ثورة عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب
الثائرون بعد زيد
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 347 ـ 350
________________________________________
(347)
أصحاب الانتفاضة
2
عبد اللّه بن الحسن
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب
(70 ـ 145 هـ)
إنّ عبد اللّه بن الحسن والد محمد النفس الزكية وإبراهيم اللّذين استشهدا في عصر المنصور بطيبة والبصرة.
فلابد من الاِشارة إلى حياة الوالد قبل الولدين.
يطلق عليه عبد اللّه المحض، لاَنّ أباه هو الحسن بن الحسن السبط، وأُمّه فاطمة بنت الحسين السبط، فهو منسوب إلى رسول اللّه، من كلا الطرفين وكان قوي النفس شجاعاً، ولما قدم أبو العباس السفاح وأهله سرّاً على أبي سلمة الخلاّل الكوفة ستر أمرهم، وعزم أن يجعل الخلافة شورى بين ولد علي والعباس حتى يختاروا من أرادوا، فكتب إلى ثلاثة نفر منهم: جعفر بن محمد ـ عليهما السلام ـ وعمر بن علي بن الحسين، وعبد اللّه بن الحسن، ووجّه بالكتب مع رجل من مواليهم من ساكني الكوفة فبدأ بجعفر بن محمد _ عليهما السلام _ ولقيه ليلاً وأعلمه أنّه رسول أبي سلمة وأنّ معه كتاباً إليه منه، فقال: «ما أنا وأبو سلمة وهو شيعة لغيري» فقال الرسول: تقرأ الكتاب وتجيب عليه بما رأيت، فقال جعفر لخادمه: «قدّم مني السراج» فقدّمه فوضع عليه كتاب أبي سلمة فأحرقه فقال: ألا تجيبه؟ فقال: « قد رأيت الجواب» (1)
________________________________________
(1) ذكر الشهرستاني أنّ الاِمام الصادق _ عليه السلام _: قال له: «ماأنت من رجالي، ولا الزمان زماني» الملل والنحل: 1|154، ط 1402.
________________________________________
(348)
فخرج من عنده وأتى عبد اللّه بن الحسن بن الحسن فقبّل كتابه وركب إلى جعفر بن محمد، فقال: هذا كتاب أبي سلمة يدعوني لاَمر، ويراني أحقّ الناس به وقد جاءته شيعتنا، من خراسان فقال له جعفر الصادق _ عليه السلام _: «ومتى صاروا شيعتك؟ أنت وجهت أبا سلمة إلى خراسان؟ وأمرته بلبس السواد؟ هل تعرف أحداً منهم باسمه ونسبه؟ كيف يكونون من شيعتك وأنت لاتعرفهم إلاّ يعرفونك؟ فإن هذه الدولة ستتم إلى هوَلاء القوم ولاتتم لاَحد من آل أبي طالب وقد جاءني مثل ماجاءك» فانصرف غير راض بما قاله.
وأمّا عمر بن علي بن الحسين فردّ الكتاب وقال: ما أعرف كاتبه فأُجيبه.
ومات عبد اللّه المحض في حبس أبي جعفر الدوانيقي مخنوقاً وهو ابن خمس وسبعين سنة.
وقد ذكر المسعودي كيفية القبض عليه وقال: وكان المنصور قبض على عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي _ عليه السلام _ وكثير من أهل بيته وذلك في سنة أربع وأربعين ومائة في منصرفه من الحجّ، فحملوا من المدينة إلى الربذة من جادة العراق وكان ممّن حمله مع عبد اللّه بن الحسن: إبراهيم بن الحسن بن الحسن، وأبو بكر بن الحسن بن الحسن، وعلي الخير، وأخوه العباس، وعبد اللّه بن الحسن بن الحسن، والحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن، ومعهم محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان أخو عبد اللّه بن الحسن بن الحسن لاَُمّه فاطمة ابنة الحسين بن علي، وجدتهما فاطمة بنت رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _.
