الفرق الواقعية للشيعة بعد رحيل الاِمام الصادق ع
الشيعية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 53 ـ 55
________________________________________
(53)
الفرق الواقعية للشيعة بعد رحيل الاِمام الصادق ـ عليه السلام ـ: لقد عرفت أنّ جماهير الشعية كانوا متماسكين غير مختلفين، ولو طرأت هناك شبهة فلواحد أو اثنين فلم تكن موَثرة على التحامهم.
نعم، توفي الاِمام الصادق _ عليه السلام _ وكان الضغط على الشيعة شديداً وكان أبو جعفر المنصور ذلك الحاكم الطاغي يقتل العلويين بقسوة شديدة، ففي هذه الظروف أي عام 148هـ لبى الاِمام الصادق _ عليه السلام _ دعوة ربّه ولم يكن في إمكانه التصريح العام بالاِمام الذي بعده، حتى أنّه لما مات أوصى إلى خمسة أشخاص منهم أبو جعفر المنصور ومنهم حاكم المدينة وثالثهم زوجته، وبذلك جعل الاَمر مخفياً على الاَعداء. وعند ذلك نشأ اختلاف بين الشيعة وتفرّقوا إلى فرق ثلاث:
الاَُولى: السميطية:
قالوا بأنّ الاِمام هو محمد بن جعفر والاِمامة في ولده، نسبت تلك العقيدة إلى رئيس لهم باسم يحيى بن سميط (2) ولم يكتب البقاء لهذه الفرقة وليس لها رسم ولا اسم بين كتب الشيعة الذين هم أعرف بفرقهم.
________________________________________
(1) الشهرستاني: الملل والنحل: 1|167.
(2) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 27، البغدادي: الفرق بين الفرق: 61، الاِسفرائيني: التبصير: 23.
وفي الحور العين: يحيى بن أبي شميط.
________________________________________
(54)
الثانية: الفطحية:وهم القائلون بإمامة الاثني عشر مع عبد اللّه الاَفطح ابن الصادق ـ عليه السلام ـ يدخلونه بين أبيه وأخيه (الاِمام الكاظم _ عليه السلام _) ، وعن الشهيد ـ رحمه اللّه ـ أنّهم يدخلونه بين الكاظم والرضا _ عليهما السلام _ وقد كان أفطح الرأس، وقيل: أفطح الرجلين، وإنّما دخلت عليهم الشبهة مما رووا عن الاَئمة: الاِمامة في الاَكبر من ولد الاِمام، ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنوه بمسائل من الحلال والحرام ولم يكن عنده جواب، ولما ظهرت منه الاَشياء التي لا ينبغي أنّ تظهر من الاِمام، ثم إنّ عبد اللّه مات بعد أبيه بسبعين يوماً، فرجع الباقون ـ الشذّاذ منهم ـ عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى ـ عليه السلام ـ .
وقد أسماهم أبو الحسن الاَشعري بـ: «العماريـة» وقال: وأصحاب هذه المقالة منسوبون إلى زعيم منهم يسمى: عماراً، ولعل المراد منه هو: عمار بن موسى الساباطي من روَساء الفطحية. قال: الشيخ الطوسي: عمار بن موسى الساباطي وكان فطحياً له كتاب كبير جيد معتمد (1).
الثالثة: الاِسماعيلية:
وربّما يعبر عنهم بالقرامطة: وهم القائلون بإمامة إسماعيل بن جعفر ولما مات إسماعيل في حياة أبيه صارت الاِمامة في ابنه محمد بن إسماعيل، وهم فرقة كبيرة موجودة في العصر الحاضر.
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 27، والبغدادي: الفرق بين الفرق: 62. والنوبختي: فرق الشيعة: 68، والطوسي : الفهرست: برقم 527.
________________________________________
(55)
الرابعة: الواقفية: إنّ الشيعة الاِمامية القائلة بإمامة الاثني عشر قالت بإنّ الاِمام بعد جعفر الصادق _ عليه السلام _ هو ابنه موسى بن جعفر _ عليه السلام _ ولهم على إمامته براهين وحجج مقنعة، فلما توفي وقفت عدّة على إمامة موسى _ عليه السلام _ ولم يقولوا بإمامة ولده علي بن موسى الرضا _ عليه السلام _ .
قال الاَشعري: وهذا الصنف يدعون الواقفة لاَنّهم وقفوا على موسى بن جعفر ولم يجاوزوه إلى غيره، وبعض مخالفي هذه الفرقة يدعونهم بالممطورة، وذلك أنّ رجلاً منهم ناظر يونس بن عبد الرحمن فقال له يونس: أنتم أهون عليّ من الكلاب الممطورة، فلزمهم هذا النبز وربما يطلق عليهم: الموسوية (1).
هذه الفرق الاَربعة، السميطية، الفطحية، الاِسماعيلية والواقفية هي الفرق الواقعية للشيعة بعد الاِمام الصادق _ عليه السلام _ وقد هلكت جميعها ولم يبق منهم إلاّ الاِسماعيلية وأمّا النصيرية، أعني: أصحاب محمد بن نصير الفهري، فهم من الغلاة الذين لا يمتّون إلى الاِسلام والتشيع بصلة، ظهرت في عصر الاِمام الهادي _ عليه السلام _ وهم أصحاب محمد بن نصير النميريّ وقيل فيهم غير ذلك ومثلهم المفوضة ببعض معانيها. بما أنّ نطاق هذا الجزء يضيق عن التبسط سنبحث عن هذه الفرق في مقدّمة الجزء الثامن المختص بالاِسماعيلية بفضل من اللّه تبارك وتعالى.
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 28 ـ 29.
التعلیقات