حركة السفياني
الشيخ علي الكوراني
منذ 14 سنةالسفياني من الشخصيات البارزة في حركة ظهور المهدي عليه السلام.
فهو العدو اللدود المباشر للإمام المهدي عليه السلام ، وإن كان بالحقيقة واجهة للقوى المعادية التي تقف وراءه كما ستعرف.
وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن خروجه من الوعد الإلهي المحتوم ، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام : ( إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني ). ( البحار : 53/182 ).
وأحاديث السفياني متواترة بالمعنى ، وقد يكون بعضها متواتراً بلفظه. وفيما يلي جملة من ملامح شخصيته وحركته وأخباره.
المتفق عليه بين العلماء أن تسميته بالسفياني نسبة إلى أبي سفيان لأنه من ذريته. كما يسمى ابن آكلة الأكباد نسبة إلى جدته هند زوجة أبي سفيان التي سميت بذلك لأنها حاولت أن تأكل كبد الحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه بعد شهادته في أحد. فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال :
( يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس. وهو رجل ربعة ( أي مربوع ) وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، إذا رأيته حسبته أعور. اسمه عثمان وأبوه عيينة ( عنبسة ) ، وهو من ولد أبي سفيان ، حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها ) ( البحار : 52/205 ).
وفي حديث آخر أنه من ولد عتبة بن أبي سفيان ( البحار : 52/213 ) وأولاد أبي سفيان خمسة : عتبة ومعاوية ويزيد وعنبسة وحنظلة.
ولكن ورد في إحدى رسائل أمير المؤمنين عليه السلام الى معاوية النص على أنه من أبناء معاوية ، جاء فيها : ( وإن رجلاً من ولدك مشومٌ ملعون ، جلفٌ جاف ، منكوسُ القلب ، فظٌّ غليظ ، قد نزع الله من قلبه الرحمة والرأفة ، أخواله كلب ، كأني أنظر إليه ، ولو شئت لسميته ووصفته وابن كم هو ، يبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها فيسرفون في القتل والفواحش ، ويهرب منهم رجل زكي نقي ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كماملئت ظلماً وجوراً. وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته ).
وفي مخطوطة ابن حماد ص 75 عن الإمام الباقر عليه السلام أنه : ( من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان ).
وقد يكون جده الذي ذكرت روايات أنه عنبسة أو عتبة أو عيينة أو يزيد ، من ذرية معاوية بن أبي سفيان ، فيرتفع الإلتباس.
والمشهور عند علماء السنة أن اسمه عبد الله ، وفي مخطوطة ابن حماد ص 74 أن اسمه ( عبد الله بن يزيد ) وقد ورد أن اسمه عبد الله في رواية في مصادرنا أيضاً ( البحار : 53/208 ) ، ولكن المشهور أن اسمه عثمان كما ذكرنا.
يتفق رواة الأحاديث على نفاقه وسوء سيرته ، ومعاداته لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وللمهدي عليه السلام.
والأحاديث التي رواها الجميع عن شخصيته وأعماله واحدة أو متقاربة. كما في مخطوطة ابن حماد ص 76 عن أبي قبيل قال : ( السفياني شر ملك ، يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم. يستعين بهم ، فمن أبى عليه قتله ) ، وفي ص 80 قال : ( يقتل السفياني من عصاه ، وينشرهم بالمناشير ، ويطبخهم بالقدور ، ستة أشهر )!
وفي ص 84 عن ابن عباس قال : ( يخرج السفياني فيقاتل ، حتى يبقر بطون النساء ويغلي الأطفال في المراجل ) أي القدور الكبيرة!
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس. أشقر أحمر أزرق ، لم يعبد الله قط ، لم ير مكة ولا المدينة. يقول يا رب ثاري والنار ) ( البحار : 52/354 ).
ومن أبرز صفاته التي تذكرها أحاديثه ، حقده على أهل البيت عليهم السلام. بل يظهر منها أن دوره السياسي هو إثارة الفتنة المذهبية بين المسلمين وتحريك السنة على الشيعة تحت شعار نصرة التسنن. في نفس الوقت الذي يكون عميلاً لأئمة الكفر الغربيين واليهود.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وقاتل معاوية بن أبي سفيان علياً بن أبي طالب عليه السلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام والسفياني يقاتل القائم عليه السلام ) ( البحار : 52/90 ).
وعنه عليه السلام قال : ( كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادى مناديه : من جاء برأس ( من ) شيعة علي فله ألف درهم ، فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم! أما إن إمارتكم يومئذ لاتكون إلا لأولاد البغايا ، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع! قلت : من صاحب البرقع؟ قال : رجل منكم يقول بقولكم ، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه ، فيغمز بكم رجلاً رجلاً أما إنه لايكون إلا ابن بغي )! ( البحار : 52/215 ).
وقد رأينا في عصرنا بعض أصحاب البراقع المقنعين من عملاء اليهود يدخلون معهم إلى مناطق المسلمين التي يسيطرون عليها ، وقد أخفوا وجوههم السوداء ببراقع سوداء أو غيرها يدلونهم على المؤمنين ويحوشونهم لهم ، فيأخذونهم إلى السجن أو يقتلونهم!
والسفياني من تلامذة هؤلاء ، وملثموه من نوع ملثميهم.
وفي مخطوطة ابن حماد ص 82 : ( وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان ، فيقتلون شيعة آل محمد بالكوفة ، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي ).
