مناظرة ابن عباس مع عمر
في الإمامة
2024 Sep 7قال ابن عباس :
كنت عند عمر ، فتنفّس نفسا ظننتُ أنّ أضلاعه قد انفرجت .
فقلت : ما أخرج هذا النّفسَ منك يا أميرَ المؤمنين إلاّ همُّ شديد !
قال : إي والله يا بن عباس ! إني فكّرتُ فلم أدْرِ فيَمنْ أجعلُ هذا الامر بعدي ، ثم قال : لعلّك ترى صاحبك لها أهلا !
قلت : وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه !
قال : صدقت ، ولكنه امرؤ فيه دُعابة .
قلت : فأين أنت عن طلحة !
قال : ذو الَبأو(١) وبإصبعه المقطوعة !
قلت : فعبد الرحمن ؟
قال : رجل ضعيف لو صار الامر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته .
قلت : فالزّبير ؟
قال : شكسٌ لقس(٢) يُلاطم في النقيع في صاعٍ من بُرّ !
قلت : فسعد بن أبي وقاصِ ؟
قال : صاحب سلاح ومِقْنب(٣) .
قلت : فعثمان ؟
قال : أوَّه ! ثلاثا ، والله لَئِن وليَها ليحملَنَّ بني أبي مُعَيط على رقاب الناس ، ثم لتنهض العرب إليه .
ثم قال : يا بن عباس ، إنه لا يصلُح لهذا الأمر إلاّ خَصِف العقدة ، قليل الغّرة ، لا تأخذه في اللّه لومة لائم ، ثم يكون شديدا من غير عنف ، ليّنا من غير ضعف ، سخيّا من غير سرف ، ممسكا من غير وكَف(٤) .
قال : ثمّ أقبل عليَّ بعد أن سكت هُنَيئة ، وقال : أجرؤهم والله إن وَليها أنٌ يحملهم على كتاب ربّهم وسنة نبيّهم لصاحِبُك ! أما إن وليَ أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم(٥) .
____________
(١) البأو : العُجب والتفاخر .
(٢) الشكسُ اللقس : سيُ الخلق .
(٣) المقِنبْ : جماعةُ الخيل .
(٤) الوكف : العيب .
(٥) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ ص ٥١ ـ ٥٢ .
التعلیقات