في ذكر معجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مع الشمس
ابن حمزة
2024 Sep 7في بيان ظهور آياته مع الشمس
وفيه : ثلاثة أحاديث
٢١٩ / ١ ـ عن داود بن كثير الرقّي ، عن جويرية بن مسهر ، قال : لمّا رجعنا من قتال أصحاب النهروان مررنا ببابل ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « إنّ هذه أرض معذّبة ، قد عذّبت مرتين ، وقد هلك فيها مائة ألف ومائتان ، فلا يصلّي فيها نبيّ ولا وصي نبيّ ، فمن أراد (١) منكم أن يصلّي فليصلّ العصر ».
قال جويرية : فقلت : والله ، لأقلدن اليوم (٢) ديني وأمانتي عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال : فسرنا إلى أن غابت الشمس ، واشتبكت النجوم ، ودخل وقت العشاء الآخرة ، فلمّا أن خرجنا من أرض بابل نزل صلوات الله عليه عن البغلة ، ثمّ نفض التراب عن حوافرها ، ثمّ قال لي : « يا جويرية ، انفض التراب عن حوافر دابّتك » قال : ففعلت ؛ ثمّ قال لي : « يا جويرية ، أذّن للعصر ».
قال : فقلت : ثكلتك أمّك يا جويرية ، ذهب النهار ، وهذا الليل ! فأذّنت للعصر ، فرجعت الشمس ، فسمعت لها صريراً كصرير البكرة ، حتّى عادت إلى موضعها للعصر بيضاء نقية.
قال : فصلّى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ثمّ قال : « أذّن للمغرب يا جويرية » فأذّنت ، فرأيت الشمس راجعة كالفرس الجواد ، ثمّ صلّيت المغرب ، ثمّ قال : « أذّن للعشاء الآخرة » فأذّنت ، وصلّينا العشاء الآخرة ، ثمّ قلت : وصي محمّد وربّ الكعبة ـ ثلاث مرّات ـ لقد ضلّ وهلك وكفر من خالفك.
ولقد رجعت له الشمس مرّة أخرى في عهد النبيّ صلوات الله عليه وآله وهو ما روى :
٢٢٠ / ٢ ـ أبو جعفر عليه السلام ، قال : « بينا النبيّ (ص) نام عشية ورأسه في حجر عليّ صلوات الله عليهما ، ولم يكن عليّ صلّى العصر ، وقد دنت المغرب ، فقال له : يا عليّ ، أصليت العصر ؟ فقال : لا . فقال النبيّ (ص) : « اللّهمّ إنّ عليّاً كان في طاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس . فعادت الشمس إلى موضعها وقت العصر ».
وقد أحسن في ذلك أبو هاشم محمّد بن إسماعيل الحميريّ ؛ والملقب بالسيّد ، قال شعراً :
ردّت عليه الشمس لمّا فاته |
وقت الصلاة وقد دنت للمغرب | |
حتّى تبلّج نورها في وقتها |
للعصر ثمّ هوت هوي الكوكب | |
وعليه قد حُبست (١) ببابل مرّة |
أخرى وما حبست لخلق المغرب | |
إلّا ليوشع وله من بعده |
ولردها (٢) تأويل أمر معجب |
٢٢١ / ٣ ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : كنّا مع
النبيّ (ص) إذ دخل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال رسول الله (ص) : « يا أبا الحسن ، أتحب أن أريك كرامتك على الله ؟ » قال : « نعم ، بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ».
قال : « إذا كان غداً فانطلق إلى الشمس معي فإنّها ستكلمك بإذن الله تعالى ».
قال : فماجت قريش والأنصار بأجمعهم ، فلمّا أصبح صلّى الغداة ، وأخذ بيد عليّ بن أبي طالب وانطلقا ، ثمّ جلسا ينتظران طلوع الشمس ، فلمّا طلعت ، قال رسول الله (ص) : « يا عليّ ، كلّمها فإنّها مأمورة ، وإنّها ستكلمك ».
فقال عليّ عليه السلام : « السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، أيّها الخلق السامع المطيع ».
فقالت الشمس : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يا خير الأوصياء ، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت . فقال عليّ : « ماذا أعطيت ».
قالت : لم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس ، ولكن هنيئاً لك ، العلم والحكمة في الدنيا ، وأمّا في الآخرة فأنت ممّن قال الله تعالى : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١) وأنت ممّن قال الله تعالى فيه : ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) (٢) فأنت المؤمن الَّذي خصَّك الله بالإِيمان.
وروي أنّ الشمس كلّمته ثلاث مرّات .
الهوامش
١. بصائر الدرجات : ٢٣٧ ، علل الشرائع : ٣٥٢ / ٤ ، اعلام الورىٰ : ١٧٨ ، مدينة المعاجز : ٣٠ ، اثبات الهداة ٢ : ٤٠٧ / ١٨ مثله و ٢ : ٤٩٠ ح ٣١٧ باختصار.
(١) في ك ، م : شاء.
(٢) في ع : الليلة.
٢. أمالي المفيد : ٩٤ / ٣ ، اثبات الوصية : ١٣٠ ، قطعة منه ، مناقب المغازلي : ٩٦ / ١٤٠ ، الطرائف في معرفة المذاهب : ٨٤ / ١١٧ ، مناقب الخوارزمي : ٢١٧ ، تاريخ دمشق ٢ : ٣٨٣ ، بالفاظ مختلفة وبطرق عديدة فراجع ملحقات احقاق الحق ٥ : ٥٢١ ـ الباب ١٧ ـ وقد ذكره بمختلف الألفاظ وعن جماعة من أعلام القوم ، مدينة المعاجز : ٣١ / ٤٤ ، اثبات الهداة ٢ : ٤١٨ / ٥١ ، مثله.
(١) في ك ، م : ردت.
(٢) في ك ، م : لحبسها.
٣. أمالي الصدوق : ٤٧٢ / ١٤ ، فضائل شاذان بن جبرائيل : ١٦٣ مثله ، فرائد السمطين ١ : ١٨٥ ، مصباح الأنوار : ٣١٣ / ١٢٦ ، مدينة المعاجز : ٣٣ / ٤٦ ، اثبات الهداة ٢ : ٥٠٠ / ٣٧٣.
(١) سورة السجدة / الآية : ١٧.
(٢) سورة السجدة / الآية : ١٨.
مقتبس من كتاب : [ الثاقب في المناقب ] / الصفحة : ٢٥٣ ـ ٢٥٦
التعلیقات