: 42.
الثالث: التقدير: «وأرجلكم ممسوحة أو مغسولة إلى الكعبين»، كما في الكشّاف 1/198، والبحر المحيط 3/438، والدرّ المصون ـ للسمين الحلبي ـ 2/493، وقد صرّح في الاَوّل بأنّ الحسن البصري جمع بين الغسل والمسح بموجب ذلك التقدير، وفي الثالث، قال: خيّر بينهما، بينما اكتفى ابن العربي في أحكام القرآن 2/576، والقرطبي في الجامع لاِحكام القرآن 6/91 بقراءة الحسن بالرفع دون بيان التقدير.
والظاهر أن ما في المتن قد اخذ من الكشاف، اذ نقل المصنف قدس سره توجيه الزمخشري لقراءة «وارجلكم»، وناقشه مفصلاً كما سيأتي في محله.
هذا في ما يخص رأي الحسن البصري ازاء حكم الارجل في الوضوء، أما ما ذكره المصنف من رأي داود الظاهري، فتجده في: تفسير الرازي 11/ 161، والدر اللقيط 3/436، والبحر المحيط 3/437، وتفسير النيسابوري 6/73، وروح المعاني 6/73.
وكذلك: منتهى المطلب 2/61، وقد نسب الجمع الى بعض أهل الظاهر في تذكرة الفقهاء 1/169، ومثله في حلية العلماء 1/215، ونيل الاوطار 1/209، والروضة الندية في شرح الدرر البهية 1/40، وفي الهداية في تخريج أحاديث البداية 1/ 155 جعل داود الظاهري من القائلين بالتخيير، وفي بدائع الصنائع 1/5 نسب القول بالجمع (الى بعض المتأخرين).
________________________________________ الصفحة 369 ________________________________________
وهو قول الناصر(1) من أئمّة الزيدية(2) بل ليس في الصحاح الست ما يؤذن بتحتم الغسل على ما ذهب إليه جمهور أهل السُنّة(3).
____________
(1) هو الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي زين العابدين عليه السلام، أبو محمّـد الاِمام الناصر للحق، الاَطروش. ولد بالمدينة سنة 230هـ وإليه تنسب الناصرية. قال السيّـد المرتضى في الناصريات: «ففضله في علمه وزهده وفقهه أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر الاِسلام في الديلم حتى اهتدوا به بعد الضلالة وعدلوا بدعائه عن الجهالة، وسيرته الجميلة أكثر من أنْ تحصى، وأظهر من أن تخفى».
وقال الطبري: «ولم يرَ الناس مثل عدل الاَطروش، وحسن سيرته، وإقامته الحقّ».
توفّي رحمه الله بآمل طبرستان في شهر شعبان سنة 304هـ عن أربع وسبعين سنة.
تاريخ الطبري 10/149 في حوادث سنة 302هـ، الناصريات: 214، رجال النجاشي: 57 رقم 135، رجال العلاّمة الحلّي: 215 رقم 18 رجال ابن داود: 239 رقم 126، المجدي في الاَنساب: 152 في أعقاب عمر الاَشرف، الكامل في التاريخ 8/81 في حوادث سنة 301هـ، رياض العلماء 1/276 ـ 294، خاتمة مستدرك الوسائل 3/791 من الفائدة العاشرة.
وله ترجمة مفصّلة في كتاب «الحدائق الوردية في تراجم أئمة الزيدية» للشهيد حميد بن أحمد المحلي (ت 652هـ) في جزئه الثاني ـ طبع دمشق ـ ص 28 ـ 41، وله ترجمة أيضاً في كتاب «طبقات الزيدية» (مخطوط في مكتبة المحقّق السيّد محمّد رضا الجلالي) ج 2 ورقة: 335/أ، وسيأتي ما له صلة بترجمته في الهامش الآتي.
(2) للشيخ البهائي رسالة في إثبات وجود صاحب الزمان عليه السلام، فصّلها الاَفندي في رياض العلماء 1/293، وقد ذكر الشيخ البهائي فيها كلاماً متيناً في إبطال زيدية الناصر، مؤكّداً على كونه ـ عند محقّقي الشيعة ـ تابعاً في دينه للاِمام جعفر الصادق عليه السلام، وأمّا عن قوله في الوضوء فقد عزاه البهائي إلى سياسته التدبيرية من دعوة المذاهب كلّها إلى نصرته.
هذا، وتجد قوله بالجمع بين الغسل والمسح في تفسير الرازي 11/161، والبحر المحيط 3/437، وتفسير النيسابوري 6/73، وروح المعاني 6/73.
(3) كما في المحلّى 2/49، وحلية العلماء 1/155، وبدائع الصنائع 1/5، وبداية المجتهد 1/15، ومقدمات ابن رشد 1/53، وتفسير الرازي 11/161، والمغني 1/150، والكافي ـ لابن قدامة ـ 1/38، والجامع لاَحكام القرآن 6/91، والمهذّب في فقه الشافعية 1/18، والمجموع شرح المهذب 1/418، وشرح فتح القدير 1/10، والدر اللقيط 3/436، والبحر المحيط 3/437، وتفسير النيسابوري 6/73، وعمدة القاري 2/238، ونيل الاوطار 1/208، والهداية في تخريج أحاديث البداية 1/155.
________________________________________ الصفحة 370 ________________________________________
وإنّما الّذي يوجد فيها يُشْعِر بالمسح كما (سيجيء)(1) بيانه(2).
التعلیقات