حقائق عن مذهب أهل البيت عليهم السلام
الدكتور صلاح الدين الحسيني
منذ سنتينحقائق عن مذهب أهل البيت عليهم السلام :
إنّ مذهب الشيعة الإماميّة الجعفريّة الاثنى عشرية أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فيه ميزات كثيرة لا تُحصى ، فهو المذهب الحقّ ، وهو المذهب الذي لا يحتوي على دخائل وأباطيل ، بل هو صادر من عين النبوّة ونبع الرسالة المحمديّة الصافي ، وهو مذهب الفرقة الناجية الذي فيه رضى الله تعالى ، ورضى رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو المذهب البعيد عن التناقضات والاختلافات ، وهو المذهب الموافق للفطرة ، وهو المذهب الذي يُؤتمن فيه من الزلل والضلال ، كيف لا وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي (1) ، وهو أيضاً سفينة النجاة التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهلك ، كما ذكر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث السفينة : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهلك (2).
وهو مذهب من أمر الله ورسوله بالاهتداء بهديهم والاقتداء بهم ، وطريق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله تعالى عليه ، باب مدينة العلم ودار الحكمة ، الصدّيق الأكبر ، وفاروق هذه الأمّة ، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ » (3). وقال أيضا : « عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ » (4).
وهو المذهب الموافق لكتاب الله تعالى ، ففيه كلّ الحلول لكل ما يستجدّ من أمور ، وجواب لكلّ سؤال أو إشكال بحيث يكون موافق لكتاب الله تعالى وإرادته ، وليس للرأي أو القياس أو الهوى ، فقد قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بعدما نزلت آية ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (5) : « أنا المنذر ولكلّ هاد وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي ، بك يهتدي المهتدون بعدي » (6).
لكنّ الميزة الأهم والتي تهمّنا في هذا البحث ، والتي لاتوجد في أيّ مذهب آخر على الإطلاق إلا في مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ألا وهي أنّه يستطيع أنْ يثبت نفسه من أدلّة خصومه ، وهذه الميزة كان فيها مذهب أهل البيت ، المذهب الأوحد ، كيف لا وهو الصراط المستقيم ، والنور الساطع ، والحقّ الذي ليس معه ضلال ، فماذا بعد الحقّ إلا الضلال.
ولقد اطلعتُ على أغلب أحكام وعقائد مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ووجدتُ أنّ أغلب ما عند الشيعة لابدّ وأنْ تجد له أصلاً في كلّ مذاهب أهل السنّة ، وفي كلّ كتبهم وصحاحهم ومسانيدهم.
ومن العجيب أنّه في أغلب الأحيان نجد أنّ أدلّة أهل السنة تثبت وتدعم وبشكل قويّ جدّاً ما عليه أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام أكثر وأقوى من دعمها لما هم عليه ، وهذا والله شيء عجيب وميزة نادرة لمذهب أهل البيت عليهم السلام تستحقّ من كل باحث منصف أن يقف عندها ويمعن النظر ؛ لأنّ الحقّ دائماً يدمغ الباطل ، وأمّا الباطل فيذهب جفاء ، وأمّا ما ينفع الناس وهو من عند الله تعالى فيمكث ويثبت وله الغلبة دائماً في كلّ زمان ومكان.
قال تعالى : ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (7).
الهوامش
1. أنظر حديث الثقلين في سنن الترمذي 5 : 329 ، سنن النسائي 5 : 45 ، 130 مسند أحمد 3 : 26 ، 59 ، المستدرك على الصحيحين 3 : 109 ، 148 وغيرها الكثير الكثير.
2. أنظر حديث السفينة في المصنّف 7 : 503 ، المعجم الأوسط 5 : 306 ، 355 ، المعجم الكبير 3 : 46 ، المستدرك على الصحيحين 2 : 343 ، 3 : 151 وغيرها من المصادر.
3. تاريخ بغداد 14 : 322 ، تاريخ دمشق 42 : 449.
4. المستدرك على الصحيحين 3 : 124 ، المعجم الأوسط 5 : 135.
5. الرعد : 7.
6. تفسير الطبري 13 : 142 ، تفسير الثعلبي 5 : 272 ، فتح الباري 8 : 285 ، تفسير الرازي 7 : 14 ح 19 ، الدر المنثور 4 : 45 وغيرها كثير.
7. التوبة : 32.
مقتبس من كتاب : [ نهج المستنير وعصمة المستجير ] / الصفحة : 56 ـ 58
التعلیقات