لماذا لعن معاوية ، مع انّه أخطأ إجتهاداً ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 8 سنواتالسؤال :
لا شكّ فيه انّ الإمام علي هو على الحقّ ، ولكن ليس المناسب لعان لأمير المعاوية ، لانّه كان يطلب قاتل الأمير المؤمنين ، لهذا هو أخطأ اجتهاداً ، و إلّا أنت تعلم انّ عليّاً قتل أيضاً مسلمين كثيراً من جيش معاوية ؛ ماذا تقول ؟
الجواب :
إذا قال شخص الصلاة ليست واجبة هل يمكن ان تقول بأنّه اجتهد وأخطأ وهو معذور في إجتهاده وخطأه ، بل إذا قال أحد الإسلام دين لزمان سابق وليس هو الدين المشروع لهذا الزمان هل تقول بأنّه معذور في إجتهاده وخطأه ؟!! وإذا سبّ أحد النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله هل تقول اجتهد وأخطأ أم تحكم بكفره وارتداده ؟
الإجتهاد هو السعي ليتحصّل الحكم الإلهي الواقعي وذلك بالفحص والتفتيش عن الأدلّة والحجج الشرعيّة ، ولا يعقل أن يكون الإجتهاد في مقابل النصوص والأدلّة القطعيّة ، وهل من المعقول أن يحكم فقيه أو عالم بحليّة شرب الخمر باعتبار أنّه اجتهد وصار رأيه حلية الخمر ؟ مع انّ القرآن الكريم يصرّح بأنّ الخمر حرام ؟
ومعاوية قد خالف النصوص الصريحة الواردة بحقّ أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ويكفي في إدانته أنّه كان يلعن ويأمر بلعن علي عليه السلام على المنابر ، وقد خالف بذلك نصّ القرآن الكريم حيث يقول : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) [ الشورى : 23 ] ، وقد سئل الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله من قرباك هؤلاء الذين تجب مودّتهم فقال : « علي وفقاطمة والحسن والحسين ».
وقد وردت روايات من طرق أهل السنّة في ذمّ معاوية ولعنه على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله نذكر جملة منها :
1 ـ كنز العمال 6 / 88 و مجمع الزوائد 7 / 247 :
« روي مسنداً عن شداد بن أوس أنّه دخل على معاوية وهو جالس وعمرو بن العاص على فراشه ، فجلس شداد بينهما وقال : هل تدريان ما يجلسني بينكما ، لأنّي سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : إذا رأيتموهما جميعاً ففرّقوا بينهما فوالله ما اجتمعا إلّا على غدرة ، فاحببت ان اُفرّق بينكما ».
2 ـ الذهبي في ميزان الإعتدال 3 / 311 : عن أبي برزة قال : « تغنى معاوية وعمرو بن العاص فقال النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ : اللهم اركسهما في الفتنة ركساً ودعهما في النار ».
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عبّاس وفي لفظه قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : « اللهم اركسهما في الفتنة ودعهما إلى النار دعا ».
3 ـ روى مسلم في صحيحه 4 / 2010 :
بسنده عن ابن عبّاس قال : « كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فتواريت خلف باب ، قال فجاء مخطأني حطأه ـ أيّ دفعني ـ وقال : إذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل ، ثمّ قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت ، قلت : هو يأكل ، فقال : لا أشبع الله بطنه ».
4 ـ الذهبي في ميزان الإعتدال 2 / 17 :
قال : « روى عباد بن يعقوب عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ». وهذا الحديث صحّحه الذهبي ، وكلّ حديث صحّحه الذهبي فهو أعلى درجة الإعتبار عند أهل السنّة.
5 ـ الذهبي في ميزان الإعتدال ج 2 / 129 :
عن أبي سعيد دفعه : « إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ». وذكره نحوه عن أبي جذعان.
6 ـ روى ابن حجر في تهذيب التهذيب 5 / 110 في ترجمة عباد بن يعقول الرواجني :
قال : « روى عن شريك بن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعاً : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ».
7 ـ وفي الطبقات الكبرى لابن سعد بسنده عن نافع :
قال : « لما قدم معاوية المدينة حلف على منبر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ليقتلن ابن عمر ». [ 4 / 134 طبعة ليدن ].
8 ـ روى البيهقي في سننه بسنده عن نافع :
« ان معاوية بعث إلى ابن عمر مائة ألف ، فلمّا دعا معاوية إلى بيعة يزيد بن معاوية قال : أترون ـ هذا أراد ـ إن ديني إذاً عندي لرخيص ».
9 ـ روى أحمد بن حنبل في مسنده / ج 5 / 347 بسنده عن عبد الله بن بريده قال :
« دخلت أنا وأبي على معاوية فاجلسنا على الفراش ثمّ أتينا بالطعام فأكلنا ثمّ أتينا بالشراب فشرب معاوية ثمّ ناول أبي فقال ما شربته منذ حرّمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ».
