صفاته قديمة لا حادثة
آراء الأشعري
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 2 ، ص 83 ـ 84
________________________________________(83)
إنّ الحي إذا لم يكن عالماً كان موصوفاً بضدّالعلم، أي الجهل. ولو كان موصوفاً به لاستحال أن يعلم، لأنّ ضدّ العلم لو كان قديماً لاستحال أن يبطل، وإذا استحال أن يبطل لم يجز أن يصنع المصانع الحكيمة، فلما صنعها دلّت على أنّه عالم، وصحّ أنّه لم يزل عالماً.(1)(7)
صفاته قديمة لا حادثة
صفاته قديمة لا حادثة
يلاحظ عليه:
أوّلاً: أنّ الحدوث والقدم من أوصاف الأُمور الوجودية، وضد العلم ليس إلاّ أمراً عدمياً ومثله لا يوصف لا بالحدوث ولا بالقدم، فلا يصحّ قوله: «لأنّ ضد العلم لو كان قديماً لاستحال أن يبطل».
وثانياً: أنّ كلّ موجود إمكاني مسبوق بعدم قديم، فلو كان قدم العدم مانعاً عن الانقلاب إلى الوجود، تلزم استحالة أن يبطل كلّ عدم وينقلب إلى الوجود.
وكان له الاستدلال بشكل آخر: إنّ اتصافه بالعلم بعد ما كان جاهلاً، أو بالقدرة بعد ما كان عاجزاً، يستلزم كون ذاته محلاً للحوادث، وهو يلازم التغيير والانفعال في ذاته، وهو آية الحدوث،والواجب منزّه عن ذلك كلّه.
كما كان له الاستدلال بشكل ثان وهو: لو كان الذات الإلهية فاقدة
________________________________________
1. اللمع: 25ـ 26.
________________________________________
(84)
لهذه الصفات منذ الأزل، لاستلزم ذلك كون صفاته «ممكنة» و «حادثة» وحيث إنّ كلّ ممكن مرتبط بعلّة،ومحتاج إلى محدث، لزم أن نقف على محدثها، فهل وردت من قبل نفسها، أو من قبل الله سبحانه، أو من جانب علة أُخرى؟ وكلّها باطلة.أمّا الأوّل: فلا يحتاج إلى مزيد بيان، إذ لا يعقل أن يكون الشيء علة لنفسه.
وأمّا الثاني: فكسابقه، فإنّ فاقد الكمال «العلم والقدرة» لا يعطيه.
أضف إليه ـ أنّه يلزم الخلف أي قدم الصفات. لأنّ المفروض أنّ العلة هي الذات وهي قديمة فيلزم قدم معلولها. وأمّا الثالث فكسابقيه أيضاً إذ ليس هنا عامل خارجي يكون مؤثراً في عروض صفاته على ذاته سبحانه ـ مضافاً إلى أنّه يستلزم افتقار الواجب إليه.
إلى غير ذلك من البراهين المشرقة التي جاءت في الكتب الكلامية والفلسفية; وكأنّ الشيخ أبا الحسن ـ إبّان الانفصال عن المعتزلة وخلع الاعتزال عن نفسه كخلع القميص ـ شقّ عليه الأخذ من علومهم وأفكارهم، وأراد الاعتماد على ما توحيه إليه نفسه، فجاء بالبرهان الذي ترى وزنه وقيمته.
التعلیقات