ابن الوزير محمد بن إبراهيم
أعلام الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 434 ـ 437
________________________________________(434)
زيدي تسنّن1
ابن الوزير محمد بن إبراهيم (775 ـ 840 هـ)
هو محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل بن المنصور، بن محمد، بن العفيف، بن مفضل بن الحجاج، بن عليّ، بن يحيى بن القاسم، ابن الاِمام الداعي يوسف، ابن الاِمام المنصور باللّه يحيى بن الناصر أحمد ابن الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم جميعاً، ولد في رجب عام 775هـ وتوفي في محرم عام 840هـ، مجتهد باحث، من أعيان اليمن وهو أخو الهادي بن إبراهيم تعلّم بصنعاء وصعدة ومكة، وأقبل في أواخر عمره على العبادة (1)
يعرّفه ابن حجر العسقلاني: أنّه مقبل على الاشتغال بالحديث، شديدُ الميل إلى السنّة بخلاف أهل بيته (2)
ويقول الشوكاني: «وكلامه لا يشبه كلام أهل عصره ولا كلام من بعده بل هو نمط من كلام ابن حزم وابن تيمية وهو في عداد أئمة الزيدية المجتهدين الذين لا يرفعون إلى التقليد رأساً ولا يشوبون دينهم بشيء من البدع الذي لا يخلو أهل مذهب من المذاهب شيء منها» (3)
وكلامه في كتاب «إيثار الحقّ على الخلق» يعرف موقفه من المذاهب
________________________________________
(1) الشوكاني: البدر الطالع لمحاسن من بعد القرن السابع: 2|81 برقم 39، وقد ذكر نسبه الزركلي بغير ماذكرناه، وماذكرناه هو المعتمد، لاَنّ الشوكاني من أهل البيت.
(2) المصدر نفسه: 83.
(3) المصدر نفسه: 83.
________________________________________
(435)
الكلامية يقول فيه: لقد رأيت مصنفي كتب المذاهب ينتصر فيها المصنف لمذهب واحدٍ في القويّ والضعيف، ولم يسلك أحد منهم مسلك مصنفي كتب الفقه التي تذكر فيها مذاهب أهل الملة الاِسلامية، ويقوّى فيها ما قوّته الدلائل البرهانية سواء أكانت لقريب أم بعيد، لصديق أم بغيض، وكتب العقائد أحقّ بسلوك هذا المسلك من كتب الفروع، أمّا كون الحقّ واحداً فصحيح، ولكن لا يستلزم أن يكون الصواب في جميع المواضع المتفرقة قد اجتمع لفرقة منها إلاّ ما حصل فيه إجماع من الاَُمّة والعترة، وانّ من أندر الاَشياء أن يحرص المتكلم على معرفة الحقّ في أقوال المخالفين.
والذي وسّع دائرة المراء والضلال هو البحث عما لا يُعلَم والسعي فيما لا يُدرك والاشتغال بالبحث عن الدقائق التي لاطريق إلى معرفتها، السير في الطريق التي لا توصل إلى المطلوب. وليس طلب أي علم بجحود ولا كل مطلوب بموجود.
إنّ المحتاج إليه من المعارف الاِسلامية في الاَُصول سبعة أُمور كلها فطرية جليّة وهي:
1 ـ إثبات العلوم الضرورية التي يبتني الاِسلام على ثبوتها.
2 ـ ثبوت الربّ عزّ وجلّ.
3 ـ توحيده سبحانه وتعالى.
4 ـ كماله بأسمائه.
5 ـ ثبوت النبوّات.
6 ـ الاِيمان بجميع الاَنبياء وعدم التفريق بينهم.
7 ـ ترك الابتداع في الدين بالزيادة على ما جاء به الاَنبياء أو النقص عنه.
