الوضوء في عهد أبي بكر
السيد علي الشهرستاني
منذ 15 سنةعهد أبي بكر « 11 ـ 13 هـ »
لم ينقل التاريخ في هذا العهد خلافاً بين المسلمين في الوضوء ، ذلك لقرب عهدهم بالنبي (ص) ، وأنّه لو كان لبان ، بل التحقيق عدمه ، إذ أن حكم الوضوء لم يكن كغيره من الأحكام الشرعيّة ، كالعارية ، الشفعة ، العتق ، ... وغيرها من الأحكام ممّا يمكن تجاهلها أو التغاضي عن فهم حكمها ، لعدم الابتلاء بها كثيراً ، وعدم تلك الأهميّة الموجودة في مثل الوضوء ، إذ أن الوضوء فعل يمارسه المسلم عدة مرّات في اليوم الواحد ، وتتوقّف عليه أهم الأمور العباديّة ، وأن الاختلاف في أمر كهذا مثار للدهشة والاستغراب ، وتزداد الغرابة إذا ما تصوّرنا وقوعه مع عدم وجود دليل أو نصّ روائي شرعي يدلّ عليه.
وهنا نؤكّد ونقول : إنّه من الأمور التي تنطبق عليها قاعدة « لو كان لبان » ، فعدم ورود نصّ ينبئ عن وجود الخلاف ، وعدم وجود ردود فعل للصحابة في أمر الوضوء ، أو ما شابه ذلك ، دليل على استقرار الوضع بين المسلمين فيه ، وعلى تعبّدهم بسيرة الرسول (ص).
وإنّنا رغم استقصائنا الدقيق في كتب التاريخ بحثاً عن مؤشر واحد يدلّنا على اختلاف المسلمين في حكم من أحكام الوضوء في ذلك العهد ، لم نعثر على أثر يذكر.
ثمّ إن عدم وجود بيان لصفة وضوء رسول الله (ص) من الخليفة الأوّل دليل آخر على استقرار الأمّة على الوضوء النبوي ، إذ أنّ الوضوء أصبح من البديهيّات التي لا تحتاج إلى تعليم ، بل كان معروفاً واضحاً متداولاً ممّا لا يحتاج إلى تأكيد الخليفة على تعليمه وذكر كيفيّته وتكراره ، ولو كان هناك خلاف أو ما يستوجب البيان والتوضيح لبيّن صفة وضوء رسول الله للناس قطعاً لدابر الاختلاف.
علماً بأن الخليفة قد حارب أهل الردّة ، معلّلاً بأنّهم قد فرقوا بين الصلاة والزكاة ، فكيف به لا يجابه الذي يحرف الوضوء ؟! وهذا مؤيّد آخر على عدم وجود الخلاف في زمانه ، إذ لو كان لوردت مؤشّرات عليه في المصادر المعتبرة ، كما رأيناه فيما يماثلها.
مقتبس من كتاب : [ وضوء النبي (ص) ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 33 ـ 34
التعلیقات