ثورة إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن
الثائرون بعد زيد
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 357 ـ 359
________________________________________
(357)
أصحاب الانتفاضة
4
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن
(103 ـ 145 هـ)
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن أخو محمد ذو النفس الزكية الثائر الثالث بعد يحيى بن زيد والنفس الزكية، وقد تقدم اتفاق الاَخوين على الثورة في يوم واحد في قطرين مختلفين، وقد عرفت تأخّر إبراهيم عن أخيه في الخروج.
قال المسعودي: مضى إبراهيم أخوه إلى البصرة وظهر بها، فأجابه أهل فارس والاَهواز وغيرهما من الاَمصار وسار من البصرة في عساكر كثيرة من الزيدية وجماعة ممن يذهب إلى قول البغداديين من المعتزلة وغيرهم، ومعه عيسى بن زيد بن علي ابن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسيّر إليه المنصور عيسى بن موسى وسعيد بن سلم في العساكر، فحارب حتى قتل في الموضع المعروف بـ«باخمرى» وذلك على ستة عشر فرسخاً من الكوفة من أرض الطف، وهو الموضع الذي ذكرته الشعراء ممن رثى إبراهيم. فممّن ذكر ذلك:
دعبل بن علي الخزاعي، في قصيدته الرائعة التائية التي نقل قسم منها عند ذكر شهادة أخيه محمد النفس الزكية وفيها قوله:
قبور بكوفان وأُخرى بطيبة * وأُخرى بفخّ نالها صلوات
وأُخرى بأرض الجوزجان محلها * وقبر بباخمرى لدى الغربات
________________________________________
(358)
وقتل معه من الزيدية من شيعته أربعمائة رجل، وقيل: خمسمائة رجل (1)
وقال صاحب المجدي: وكان إبراهيم يكنى أبا الحسن، قتل بأرض «باخمرى» وهي قرية تقارب الكوفة وظَهَر ليلة الاِثنين غرة شهر رمضان سنة 145هـ وذلك بالبصرة وكان مقتله بعد مقتل أخيه محمد (رضي اللّه عنهما) في ذي الحجّة من السنة المذكورة.
وبايع إبراهيم وجوه المسلمين منهم بشير الرحال، وأبو حنيفة الفقيه، والاَعمش، وعباد بن المنصور القاضي صاحب مسجد عباد بالبصرة، والمفضل بن محمد وشعبة الحافظ إلى نظائرهم (2)
وقال النسابة ابن عنبة: كان إبرهيم من كبار العلماء في فنون كثيرة، يقال إنّه كان أيام اختفائه في البصرة قد اختفى عند المفضل بن محمد الضبي، فطلب منه دواوين العرب ليطالعها فأتاه بما قدر عليه فأعلم إبراهيم على ثمانين قصيدة. فلمّا قتل إبراهيم استخرجها المفضل وسماها بـ (المفضليات) وقرئت بعده على الاَصمعي فزاد بها، وظهر إبراهيم ليلة الاِثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة بالبصرة وبايعه وجوه الناس ـ إلى أن قال: ـ ويقال: إنّ أبا حنيفة الفقيه بايعه أيضاً وكان قد أفتى الناس بالخروج معه، فيحكى أنّ امرأة أتته فقالت: إنّك أفتيت ابني بالخروج مع إبراهيم فخرج فقتل. فقال لها: ليتني كنتُ مكانَ ابنك. وكتب إليه أبو حنيفة: أما بعد: فإنّي قد جهزت إليك أربعة آلاف درهم ولم يكن عندي غيرها، ولولا أمانات الناس عندي للحقت بك، فإذا لقيت القوم وظفرت بهم فافعل كما فعل أبوك في أهل صفين، أُقتل مدبرهم وأجهز على جريحهم، ولا تفعل كما فعل أبوك في أهل الجمل فإنّ القوم لهم فئة. ويقال: إنّ
________________________________________
(1) المسعودي: مروج الذهب: 3|296 ـ 297.
(2) النسابة العلوي العمري: المجدي في أنساب الطالبيين: 42.
________________________________________
(359)
هذا الكتاب وقع إلى الدوانيقي وكان سبب تغيّره على أبي حنيفة ـ إلى أن قال: ـ وجيء برأس إبراهيم فوضعه في طشت بين يديه والحسن بن زيد بن الحسن بن علي واقف على رأسه عليه السواد فخنقته العبرة والتفت إليه المنصور وقال: أتعرف رأس من هذا؟ فقال: نعم:
فتى كان تحميه من الضيم نفسه * وينجيــه من دار الهـوان اجتنابها
فقال المنصور: صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون عليَّ ولوددت أنّه فاء إلى طاعتي، ويقول أيضاً: وحمل ابن أبي الكلام الجعفري رأسه إلى مصر(1).
* * *
________________________________________
(1) ابن المهنا: عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 109ـ 110، ولعله دفنه في المحل المعروف برأس الحسين _ عليه السلام _.
التعلیقات