مناظرة عائشة وحفصة مع عثمان في مسألة توريث النبي صلى الله عليه وآله وميراث الزهراء عليها السلام منه
في العقائد
منذ 14 سنةقال ابن شاذان في الاِيضاح : وروى شريك بن عبدالله في حديث رفعه : إنّ عائشة وحفصة أتتا عثمان حين نقّصَ أمهات المؤمنين ما كان يعطيهنّ عمر ، فسألتاه أن يعطيهما ما فرض لهما عمر !
فقال : لا والله ما ذاك لكما عندي .
فقالتا له : فأتنا ميراثنا من رسول الله صلى الله عليه وآله من حيطانه (1)؟
وكان عثمان متكئاً ، فجلس ، وكان عليّ بن أبي طالب عليه السلام جالساً عنده ، فقال : ستعلم فاطمة عليها السلام أنّي ابن عمّ لها اليوم ، ثمّ قال : ألستما اللّتين شهدتما عند أبي بكر ، ولفقتما معكما أعرابيّاً يتطهر ببوله ، مالك بن الحويرث بن الحدثان (2) ، فشهدتم أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال : إنّا معاشر الاَنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة (3) ، (حتىمنعتما فاطمة ميراثها ، وأبطلتما حقّها ، فكيف تطلبين اليوم ميراثاً من النبي صلى الله عليه وآله ) ؟!
فإن كنتما شهدتما بحق فقد أجزت شهادتكما على أنفسكما ، وإن كنتما شهدتما بباطل ، فعلى من شهد بالباطل لعنه الله والملائكة والناس أجمعين .
فقالتا : يا نعثل (4)، والله لقد شبّهك رسول الله صلى الله عليه وآله بنعثل اليهودي !!
فقال لهما : ( ضَرَبَ اللهُ مَثلاً للذينَ كفرُوا امرأةَ نوحٍ وامرأةَ لوط ) (5) فخرجتا من عنده ... (6)
____________
(1) وليست هذه المطالبة الاَولى لهن بميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وآله بل سبق وأن طالبن بميراثهن في زمن الخليفة الاَول ، وممن روى ذلك : أبو زيد البصري (ت 262 هـ ) في كتابه تاريخ المدينة المنورة : ج 1 ص 205 ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج 16 ص 210، عن كتاب السقيفة وفدك لاَبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال : قال أبو بكر ـ بسنده ـ عن عائشة أن أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله أردن لمّا توفي أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ ـ أو قال : ثُمنهنّ ـ قالت : فقلت لهنّ : أليس قد قال النبيّ صلى الله عليه وآله : لا نورث، ما تركناه صدقة . ومثله أيضاً في ص 223 ، عن عائشة قالت : أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وآله عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألُ لهن ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وآله ممّا أفاء الله عليه ...الخ .
وأيضاً رواه البخاري في صحيحه في (كتاب المغازي ب حديث بني النضير) ج 5 ص 115 .
أقول : والذي يظهر من هذه الاَخبار ، أن قبول عثمان للذهاب إلى الخليفة فى المطالبة بميراثهنّ ، وعدم ردعه لهن ، صريح في عدم تعويله وتصديقه للخبر المروي ، نحن معاشر الاَنبياء لا نورث ، وإلاّ لاحتج عليهن به ، ويكفيه عذراً في عدم الذهاب . إلاّ أن يقال لم يكن على دراية بالخبر ولم يعلم به بعد ، وذلك بعيد إذ من المقطوع به انّه كان مطلعاً بما جرى بين الخليفة والزهراء عليها السلام في مطالبتها بفدك ، واحتجاج الخليفة بهذا الحديث الذي تفرّد به ، وعلى رواية أخرى رواه معه مالك بن أوس بن الحدثان . كما نصّ على ذلك أيضاً ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج 16 ص 245 .
(2) روي عن حنان بن سدير قال : سأل صدقة بن مسلم أبا عبدالله عليه السلام ـ وأنا عنده ـ فقال : من الشاهد على فاطمة عليها السلام بإنها لا ترث أباها فقال : شهدت عليها عائشة وحفصة ورجل من العرب ، يقال له : أوس بن الحدثان ، من بني النضير ، شهدوا عند أبي بكر بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : لا أروث ، فمنعوا فاطمة عليها السلام ميراثها من أبيها صلى الله عليه وآله ، عن قرب الاِسناد للحميري: ص 99 ح 335 ، وعنه بحار الاَنوار : ج 22 ص 101 ح 59 .
(3) تقدّمت تخريجاته .
(4) فقد روى المؤرخون أنّ عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان ، وكانت تسميه نعثلاً . راجع في ذلك : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 6 ص 215 ـ 217 ، تاريخ الاَمم والملوك للطبري : ج 4 ص 459 ، الكامل في التاريخ لابن الاَثير : ج 3 ص 206 .
(5) سورة التحريم : الآية 10 .
(6) الاِيضاح لابن شاذان : ص 139 ـ 142 ، الاَمالي للشيخ المفيد : ص 125 م 15 ح 3 ، كشف الغمّة في معرفة الاَئمّة للاَربلي : ج 1 ص 478 ـ 479 .
التعلیقات