وقد ذكرت بعض الأحاديث أن رايته حمراء ، وهي ترمز إلى سياسته الدموية ، كمافي البحار : 52/273 ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : ( ولذلك آيات وعلامات .. وخروج السفياني براية حمراء ، أميرها رجل من بني كلب ).
وتدل الأحاديث على أنه غربي الثقافة والتعليم ، وربما تكون نشأته هناك أيضاً ، ففي غيبة الطوسي ص 278 عن بشر بن غالب مرسلاً قال : ( يقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب. وهو صاحب القوم ) ، أي مسيحياً بعد أن كان أصله مسلماً. وتعبير : ( يقبل من بلاد الروم ) يعني أنه يأتي من هناك إلى بلاد الشام ثم يقوم بحركته.
ويدل أيضاً على أن ولاءه السياسي للغربيين واليهود ، أنه يقاتل المهدي عليه السلام الذي هو عدو الروم أي الغربيين ، ويقاتل الترك أو إخوان الترك الذين يحتمل أن يكونوا الروس.
وأنه يلجأ أثناء الحرب أمام زحف جيش المهدي عليه السلام من دمشق إلى الرملة بفلسطين التي ورد أنه تنزل فيها مارقة الروم.
بل يظهر أنه يخوض المعركة مع المهدي عليه السلام باعتباره خط الدفاع الأمامي عن اليهود والروم ، لأن الأحاديث الشريفة تتحدث عن انهزام اليهود بهزيمته.
كما يدل على ولائه للغربيين أن جماعته بعد هزيمته وقتله ، يهربون إلى الروم ثم يسترجعهم أصحاب المهدي عليه السلام ويقتلونهم.
فعن ابن خليل الأزدي قال : ( سمعت أبا جعفر يقول في قوله تعالى : فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ. لاتَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) ( سورة الأنبياء : 12 ـ 13 ) قال : إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام هربوا إلى الروم ، فيقول لهم الروم لاندخلكم حتى تنصَّروا ، فيعلقون في أعناقهم الصلبان ويدخلونهم. فإذا بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح ، فيقول أصحاب القائم : لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا. قال فيدفعونهم إليهم. فذلك قوله تعالى : لاتَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُون. قال : يسألهم عن الكنوز وهو أعلم بها ، قال : فيقولون : يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ. فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ. بالسيف ). ( البحار : 52/377 ).
ومعنى : ( إذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان ) : أن أصحاب المهدي عليه السلام يحشدون قواتهم في مواجهة الروم ويهددونهم. والمقصود ببني أمية أصحاب السفياني كما نصت على ذلك أحاديث أخرى.
ويبدو أنهم وزراؤه وقادة جيشه ، وأن لهم أهمية سياسية كبيرة ، ولذلك تصل قضيتهم إلى حد تهديد المهدي عليه السلام وأصحابه للروم بالحرب إذا لم يسلموهم إياهم.
وهو أمر طبيعي بملاحظة المد الإسلامي الذي يتعاظم قرب ظهور المهدي عليه السلام. وبملاحظة أن حركته خطة رومية يهودية لمواجهة المد الإسلامي.
والمتتبع لأخبار السفياني يجد الأدلة والإشارات على محاولته هذه.
منها ، ما في مخطوطة ابن حماد ص 75 أن السفياني : ( شديد الصفرة به أثر العبادة ) ، مما يعني أنه يظهر بمظهر المتدين ، ولكن ذلك يكون أول أمره فقط كما يذكر حديث آخر.
وقد يستشكل في وجه الجمع بين ذلك وبين كونه متنصراً يعلق صليباً في عنقه عندما يأتي من بلاد الروم ، ولكن ما نراه من حالة السياسيين العملاء للغرب يرفع الإشكال حيث يعيش بعضهم مع النصارى حتى لايكاد يتميز عنهم ، وقديتقرب إليهم بلبس الصليب الذهبي في عنقه أو في ساعته وحضور مراسمهم في الكنائس. حتى إذا زعَّموه على المسلمين تظاهر بالصلاة والتدين ، لكي يخدع المسلمين بأنه منهم!
بل يدك الحديث المتقدم عن مخطوطة ابن حماد ص 76 : ( يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم ، ويستعين بهم ، فمن أبى عليه قتله ) ، على أنه يحرص على إعطاء الطابع الإسلامي لحركته والشرعية لحكمه ، ويجبر العلماء على ذلك. ولعل تعبير يفنيهم مصحف عن : ( يفتنهم ).
تدل الظروف المذكورة في الأحاديث على أن حركة السفياني عنيفة وسريعة ، فالوضع العالمي الذي تصل فيه درجة الصراع بين الدول إلى حد الحرب ، ووضع بلاد الشام الذي تمخضه فتنة فلسطين مخض ( الماء في القربة ) ويعاني من الضعف والإنقسام والتوتر.
لذلك يبادرون إلى اختيار زعيم قوي يستطيع أن يخضع المنطقة المحيطة بإسرائيل لسيطرته إخضاعا كاملاً ، ويقوم بدوره في تقوية خط الدفاع عن إسرائيل والغرب ، ويطلقون يده في غزو العراق واحتلاله من أجل إيقاف الخطر عليهم.
كما يطلقون يده في إسناد حكومة الحجاز الضعيفة والقضاء على الحركة الأصولية الجديدة حركة الإمام المهدي عليه السلام في مكة المكرمة.
