استدل غيرنا على تواتر وصحة مضمون حديث : « إنا معاشر الأنبياء لا نورث » بحديث عن الامام الصادق عليه السلام : « العلماء ورثة الأنبياء »
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 11 سنةاستدل غيرنا على تواتر وصحة مضمون حديث : « إنا معاشر الأنبياء لا نورث » بحديث عن الامام الصادق عليه السلام : « العلماء ورثة الأنبياء » كيف نرد عليهم ؟ وهل آيات الميراث في صدد إثبات الإرث المادي أم المراد ميراث العلم والحكمة والنبوة ؟
أوّلاً : لا يثبت صحّة حديث بذكر حديث آخر وحديثين فضلاً عن تواتره فانّ التواتر معناه ان يذكر نصّ الحديث أو مضمونه بطرق متعدّدة وأسانيد مختلفه بحيث نقطع بعدم تواطئ الرواة على الكذب ، والحديث الذي رواه أبو بكر خبر واحد اخبر به أبو بكر فقط وهو متّهم في نقل هذا الحديث لأنّه أراد بنقل هذا الحديث منع الزهراء عليها السلام من الإرث ولو كان هذا الحديث ذكره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لسمعه أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولرووه ونقلوه وأيّدوا أبا بكر على نقله خصوصاً مع أهميّة هذا الحديث حيث يلزم منه عدم التوارث بين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته وأزواجه فهل من المعقول ان يسّر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بهذا الحديث على أهميّة لخصوص أبي بكر المتّهم في نقله ولا يذكره لأصحابه بل ولا لمن هو محلّ إتبلائه مثل فاطمة عليها السلام كي لا تطالب بالإِرث بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فمثل هذا الحديث الذي هو خبر واحد لا يصير معتبراًً بضمّ حديث أو حدثين من طرقنا حتّى لو كان مرويّاً في الكتب لإحتمال صدور تقيّة وفي ظروف خاصّة.
وثانياً هذا الحديث مخالف 100% مع صريح القرآن الكريم فلابدّ من طرحه وعدم الاعتناء به لا لمجرّد أنّه مخالف لقانون الإرث الثابت بنصّ القرآن إذ يقال بانّ هذا الحديث مخصص للقرآن الكريم بل لان مفاده : « نحن معاشر الأنبياء لا نورّث » مع أن القرآن يصرّح بان زكريّا طلب من الله تعالى ولداً لكي يرثه بعد وفاته بعد أن خاف ان يرثه أنباء عمومته قال تعالى : ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) [ مريم : 5 ـ 6 ] وهذا الآية صريحة في إرث المال لانّ خوف زكريّا من الموالي لم يكن لأجل ان يرتوا منه العلم والنبوة وليس له ان يخاف من ذلك لانّ الموالي لم يكن لاجل أن يرثوا منه العلم والنبوّة وليس له أن يخاف من ذلك لأن الموالي ان كانوا مستحقّين ، ولا يقين لهذا المنصب فلا معنى لأن يخاف زكريّا من وصولهم إلى حقّهم ومنصبهم الشرعي وان لم يكونوا مستحقّين فلا يعطيهم الله هذا المقام. فيظهر انّ زكريّا كان يخاف ان يرشوا أمواله فطلب من الله ولداً يرثه المال.
وثالثاً : كون العلماء ورثة الأنبياء لأنهم ورثوا العلم والهدى منهم لا ينافي ان يكون للأنبياء ورثة آخرون يرثون منهم المال. فقد كان في الأنبياء جهتان :
الجهة الاولى حصولههم على العلم الكامل ومن هذه الجهة يرثهم العلماء والأوصياء ، والمراد انهم يتعلّمون منهم العلوم. والجهة الثانيه انّهم مالكون للأموال كغيره من أفراد الإنسان ، ومن هذه الجهة يرثهم أقرباؤهم وأولادهم وأزواجهم ، كما قال الله تعالى : ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) [ الأحزاب : 6 ].
ورابعاً : بما انّ الأنبياء والرسل همّهم إرشاد الاُمّة وهدايتهم وتبليغ الدين والشريعة ونشر العلم والفضيلة وتأمين العدالة والصلاح فمن الطبيعي ان لا يكون له غالباً أموال كثيرة لأنّهم لم يكونوا بصدد جمع المال ، مضافاً إلى انّهم كانوا يصرفون أموالهم في سبيل تبليغ الدين ، ولذا يكون المراد من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « نحن معاشر الانبياء لا نورث » على تقدير صحّته وصدوره من النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، انّ الأنبياء ليس من شأنهم جمع الأموال فلا يكون لهم غالباً أموال معتدّبها فلا يصل إلى ورثتهم مال كثير يصدق عرفاً انّهم ورّثوا ، وهذا لا ينافي انّه إذا أنفق لنبي من الأنبياء مال في دار الدنيا يرثه أولاده وأقربائه فالنظر انما هو إلى الغالب من عدم وجود أصل المال أو المال المعتدبه عند الأنبياء فبطبيعة الحال لا يصل إلى ورثتهم مال معتد به وليس النظر الى من كان مثل داود أو سليمان حيث حصل له اتّفاقاً أموال طائلة فانّه يرثه أهل بيته على حسب موازين الإرث ولذا قال الله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) [ النمل : 16 ] ايّ ورث سلطنته وملكه وأمواله ، نعم آتاه الله النبوّة لأنّه كان لايقاً ومستحقّاً لمقام النبوّة.
التعلیقات