مراعات شرائط الاحتفال
مواليد أولياء اللّه ووفياتهم
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 4 ، ص 327 ـ329
________________________________________
(327)
ولنختم البحث بذكر أُمور:
الأول: إنّ الاحتفال بالمواليد يجب أن يكون بعنوان أنّه تطبيق للأصل القرآني من لزوم تكريم النبي وتوقيره وتعظيمه، ولأجل ذلك يصحّ إيقاعه في كل شهر وأُسبوع ويوم، وعند ما يقام الاحتفال بمولده فإنما يقام بما أنّه جزئي لذلك بالتكريم بالخصوص، حتّى يكون الاحتفال تجسيداً لهذا الأمر، فهو بدعة لا يصار إليها، ولا أرى أحداً يدّعي أنّه ورد الأمر بالخصوص بمولده .
الثاني: يجب أن يكون الاحتفال مطابقاً للسنن الإسلامية، خالياً عما يستقبح فعله في الشريعة، كعزف المعازف، واتخاذ القيان، واختلاط الرجال بالنساء، فلو فرض أنه اقترنت بعض هذه الاحتفالات بالمحرمات، فلا يكون دليلا على حرمة نفس الاحتفال، ولا يكون سبباً للمنع عنه، فالنّ بعض الفرائص ربما تكون ذريعة لما هو أعظم من هذه المحرمات .
الثالث: ليست لإقامة الاحتفال كيفية خاصة، بل ينبغي أن يكون الكل في إطار الشريعة الغراء، ويكون في طريق تكريم النبي وتعظيمه، وإظهار الحب، وأحسن الطرق هو تلاوة الآيات الواردة في حقه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ثم الإيعاز إلى الجهود الّتي بذلها الرسول في طريق إنقاذ البشر، وبلغ بهم إلى أعلى مراتب العز والعظمة، ثم دعوة المسلمين عن طريق إلقاء الخطب بالتمسك بالكتاب والسنة، والسعي لتطبيق وتجسيد مبادئها في الحياة، ودعم الصحوة الإسلامية للنهوض والوقوف في وجه القوى الكبرى الّتي تتربص بهم الدوائر، إلى غير ذلك من الاُمور الّتي فيها خير وسعادة المسلمين كافة، في عاجلهم وآجلهم .
يقول العالم الجليل السيد محمد علوي بن عباس المالكي المكي الحسني:
________________________________________
الأول: إنّ الاحتفال بالمواليد يجب أن يكون بعنوان أنّه تطبيق للأصل القرآني من لزوم تكريم النبي وتوقيره وتعظيمه، ولأجل ذلك يصحّ إيقاعه في كل شهر وأُسبوع ويوم، وعند ما يقام الاحتفال بمولده فإنما يقام بما أنّه جزئي لذلك بالتكريم بالخصوص، حتّى يكون الاحتفال تجسيداً لهذا الأمر، فهو بدعة لا يصار إليها، ولا أرى أحداً يدّعي أنّه ورد الأمر بالخصوص بمولده .
الثاني: يجب أن يكون الاحتفال مطابقاً للسنن الإسلامية، خالياً عما يستقبح فعله في الشريعة، كعزف المعازف، واتخاذ القيان، واختلاط الرجال بالنساء، فلو فرض أنه اقترنت بعض هذه الاحتفالات بالمحرمات، فلا يكون دليلا على حرمة نفس الاحتفال، ولا يكون سبباً للمنع عنه، فالنّ بعض الفرائص ربما تكون ذريعة لما هو أعظم من هذه المحرمات .
الثالث: ليست لإقامة الاحتفال كيفية خاصة، بل ينبغي أن يكون الكل في إطار الشريعة الغراء، ويكون في طريق تكريم النبي وتعظيمه، وإظهار الحب، وأحسن الطرق هو تلاوة الآيات الواردة في حقه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ثم الإيعاز إلى الجهود الّتي بذلها الرسول في طريق إنقاذ البشر، وبلغ بهم إلى أعلى مراتب العز والعظمة، ثم دعوة المسلمين عن طريق إلقاء الخطب بالتمسك بالكتاب والسنة، والسعي لتطبيق وتجسيد مبادئها في الحياة، ودعم الصحوة الإسلامية للنهوض والوقوف في وجه القوى الكبرى الّتي تتربص بهم الدوائر، إلى غير ذلك من الاُمور الّتي فيها خير وسعادة المسلمين كافة، في عاجلهم وآجلهم .
