كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله عزّ وجلّ ؟
مركز الأبحاث العقائديّة
منذ 5 سنواتالسؤال :
كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله عزّ وجلّ ؟
الجواب :
لابدّ لمن يريد أن يقنع الآخرين على عقيدة ما ـ كالعقيدة بوجود الله تعالى ـ أن يكون على مستوى عال من المعرفة والثقافة بتلك العقيدة ، حتّى يمكنه أن يؤثّر ويقنع ، كما له القوّة على ردّ الشبهات والاعتراضات الواردة حول هذه العقيدة التي يريد طرحها.
فباعتبار أنّ المادّي لا يؤمن بالأدلّة النقليّة من الكتاب والسنّة على وجود الله تعالى ، فلابدّ من ذكر الأدلّة العقليّة التي يؤمن بها ، الدالّة على وجوده تعالى ، وبعد الإيمان بوجوده تعالى ، حينذاك يمكن أن نثبت له من خلال الأدلّة النقليّة والعقليّة على وجود الحياة البرزخيّة ، والحياة الأخرويّة.
وتعميماً للفائدة ، نذكر لكم ما كتبه أحد المؤمنين في هذا المجال :
يقول المادّيون : لا إله ، فمن الموجد ؟
أنّا نرى الأبناء يولدهم الآباء ، ونرى النبات تنبته الشمس والماء والتربة ، ونرى الحيوان يخلق من حيوانين ، و ... أمّا قبل ذلك فلم نر شيئاً ، فإنّ العمر لم يطل من قبل ...
إذاً كلّ قول يؤيّد الإله ، ويؤيّد عدم الإله ، يحتاج إلى منطق غير حسّي .
المادّي الذي يقول : لا إله ، يحتاج إلى الدليل .
والمؤمن الذي يقول : الله تعالى يحتاج إلى برهان .
لكن الأوّل لا دليل له ، فإنّ العين لم تر الإله ، أمّا أنّها رأت عدمه فلا ، وكذا الأذن ، واللمس ، وغيرها ... .
ومن الهراء : أن يقول أحد : إنّ الصناعة الحديثة دلّت على عدم الإله ؟
هل القمر الاصطناعي يدلّ على عدم الإله ؟ هل الذرّة تدلّ على عدم الإله ؟ هل الكهرباء والصاروخ والطائرة تدلّ على عدم الإله ؟
القمر الاصطناعي ليس إلّا كالسكين الحجري ـ الذي يقولون عنه : ـ صنعه الإنسان البدائي ، لا يرتبط هذا ولا ذاك بالإله نفياً أو إثباتاً .
ولنا أن نقول : نفرض أنّ الإله موجود ، فما كان حال القمر الاصطناعي ؟ بل : القمر الاصطناعي الذي يصرف عليه ملايين ، ويجهد في صنعه ألوف من العلماء ، ثمّ لا ينفع إلّا ضئيلاً أدلّ على وجود الإله ، إذ كيف هذا له صانع ، وليس للقمر المنير صانع ؟
إنّ من يطلب منّا الإذعان بعدم الإله للكون ، ثمّ هو لا يذعن بعدم الصانع للطائرة ، مثله كمن يطلب من شخص أنّ يقول بعدم بانٍ لقصر مشيّدة ، ثمّ هو لا يقول بعدم صانع لآخر .
عالم وملحد :
قال الملحد : الحواس خمس : الباصرة ، السامعة ، الذائقة ، اللامسة ، الشامّة ، وكلّ شيء في العالم لابدّ وأن يدرك بإحدى هذه الحواس :
فالألوان ، والأشكال ، والحجوم ، تدرك بالباصرة .
والأصوات ، والألحان ، والكلام ، تدرك بالسامعة .
والطعوم ، والمذوقات ، والأطعمة ، تدرك بالذائقة .
والخشونة ، واليبوسة ، والرطوبة ، والحرارة ، تدرك باللامسة .
