آداب مائدة السحور
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنوات>السُّنَّةُ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ<(1)
مع الرجوع إلى المستشفيات والنظر إلى الأمراض والمرضى الراقدين فيها، نجد بأنّ هناك العديد من الأمراض سببها عدم رعاية النظام الغذائي السليم، ويمكن مع رعاية النظام الغذائي الصحيح التخلص من تلك الأمراض،
وهذا هو ما أشار إليه الإسلام، وطبّقه المعصومون (عليهم السلام) في سلوكهم وأخلاقهم، وحثّوا عليه في أقوالهم وأحاديثهم، حيث نرى بأنّ العلم الحديث وصل إلى علم أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك بعد مرور قرون من تبيين الإسلام لتلك الأنظمة الغذائية المتلائمة مع حياة الإنسان، فمثلاً يقول العلم الحديث: إنّ من الصِحة أن يمتنع الإنسان من الأكل والشرب لمدّة شهرٍ واحدٍ في السنة، وهذا هو الذي يُسميه الإسلام الصيام، ويؤكّد العلماء أيضاً الاهتمام بنظام غذائي صحي مبرمج ومتكامل لمدّة هذا الشهر؛ لكي يصل الشخص ـ غير المعتقد بالإسلام وشهر رمضان ـ إلى هدفه وهو الحصول على الصحة الجيّدة في جسمه.
عندما ننظر إلى بعض الأشخاص نرى بأنّهم جعلوا لأنفسهم نظاماً غذائياً خاصاً، فإمّا لا يتسحّرون أصلاً، أو لا يفطرون كذلك، أو يُفرّطون في الأكل والشرب، لكن الإسلام وعلى لسان المعصومين (عليهم السلام) جعل برنامجاً صحياً جيداً لجميع أفراد المجتمع، حيث يمكن للشخص بتطبيق هذه البرامج الغذائيّة أن يحصل على الصحّة الجيّدة، وفي نفس الوقت يتسنّى له الفرصة؛ لكي ينشغل بعبادة الله في هذا الشهر المبارك.
عند ما نمعن النظر في قول النبيّ (صلى الله عليه وآله): >تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ<(2) نرى أنّه يُريد أن يُبيّن أهمية السحور، وعدم حذفه من النظام الغذائي، وهذا ما يفعله بعض الأشخاص وهو خطأ فادح؛ لأنّ الشخص يصرف طاقةً طوال اليوم لكي يعمل خلال اليوم، وكذلك يصرف الطاقة حتى لو كان نائماً، فلابدَّ من تأمين مصدرٍ لهذه الطاقة، فعند عدم وجود أيّ مصدر لهذه الطاقة، سيتضرر الجسم قطعاً.
وفي تتمة كلامه (صلى الله عليه وآله) يقول: >أَلَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی الْمُتَسَحِّرِين<،(3) حيث يفضّل هؤلاء الأشخاص ـ الذين يدخرون هذه الطاقة لأجسامهم، ويهتمون بهذا النظام الغذائي ـ على غيرهم ممن لا يفعل ذلك.
وقد بيّن الرسول (صلی الله عليه و آله) أمراً صحيّاً وهو مرتبة التقديم والتأخير في الأكل والشرب، وهذا هو ما يخطأ فيه الكثير منّا، خاصة إذا وافق شهر رمضان في الصيف، حيث يُقدِم على الشُرب قبل أن يبدأ بالطعام، والحال أنَّه من الأفضل أن يبدأ بالطعام ولو كان قليلاً، ويقول (صلی الله عليه و آله): >مَن أکلَ قَبلَ أن يشرَبَ وتَسَحَّرَ، ومَسَّ شَيئاً مِنَ الطِّيبِ، قَوِي عَلَی الصِّيامِ<،(4) وهذه من أنفع النصائح النبويّة الصحيّة، التي يجب على الإنسان تطبيقها؛ لأنّها ـ كما قُلناـ تدخر طاقة الجسم؛ لكي يستطيع أن يعمل لعدّة ساعات، ولا يواجه مشكلة في ذلك.
- دعائم الإسلام، ج1، ص280.
- زاد المعاد، ج1، ص85.
- الإقبال بالأعمال الحسنة، ج1، ص185.
- كنز العمّال، ج8، ص510.
التعلیقات