مناظرة البهلول مع أبي حنيفة في ثلاث مسائل
في العقائد
منذ 15 سنةروي في بعض الكتب إن البهلول أتى إلى المسجد يوماً وأبو حنيفة يقرّر للناس علومه ، فقال في جملة كلامه : أن جعفر بن محمد (الصادق عليه السلام) تكلم في مسائل ، ما يعجبني كلامه فيها :
الاُولى ، يقول : إن الله سبحانه موجود ، لكنه لا يُرى لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وهل يكون موجود لا يُرى ؟ ما هذه إلاّ تناقض.
الثانية ، إنّه قال : إنّ الشيطان يُعذب في النار مع أن الشيطان خُلق من النار ، فكيف يعذب الشيء بما خلق منه ؟ !
الثالثة ، إنه يقول : إن أفعال العباد مستندة إليهم مع أنّ الآيات دالة على أنّه تعالى فاعل كلّ شيء !
فلما سمعه بهلول أخذ مداةً وضرب بها رأسه وشجه ، وصار الدم يسيل على وجهه ولحيته ، فبادر إلى الخليفة يشكو من بهلول !!
فلما أحضر بهلول وسئل عن السبب ؟ قال للخليفة : إن هذا الرجل غلّط جعفر بن محمد عليهما السلام في ثلاث مسائل :
الاُولى : إن أبا حنيفة يزعم أن الاَفعال كلّها لا فاعل لها إلاّ الله ، فهذه الشجة من الله تعالى ، وما تقصيري ؟ !
الثانية : إنّه يقول : كلّ شيء موجود لا بدّ أن يُرى ؟! فهذا الوجع في رأسه موجود ، مع أنّه لا يُرى ؟ !
الثالثة : إنه مخلوق من التراب ، وهذه المداة من التراب ، وهو يقول : إن الجنس لا يُعذب بجنسه ، فكيف يتألم من هذه المداة ؟
فأعجب الخليفة كلامُه ، وتخلّص من شجة أبي حنيفة (2).  
____________
  (1) هو : أبو وهيب بهلول بن عمر الصيرفي الكوفي ، ولد بالكوفة وعن مجالس  المؤمنين ، أن  بهلولاً كان من أصحاب الاِمام الصادق عليه السلام وأنّه كان يستعمل التقية ،  وان الرشيد كان يسعى في  قتل الاِمام الكاظم عليه السلام ، ويحتال في ذلك ، فأرسل إلى حملة الفتوى  يستفتيهم في إباحة دمه  متهماً أياه بارادة الخروج عليه ، ومنهم البهلول ، فخاف من هذا واستشار  الكاظم عليه السلام فأمره  بإظهار الجنون ليسلم ، وفي روضات الجنات : ان الرشيد أراد منه ان يتولى  القضاء ، فأبى ذلك ،  وأراد أن يتخلص منه فاظهر الجنون ، فلما أصبح تجانن وركب قصبة ودخل السوق  وكان يقول :  طرقوا خلوا الطريق لا يطأكم فرسي ، فقال الناس : جن بهلول ، فقال هارون :  ما جنّ ولكن فر  بدينه منا ، وبقي على ذلك إلى أن مات ، ويظهر من أخباره ومناظراته انّه كان  من أهل الموالاة  والتشيع لاَهل البيت عليه السلام عن بصيرة نافذة ، وله كلمات حسنة ومواعظ  بليغة وأشعار رائقة منها  قوله :
 
| يـا مـن تمتع بالدنيا وزينتها | 
* | 
ولا تنام عن اللذات عيناه | 
| شغلت نفسك فيما ليس تدركه | 
* | 
تقول لله مـاذا حين تلقاه | 
وقال للرشيد يوماً :
 
| هب أنك قد ملكت الاَرض يوماً | 
* | 
ًودان لك العباد فكان ماذا | 
| ألست تـصير فـي قبر ويحث | 
* | 
وعليك ترابه هـذا وهذا | 
قيل توفي سنة 190 هـ ، وقبره ببغداد.  راجع ترجمته وأخباره في : أعيان الشيعة للاَمين : ج  3 ص 617 ـ 623 ، فوات الوفيات للكتبي: ج 1 ص 228 ترجمة رقم : 84 ، المستفاد  من ذيل  تاريخ بغداد : ج 19 ص 91 ترجمة رقم : 60 ، الطبقات الكبرى للشعراني : ج 1 ص  68 رقم :  138 ، البداية والنهاية : ج 10 ص 200 ، عقلاء المجانين للنيسابوري: ص100.
 (2) شجرة طوبى للحائري : ج 1 ص 48 ـ 49 (المجلس العشرون) ، أعيان الشيعة  للاَمين : ج 3  ص 618 ، عن مجالس المؤمنين.

التعلیقات
٣