مسعود بن عمر التفتازاني
علماءالأشاعرة
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 2 ، ص 360 ـ 363
________________________________________(360)
(9)مسعود بن عمر التفتازاني(712ـ 791هـ)(6)
هو من أئمّة العربية ومن المتضلّعين في المنطق والكلام،ولد بتفتازان من
________________________________________
. 6. قيل أيضاً إنّه تولد عام 722 وتوفّـي عام 787، 793هـ.
________________________________________
(361)
نواحي «نساء» في خراسان، أخذ العلوم العقلية عن «قطب الدين الرازي تلميذ العلاّمة الحلي» والقاضي عضد الدين الإيجي وتقدم في الفنون واشتهر ذكره وطال صيته وانتفع الناس بتصانيفه، وانتهت إليه معرفة العلم بالمشرق. مات في سمرقند سنة 791.(1)آثاره العلمية في الأدب والمنطق والكلام
ترك المترجم له آثاراً علمية مشرقة نذكر بعضها:
1. شرحه المعروف بـ«المطول» على «تلخيص المفتاح» للخطيب القزويني في المعاني و البيان والبديع. نقله إلى البياض عام 748هـ بهراة. وقد لخّص هذا الشرح وأسماه بالمختصر.
2. شرحه على تصريف الزنجاني، فرغ منه عام 744هـ.
3. شرحه على العقائد النسفية فرغ منه عام 778هـ.
4. شرح على شمسية المنطق فرغ منه عام 772هـ.
5. مقاصد الطالبين مع شرحه، فرغ منه عام 774هـ.
6. تهذيب أحكام المنطق ألّفه بسمرقند عام 770هـ.(2)
وهذه الآثار كلّها مطبوعة متداولة، وبعضها محور الدراسة في الجامعات العلمية إلى يومنا هذا.
ومن لطيف أشعاره ما نسبه إليه شيخنا البهائي في كشكوله:
كأنّه عاشق قد مد صفحتـه * يوم الوداع إلى توديع مرتحـل
أو قائم من نعاس فيه لوثتـه * مواصل لتخطيه من الكسل
ويظهر ممّا نقل عنه من الشعر الفارسي أنّه كانت له يد غير قصيرة في الأدب الفارسي.أو قائم من نعاس فيه لوثتـه * مواصل لتخطيه من الكسل
________________________________________
1. بغية الوعاة:2/285. 2. روضات الجنات:4/35ـ 36.
________________________________________
(362)
أشعري لا ماتريديالماتريدية منهج كلامي أسسه محمد بن محمد بن محمود المعروف بأبي منصور الماتريدي، و«ماتريد» محلة بسمرقند في ماوراء النهر ينسب إليها، وتوفّي عام 333هـ.
وهذا المنهج قريب من منهج الشيخ الأشعري، والخلاف بينهما لا يتجاوز عدد الأصابع. ولأجل تقارب الفواصل بينهما يعسر التمييز بين المنهجين، ومقتفي أثرهما. وسنعقد فصلاً ـ بإذنه سبحانه ـ لبيان هذا المنهج، وحياة مؤسسه، والفروق الموجودة بينه و بين الأشعري، وكان المؤسّسان يعيشان في عصر واحد، ويسعى كلّ منهما للغاية التي يسعى الآخر إليها. بيد أنّ الأشعري كان بالعراق قريباً من المعتزلة، والماتريدي كان بخراسان بعيداً عن مواضع المعركة.
والظاهر أنّ التفتازاني ـ رغم كونه خراسانياً قاطناً في سمرقند وسرخس وهراة ـ كان أشعرياً، ولا يفترق ماطرحه في شرح المقاصد عمّاخطته الأشاعرة أبداً.
ولنجعل الموضوع (هل هو أشعري أو ماتريدي؟) تحت محكّ التجربة. إنّ النقطة التي تفترق فيها الماتريدية عن الأشاعرة كون القضاء والقدر سالبين للاختيار عند الأشعري، وليسا كذلك عند الماتريدي.
والتفتازاني في شرحه على مقاصد الطالبين ينحو إلى القول الأوّل ويقول: قد اشتهر بين أكثر الملل أنّ الحوادث بقضاء الله تعالى وقدره، وهذا يتناول أفعال العباد، وأمره ظاهر عند أهل الحقّ لما تبين أنّه الخالق لها نفسها.
ثمّ إنّه ينقل أدلة المعتزلة على أنّه لو كان القضاء والقدر سالبين للاختيار، يلزم بطلان الثواب والعقاب(1)، ثمّ يخرج في مقام الجواب عن استدلال
________________________________________
1. وقد أتى بروايتين: إحداهما عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ والأُخرى عن علي ـ عليه السَّلام ـ وكلاهما يركزان على أنّ التقدير لا يسلب الاختيار. لاحظ رواية علي ـ عليه السَّلام ـ في نهج البلاغة قسم الحكم الرقم 78، وأمّا الرواية النبوية فهذا متنها:«روي عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أنّه قال لرجل قدم عليه من فارس: أخبرني بأعجب شيء رأيت. فقال: رأيت أقواماً ينكحون أُمّهاتهم وبناتهم وأخواتهم، فإذا قيل لهم لم تفعلون ذلك؟ قالوا: قضاء الله علينا وقدره. فقال ـ عليه السَّلام ـ : سيكون في آخر أُمّتي أقوام يقولون مثل مقالتهم، أُولئك مجوس أُمّتي».
________________________________________
(363)
المعتزلة بقوله: إنّ ما ذكر لا يدل إلاّ على أنّ القول بأنّ فعل العبد إذا كان بقضاء الله تعالى وقدره وخلقه وإرادته، يجوز للعبد الإقدام عليه، ويبطل اختياره فيه، واستحقاقه للثواب والعقاب والمدح والذم عليه قول المجوس.(1)والظاهر منه قبول النتيجة، ومعه لا يمكن أن يعدّ من الفرقة الماتريدية.
مقتطفات من المقاصد
إنّ شرح المقاصد كتاب مبسوط في علم الكلام، بعد شرح المواقف للسيد الشريف. وقد أصحر في الكتاب بفضائل علي وأهل بيته.
1. يقول: قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَناوَنِساءَكُمْ وَأَنُفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) أراد علياً. وقوله تعالى: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَودَّةَ فِي القُربى)وعليّ رضي الله عنه منهم.... إلى آخر ما ذكر في هذا الفصل من فضائل عليّ.(2)
2. ويقول في حقّ السيدة فاطمة الزهراء ـ عليها السَّلام ـ : فقد ثبت أنّ فاطمة الزهراء سيدة نساءالعالمين،وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة.(3)
3. ويقول في حقّ الإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ : وقد وردت الأحاديث الصحيحة في ظهور إمام من ولد فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.(4)
________________________________________
1. شرح المقاصد:2/144. 2. مقاصد الطالبين، هامش شرح المقاصد:2/299. 3. المصدر نفسه: 302. 4. المصدر نفسه: 307.
التعلیقات