مناظرة السيد علي البطحائي مع الشيخ سيف في حكم تقبيل ضريح النبي (صلى الله عليه وآله) والصلاة عنده
في الاحكام
منذ 14 سنةقال رئيس هيئة الاَمرين بالمعروف الشيخ سيف إمام مسجد الغمامة بالمدينة: لاَي علة تقبّلون شبابيك الحديد في حرم الرسول صلى الله عليه وآله ، والتقبيل شرك ؟
قلت: لاَي علة تقبّلون أنتم الحجر الاَسود وجميع الشيعة وأهل السنة كلهم يقبّلون الحجر الاَسود ؟ لاَي علة تقبلون جلد القرآن ، وأنت ألا تقبل ولدك ؟ ألا تقبّل زوجتك ؟ فأنت إذن مشرك ، وفي كل ليلة وكل ويوم يُشرك الاِنسان مائة مرة.
قال رئيس الهيئة: الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله مات ، والميت لا يضر ولا ينفع ، فأي شيءٍ تريدون من قبر الرسول ؟
قلت: الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله ما مات ، لاَن القرآن يقول: ( ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزقون )(1)والروايات الواردة في أن حرمته ميتاً كحرمته حياً كثيرة.
قال: هذه الحياة غير الحياة التي نحن فيها.
قلت: أي حياة تقولون بها ، نحن نقول بها ، وأنت إذا مات أبوك ألا تذهب إلى قبره وتطلب المغفرة له ؟
قال: نعم.
قلت: يا شيخ ، إنا ما رأينا الرسول صلى الله عليه وآله في زمن حياته ، والساعة نجيء لزيارة قبره الشريف ونتبرك به.
قال: لاَي علة تصيحون عند القبور ، والصياح عند القبور حرام ؟
قلت: الصياح عند القبور ليس بحرام ، بالاَخص عند قبر الرسول الاَعظم والاَئمة المعصومين ، لاَن الرسول صلى الله عليه وآله وفاطمة الزهراء عليها السلام صاحا على حمزة سيد الشهداء عليه السلام .
قال: الخليفة الثاني عمر نهى عن الصياح عند القبور.
قلت: لا نعتني بقول عمر بعد فعل الرسول صلى الله عليه وآله ، وفاطمة الزهراء عليها السلام عند قبر حمزة عليه السلام .
قال الشيخ رئيس الهيئة: لاَي علة تصلون للنبي صلى الله عليه وآله صلاة الزيارة ، والصلاة لغير الله شرك ؟
قلت: إنا لا ن صلي للنبي صلى الله عليه وآله بل نصلي لله ، ونهدي ثوابها إلى روح الرسول صلى الله عليه وآله.
قال: الصلاة عند القبور شرك ؟
قلت: فعليه ، الصلاة في المسجد الحرام أيضاً شرك ، لاَن في حجر إسماعيل قبر هاجر وقبر إسماعيل وقبور بعض الاَنبياء على ما نقله الفريقان(2) فعلى ما قلت تكون الصلاة في حجر إسماعيل شركاً ، والحال أن أرباب جميع المذاهب ، الحنفي والحنبلي والمالكي والشافعي وغيرهم يصلون في حجر إسماعيل(3) ، فلا تكون الصلاة عند القبور شركاً.
سألت رئيس الهيئة عن الاَسماء المكتوبة على جدران مسجد الرسول: أبو بكر وعمر ، وطلحة ، والزبير وعلي بن أبي طالب عليه السلام .. إلى آخر العشرة الذين تقولون بأن الرسول صلى الله عليه وآله بشرهم بأنهم من أهل الجنة ، وتسمونهم بالعشرة المبشرة بالجنة(4) (2).. كيف يُحارب رجلٌ من أهل الجنة مع رجل من أهل الجنة ؟ أما حارب طلحة والزبير بزعامة عائشة في الجمل بالبصرة علي بن أبي طالب عليه السلام إمام المسلمين الذي بايعه أهل الحل والعقد ، مع أنكم تقولون بأن الرسول صلى الله عليه وآله بشّر علي بن أبي طالب عليه السلام بأنه من أهل الجنة(5)وطلحة والزبير بشرهما بأنهما من أهل الجنة ، مع أن القرآن يقول: ( ومن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها )(6) ؟ فحديث العشرة المبشرة مخالف للقرآن ، فاللازم ضربه على الجدار ، لأن القرآن يقول بالنسبة إلى الرسول صلى الله عليه وآله : ( ولو تقوّل علينا بعض الاَقاويل لاَخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين )(7)، فحديث العشرة المبشرة كذب محض ، ويكون الحق إما مع علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وإما مع طلحة والزبير ، وعلى رأسهم عائشة اُم المؤمنين ، وكل المسلمين يعترفون بأن الحق مع علي عليه السلام لاَنه إمام المسلمين بإجماع أهل الحل والعقد .
لكن الشيخ رئيس الهيئة قال: بأن الجماعة المذكورة يعني علي ابن أبي طالب عليه السلام وطلحة والزبير وعائشة كلهم مجتهدون.
قلت: الاِجتهاد على خلاف القرآن لا يجوز ، فاقرؤا أيها القرّاء الكرام واحكموا بما هو مفاد العقل والوجدان السليم.(8)
____________
(1) سورة آل عمران : الآية 169 .
(2) حِجْرُ إسماعيل وهو : الناحية التي بين جدار الكعبة الشمالي وبين البناء المستدير على شكل نصف دائرة ، ويسمى بالحطيم أيضاً ، وفيه قبور جملة من الاَنبياء كقبر إسماعيل عليه السلام ، وفيه أيضاً قبر أمه هاجر ، وقيل : إنّ إسماعيل دفن أمه فيه فكره أن توطأ فحجر عليه حجراً ، وفيه أيضاً موضع شبير وشبر أبني هارون عليه السلام ، وروي عن الاِمام الباقر عليه السلام : ان ما بين الركن والمقام لمشحون من قبور الاَنبياء ، وروي عن الاِمام الصادق عليه السلام : دفن ما بين الركن اليماني والحجر الاَسود سبعون نبياً ... وفي أخبار مكة : عن عبدالله بن حمزة السلولي قال : ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم إلى الحجر ، قبر تسعة وتسعين نبياً جاؤا حجاجاً فقبروا هنالك... راجع : بحار الاَنوار : ج 12 ص 113 ح 40 وص 117 ح 55 ، سفينة البحار : ج2 ص 398 ، أخبار مكة للاَزرقي : ج 1 ص 68 وج 2 ص 134 ، معجم البلدان : ج2 ص221.
(3) وقد جاء في أخبار مكة للاَزرقي : ج 1 ص 312 عن عائشة قالت : ما أبالي صليت في الحجر أو في الكعبة . كما أورد حديثاً عن أسماء بنت أبي بكر ـ في ص 316 ـ عن جلوس النبي صلى الله عليه وآله في الحجر .
(4) تقدمت تخريجاته .
(5) كما جاء أيضاً في كنز العمال : ج 13 ص 110 ح 36360 ، عن النبي صلى الله عليه وآله : يا علي أنت في الجنة ، وفي حديث آخر عنه أيضاً في ج 9 ص 170 ح 25555 ، قال له صلى الله عليه وآله : وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي ... الخ .
(6) سورة النساء : الآية 93 .
(7) سورة الحاقة : الآية 45 .
(8) مناظرات في الحرمين الشريفين للبطحائي : ص 8 ـ 11 .
التعلیقات