أحمد بن أبي دؤاد
علناء المعتزلة
2024 Sep 7بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج ٣ ، ص ٢٨٠ ـ ٢٨١
________________________________________(٢٨٠)
٧- أحمد بن أبي دؤاد (ت ١٦٠ـ م ٢٤٠ هـ) خريج مدرسة بغدادقال ابن النّديم: «هو من أفاضل المعتزلة وممّن جرّد في إظهار المذهب و الذّب عن أهله والعناية به، وهو من صنايع يحيى بن أكثم و به اتّصل بالمأمون، ومن جهة المأمون اتّصل بالمعتصم ولم ير في أبناء جنسه أكرم منه ولا أنبل ولا أسخى»(٢).
قال الذّهبي: «أحمد بن أبي دؤاد القاضي جهمي بغيض، هلك سنة ٢٤٠. قلّ ما روى»(٣).
في «العبر» أنّه قال: «قاضي القضاة كان فصيحاً مفوّهاً شاعراً جواداً وكان مع ذلك رأساً من رؤوس الجهميّة والمعتزلة، وهو الّذي شغب على إمام أهل السنّة أحمد بن حنبل وأفتى بقتله، وقد غضب عليه وعلى آله المتوكّل العبّاسي سنة ٢٣٧ فصادرهم وأخذ منهم ستّة عشر ألف ألف درهم وحبسه ومرض بالفالج ومات سنة ٢٤٠ هـ»(٤).
بذل القاضي أحمد بن دؤاد أقصى جهده في نشر الاعتزال واستغلّ السلطة الّتي جعلت له في ذلك السبيل بالتّرغيب تارة و بالترهيب اُخرى. والحنابلة والأشاعرة يواجهونه بالسّبِّ والشتم، لأنّه هو الّذي حاكم الإمام أحمد في قوله بقدم القرآن أو كونه غير مخلوق فأفحمه.
وقد استخرج مؤلّف كتاب «المعتزلة» صورة المحاكمة من «الفصول المختارة» المطبوعة بهامش «الكامل» للمبرّد وإليك بيانه:
ابن أبي دؤاد: أليس لا شيء إلاّ قديم أو حديث؟
ابن حنبل: نعم.
ابن أبي دؤاد: أو ليس القرآن شيئاً؟
ابن حنبل: نعم.
ابن أبي دؤاد: أو ليس لا قديم إلاّ الله؟
ابن حنبل: نعم.
ابن أبي دؤاد: القرآن إذاً حديث.
ابن حنبل: لست أنا بمتكلّم(٥).
________________________________________
٢. الفهرست لابن النديم: الفنّ الأوّل من المقالة الخامسة، ص ٢١٢. ٣. ميزان الاعتدال: ج ١، ص ٩٧، رقم الترجمة: ٣٧٤. ٤. العبر في خبر من غبر: ج١، ص٣٣٩. ٥. المعتزلة: ص ١٧٥.
________________________________________
(٢٨١)
وهذه إحدى صور المحاكمة ولها صور اُخر طوينا الكلام عن ذكرها وتأتى عند البحث عن محنة أحمد وهذا يعرب عن براعة الرّجل في مقام قطع الطّريق على الخصم، وهذا وأشباهه ممّا دفع الحنابلة والأشاعرة على التّحامل والازدراء بالرّجل، وسيوافيك أنّ أكثر ما نقل في محنة الإمام من التشديد والتغليظ عليه، ودوسه بالأقدام و سحبه، يرجع إلى أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي المتعصّب لإمامه وليس له مصدر في التأريخ سواه.وقد نقل البغدادي حول و فاته قصّة أشبه بالاسطورة(١) وكم له في كتابه «الفرق بين الفرق» من نظائر.
________________________________________
١. الفرق بين الفرق: ص ١٧٤ ـ ١٧٥.
التعلیقات