فجرد المنصور بالربذة محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان فضربه ألف سوط، وسأله عن ابني أخيه محمد وإبراهيم فأنكر أن يعرف مكانهما، فسألت جدته العثماني في ذلك الوقت، وارتحل المنصور عن الربذة وهو في قبة، وأوهن القوم بالجهد، فحملوا على المحامل المكشوفة، فمر بهم المنصور في قبته على الجمازة، فصاح به عبد اللّه بن الحسن يا أبا جعفر ما هكذا فعلنا بكم يوم بدر،
________________________________________
(349)
فصيرهم إلى الكوفة، وحبسوا في سرداب تحت الاَرض لا يفرّقون بين ضياء النهار وسواد الليل، وخلّـى منهم: سليمان وعبد اللّه ابني داود بن الحسن بن الحسن، وموسى بن عبد اللّه بن الحسن، والحسن بن جعفر، وحبس الآخرين ممن ذكرنا حتى ماتوا وذلك على شاطىء الفرات من قنطرة الكوفة، ومواضعهم بالكوفة تزار في هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وكان قد هدم عليهم الموضع، وكانوا يتوضّوَن في مواضعهم فاشتدت عليهم الرائحة، فاحتال بعض مواليهم حتى أدخل عليهم شيئاً من الغالية، فكانوا يدفعون بشمها تلك الروائح المنتنة، وكان الورم في أقدامهم، فلا يزال يرتفع حتى يبلغ الفوَاد فيموت صاحبه.
وذكر أنّهم لمّا حبسوا في هذا الموضع أشكل عليهم أوقات الصلاة، فجزّأوا القرآن خمسة أجزاء، فكانوا يصلّون الصلاة على فراغ كل واحد منهم من جزئه وكان عدد من بقي منهم خمسة، فمات اسماعيل بن الحسن فترك عندهم فجيف، فصعق داود بن الحسن فمات، وأتى برأس إبراهيم بن عبد اللّه فوجه به المنصور مع الربيع إليهم فوضع الرأس بين أيديهم وعبد اللّه يصلي، فقال له إدريس أخوه: اسرع في صلاتك يا أبا محمد، فالتفت إليه وأخذ الرأس فوضعه في حجره، وقال له: أهلاً وسهلاً يا أبا القاسم، واللّه لقد كنت من الذين قال اللّه عزّ وجلّ فيهم:
"الّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ ولا يَنقُضُونَ المِيثاقَ * والّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أن يُوصَل") إلى آخر الآية، فقال له الربيع: كيف أبو القاسم في نفسه؟ قال: كما قال الشاعر:
فتى كان يحميه من الذلّ سيفه * ويكفيه أن يأتي الذنوب اجتنابها
ثم التفت إلى الربيع: فقال: قل لصاحبك قد مضى من بوَسنا أيّام ومن نعيمك أيّام؟ والملتقى، القيامة. قال الربيع: فما رأيت المنصور قطّ أشدّ انكساراً منه
________________________________________
(350)
في الوقت الذي بلغته الرسالة... (1)
وكان يتولى صدقات أمير الموَمنين علي _ عليه السلام _ بعد أبيه الحسن، ونازعه في ذلك زيد بن علي بن الحسين، وأعقب عبد اللّه المحض من ستة رجال:
1 ـ محمد ذي النفس الزكية، المقتول بقرب المدينة.
2 ـ إبراهيم قتيل باخمرى، قريب الكوفة.
3 ـ موسى الجون.
4 ـ يحيى بن عبد اللّه صاحب الديلم.
5 ـ سليمان بن عبد اللّه.
6 ـ إدريس بن عبد اللّه (2)
________________________________________
(1) المسعودي: مروج الذهب: 3|298. والآيتان 20 و 21 من سورة الرعد.
(2) النسابة ابن عنبة: عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 101 ـ 103.
التعلیقات