هذه الإعتبارات التي تذكرها الأحاديث صراحة أو تشير إليها ، تساعد على فهم السرعة والعنف اللذين تتحدث عنهما روايات السفياني.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( السفياني من المحتوم ، وخروجه من أوله إلى آخره خمسة عشر شهراً. ستة أشهر يقاتل فيها. فإذا ملك الكور الخمس ، ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً ). ( البحار : 52/248 ).
والكور الخمس هي دمشق والأردن وحمص وحلب وقنسرين ، التي كانت مراكز لحكم منطقة سوريا. وقد نصت الأحاديث على دخول الأردن فيها.
أما لبنان فقد كان جزءً من بلاد الشام وتابعاً لكورها الخمس ، فلا يبعد شمول حكم السفياني له.
ولكن بعض الروايات تستثني من حكم السفياني طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه ، كما سيأتي ، قد يكون أهل لبنان منهم.
وتحدد الأحاديث وقت حركته بأنه يكون في شهر رجب ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( ومن المحتوم خروج السفياني في رجب ). ( البحار : 52/249 ).
وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر ، لأنه عليه السلام يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك ( السنة ). ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي عليه السلام ، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق ، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته.
وعلى هذا ، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة :
مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهره الأولى.
ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز.
ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز ، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام ، وعن إسرائيل والقدس.
ومما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى ، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً ، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له ، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام. ولكن الطبيعي بالنظر إلى نوع حركته أن تكون هذه الأشهر الستة مليئة بأعمال عسكرية مكثفة ، حتى يحكم سيطرته ويستطيع تجنيد قوات كبيرة لمهامه ومعاركه الواسعة في التسعة أشهر التالية.
وقد تكون أطراف معاركه في الستة أشهر الأولى مضافاً إلى الأبقع والأصهب حاكم الأردن ولبنان ، وغيرهما من القوى المعارضة.
وتشير رواية إلى عنف معاركه مع الأبقع والأصهب وأنها تسبب دمار الشام ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( وخسف قرية من قرى الشام تسمىالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة. واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض ، حتى تخرب الشام ( وفي رواية وأول أرض تخرب الشام ) ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ). ( الإرشاد للمفيد ص 359 ).
أما خراب دمشق المقصود بقول أمير المؤمنين عليه السلام : ( ولأنقضن دمشق حجراً حجراً. يفعله رجل مني ) ، فالظاهر أنه التدمير الذي يكون في معركة فتح القدس الكبرى التي يخوضها الإمام المهدي عليه السلام مع السفياني واليهود والروم.
أما في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني فيخوض حروباً كبيرة ، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا ، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق ، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.
وقد تكون للسفياني أيضاً قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي عليه السلام إلى جانب قوات سلطة الحجاز ، في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي عليه السلام لتحرير المدينة المنورة.
وبعد هزيمة السفياني في العراق والحجاز ينكفئ إلى الشام حتى تكون له مع المهدي عليه السلام أكبر معاركه على الاطلاق : معركة فتح القدس الكبرى.
تكاد تتفق الروايات على أن السفياني يبدأ حركته من خارج دمشق من منطقة حوران أو درعا على الحدود السورية الأردنية.
وقد سمت الروايات منطقة خروجه بالوادي اليابس والأسود.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجل ربعة ، وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري. إذا رأيته حسبته أعور. اسمه عثمان وأبوه عنبسة ( عيينة ) وهو من ولد أبي سفيان. حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها ). ( البحار : 52/205 ). وقد ورد في تفسير الربوة ذات القرار والمعين المذكورة في القرآن الكريم ، أنها دمشق.
وفي مخطوطة ابن حماد ص 75 عن محمد بن جعفر بن علي قال :
( السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان ، رجل ضخم الهامة ، بوجهه آثار جدري ، وبعينه نكتة بياض. يخرج من ناحية مدينة دمشق من واد يقال له وادي اليابس. يخرج في سبعة نفر ، مع رجل منهم لواء معقود ).
وفي ص 74 أن بداية حركته ( من قرية من غرب الشام يقال لها أندرا في سبعة نفر ).
وفي ص 79 عن أرطاة بن المنذر قال : ( يخرج المشوه الملعون من عند المندرون شرقي بيسان على جمل أحمر وعليه تاج ).
وينبغي التنبيه على أن ابن حماد وغيره رووا روايات عديدة عن التابعين لم يسندوها إلى النبي صلى الله عليه وآله أو أهل بيته عليهم السلام تتحدث عن أمور أشبه بالأساطير عن السفياني وبداية حركته. وأنه يؤتى في منامه فيقال له قم ، وأنه يحمل بيده ثلاث قصبات لا يقرع بهن أحداً إلا مات. ( ابن حماد ص 75 ). وهي روايات متأثرة بالأمويين ، تبالغ في شخصية السفياني أو في دوره ، أو تريد إعطاءه كرامة إلهية!
لكن الأحاديث الأخرى تتفق على أن حركته سريعة وعنيفة ، وأن شدة بطشه أمرٌ معروفٌ للرواة الشيعة ، حتى أن أحدهم يسأل الإمام الصادق عما يفعله الشيعة إذا خرج ، فعن ( الحسن بن أبي العلاء الحضرمي قال ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام أي الإمام الصادق : كيف نصنع إذا خرج السفياني ؟ قال :
تغيب الرجال وجوهها منه. وليس على العيال بأس. فإذا ظهر على الأكوار الخمس ، يعني كور الشام فانفروا إلى صاحبكم ) ( البحار : 52/272 )
ويبدو أن أقوى معارضيه هم الأبقع وجماعته ، وأنهم المقصودون ببني مروان في رواية مخطوطة ابن حماد ص 77 : ( فيظهر على المرواني فيقتله. ثم يقتل بني مروان ثلاثة أشهر. ثم يقبل على أهل المشرق ( أي الإيرانيين ) حتى يدخل الكوفة ).
