عبدالرحمن عضد الدين الإيجي
علماءالأشاعرة
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 2 ، ص 358 ـ 360
________________________________________(358)
(8)عبدالرحمن عضد الدين الإيجي(700ـ 756هـ)(1)
كان إماماً في المعقول، عالماً بالأُصول والمعاني والعربية، مشاركاً في الفنون، كريم النفس، كثير المال جداً، كثير الإنعام على الطلبة، ولد بعد السبعمائة وأخذ من مشايخ عصره، وأنجب تلامذة عظاماً اشتهروا في الآفاق، منهم الشيخ شمس الدين الكرماني، والتفتازاني والضياء القرمي.(2)
1. آثاره المعروفة
1. «المواقف في علم الكلام»، وهو المتن الكامل على المنهج الأشعري وشرحه السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني، والشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني تلميذ المصنف، ولعلّه من شرحه. وطبع المتن والشرح للشريف في ثمانية أجزاء مع حواشي لعبد الحكيم السيالكوتي اللاهوري.
وهو المرجع الوثيق لكثير من المتأخرين. وألّفه الإيجي(3) باسم الأمير الشيخ أبي إسحاق، الذي صار صاحب الخطبة والسكة في شيراز سنة 744هـ.
2. شرحه على مختصر الأُصول للحاجبي في أُصول الفقه، وقد أكبّ عليه طلبة الأعصار، وقد شاركه في تأليفه عدّة من الأفذاذ. واشتهر بشرح العضدي على مختصر الأُصول،وطبع كراراً.(4)
3. «العقائد العضدية».
4. «الرسالة العضدية».
________________________________________
1. في ميلاده وعام وفاته اختلاف، وما ذكرناه هو أحد الأقوال. 2. الدرر الكامنة لابن حجر:2/229. 3. «الإيج» يقع في جنوب إصطهبانات من نواحي شيراز. 4. روضات الجنات:5/51ـ 52.
________________________________________
(359)
ويظهر من خير الدين الزركلي في «الأعلام» أنّهما طبعتا. وله وراء ذلك آثار لم تر نور الوجود.(1)إلى أن قضى حياته في كرمان مسجوناً (عام 756 أو 757هـ) ويظهر من غير واحد ممن ترجمه أنّه كان يبغض الشيعة ويعاندهم إلى حدّ يضرب به المثل ومن لطائف شعره قوله:
خذ العفو وأمـر بعرف كما أمـر * ت وأعــرض عـن الجـاهليـن
ولـِـن في الكـلام لكـل الأنـام * فمستحسن من ذوي الجاه لين
2. حريته الفكرية في اتخاذ الموقفولـِـن في الكـلام لكـل الأنـام * فمستحسن من ذوي الجاه لين
إنّ الإيجي، أشعري المنهج، يركز على آراء الأشاعرة ويحتج، ولكن ربما يرد عليهم ولإيقاف القارئ على نماذج نشير إلى موردين:
الأوّل: قد نقل أدلّة أصحابه على زيادة صفاته سبحانه على ذاته فقال:«لوكان مفهوم كونه عالماً حياً قادراًنفس ذاته لم يفد حملها على ذاته وكان قولنا: الله الواجب بمثابة حمل الشيء على نفسه واللازم باطل».
وغير خفي على القارئ أنّ المستدلّ لم يفرق بين العينية المفهومية والعينية المصداقية. فزعم أنّ المدّعى هو الأُولى مع أنّه هو الثانية، ووقف العضدي على فساد الاستدلال فقال:«وفيه نظر، فإنّه لا يفيد إلاّ زيادة هذا المفهوم على مفهوم الذات، وأمّا زيادة ما صدق عليه هذا المفهوم على حقيقة الذات فلا».(2)
وما ذكره يبطل جميع ما أقامه الأشاعرة من البرهان على الزيادة.
الثاني: طرح مسألة التكليف بمالا يطاق. وقال: إنّه جائز عند الأشاعرة، فلمّا رأى أنّ القول به يخالف الفطرة، أخذ يقسم مالا يطاق إلى مراتب، فمنع عن التكليف بالمرتبة القصوى منه، لا الوسطى ثمّ قال: «وبه
________________________________________
1. الأعلام للزركلي:3/295. 2. المواقف: 280.
________________________________________
(360)
يعلم أنّ كثيراً من أدلّة أصحابنا نصب للدليل في غير محل النزاع».(1)نعم، ربما يأخذه التعصب، فيستدل على مذهبه بشيء مستلزم للدور في مقابل الخصم المنكر. مثلاً يقول: «إنّ الإمامية تثبت ببيعة أهل الحل والعقد، خلافاً للشيعة، لثبوت إمامة أبي بكر بالبيعة».(2)
كما يستدل على عدم وجوب العصمة في الإمام بقوله: «إنّ أبا بكر لا تجب عصمته اتّفاقاً».(3)
والمترقب من مثل الإيجي العارف بالمناظرة، الاجتناب عن مثل هذه الاستدلالات التي لا تصح إلاّ أن يصحّ الدور.
نرى أنّه ينكر القضايا التاريخية المسلمة عند الجميع ويقول في ردّ حديث الغدير: «إنّ علياً لم يكن يوم الغدير».(4)
ونرى أنّه لا يطرح فرق الشيعة وينهيها إلى اثنتين وعشرين فرقة، ويأتي بأسماء فرق لم تسمع أذن الدهر بها إلاّفي ثنايا هذه الكتب. ويقول: «من فرق الشيعة البدائية الذين جوزوا البداء على الله».(5)
ولكنّه غفل عن أنّ الاعتقاد بالبداء بالمعنى الصحيح وهو تغيّر المصير بالأعمال الصالحة والطالحة، عقيدة مشتركة بين الشيعة جمعاء وليست مختصة بفرقة دون أُخرى. وتفسير البداء بما يستلزم الظهور بعد الخفاء على الله أو غير ذلك فرية على الشيعة. إلى غير ذلك من الهفوات الموجودة في الكتاب، غفر الله لنا و لعباده الصالحين.
________________________________________
1. المواقف: 331. 2. المواقف: 399. 3. المواقف: 399. 4. المواقف: 405. 5. المواقف: 421.
التعلیقات