المحاربة بين الطائفتين من الشيعة
عقائد الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 516 ـ 517
________________________________________(516)
الخامس: المحاربة بين الطائفتين من الشيعة:إنّ الزيدية والاِسماعيلية، من الفرق الشيعية، وبينهما موَتلفات ومفترقات، وقد اتفقت الطائفتان، على أنّ تحقيق القيادة الاِسلامية بعد رحيل النبي الاَعظم _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ليس بالبيعة والاختيار، ولا للاَُمة فيها حظّ، ولا نصيب شأن كلّ مورد سبقت مشيئته على إرادة الاَُمّة ومشيئتها، قال سبحانه: "وَما كَانَ لِمُوَمِنٍ وَلا مُوَمِنَةٍ إذا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أمراً أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ") (الاَحزاب ـ 36) بل تحقيقها بالنص من الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ على فرد من آحاد الاَُمّة وقد اتفقتا على أنَّ النصّ صدر منه في علي _ عليه السلام _ وابنيه: الحسن والحسين _ عليهما السلام _، غير أنّ الزيدية قالت باستمرارها بعد الحسين السبط _ عليه السلام _ بالخروج والدعوة وقد تمثلت الضابطة في بادىَ بدئها بخروج الاِمام زيد، ثم ابنه يحيى وهكذا، لكن الاِسماعيلية قالت باستمرار النصّ الاِلهي بعد الحسين على إمامة زين العابدين فابنه الاِمام الباقر، فالاِمام الصادق، وبعده ابنه إسماعيل الذي هو مهدي الاَُمّة عندهم وسيوافيك تفاصيل عقائدهم في الجزء الثامن المختص بفرق الشيعة الباقية.
وطبيعة الحال كانت تقتضي سيادة الوئام والالتحام بين الفرقتين والتعايش الهادىَ في البيئات التي تحتضن كلتا الفرقتين، كاليمن الخصيب وجنوب الجزيرة كحضرموت ونجران ولكن خاب الظنُّ وخسر، لاَنّ تاريخ اليمن تاريخ دمويّ يحكي عن كون الحرب لم تزل بينهما سجالاً ـ تبيد البلاد والعباد وتهلك الحرث والنسل ـ قروناً كثيرة.
إنّ أئمة الزيدية وإن خرجوا بالسيف وأعلنوا الجهاد، ولكن لم يكن جهادهم مع المشركين والكافرين بل كانت مع إخوانهم الاِسماعيلية (القرامطة) وهذا هو الاِمام الهادي موَسس الدولة الزيدية في اليمن في أواخر القرن الثالث،
________________________________________
(517)
فقد قدم اليمن وقد غطتها القرامطة والباطنية فجرى له معهم نيف وثمانون وقعة (1) ثم بدت الحروب بين الطائفتين في زمن المتوكل على اللّه (المطهر بن يحيى) وبعده الاِمام يحيى بن حمزة الموَيد باللّه (669 ـ 769هـ) وكان الانتصار في أغلب الوقائع مع الزيدية، وفي النهاية لم تجد الاِسماعيلية بداً من اللجوء إلى الجبال، والتحصن بها حفظاً لشوَونهم الدينية.ومن جرّاء هذه الفتن والحروب المدمّرة، صارت حياة الطائفتين في أغلب العصور، حياة دموية تأكل الحرب أخضرهم ويابسهم وربما تشعل فتيل الحرب بين مدعيين للاِمامة من الزيدية، باعتضاد كل بقبيلته وأُسرته، وقد انتهت الخلافات القبلية إلى ظهور الجمهورية فأطاحت بالاِمامة على الاِطلاق وقالت: لا زيد ولا عمرو، ولا إبراهيم ولا إسماعيل.
"وَاتَّقُوا فِتنَةً لا تُصِيبَنَّ الّذِينَ ظَلمُوا مِنكُمْ خاصَّة") (الاَنفال ـ 25) .
________________________________________
(1) التحف شرح الزلف : 64 .
التعلیقات