وتدل بعض الأحاديث على أن الشيعة في منطقة الشام لايكونون هم العدو الأساسي للسفياني عند خروجه ، بل جماعة الأبقع والأصهب الذين هم أعداء للشيعة وللسفياني معاً.
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم ، وهو من العلامات لكم ، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم منه بأس ، حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم. فقال له بعض أصحابه : فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك ؟ فقال : يتغيب الرجال منكم عنه فإن خيفته وشرته فإنما هي على شيعتنا ، فأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى. قيل إلى أين يخرج الرجال ويهربون منه ؟ قال : من أراد أن يخرج منهم إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان. ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم. وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر ، ولا يجوزها إن شاء الله تعالى ) ( البحار : 52/141 ) وهذا يدل على أن حملته على الشيعة في بلاد الشام تبدأ في رمضان بعد خروجه.
وتذكر الروايات أن سيطرته على المنطقة تكون قوية مطلقة حيث يتغلب على كل مصاعب الوضع الداخلي : ( فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه ) ( البحار : 52/252 ).
ويفهم بعضهم من تعبير هذا الحديث أن الشيعة في لبنان وبلاد الشام سوف لا يشملهم حكم السفياني ولا ينقادون له ، وهو محتمل. وأقل ما يدل عليه استثناء طوائف من أهل الشام من الانقياد له ، وأن جماعات مؤمنة يمتنعون بعصمة الله تعالى عن المشاركة في حركته وأعماله العسكرية في العراق والحجاز. ولايبعد أن يكون لهم وضع سياسي مميز عن المواطنين العاديين في دولة السفياني ، يمكنهم من هذا القدر من الاستقلالية ، من قبيل الوضع اللبناني الفعلي بالنسبة إلى سوريا.
على كل ، يتفرغ السفياني من أعمال سيطرته على المنطقة ، ويبدأ مهمته الخارجية ، فيعد جيشه الكبير لمواجهة الإيرانيين الممهدين ( فلا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها ) ( البحار : 52/237 ).
قرقيسيا ، مدينة صغيرة عند مصب نهر الخابور في نهر الفرات. وهي اليوم أطلال قرب مدينة دير الزور السورية الواقعة عند الحدود السورية العراقية. والقريبة نسبياً من الحدود السورية التركية.
وفي معجم البلدان للحموي : 4/328 : ( وقيل سميت بقرقيسيا بن طهمورث الملك. قال حمزة الاصبهاني : قرقيسيا معرب كركيسيا وهو مأخوذ من كركيس وهو اسم لإرسال الخيل المسمى بالعربية الحلبة. وكثيراً ما يجئ في الشعر مقصوراً ). انتهى.
وقد وردت روايات عن معركة عظيمة تقع فيها ، وبعضها لم تحدد وقتها ، وبعضها حددتها بأنها بين بني العباس وبني أمية ، وبعضها ربطتها بالسفياني الذي يكون في زمن الإمام المهدي عليه السلام ، وبعضها ذكرت أن سببها كنز يظهر في مجرى الفرات ويقع الخلاف عليه بين السفياني والأتراك ..
وهذه روايتها العامة :
في الكافي : 8/295 : عن الإمام الباقر عليه السلام قال لميسر : ( يا ميسر كم بينكم وبين قرقيسا ؟ قلت : هي قريب على شاطئ الفرات فقال : أما إنه سيكون بها وقعة لم يكن مثلها منذ خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض ولا يكون مثلها ما دامت السماوات والأرض مأدبة للطير. تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء ، يهلك فيها قيس ولايدعى لها داعية ) قال : وروي غير واحد وزاد فيه وينادي مناد هلموا إلى لحوم الجبارين.
وفي غيبة النعماني ص 278 : عن حذيفة بن المنصور ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ( إن لله مائدة ـ وفي غير هذه الرواية مأدبة ـ بقرقيسياء يطلع مطلع من السماء فينادي يا طير السماء ويا سباع الأرض هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين )
وهذه الرواية تربطها ببني العباس وبني أمية :
في غيبة النعماني ص 303 : عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إن لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسياء ، يشيب فيها الغلام الحزور ، يرفع الله عنهم النصر ، ويوحي إلى طير السماء وسباع الارض اشبعي من لحوم الجبارين ، ثم يخرج السفياني )
وهذه الرواية تربطها بالسفياني وظهور الإمام المهدي عليه السلام :
في الإختصاص للشيخ المفيد ص 255 : عن جابر الجعفي قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا جابر إلزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها :
أولها اختلاف ولد فلان ، وما أراك تدرك ذلك ولكن حدث به بعدي ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمى الجابية وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك ، و يعقبها مرج الروم ، وستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة ، فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب فأول أرض المغرب [أرض] تخرب الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات راية الأصهب وراية الأبقع ، وراية السفياني فيلقي السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله ومن معه ويقتل الأصهب ، ثم لايكون همه إلا الإقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين ، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألف رجل فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً.
فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوى المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ، وخرج رجل من موالي أهل الكوفة فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة ، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة ، فيبعث جيشاً على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران عليه السلام ، وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء يا بيداء أبيدي القوم فيخسف بهم البيداء فلا يفلت منهم إلا ثلاثة ، يحول الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب ، وفيهم نزلت هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ...الآية ) قال : والقائم يومئذ بمكة ، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به ينادي : يا أيها الناس إنا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم ونحن أولى الناس بالله وبمحمد ... الخ.
وهذه رواية غير مرفوعة في كتاب الفتن لابن حماد : تربطها بالسفياني ، لكنها تجعل أطرافها مقابله الترك والروم ، وتجعل لمصر مشاركة مع السفياني! قال في ص 170 : ( عن أرطاة قال : إذا اجتمع الترك والروم وخسف بقرية بدمشق وسقط طائفة من غربي مسجدها رفع بالشام ثلاث رايات الأبقع والأصهب والسفياني ويحصر بدمشق رجل فيقتل ومن معه ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني فإذا أقبلت مادة الأبقع من مصر ظهر السفياني بجيشه عليهم فيقتل الترك والروم بقرقيسيا حتى تشبع سباع الأرض من لحومهم ).
أما الروايات التي تربطها بالكنز المختلف عليه ، فهي عديدة ، ومن أوضحها ما في مخطوطة ابن حماد ص 92 عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( ينحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة ، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة. فإن أدركتموه فلا تقربوه ).
وفيها أيضاً : ( الفتنة الرابعة ثمانية عشر عاماً ، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب ، تنكب عليه الأمة فيقتل من كل تسعة سبعة ).
ولا يعرف المقصود بالفتنة الرابعة في هذا الحديث ، فإن الأحاديث التي تعدد الفتن متعارضة ، نعم يسهل تمييز الفتنة الأخيرة منها لأن أحاديثها نصت على ظهور الإمام المهدي عليه السلام بعدها.
ولايمكن الحكم على نصوص مرسلة من هذا النوع ، وإن صحت فيحتمل أن يكون الكنز المذكور مصادر نفط أو مناجم ذهب وفضة تكتشف هناك وتكون موضع خلاف بين الدول الثلاث
أما الطرف المقابل للسفياني في هذه المعركة فأكثر الأحاديث تذكر أنه الترك ، ويمكن أن يكون الجيش التركي لأن النزاع على ثروة عند حدود سوريا وتركيا. ويحتمل أن يكون المقصود بالترك هنا الروس فقد ذكرت بعض الأحاديث أنهم قبل خروج السفياني ينزلون الجزيرة التي هي جزيرة ربيعة أو ديار بكر ، القريبة من قرقيسيا. وذكرت أحاديث أخرى أن السفياني يقاتل الترك ثم يكون استئصالهم يدل على يد المهدي عليه السلام ، والمقصود بالجزيرة تلك المنطقة الواقعة قرب الموصل المسماة بهذا الاسم وبإسم ديار ربيعة أيضاً ، وليس جزيرة العرب.
وكذا المقصود بنزول قوات الروم في الرملة يحتمل أن يكون رملة فلسطين أو رملة مصر.
تؤكد الروايات أن السفياني بعد معركة قرقيسيا يوجه جيشه الى العراق ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون ، يقتله السفياني ومن معه ، ويقتل الأصهب ، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق ، ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها فيقتل من الجبارين مئة ألف ، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً ) ( البحار : 52/237 )
وفي مخطوطة ابن حماد ص 87 عن علي عليه السلام قال : ( إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة ، بعث في طلب أهل خراسان. ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي ).
وعن جابر الجعفي قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن السفياني فقال : ( وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج بأرض كوفان ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم. فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم ). ( البحار : 52/250 ).
والشيصبان في اللغة اسم من أسماء الشيطان. وهو في أحاديث أهل البيت عليهم السلام كناية عن رجل من أعدائهم سئ أو مغمور.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( لابد لبني فلن أن يملكوا.فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً ). ( البحار : 52/231 )
والمقصود ببني فلان هنا قد يكون أسرة آخر حاكم في العراق قبل الإمام المهدي ، الشيصبان أو غيره.
وتصف الروايات في مصادر الطرفين أعمال جيش السفياني الفظيعة في العراق ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام ، وبعضها محل شك بسبب سندها أو متنها ، أو لأنها إخبارات عن أحداث سابقة لاعلاقة لها بخروج السفياني وظهور الإمام المهدي عليه السلام. وهذه نماذج منها :
عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( كأني بالسفياني ( أو بصاحب السفياني ) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس ( من ) شيعة علي فله ألف درهم. فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما إن إمارتكم لا تكون يومئذ إلا لأولاد البغايا. وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ، قلت : ومن صاحب البرقع؟فقال : رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه ، فيغمز بكم رجلا رجلا. أما إنه لا يكون إلا ابن بغي ) ( البحار : 52/215 ).
وفي مخطوطة ابن حماد ص 82 : ( وتقبل خيل السفياني كالليل والسيل فلا تمر بشئ إلا أهلكته وهدمته ، حتى يدخلون الكوفة فيقتلون شيعة آل محمد ، ثم يطلبون أهل خراسان في كل وجه. فيخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيدعون له وينصرونه ).
وفي لوائح الأنوار البهية للسفاريني الحنبلي : ( يقاتل الترك فيظهر عليهم ثم يفسد في الأرض ، ويدخل الزوراء فيقتل من أهلها ).
