الكوفة في مخاض الثورة
ثورة زيد
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 310 ـ 312
________________________________________
(310)
الكوفة في مخاض الثورة :
كان يوسف بن عمر عامل هشام في العراق، وكان يسكن بالحيرة وهي بلدة بين الكوفة والنجف، وخليفته في الكوفة هو الحكم بن الصلت ورئيس شرطه عمرو بن عبد الرحمن، ومع ما كان لهم عيون وجواسيس لم يطلعوا على ما كان يجري في الكوفة وما والاها من العشائر، وهذا يدل على حنكة الثائر حيث صانها من الفشل والتسرب إلى الخارج، وقد كان التخطيط معجباً جداً، حيث كان الناس يبايعون زيداً ولا يعرفون مكانه، وذلك لاَنّ معمر بن خثيم وفضيل بن الزبير يُدخلان الناس عليه وعليهم براقع لا يعرفون موضع زيد، فيأتيان بهم من مكان لايبصرون شيئاً حتى يدخلوا عليه فيبايعون (3)
كانت الثورة تستفحل إلى أن وافت رسالة هشام إلى عامله أطلعه على الاَمر
________________________________________
(3) السياغي: الروض النضير: 1|130.
________________________________________
(311)
وشتمه وسفّهه فيها بقوله: إنّك لغافل، وجاء فيها أنّ رجلاً من بني أُمية كتب في ما ذكر إلى هشام يذكر له أمر زيد فكتب هشام إلى يوسف يشتمه ويجّهله ويقول: انّك لغافل وزيد عاوز ذنبه بالكوفة يبايع له فألجج في طلبه (1)
فكتب يوسف إلى الحكم بن الصلت وهو خليفته على الكوفة بطلبه، فطلبه، فخفي عليه موضعه، فدس يوسف مملوكاً له خراسانياً ألكن، وأعطاه خمسة آلاف درهم، وأمره أن يلطف لبعض الشيعة فيخبره أنّه قد قدم من خراسان حباً لاَهل البيت وأنّ معه مالاً يريد أن يقويهم به، فلم يزل المملوك يلقى الشيعة ويخبرهم عن المال الذي معه حتى أدخلوه على زيد، فخرج، ودلّ يوسف على موضعه (2).
وفي رواية أُخرى أنّه انطلق سليمان بن سراقة إلى يوسف بن عمر فأخبره خبره، وأعلمه أنّه يختلف إلى رجل منهم يقال له عامر، وإلى رجل من بني تميم يقال له طعمة ابن أُخت لبارق، وهو نازل فيهم، فبعث يوسف يطلب زيداً في منزلهما، فلم يوجد عندهما، وأخذ الرجلان فأُتي بهما فلما كلّمهما استبان له أمر زيد وأصحابه وتخوف زيد بن علي أن يوَخذ فتعجل قبل الاَجل الذي جعله بينه وبين أهل الكوفة (3)
ظلت الحكومة تفحص عن موضع زيد فلم تحصّله، ولكن وقف على زمان تفجر الثورة وأنّه واعد أصحابه ليلة الاَربعاء أوّل ليلة من صفر سنة 122هـ.
الحيلولة بين الناس وزيد :
لما بلغ يوسف أنّ زيداً قد أزمع على الخروج في زمان محدود، أراد فصل
________________________________________
(1) الطبري: التاريخ: 5|504.
(2) الطبري: التاريخ: 5| 505.
(3) الطبري: التاريخ: 5|498.
________________________________________
(312)
الناس عن زيد، والحيلولة بين القائد والمقود.
قال الطبري: بعث يوسف بن عمر إلى الحكم بن الصلت فأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الاَعظم يحصرهم فيه، فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة، فأدخلهم المسجد، ونادى مناديه: ألا إنّ الاَمير يقول: من أدركناه في رحله فقد برئت منه الذمة ادخلوا المسجد الاَعظم، فأتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم. وطلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الاَنصاري، فخرج ليلاً وذلك ليلة الاَربعاء في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق (1)
وقف زيد على أنّ العدو قد اطّلع على سره فظل يبحث موضعه، وأنّه لو تأخر وأمهل في الخروج ربما كشف عن مخبأه، فاستعد للقتال، بإلقاء خطب تحث الاَفراد، للقيام، وقد عرفت بعضها ونورد في المقام ما لم نذكره هناك:
________________________________________
(1) الطبري: التاريخ: 5|499.
التعلیقات