والروائح ، والمشمومات ، والعطريّات ، تدرك بالشامّة .
فمن أين نثبت وجود الله ؟ والحال أنّا لم نره ، ولم نسمع صوته ، ولم نذق طعمه ، ولم نلمس جسمه ، ولم نشمّ ريحه .
فصنع العالم كرتين ، إحداهما من حديد ، والأُخرى من خشب ، وصبغهما ، ثمّ أتى بهما إلى الملحد ، وقال : أنا أخبرك بأنّ إحدى هاتين الكرتين حديد ، والأُخرى خشب ، أنظر وعيّن ؟!
نظر الملحد ، وعجز عن التعيين بالنظر .
قال العالم : فأصغ وعيّن ؟ أصغى الملحد ، وعجز عن التعيين بالسمع .
قال العالم : ذق وعيّن ؟ ذاق الملحد ، وعجز عن التعيين باللسان .
قال العالم : اشمم وعيّن ؟ شمّ الملحد ، وعجز عن التعيين بالأنف .
قال العالم : ألمس وعيّن ؟ لمس الملحد ، وعجز عن التعيين باللمس .
ثمّ وضعهما العالم في يد الملحد ، وحينذاك أدرك أنّ الأثقل الحديد ، فقال : هذا هو الحديد ، وهذا الأخفّ هو الخشب .
قال العالم : من أخبرك أنّ الأثقل الحديد ، والأخفّ الخشب ؟
قال الملحد : عقلي هو الذي أرشدني إلى ذلك .
قال العالم : فليست المعلومات منحصرة بالحواس الخمس ، وإنّ للعقل حصّة مهمّة من العلوم ، والله تعالى الذي نقول به إنّما هو معلوم للعقل ، وان لم يكن مدركاً للحواس .
فانقطع الملحد ، ولم يحر جواباً !!
طالب وزميل :
قال الطالب : لا وجود لله إطلاقاً .
الزميل : من أين تقول هذا ؟ ومن علّمك ؟
الطالب : أمّا من علّمني ؟ فما أنت وهذا ؟ وأنّا لا أتحاشى من أن أقول : إنّ المدرسة هي التي أوحت إليّ بهذه الفكرة ، وإنّي جدّاً شاكر لها ، حيث أنقذتني من التقاليد إلى سعة العلم .
وأمّا من أين أقول ؟ فلأنّي لم أر الله ، وكلّ غير مرئي لا وجود له .
الزميل : إنّي لا أريد أن أناقشك في دليلك الآن ، لكن أقول : هل أنت ذهبت إلى الكواكب ؟ هل أنت ذهبت إلى القطب ؟ هل أنت ذهبت إلى قعر البحار ؟
الطالب : كلّا !
الزميل : فإذا قال لك قائل : إنّ الله تعالى في الكواكب ، أو في قعر البحر ، أو في القطب ، فبماذا كنت تجيبه ؟
الطالب ، فكّر ملياً !! ولم يحر جواباً .
فقال الزميل : إنّ من الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً لم يره ، أو لم يسمع به ، وأنّه لجهل مفضوح .
كان بعض الناس قبل اختراع السيّارة والطائرة ، والراديو والتلفون ، والكهرباء والتلفزيون ، إذا سمعوا بها أقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً على من يقول ، واستهزاءً به ، وكانوا يجعلون كلامه مثار ضحك وسخريّة !! فهل كان لهم الحقّ في ذلك ؟
إنّهم كانوا يقولون : لم نر هذه الأشياء .
وأنت مثلهم تقول : لم أر الله .
الطالب : أشكرك جدّاً على هذه اللفتة العلميّة ، وإنّي جدّاً شاكر لك ، حيث أخرجتني عن خرافة غرسها في ذهني معلّم جاحد منذ دخلت المدرسة ، وهي : إنّ الله حيث لم نره يجب علينا إنكاره ، والآن فهمت الحقيقة .
