دولة العلويين
الدول الشيعية عبر التاريخ
منذ 14 سنة
المصدر : الشيعة في الميزان ، تأليف : محمّد جواد مغنية ، ص 135 ـ 137
/ صفحة 135 /
دولة العلويين
في سنة 250 ظهر في طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وبايعه الناس، واستمر في الحكم 19 سنة، وبضعة أشهر وقام من بعده أخوه محمد، وبقي في الولاية 17 عاما وبضعة شهور.
قال السيد الامين في الجزء الخامس والاربعين من الاعيان ص 141 طبعة سنة 1959:
كان محمد هذا إذا افتتح الخراج نظر إلى بيت المال، وما فيه من خراج السنة الماضيه ففرقه في قبائل قريش، ثم في الانصار، وأهل القرآن والفقهاء، وسائر طبقات الناس، حتى لا يبقى منه درهم.
وفي ذات يوم جلس يوزع الاموال، فقام إليه رجل.
فقال له: من أي قبيلة أنت؟
قال: من بني عبد مناف.
قال محمد: من أي عبد مناف؟ قال الرجل: من بني أمية.
قال محمد: من أي رجل منهم؟ فسكت.
قال محمد: لعلك من ولد معاوية؟
قال الرجل: نعم.
قال محمد: فمن أي ولده؟ فسكت. قال: لعلك من ولد يزيد؟
قال الرجل: نعم.
فنظر العلويون إليه شزرا. فصاح بهم محمد، وقال: لعلكم تظنون أن في
/ صفحة 136 /
قتله إدراكا لثأر أبي الحسين؟ إن الله سبحانه قد حرم أن تطالب نفس بغير ما كسبت. ثم أن محمدا حدث جلساءه بهذا الحديث:
قال: حدثني أبي عن أبيه أن المنصور كان بمكة في سنة من السنين، فعرضت عليه جواهر كانت عند هشام بن عبد الملك، فقال: بلغني أن عند محمد بن هشام جواهر غير هذه، وكان محمد بن هشام حاجا في تلك السنة، فانتطر المنصور، حتى اجتمع الناس في الكعبة، فأمر وزيره الربيع أن يغلق جميع الابواب، ويوكل بها من يطمئن إليه، ويبقي بابا واحدا، يقف عليه الربيع، ولا يدع أحدا يخرج إلا من يعرفه حق المعرفة، إما شخصيا، أو بشهود.
وفعل الربيع ذلك، وكان ابن هشام في الكعبة، فعرف أنه هو المطلوب، فذعر وخاف، واضطرب أيما اضطراب، فرآه محمد بن زيد بن علي بن الحسين على تلك الحالة، وهو لا يعرفه، فسأله عن شأنه، فقال الاموي: ألي الامان إن أخبرتك؟
قال السيد العلوي: نعم، وأنت في ذمتي، حتى أخلصك.
فقال الاموي: أنا محمد بن هشام بن عبد الملك، فمن أنت؟
قال العلوي: أنا محمد بن زيد بن علي بن الحسين.
فازداد خوف الاموي، وقال: عند الله أحتسب نفسي.
قال السيد العلوي: لا بأس عليك، وسأعمل لخلاصك، على أن تعذرني في مكروه أتناولك به.
قال الاموي: أنت وذاك.
فنزع السيد العلوي رداءه، وطرحه على رأس الاموي ووجهه، وأخذ يجره من خلفه، حتى إذا وصل إلى الباب، جعل العلوي يضرب راس الاموي، ويقول للربيع: يا أبا الفضل إن هذا الخبيث جمال من أهل الكوفة، أكراني جماله ذهابا وإيابا، ولكنه هرب مني، وأكرى جماله لغيري، فأعطني رجلين يحرسانه، حتى يؤدي إلي حقي. فأعطاه الربيع شرطيين، فمضيا معه، فلما بعد عن المسجد، قال له العلوي: يا خبيث تؤدي إلي حقي؟
قال الاموي: نعم يا ابن رسول الله. فقال للحارسين: انطلقا عنه. ثم أطلقه، فقبل الاموي رأس العلوي، وقال: بأبي أنت وأمي، الله أعلم حيث
/ صفحة 137 /
يجعل رسالته، ثم أخرج جواهر ودفعها إليه، وقال: أرجو أن تشرفني بقبولها.
قال: نحن أهل بيت لا نقبل على المعروف ثمنا، وقد تركت لك أعظم من هذا: وهو دم أبي زيد الذي قتله أبوك هشام، وفانصرف ووار شخصك.
ولا بدع إذا عفا حفيد أمير المؤمنين عن ابن قاتل أبيه، فجده من قبل صفح عن ألد أعدائه ابن العاص، وابن أرطأة، وابن الحكم، وصاحبة الجمل، وأوصى بقاتله خيرا.
ولما توفي محمد بن زيد تولى من بعده الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي ابن الحسين المعروف بالاطروش، وأقام في الحكم 13 سنة يدعو إلى الاسلام، فأسلم على يده خلق كثير، وذهبوا مذهب التشيع، وبنى المساجد والمعابد (1).
وفي كتاب " الادب في ظل بني بويه " ص 15 أن أهل الديلم كانوا وثنيين، مع أن بلادهم افتتحت منذ عهد عمر بن الخطاب، وقد استمروا خاضعين للحكم الاسلامي مع بقائهم على وثنيتهم، حتى حل بينهم الحسن بن علي الاطروش، فدخلوا في الاسلام، واعتنقوا مذهب التشيع على يده.
وقال المسعودي في آخر الجزء الرابع من كتابه " مروج الذهب ": أقام الاطروش في الديلم والجبل سنين، وهم جاهلية، ومنهم مجوس، فدعاهم إلى الله، فاستجابوا، وأسلموا إلا قليلا منهم في مواضع من بلاد الجبل، والديلم جبال شاهقة، وقلاع وأودية، ومواضع خشنة، وقد بنى الاطروش في بلادهم المساجد.
وقتل سنة 304 ه، فقام بعده صهره الحسن بن القاسم العلوي، وقتل سنة 316، وبه انتهت هذه الدولة العلوية التي استمرت 67 سنة، وبسببها أسلمت وتشيعت بلاد الديلم.
ــــــــــــــــــــ
1 - تاريخ الشيعة للشيخ محمد الحسين المظفر. (*)
التعلیقات
١