يقول العالم الجليل السيد محمد علوي بن عباس المالكي المكي الحسني:
________________________________________
(328)
«إنّنا نرى أنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليست له كيفية مخصوصة لا بد من الالتزام وإلزام الناس بها، بل إنّ كل ما يدعو إلى الخير ويجمع الناس على الهدى ويرشدهم إلى ما فيه منفعتهم في دينهم ودنياهم، يحصل به تحقيق المقصود من المولد النبوي، ولذلك فلو اجتمعنا على شيء من المدائح الّتي فيها ذكر الحبيب ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ وفضله، وجهاده، وخصائصه، ولم نقرأ قصة المولد النبوي الّتي تعارف الناس على قراءتها، واصطلحوا عليها حتّى ظن بعضهم أن المولد النبوي لا يتم إلاّ بها، ثم استمعنا إلى ما يلقيه المتحدثون من مواعظ وإرشادات، وإلى ما يتلوه القارىء من آيات; أقول: لو فعلناه فإنّ ذلك داخل تحت المولد النبوي الشريف، ويتحقق به معنى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وأظنّ أنّ هذا المعنى لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان» انتهى(1) .ومن المؤسف جداً أنّ الوهابية قامت بشن حملة شعواء على هذا الكتاب، ولم تراع أدب الكتابة والمناظرة إلى حد اعتراف الكاتب بأسولبه القاسي في المحاورة، وينتهي في خاتمة كتابه إلى قوله: «ونكرر أسفنا وتأثرنا من القسوة الّتي آثرنا أن يشتمل عليها أسلوبنا في رد ترهاته، وأباطيله، ويعلم اللّه أن الباعث لهذا الأسلوب القاسي، الغيرة لحق اللّه(2) .
ويؤاخذ عليه أن الغيرة لحق اللّه يجب أن تكون في إطار الأدب الّذي ندب إليه الذكر الحكيم وقال: (ادْعُ إلى سبِيلِ رَبِّكِ بِالحِكْمِةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِىَ أَحْسَنُ)(3) .
وكان الإمام أميرالمؤمنين علىّ ـ عليه السَّلام ـ يؤدب أصحابه عند مقابلة الشاتمين من الشاميين، من أصحاب معاوية القاسطين بقوله: إنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَن تَكُونُوا سَبَّبابِينَ، وَلَكِنَّكُمْ لَو وَصَفْتُم أعْمَالَهُم وَذَكَرتُم حَالَهُمْ، كَانَ أصْوَبَ في القَولِ، وأبلَغَ فِي العُذْرِ، وَقُلتُم مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ: اللّهُمّ احْقِن دِمَاءَنَا
________________________________________
1. حوار مع المالكي، تأليف عبداللّه بن سليمان بن منيع، ص 168 .
2. حوار مع المالكي، ص 190 .
3. سورة النحل: الآية 125 .
________________________________________
(329)
وَدِمَاءَهُمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَبَيْنِهِم وَاهْدِهِم مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ حَتّى يَعْرِفَ الحَقُّ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرعَوِيَ عَنِ الغَىِّ وَالعُدُوانِ مِن لهج به(1) .الرابع: روى أهل السنة عن الإمام علىّ بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ أنّ رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ويصلّي عليه، ويصنع من ذلك ما انتهره عليه علىّ بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ فقال له: ما يحملك على هذا؟ قال: حبّ التسليم على النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، فقال علىّ بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ : هل لك أن أُحدّثك حديثاً عن أبي؟
قال: نعم، فقال له علىّ بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ : أخبرني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ : لا تجعلوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وصلّوا علىّ وسلّموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم(2) .
ولو صحّ الحديث فلعل انتهاره كان لأجل أنّ الرجل زاد في الحدّ وخرج عن الحد الأوسط، ولا صلة له بنفي الزيارة بتاتاً، كما لا صلة له بإقامة الاحتفال والذكريات .
إنّ هذه الرواية ظاهرة في أنه عليه الصلاة والسلام قد لاحظ أنّ ذلك الرجل قد ألزم نفسه بأمر شاق، وهو المجي، يومياً للصلاة عليه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ وزيارته، فأراد ـ عليه السَّلام ـ التخفيف عنه وإفهامه أنّ بإمكانه الصلاة و التسليم عليه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حيثما كان، فسيبلغه ذلك، فلا داعي لإلزام نفسه بما فيه كلفة ومشقّة، ولم ينهه عن الصلاة والدعاء عند قبره ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ (3)
* * * * *
________________________________________1. نهج البلاغه، الخطبة: 206 .
2. رواه السبكي عن عبدالرزاق عن القاضي إسماعيل في كتاب فضل الصلاة على النبي، بسنده إلى علي بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ ورواه عبدالرزاق في مصنفه بسنده إلى الحسن بن علي; لاحظ شفاء السقام، ص 280 ـ 281 .
3. المواسم والمراسم: ص 73 .
التعلیقات