مؤمن ومنكر :
كان علي وجميل يتناظران في وجود الله تعالى ، فكان علي يسرد الأدلّة على الإثبات ، وجميل يردّها ، أو لا يقبلها .
ولما طالت المجادلة بينهما ، قال علي : إنّ في جارنا رجلاً من علماء الدين ، اسمه أحمد ، فهيا بنا نذهب إليه ونجعله الحكم فيما بيننا .
قبل جميل مقالة علي ولكن بإكراه ، لأنّه كان يزعم أن لا حجّة لمن يقول بوجود الله إلّا التقليد ، وذهبا معاً إلى دار العالم للقضاء بينهما ، وبعد أن استقرّ بهما المجلس .
قال العالم : خيراً ؟
جميل : إنّي وصديقي علي نتباحث حول وجود الله ، ولم يتمكّن علي من الإثبات ، أو بالأحرى : أنا لم أقتنع بأدلّته ، فهل الحقّ معي أم معه ؟ وأقول ـ قبل كلّ شيء ـ : إنّي لا أقتنع بالقول المجرّد ، وإنّما أريد الإثبات ، مع العلم أنّي خرّيج مدرسة فلسفيّة عالية ، لا أقبل شيئاً إلّا بعد المناقشة والجدال ، وأن يكون محسوساً ملموساً .
أحمد : فهل لك في دليل بسيط ، وبسيط جدّاً تقتنع به ، بدون لفّ ودوران .
جميل : ما هو ؟ هات به ، وإنّي أنتظر مثل هذا الدليل منذ زمان !!
أحمد : إنّي أخيّرك بين قبول أحد هذه الشقوق الأربعة ، فاختر إحداها : إنّك موجود بلا شكّ ، فهل :
1 ـ أنت صنعت نفسك ؟
2 ـ أم صنعك شيء جاهل عاجز ؟
3 ـ أم صنعك شيء عالم قادر ؟
4 ـ أم لم يصنعك شيء ؟
فكّر جميل ساعة بماذا يجيب : هل يقول : أنا صنعت نفسي بنفسي ، وهذا باطل مفضوح !
أم يقول : صنعني شيء جاهل ؟ وهذا أيضاً مخالف للحقيقة ، فإنّ التدابير المتّخذة في خلق الإنسان فوق العقول ، فكيف يركّب هذه الأجهزة بهذه الكيفيّة المحيّرة ، شيء جاهل ؟!
أم يقول : لم يصنعني شيء ؟ وهو بيّن البطلان ، فإنّ كلّ شيء لابدّ له من صانع .
أم يعترف بأنّه مصنوع لشيء عالم وقادر ، وحينئذ ينهار كلّ ما بناه من الأدلّة ـ المزعومة ـ لعدم وجود الله تعالى .
وبعد فكر طويل ، رفع رأسه وقال : لابدّ لي من الاعتراف ، بأنّي مصنوع لعالم قدير .
أحمد : ومن هو ذلك العالم القدير ؟
جميل : لا أدري .
أحمد : ولكن ذلك واضح معلوم .
لأنّ من صنعك ليس من البشر ، فإنّ البشر لا يقدرون على خلق مثلك ، ولا من الجمادات ، فانّ الجماد لا عقل له ، إذاً : هو الله تعالى .
علي : هل قنعت يا جميل بهذا الدليل ؟
جميل : إنّه دليل قوّي جدّاً ، لا أظنّ أحداً يتمكّن من المناقشة فيه ، وإنّي شاكر لك وللعالم أحمد .
معلم وتلميذ :
ذهب جماعة من الطلّاب إلى مدرسة إلحادية ، وفي اليوم الأوّل من الدوام حضروا الصفّ ، وكان في الصفّ منضدة عليها تصوير أحد زعماء الملحدين .
فجاء المعلم ، وقال للطلّاب : هل لكم عين ؟ وأين هي ؟
وهل لكم أذن ؟ وأين هي ؟ وهل لكم أيدٍ وأرجل ؟ وأين هي ؟
قال الطلّاب : نعم ، لنا أعين وأذن وأيد وأرجل ، وهي هذه ، وأشاروا إلى هذه الأعضاء .