وتذكر الأحاديث فظائع يرتكبها جيش السفياني في غزوه العراق ، خاصة بحق شيعة أهل البيت عليهم السلام ، كما في مخطوطة ابن حماد ص 83 ، والبحار : 52/219 ).
كما تذكر الرويات أسماء أماكن يتمركز فيها جيش السفياني مثل الزوراء أي بغداد ، والأنبار والصراة والفاروق والروحاء. فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( ويبعث مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة. وينزلون الروحاء والفاروق ، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة ، موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة ). ( البحار : 52/273 ).
لكن حملة السفياني لاتحقق هدفها في السيطرة على العراق ، بل تقرر بعد أسابيع الإنسحاب من العراق والتوجه الى الحجاز لأداء دورها الجديد في القضاء على حركة الإمام المهدي عليه السلام في مكة ، حيث تذكر بعض الروايات أن السفياني يرسل جيشه إلى الحجاز من العراق ، وبعضها يذكر أنه يرسله من الشام ، ويمكن أن يكون قسم منه من الشام وقسم من العراق ،
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات سود من قبل خراسان تطوي المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ) ( البحار : 52/238 ).
وفي مخطوطة ابن حماد ص 84 : ( يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام ، ويقتل من أهلها ستين ألفاً ، ثم يمكث فيها ثمانية عشرة ليلة. وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء ، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون. ويخرج قوم من السواد الكوفة ليس معهم سلاح إلا قليل منهم ، ومنهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون مافي أيديهم من سبي الكوفة. وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي ).
وتصف الرواية التالية المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السلام جانباً من احتلال جيش السفياني للعراق ، متزامناً مع فتنة غربية وما يشبه حرباً عالمية ، ودخول قوات الخراسانين الممهدة للمهدي عليه السلام الى العراق ، ويبدو أنها تجميع لبعض الرواة من نصوص متعددة في الموضوع.
ففي البحار : 53/82 ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( ألا أيها الناس ، سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية تطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ، رافعة ذيلها تدعو ياويلها بذحلة أو مثلها. فإذا استدار الفلك ، قلتم مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية : ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.
ولذلك آيات وعلامات : أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة. وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى ، القاتل والمقتول في النار. وقتل كثير وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين. والمذبوح بين الركن والمقام. وقتل الأسبغ المظفر صبراً في بيعة الأصنام ، مع كثير من شياطين الإنس.
وخروج السفياني براية خضراء ( حمراء ) وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب. واثني عشر ألف عنان من يحمل السفياني متوجهاً إلى مكة والمدينة ، أميرها أحد من بني أمية يقال له خزيمة ، أطمس العين الشمال على عينه طرفة ، يميل بالدنيا فلاترد له راية حتى ينزل بالمدينة ، فيجمع رجالاً ونساء من آل محمد فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن الأموي. ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان. حتى إذا توسطوا الصفاح الأبيض بالبيداء يخسف بهمه فلاينجو منهم أحد إلارجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم وليكون آية لمن خلفه. فيومئذ تأويل هذه الآية : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيب.
ويبعث السفياني مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق ، وموضع مريم وعيسى بالقادسية ، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة ، وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفاً ، حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد. ويسبي من الكوفة أبكاراً لايكشف عنها كف ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن للثوية وهي الغريين.
ثم يخرج من الكوفة مئة ألف بين مشرك ومنافق ، حتى يضربون دمشق لايصدهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد.
وتقبل رايات ( من ) شرقي الأرض ليست بقطن ولاكتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمد ، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر ، يسير الرعب أمامها شهراً.
ويخلف أبناء سعد بالكوفة طالبين بدماء آبائهم ، وهم أبناء الفسقة ، حتى يهجم عليهم خيل الحسين يستبقان كأنهما فرسا رهان. شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح ، إذ يضرب أحدهم برجله باكية ، يقول لاخير في مجلس بعد يومنا هذا ، اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون ، فهم الأبدال الذين وصفهم الله عزوجل : إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. والمطهرون نظراؤهم من آل محمد.
ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب الإمام ، فيكون أول النصارى إجابة ، ويهدم صومعته ويدق صليبها ، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى.
فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق ، وهي محجة أمير المؤمنين ، وهي ما بين البرس والفرات ، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى ، فيقتل بعضهم بعضاً ، فيومئذ تأويل هذه الآية : فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ. بالسيف ، وتحت ظل السيف ). انتهى.
والفقرة الأولى والأخيرة من هذه الرواية تذكر حرباً عالمية يتركز دمارها على الغرب ، ويقتل فيها ثلاثة آلاف ألف أي ثلاثة ملايين ، وسيأتي ذكرها في محله.
ومعنى ( تخريق الزوايا في الكوفة ) إقامة المتاريس لقتال الشوارع في حملة السفياني أو الغربيين.
وسيأتي ذكر الرايات الثلاث حول المسجد الحرام في حركة الظهور في اختلاف القبال على السلطة قبيل ظهور المهدي عليه السلام.
أما قتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، فيستقرب بعضهم انطباقه على أستاذنا الشهيد الصدر قدس سره ، وظهر الكوفة هي النجف.
والمذبوح بين الركن والمقام هو النفس الزكية قبيل ظهور المهدي ، وهو رسول المهدي عليه السلام إلى أهل مكة.
