ما حكم من لا يقول بأنّ الإمامة أصل من أصول الدين ؟
الشيخ محمد السند
منذ 15 سنةالسؤال : ما قولكم في من لا يقول بأنّ الإمامة أصل من أصول الدين ؟
الجواب : روى عن النبي صلّى الله عليه وآله كل من الفريقين بطرق متواترة أن : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة » بألفاظ مختلفة ، ومن البيّن أنّ المعرفة قلبيّة إعتقاديّة ، وهذا الإمام الذي معرفته هي مدار إيمان وإلّا فيموت الإنسان موتة أهل الجاهليّة ، لا يكون إلّا معصوماً ، والقول بإمامته من أصول الدين.
وكذلك قوله تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) [الشورى : 23 ] ؛ فإن جعل أجر الرسالة كلّها ، بما فيها من أصول الدين ، جعل أجر أصول الدين وفروعه مودّة آل محمّد صلوات الله عليهم ، دالّ على أنّ مودّتهم وولايتهم وإمامتهم من نسيج أصول الدين ؛ بمقتضى التعادل والتساوي بين المعوض والعوض والأجر ، وإلّا لكان تعبير القرآن بالأجر مسامحة والعياذ بالله تعالى.
وكذلك قوله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) [ المائدة : 3 ] ، ما هو الخطب في ذلك اليوم الذي يصفه القرآن بأنّ الدين لم يكمل قبله ، أنّ أصول الدين لم تكمل قبله ، وأنّه تعالى لم يكن راضياً للمسلمين بالإسلام من دونه ؛ فما هو ذلك الخطب في ذلك اليوم ، يوم غدير خمّ ، بعد حجّة الوداع ؟! لا يكون ما نزل في ذلك اليوم إلّا من أصول الدين ، فهو الذي يتناسب مع هذا الحجم من التعظيم والخطورة التي يبرزها القرآن له ، ولذلك قال تعالى في سورة المائدة ـ آخر السور نزولاً ـ أيضاً : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) [ المائدة : 67 ] ، فما هو هذا الأمر الذي عادل الباري تعالى بينه وبين مجموع الرسالة ، وأنّ خطورته تعدل مجموع الرسالة ، وأنّه كانت لدى النبي صلّى الله عليه وآله خشية من عدم قبول الناس لتبليغه ذلك الأمر ، وأنّه تعالى جعل الجاحدين لذلك الأمر هم القوم الكافرين بالإيمان ؟!
فترى المعادلة في هذه الآية ، وكذلك الآية السابقة ، وكذلك آية المودّة ، وكذلك الحديث النبوي في معرفة الإمام ، وكذلك حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين : « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي » ؛ فإنّ المعأدلة بين الكتاب والعترة ، تقضى بأنّ إمامتهم من أصول الدين ؛ لأنّ الإيمان بالكتاب من أصول الدين ، ومن الإيمان بنبوّة النبي صلّى الله عليه وآله ، فكذلك أعدال الكتاب ، وغير ذلك من الأدلّة الدالّة على كون إمامتهم من أصول الدين ، وعلى ذلك فمن يقول بأنّ الإمامة ليست من أصول الدين ، يعني أنّ الاعتقاد بإمامتهم غير واجب وغير لازم ، أيّ لا يلزم نفسه بالاعتقاد بإمامتهم ، وبالتالي فيخرج نفسه من ربقة الإيمان بمقتضى الأدلّة والبراهين الدينيّة المتقدّمة ، وإن بقي على ظاهر الإسلام لا على حقيقته :( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ الحجرات : 14 ].
التعلیقات
١