________________________________________
(436)
هذه الاَُمور السبعة تكفي العامّي فإن تعرض فيها لشبهة قادحة تمكن من حلها عن طريق القرينة الجلية (1)إنّ ما ذكره ابن الوزير من أنّه يكفي العامّي الاعتقاد بالاَُمور وإن كان أمراً صحيحاً، لكن إلزام الجميع بالعمل على نمط واحد، أمر لا يقبله العقل وهل يصح إيقاف البحث على وجوه أصحاب العقول والاَدمغة الكبيرة، كالفارابي وابن سينا، وابن رشد والرازي ونصير الدين الطوسي ومن جاء بعدهم بحجّة أنّه يكفيهم تحصيل البرهان على الاَُمور المذكورة.
إنّ تحريم الحوار الصحيح والمناظرة المبنيّة على الاَُسس الصحيحة ممّا دعى إليه الذكر الحكيم، وأحاديث العترة الطاهرة وقد قدّمنا شيئاً من ذلك في غضون الاَجزاء السابقة.
أظنّ انّ الوزير تأثر بالتيار السلفيّ الذي أثاره ابن تيميّة (661 ـ 728 هـ) وتلميذه ابن القيّم (ت 751هـ) قريباً من عصره وبلغ إلى أرض الحجاز واليمن، ولقد كانت الاَذهان الساذجة، أرضاً خصبة لتلك الفكرة فإنّها كانت تحمل حقاً وباطلاً فمن جانب تدعو إلى الاجتهاد الحرّ وترك التقليد، لاِمام من أئمة الفقه، ومن جانب آخر، يدعو إلى إغلاق العقل وإعدامه في مجال المعارف وتقليد حرفية النصوص الواردة فيها. وإن انتهى إلى القول بالتشبيه والتجسيم والجهة، غاية الاَمر يتبرّأون من مضاعفاتها، بلفظ «بلا كيف».
إنّ ابن الوزير مع ذكائه وتوقّده، تأثر بموجة الفكر السلفي، وابتدع من حيث لا يشعر، فزعم أنّ السلفية مذهب، مع أنّه ليس بمذهب وليس السلف خيراً من الخلف، ولا الخلف بأقصر منهم عقلاً ووعياً، والحجّة هو الكتاب والسنّة الصحيحة والعقل الصريح الذي لولاه، لانسدّ باب المعرفة، فما معنى ترجيح
________________________________________
(1) إيثار الحقّ على الخلق.
________________________________________
(437)
السلف على الخلف، ورفض تقليد الاَئمة الفقهية، ووضع قيد السلفية على العقول والاَفئدة مكان تقليدهم.يقول الشوكاني: إنّ صاحب الترجمة لما ارتحل إلى مكة وقرأ علم الحديث على شيخه ابن ظهيرة قال له: ما أحسن يا مولانا لو انتسبتَ إلى الاِمام الشافعي أو أبي حنيفة؟ فغضب وقال: لو احتجت إلى هذا النسب والتقليدات، ما اخترت غير الاِمام القاسم بن إبراهيم (الرسي) أو حفيده الهادي.
ثم إنّه أتى بأسماء كتبه: وإليك ما ذكره:
1 ـ العواصم والقواصم في الذب عن سنّة أبي القاسم.
2 ـ الروض الباسم وهو مختصر كتاب العواصم (وقد طبع في مصر في إدارة الطباعة المنيرية) .
3 ـ ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان، يقول الشوكاني: وهو كتاب في غاية الاِفادة والاِجادة على أُسلوب مخترع لا يقدر على مثله إلاّ مثله، طبع بمصر عام 1349هـ.
4 ـ نصر الاَعيان على شر العميان، ردّ فيه على المعري.
5 ـ البرهان القاطع في معرفة الصانع ألّفه عام 801 هـ، وطبع بمصر عام 801هـ.
6 ـ التنقيح في علوم الحديث.
7 ـ إيثار الحقّ على الخلق، المطبوع بمصر عام 1318هـ.
إلى غير ذلك مما ذكره الشوكاني وغيره (1)
________________________________________
(1) البدر الطالع: 2|90، الاَعلام للزركلي: 5|300.
التعلیقات