ما يلزم المكلّف عرفانه من اُصول الدين
عقائد المعتزلة
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 3 ، ص 302 ـ 303
________________________________________(302)
2-ما يلزم المكلّف عرفانه من اُصول الدينعرّف المتكلّمون اُصول الدين بــ«ما يجب الاعتقاد به على وجه التفصيل أو الاجمال» ويقابلها الفروع فهي ما يجب العمل به. ويظهر من القاضي أنّه يجب على كلّ مسلم، عالماً كان أو غيره، الاعتقاد بالاُصول الخمسة أمّا التوحيد و العدل فذلك لوجهين:
1- إنّ في ترك الاعتقاد بالتوحيد والعدل مظنّة الضرر ويخاف الإنسان من تركه.
2- إنّهُ لطف في أداء الواجبات واجتناب المقبّحات.
وأمّا الاُصول الاُخر فيجب الاعتقاد بها، لأنّ العلم بكمال التوحيد والعدل موقوف على ذلك، ألا ترى أنّ من جوّز على الله تعالى في وعده و وعيده الخلف والاخلال بما يجب عليه من إزاحة علّة المكلّفين و غيره فإنّه لا يتكامل له العلم بالعدل، ولا فرق في ذلك بين من يسلك طريقة العلماء وبين من لا يكون كذلك، لأنّ العامي أيضاً يلزمه معرفة هذه الاُصول على سبيل الجملة، وإن لم يلزمه معرفتها على سبيل التّفصيل، لأنّ من لم يعرف هذه الاُصول، لا على الجملة، ولا على التّفصيل، لم يتكامل علمه بالتوحيد والعدل(1).
يلاحظ عليه أوّلاً : - أنّ القول بلزوم معرفة الاُصول الخمسة على النّحو الّذي
________________________________________
1. شرح الاُصول الخمسة: ص 123 ـ 124.
________________________________________
(303)
تسرده المعتزلة قول بلا دليل. كيف والنّبيّ الأكرم صلَّى الله عليه و آله و سلَّم كان يقبل إسلام من شهد الشهادتين وإن لم يشهد على بعض هذه الاُصول، ومعنى الشهادة الثانية هو التصديق بكلّ ما جاء به وهذا يكفي في تسمية الشاهد مسلماً إذا اعترف بلسانه، ومؤمناً إذا اعترف بقلبه. وعلى ضوء ذلك فلا يلزم عرفان هذه الاُصول، لا على وجه التفصيل أي بالبرهنة والاستدلال، ولا على وجه الاجمال أي تلقّيها اُصولاً مسلّمة.وثانياً: أنّه لو صحّ ما ذكره من البيان بطل الاقتصار على الاُصول الخمسة، لأنّ الاعتقاد بالنبوّات والشرائع والمعاد وحشر الأجساد ممّا يتكامل به العلم بالعدل، فمن لم يعرفها، لا على وجه الجملة ولا على وجه التفصيل، لم يتكامل اعتقاده بالتوحيد والعدل، وقس عليه سائر الاُصول.
والّذي يمكن أن يقال في المقام أنّ ما يجب تحصيله من هذه الاُصول الخمسة هو وجوب معرفة و حدانيّته على الوجه اللائق به، وأمّا الاُصول الأربعة فلا دليل على وجوب عرفانها بعينها استدلالاً أو تعبّداً.
***
التعلیقات