10 ـ روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 / 247 :
« عن أبي مجلز قال : قال عمرو والمغيرة بن شعبة لمعاوية : إنّ الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ رجل عييّ ـ إلى أن قال : ـ فصعد عمر المنبر فذكر علي ـ عليه السلام ـ ووقع فيه ، ثمّ صعد المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ثمّ وقع في علي ـ عليه السلام ـ ، ثمّ قيل للحسن بن علي ـ عليه السلام ـ اصعد ، فقال : لا أصعد ولا أتكلّم حتّى تعطوني ان قلت حقّاً ان تصدّقوني وان قلت باطلاً ان تكذبوني ، فاعطوه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال : أنشدك بالله يا عمرو يا مغيرة أتعلمان أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : لعن الله السايق والراكب ، أحدهما معاوية ؟ قالا : اللهم بلى. قال ـ عليه السلام ـ : أنشدك بالله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان انّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعن عمرو بكلّ قافية قالها لغته ؟ قالا : اللهم بلى. قال ـ عليه السلام ـ : أنشدك بالله يا عمرو ويا معاوية بن أبي سفيان أتعلمان انّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعن قوم هذا ؟ قالا : بلى. قال الحسن ـ عليه السلام ـ : فإنّي أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبرّأ من هذا ».
11 ـ روى الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 480 بسنده :
« عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : إذا بلغت بنو اُميّة أربعين اتّخذوا عباد الله خولاً ومال الله نحلا وكتاب الله غلّاً ».
وروى بسنده عن أبي برزة الأسلمي قال :
« كان أبغض الأحياء إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بنو اُميّة وبنو حيفة وثقيف ».
وروى عن أبي سعيد الخدري :
« قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ أهل بيتي سيلقون من اُمّتي قتلاً وتشريداً وان أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو اُميّة وبنو مغيرة وبنو مخزوم ».
وامّا علي عليه السلام كان مأموراً من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله بقتل القاسطين والناكثين والمارقين ، وهم أصحاب الجمل وصفين والنهروان. فقد قتلهم علي عليه السلام بأمر خاصّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله دفعاً للفتنة والفساد في الأرض.
وإليك النصوص الواردة من طرق أهل السنّة في كتبهم المعتبرة :
1 ـ روى الخطيب البغدادي بسنده :
« عن علقمة والأسود قالا : أتينا أبا أيّوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له : يا أبا أيّوب انّ الله أكرمك بنزول محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبمجيء ناقته تفضّلاً من الله وإكراماً لك ، اناخت ببابك دون الناس ، ثمّ جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلّا الله. فقال : يا هذا انّ الرائد لا يكذب أهله وانّ رسول الله أمرنا بقتال ثلاثة مع علي ـ عليه السلام ـ بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين. فأمّا الناكثون فقد قاتلناهم أهل الجمل طلحة والزبير ، وامّا القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم ـ يعني معاوية وعمروا ـ ، وأمّا المارقون فهم أهل الطرقات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات ، والله ما أدري أين هم ؟ ولكنّه لابدّ من قتالهم إن شاء الله. قال وسمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول لعمّار : تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك على الحق و الحق معك. يا عمّار بن ياسر إن رأيت عليّاً سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي فانّه لن يدلّيك في ردى ولن يخرجك من هدى ... . قلنا يا هذا حسبك رحمك الله حسبك رحمك الله ».
2 ـ روى المتقي الهندي في كنز العرفان 6 / 72 طبعة حيدر آباد الهند :
« عن علي عليه السلام قال : اُمرت بقتال ثلاثة القاسطين والناكثين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام وأمّا الناكثون فذكرهم وأمّا المارقون فأهل النهروان يعني الحرورية ».
أقول : الظاهر انّ الراوي لم يعجبه التصريح بأسماء الناكثين ولذا قال « فذكرهم » أيّ ذكرهم علي عليه السلام. ومن المعلوم انّ عليّاً عليه السالم ذكر عائشة وطلحة والزبير وأهل البصرة.
3 ـ وفي كنز العمّال 6 / 392 :
« روى عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن علي عليه السلام قال : أمرني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ».
قال أخرجه ابن عدي في الكامل وابن منده في غرائب شعبة وابن عساكر من طرق.
4 ـ في اسد الغابة لابن الأثير ج 4 ص 32 روى بسنده :
عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من ؟ فقال : مع علي بن أبي طالب معه يقتل عمّار بن ياسر.
5 ـ تاريخ بغداد ج 8 / 340 روى بسنده :
« عن خليد العصري قال : سمعت أمير المؤمنين عليّاً ـ عليه السلام ـ يقول يوم النهروان : أمرني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ».
6 ـ كنز العمّال ج 6 / 319 :
عن ابن مسعود قال : « خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله فأتى منزل اُمّ سلمة فجاء علي ـ عليه السلام ـ فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا اُمّ سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي ».
7 ـ في مجمع الزوائد ج 7 / 238 قال :
وعن أبي سعيد عقيصاء قال : « سمعت عمّاراً ـ ونحن نريد صفين ـ يقول : أمرني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ».
والروايات في ذلك كثيرة لا تحصى.
التعلیقات