المعاجز
التوحيد
2024 Sep 19
المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج٣ ، ص ٢٢٩ ـ ٢٣١
( ٢٢٩ )
الطريق الأوّل
لإثبات نبوة نبي الإسلام
الاستدلال بمعجزاته
قد عَرّفنا المعجز عند البحث في النبوة العامة بالنحو التالي:
المعجز أمر خارق للعادة ، مقرون بالدعوى ، والتحدّي ، مع عدم
المعارضة ، ومطابقته للدعوى.
فعلينا أن نبحث عن إنطباق هذا التعريف على دلائله الّتي أقامها مدّعي
النبوة إثباتاً لصحة دعواه.
إنّ التعريف المذكور ينطوي على أُمور:
١ ـ دعوى النبوة.
٢ ـ الإتيان بأمر خارق للعادة.
٣ ـ التحدّي على الإتيان بمثله.
٤ ـ العجز عن مقابلته.
٥ ـ مطابقة المعجزة للدعوى.
وهذه القيود الّتي ذكرناها للمعجز تنطبق عل ما جاء به نبي الإسلام ،
وإليك بيانها إجمالاً:
________________________________________
( ٢٣٠ )
١ ـ دعوى النبوة
لا شك أنّه ادعى النبوة ، بضرورة التاريخ ، ونصّ كتابه:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)(١).
٢ ـ خرق العادة
قد ضبط التاريخ أنّه كانت لنبيّ الإسلام معاجز كثيرة في مواقف حاسمة ،
غير أنّه كان يركّز على معجزته الخالدة ، وهي القرآن الكريم . ونحن نقدم البحث
في هذه المعجزة الخالدة ، ثمّ نتبعه بالبحث في سائر معجزاته.
٣ ـ التحدّي
ولا شك أنّه تحدى ـ بما ادّعى أنّه أمر معجز ـ الإنسَ والجنَّ ، وقال بنصّ
كتابه: ( وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(٢).
٤ ـ العجز عن مقابلته
إنّ من ألمّ بتاريخ تحدّي النبي الأكرم : من زمن نزول القرآن إلى عصرنا
هذا ، يقف على أنّه لم يتمكن فرد ، ولا لجنة علمية من الإتيان بمثل معجزته.
ويعرف تفصيل ذلك عند البحث عن إعجاز القرآن ، فانتظر.
٥ ـ مطابقة المعجزة للدعوى
إنّ هذا القيد ، يبحث عنه في سائر معاجزه الّتي له فيها مورد ، كما في إناطة
ــــــــــــــــــــــــــــ
١- سورة الأعراف: الآية ١٥٨.
٢- سورة البقرة: الآية ٢٣. وفي آيات أخرى تأتي الإشارة إليها.
________________________________________
( ٢٣١ )
قريش إيمانها بنبوته ، بشقه القمر ، وتسبيح الحصى ، وغير ذلك ، فقام بما اقترحوا
عليه ، بإذن الله سبحانه ، وكانت المعجزة مطابقة لدعواه ، كما سيوافيك في
الفصل الخاص ببيان سائر معجزاته.
إذا وقفت على تعريف الإعجاز ، وانطباقه على ما أتى به ، إجمالاً ، فيقع
الكلام في مقامين:
المقام الأوّل : في معجزته الكبرى الخالدة على جبين الدهر ، وهي القرآن
الكريم ، وإثبات أنّه كتاب خارق للعادة ، وخارج عن طور الطاقة البشرية.
المقام الثاني : في سائر معاجزه الّتي ضبطها التاريخ والحديث.
التعلیقات