وفي الرواية عدة أسماء وكلمات لايعرف معناها مثل الأسبغ المظفر الذي يقتل في بيعة الأصنام أي في معبد الأصنام ، وشياطينه الكثيرين. وأبناء سعد السقاء ، وأمير الناس الكاهن الساحر ، وغيرها ، فقد تكون إضافة أو أسماء أشخاص في ذلك العصر.
ويوجد بعض روايات تذكر أو تشير إلى أن مريم وعيسى عليهما السلام قد زارا العراق ونزلا القادسية ، وبقيا مدة في مكان مسجد براثا قرب بغداد ، والله العالم.
أما موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فهو معروف قرب النجف في وادي السلام.
ورايات شرقي الأرض هي رايات الخراسانيين الممهدين.
وتفسير الفاروق في الرواية الثانية لابد أن يكون تعليقاً من أحد الرواة دخل في أصل الرواية. وقد يكون مجمع الناس هناك بمعنى أن قوات المهدي عليه السلام تتجمع هناك.
واعلم أن أمثال هذه الرواية إما موضوع ، أو هي خطب لرواة وعلماء ضمنوها عدداً من الروايات ، ثم نسبت الى النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام!
سنتعرض في حركة الظهور المقدس إن شاء الله إلى حالة الصراع السياسي التي تحدث في الحجاز ، على أثر مقتل حاكمه عبد الله ، وعدم اتفاقهم على حاكم بعده ، وصراع القبائل الحجازية على السلطة ، الأمر الذي يضعف حكومة الحجاز ، ويسمح للمهدي عليه السلام أن يبدأ حركته في مكة ويحررها ، ويحكم سيطرته عليها.
ففي هذه المرحلة ، وعندما ترى حكومة الحجاز عجزها عن القضاء على حركة المهدي عليه السلام ، تقوم هي أو تقوم الدول الكبرى بتكليف السفياني بهذه المهمة ، فيوجه قواته إلى المدينة المنورة ثم إلى مكة المكرمة ، بينما يعلن المهدي عليه السلام للمسلمين وللعالم بأنه ينتظر المعجزة الموعودة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وهي الخسف بجيش السفياني بالبيداء قرب مكة ، وأنه بعد هذه المعجزة سيتابع حركته المقدسة.
بل تذكر بعض الأحاديث أن استدعاء قوات السفياني إلى الحجاز ، والحرمين خاصة ، يكون قبل بدء حركة ظهور المهدي عليه السلام ، وأن جيش السفياني يدخل المدينة المنورة بحثاً عن المهدي وأنصاره ويرتكب فيها الجرائم ، وأن المهدي عليه السلام يكون عند ذاك في المدينة ثم يخرج منها إلى مكة على سنة موسى عليه السلام خائفاً يترقب ، ثم يأذن الله له بالظهور.
وتصف الأحاديث في مصادر الشيعة والسنة دخول جيش السفياني إلى المدينة المنورة عن طريق العراق والشام بأنه دخول كاسح ، لايجد أمامه مقاومة ، وأنه يستعمل مع أنصار المهدي وشيعة أهل البيت عليهم السلام نفس طريقته في العراق في القتل والإبادة للكبير والصغير والرجال والنساء!
بل يبدو أن بطشه في المدينة يكون أشد ، ففي مخطوطة ابن حماد ص 88 ، عن ابن شهاب قال : ( يكتب السفياني إلى الذي دخل الكوفة بخيله بعد ما يعركها عرك الأديم ، يأمره بالسير إلى الحجاز ، فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش ، فيقتل منهم ومن الأنصار أربع مائة رجل ، ويبقر البطون ، ويقتل الولدان ، ويقتل أخوين من قريش رجل وأخته يقال لهما فاطمة ومحمد ، ويصلبهما على باب مسجد المدينة ).
وتذكر روايات أخرى أن هذا السيد وأخته هم أبناء عم النفس الزكية الذي يرسله الإمام المهدي عليه السلام إلى مكة فيقتلونه في المسجد الحرام قبل ظهوره عليه السلام بخمسة عشر ليلة. وأنهما يكونان فارين من العراق من جيش السفياني ، ويدلهم عليهما جاسوس يكون معهما من العراق.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( ويظهر السفياني ومن معه حتى لايكون له همة إلا آل محمد صلى الله عليه وآله وشيعتهم ، فيبعث بعثاً إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله قتلاً وصلباً. ويبعث بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لايترك منهم أحد إلا أخذ وحبس ، ويخرج الجيش في طلب الرجلين ، ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة ). ( البحار ج 52 ص 222 )
وفي ص 252 عن السفياني أنه يأتي المدينة بجيش جرار. وجاء في مستدرك الحاكم : 4/442 ، أن أهل المدينة يخرجون منها أمام حملة السفياني.
ويبدو أن المنصور الذي يخرج مع المهدي عليه السلام هو النفس الزكية محمد ، وهو من أصحاب المهدي عليه السلام ، وهو الذي يرسله إلى المسجد الحرام ليبلغ رسالته فيقتلونه ، ويحتمل أن يكون غيره.
ولا تذكر الأحاديث أماكن أخرى من الحجاز تدخلها قواته غير المدينة ، ثم محاولة دخولها مكة. ويبدو أن مدة احتلاله للمدينة لاتطول حتى يرسل جيشه كله أو معظمه إلى مكة فتقع فيه الآية الموعودة ، ويخسف بهم جميعاً تقريباً قبيل مكة.
