ام كلثوم
جواد شبّر
منذ سنةام كلثوم
قال الشيخ عباس القمي في كتابه ( نفس المهموم ) :
إن ام كلثوم حين توجهت الى المدينة جعلت تبكي وتقول :
مدينة جدنا لا تقبلينا |
فبالحسرات والاحزان جينا |
|
خرجنا منك بالاهلين جمعاً |
رجعنا لا رجالَ ولا بنينا |
ام كلثوم بنت امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، وامها الزهراء فاطمة وقد ولدت بعد زينب الكبرى كما أن زينب ولدت بعد الحسين .
وام كلثوم هي المسماة بزينب الصغرى اما كنيتها ام كلثوم الكبرى وقد جاءت هذه المخدرة مع اخيها الحسين الى العراق وهي زوجة عون ابن جعفر الطيار .
أما هذه الشهرة التي تقول بأن ام كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب فهي عارية عن الصحة ، وبيان ذلك ان المؤرخين قد اتفقوا على ان ام كلثوم تزوجها عون بن جعفر ، او اخوه محمد بن جعفر اولا ، ثم عون ثانياً ، والاتفاق في ذلك عن ائمة الحديث المعتمدين كابن حجر في الإصابة ، وابن عبد البر في الاستيعاب وغيرهما ممن كتب في الصحابة ان عون بن جعفر قتل يوم ( تستر ) ويوم تستر لا كلام انه في خلافة عمر بن الخطاب وفيه اسر الهرمزان ومات عمر بعد يوم تستر بسبع سنين فكيف تزوج بها عون بعد عمر .
والحقيقة أن ام كلثوم لم يتزوجها غير ابن عمها عون ابن جعفر حتى قتل عنها بكربلاء على ما صرح به السيد الداودي في عمدة الطالب والمسعودي في مروج الذهب ، والدر المنثور في طبقات ربات الخدور وكان له من العمر يوم قتل على ما قيل ستة وخمسون سنة وكانت ام كلثوم معه بالطف . وتوفيت بالمدينة بعد رجوعها مع السبايا ، وكانت مدة مكثها في المدينة اربعة أشهر وعشرة ايام .
وهذا كتاب ( المستدرك على الصحيحين في الحديث ) ، للحافظ الكبير الحاكم النيسابوري ج 3 ص 142 عندما يروي زواج ام كلثوم بنت علي « ع » من عمر ، ويأتي الحافظ الذهبي في الذيل ويقول : قلت منقطع ، أي سند هذا الحديث منقطع . وإذا علمنا ان الخبر اذا لم يصححه الذهبي سقط عن الاعتبار واتضح لنا ضعف هذه الإشاعة وكذبها . والآن نورد كلام الشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان البغدادي والمعروف بالشيخ المفيد وذلك في جواب المسألة العاشرة من المسائل السرودية لما سأله السائل عن حكم ذلك الزواج ـ وكلامه الفصل ـ وهذا نصه ان الخبر الوارد بتزويج امير المؤمنين علي « ع » ابنته من عمر غير ثابت ، وطريقه من الزبير بن بكار وطريقه معروف لم يكن موثوقاً به في النقل ، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين « ع » فيما يدعيه عنهم على بني هاشم ، وانما نشر الحديث اثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه فظن كثير من النساء انه حق لرواية رجل علوي له ، وانما هو رواه عن الزبير كما روى الحديث نفسه مختلفاً . فتارة يروي ان امير المؤمنين تولى ذلك ، وتارة يروي انه لم يقع العقد الا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم ، وتارة يروي انه من اختيار وايثار .
ثم بعض الرواة يذكرون أن عمر أولدها ولداً أسماه زيداً ، وبعضهم يرى أن لزيد بن عمر عقبا ، ومنهم من يقول قتل ولا عقب له ، ومنهم من يقول انه وامه قتلا ، ومنهم من يقول ان امه بقيت بعده ، ومنهم من يقول ان عمر أمهر ام كلثوم أربعين الف درهم ، ومنهم من يقول كان مهرها خمسمائة درهم ، وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ولا يكون له تأثير على حال . انتهى كلامه رفع مقامه .
وقال الشيخ المامقاني قدس سره في تنقيح المقال :
ام كلثوم بنت امير المؤمنين عليه السلام هذه كنية لزينب الصغرى وقد كانت مع أخيها الحسين بكربلاء وكانت مع السجاد عليه السلام في الشام ثم الى المدينة وهي جليلة القدر فهيمة بليغة ، وخطبتها في مجلس ابن زياد بالكوفة معروفة وفي الكتب مسطورة . وفي الاخبار ان عمر ابن الخطاب تزوجها غصباً وأنكر ذلك جمع ، ولعلم الهدى في هذا الباب رسالة مفردة أصرّ فيها على ذلك وأصرَّ آخرون على الإنكار ، وحيث لا يترتب من تحقيق ذلك وكان يصعب الالتزام به طويناه اشتغالا بالأهم .
خطبتها بالكوفة :
قال السيد ابن طاووس في ( اللهوف على قتلى الطفوف ) خطبت ام كلثوم من وراء كلّتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت :
يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه فتباً لكم وسحقاً .
ويلكم أتدرون أي دواهٍ دهتكم ، وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها ، وأي كريمة أصبتموها ، وأي صبية سلبتموها ، وأي أموال انتهبتموها ، قتلتم خير رجالات بعد النبي ونزعت الرحمة من قلوبكم ألا ان حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت :
قتلتم أخي ظلماً فويل لأمكم |
ستجزون ناراً حرها يتوقد |
|
سفكتم دماء حرّم الله سفكها |
وحرمها القرآن ثم محمد |
فضج الناس بالبكاء والنحيب ونشرت النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن وبكى الرجال فلم يُر باكية اكثر من ذلك اليوم .
مقتبس من كتاب : أدب الطف / المجلّد : 1 / الصفحة : 75 ـ 78
التعلیقات