قال المعلّم : وهل ترون هذه الأعضاء وتحسّون بها ؟
قال الطلّاب : نعم ، نراها ونلمسها .
قال المعلّم : وهل ترون هذا التصوير على المنضدة ؟
قالوا : نعم ، نراه .
قال المعلّم : وهل ترون المنضدة وسائر ما في الغرفة ؟
قالوا : نعم ، نراها .
وهنا انبرى المعلم قائلاً : وهل ترون الله ؟ وهل تحسّون به ؟
قالوا : لا ، لا نرى الله ولا نلمسه .
قال المعلّم : فهو إذاً خرافة تقليديّة .
إنّ كلّ شيء في الكون نحسّ به ونراه ، أمّا ما لا نراه ولا نحسّ به ، فهو خطأ ، يلزم علينا أن لا نعترف به ، وإلّا كنّا معتقدين بالخرافة .
وهنا قام أحد التلاميذ ، وقال : اسمح لي أيّها الأُستاذ بكلمة ؟
المعلّم : تفضّل .
التلميذ : أيّها الزملاء أجيبوا على أسئلتي .
الزملاء : سل .
التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون المعلّم ؟ هل ترون الصورة الموضوعة على المنضدة ؟ هل ترون المنضدة ؟ هل ترون الرحلات ؟
الزملاء : نعم ، نرى كلّ ذلك .
التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون عين المعلّم ؟ هل ترون أذن المعلّم ؟ هل ترون وجهه ؟ هل ترون يده ورجله ؟
الزملاء : نعم نرى كلّ ذلك .
التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون عقل المعلم ؟
الزملاء : كلّا ! لا نرى عقله .
التلميذ : فالمعلّم إذاً لا عقل له ، فهو مجنون حسب مقالته ، لأنّه قال : كلّ ما لا يراه الإنسان فهو خرافة ، يجب على الإنسان أن لا يعترف به ، وأنّا لا نرى عقل المعلم ، فهو إذاً لا عقل له ، ومن لا عقل له يكون مجنوناً .
وهنا ألقم المعلّم حجراً ، واصفرّ وجهه خجلاً ، ولم ينبس ببنت شفة ، وضحك الطلّاب .
آينشتاين يعترف :
تحاكم جماعة من المادّيين إلى آينشتاين ليروا رأيه بالنسبة إلى الله تعالى ؟
فأجاز لهم أن يمكثوا عنده 15 دقيقة ، معتذراً بكثرة أشغاله ، فلا يتمكّن أن يسمح لهم بأكثر من هذا الوقت .
فعرضوا عليه سؤالهم ، قائلين : ما رأيك في الله ؟
فأجاب قائلاً : ولو وفّقت أن أكتشف آلة تمكّنني من التكلّم مع الميكروبات ، فتكلّمت مع ميكروب صغير ، واقف على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان ، وسألته : أين تجد نفسك ؟ لقال لي : إنّي أرى نفسي على شجرة رأس شاهقة ! أصلها ثابت وفرعها في السماء .
عند ذلك أقول له : إنّ هذه الشعرة التي أنت على رأسها ، إنّما هي شعرة من شعرات رأس إنسان ، وإنّ الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان ، ماذا تنظرون ؟
هل لهذا الميكروب المتناهي في الصغر : أن يتصوّر جسامة الإنسان وكبره ؟ كلّا !
إنّي بالنسبة إلى الله تعالى لأقلّ وأحطّ من ذلك الميكروب بمقدار لا يتناهى ، فأنّى لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكلّ شيء ، بقوى لا تتنامى ، وعظمة لا تحدّ ؟
فقام المتشاجرون من عند آينشتاين ، وأذعنوا للقائلين بوجود الله تعالى .
التعلیقات