وفي بعض الروايات أن بقاء جيشه في المدينة يكون أياماً فقط ، ويبدو أن المقصود من دخوله المدينة تخويف أهلها والبحث عن المهدي عليه السلام ، وليس المرابطة فيها أو قربها.
والأحاديث في جيش الخسف كثيرة متواترة في مصادر المسلمين ، ولعل أشهرها في مصادر السنة الحديث المروي عن أم سلمة قالت : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء بيداء المدينة خسف بهم ). ( مستدرك الحاكم : 4/429 والبحار : 52/186 ).
قال صاحب الكشاف في تفسر قوله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) ( سورة سـبأ : 51 ) : ( روي عن ابن عباس أنها نزلت في خسف البيداء ).
وقال صاحب مجمع البيان : ( قال أبو حمزة الثمالي : سمعت علي بن الحسين والحسن بن الحسن بن علي عليه السلام يقولان : هو جيش البيداء ، يؤخذون من تحت أقدامهم ). ( البحار : 52/186 ).
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وآله ذكر فتنة تكون بين أهل مشرق والمغرب وقال : فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك ، حتى ينزل دمشق. فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق ، وآخر إلى المدينة ، حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويغصبون أكثر من مئة امرأة ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بني ( فلان ) العباس. ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها. ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى فتلحق ذلك الجيش ، فيقتلونهم ولا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها ، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف بهم عندها ، ولا يفلت منهم إلارجلان من جهينة ). ( البحار : 52/186 ).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( المهدي أقبل ، جعد ، بخده خال. يكون مبدؤه من قبل المشرق ، فإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف مقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه ، ويأتي المدينة بجيش جرار ، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به ، وذلك قول الله عزوجل : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ). ( غيبة النعماني 163 والمحجة للبحراني ص 177 ).
ومعنى قوله عليه السلام : ( أقبل ) أي يقبل عندما يمشي بكل بدنه.
و ( جعد ) أي في شعره جعد.
و ( مبدؤه من قبل المشرق ) أي مبدأ أمره بدولة الإيرانيين الممهدين له.
( فإذا كان ذلك ) أي فإذا بدأ أمره وقامت دولتهم خرج السفياني. وليس في الحديث تعيين وقت خروجه ، وأنه هل يكون مباشرة بعد قيام دولة الممهدين أو بعد سنين طويلة ، لكن التعبير يدل على نوع من الترتب والترابط بين دولة الإيرانيين وخروج السفياني ، وأن خروجه يكون عملاً موجهاً ضدها كما ذكرنا في أوائل الحديث عن حركته.
وعن حنان بن سدير قال : ( سألت أبا عبد الله ( أي الإمام الصادق عليه السلام ) عن خسف البيداء فقال : ( أَمَاصِهْرا ، على البريد ، على اثني عشر ميلاً من البريد الذي بذات الجيش ) ( البحار : 52/181 ). وذات الجيش واد بين مكة والمدينة ، وأماصهرا موضع فيها.
وفي مخطوطة ابن حماد ص 90 عن محمد بن علي ( الإمام الباقر عليه السلام ) قال : ( سيكون عائذ بمكة يبعث إليه سبعون ألفاً ، عليهم رجل من قيس ، حتى إذا بلغوا الثنية دخل آخرهم ولم يخرج منها أولهم ، نادى جبرئيل : يابيداء يابيداءـ يسمع مشارقها ومغاربهاـ خذيهم ، فلا خير فيهم! فلايظهر على هلاكهم أحد إلا راعي غنم في الجبل ، ينظر إليهم حين ساخوا فيخبر بهم. فإذا سمع العائذ بهم ، خرج ).
وفيها ص 91 عن أبي قبيل قال : ( لايفلت منهم أحد إلا بشير ونذير ، فأما البشير فإنه يأتي المهدي وأصحابه فيخبرهم بما كان من أمرهم ، ويكون شاهد ذلك في وجهه قد حول الله وجهه إلى قفاه ، فيصدقونه لما يرون من تحويل وجهه ويعلمون أن القوم قد خسف بهم. والثاني مثل ذلك قد حول الله وجهه إلى قفاه ، فيأتي السفياني فيخبره بما نزل بأصحابه فيصدقه ويعلم أنه حق لما يرى فيه من العلامة. وهما رجلان من كلب ).
وفيها ص 90 عن حفصة قالت : ( سمعت رسول الله (ص) يقول : يأتي جيش من قبل المغرب يريدون هذا البيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ، فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم ، ثم يبعث الله تعالى كل امرئ على نيته ).
أي أن المجبور على الخدمة في جيش السفياني وإن كان حسابه في الآخرة ليس كالمتطوع بإرادته ، ولكنه يخسف به أيضاً.
وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( عجبت لقوم مصرعهم واحد ومصادرهم شتى ، فقيل كيف ذلك يا رسول الله؟ فقال : ( لأن فيهم المجبور والمستكره والمنتفر )
أي يموتون في مكان واحد ، لكن الله تعالى يحاسبهم في الآخرة على نياتهم ، ومنهم المستكره خوفاً على أهله وما شابه ، ومنهم المساق جبراً ، ومنهم المتطوع المستنفر برغبته.
وفي رواية أن عدد جيش الخسف اثنا عشر ألفاً ، وليس سبعين ألفاً. وفي رواية أخرى أنه يخسف بثلثهم ، وتحول وجوه ثلثهم إلى أقفيتهم ، ويبقى ثلثهم سالمين. ( مخطوطة ابن حماد ص 90 ـ 91 ).
بعد معجزة الخ
التعلیقات