قصّة أبي راجح الحمّاميّ بالحلّة
من شاهده عليه السلام
منذ 11 سنةفمن ذلك ما اشتهر وذاع ، حتّى [ ملأ ] (١) الأسماع (٢) ، وسبق هذا بالعيان ، لكثير من أبناء الزمان (٣) ، وهو قصّة أبي راجح الحمّاميّ بالحلّة.
وبعد (٤) ، حكى لي (٥) ذلك جماعة من الأعيان الأماثل ، وأهل التصديق (٦) الأفاضل ، منهم الشيخ ( المحترم الحاج القاري المجوّد ) (٧) الزاهد العابد العالم (٨) المحقّق شمس الدين محمّد بن قارون ، قال :
كان الحاكم بالحلّة شخصا يدعى مرجان الصغير ، رفع (٩) إليه أنّ أبا راجح هذا يسبّ الصحابة ، فأحضره وأمر به (10) فضرب ضربا [ شديدا ] (11) مهلكا على جميع بدنه ، حتّى [ أنّه ] (12) ضرب على وجهه فسقطت ثناياه ، وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة (13) من الحديد ، وخرق أنفه ووضع فيه شركة من الشعر ، وشدّ فيها حبلا ، وسلّمه إلى جماعة من أصحابه وأمرهم أن يدوروا به (14) في أزقّة الحلّة ، والضرب يأخذ [ هُ ] (15) من جميع جوانبه حتّى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك.
فاخبر الحاكم [ بذلك ] (16) فأمر بقتله ، فقال الحاضرون : إنّه شيخ كبير وقد حصل [ له ] (17) ما يكفيه وهو ميّت لما به فاتركه فهو يموت حتف أنفه ، ولا تتقلّد دمه (18) ، وبالغوا في ذلك حتّى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه وورم (19) لسانه ، فنعاه (20) أهله بالموت ، ولم يشكّ أحد أنّه يموت من ليلته.
فلمّا كان من الغداة (21) دخل (22) عليه الناس فإذا هو [ قائم يصلّي ] (23) على أتمّ ما كان في حال صحّته (24) ، وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت ، وجراحاته قد اندملت (25) ولم يبق لها أثر ، [ و ] (26) الشجّة قد زالت من وجهه ، فعجبوا (27) من حاله وسألوه عن أمره ، فقال : إنّي لمّا عاينت الموت ولم يبق لي لسان أسأل الله تعالى [ به ] (28) ، كنت (29) أسأله بقلبي واستغثت إلى مولاي وسيّدي محمّد بن الحسن القائم عليهالسلام (30) ، فلمّا جنّ عليّ الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا وإذا مولاي (31) قد أمرّ يده الشريفة على وجهي وقال [ لي ] (32) : اخرج وكدّ على عيالك فقد عافاك الله ؛ فأصبحت كما ترون.
وحكى الشيخ شمس الدين محمّد بن قارون المذكور ، [ قال ] (33) : وأقسم بالله أنّ هذا أبو (34) راجح ، كان ضعيف التركيب ، أصفر اللون ، شين الوجه ، مقرطم (35) اللحية ، وكنت دائما أدخل الحمّام الذي هو فيه وأراه (36) على [ هذه الحالة و ] (37) هذا الشكل ، فلمّا أصبح (38) كنت ممّن دخل عليه ، فرأيته وقد اشتدّت قوّته وانتصبت قامته وطالت لحيته واحمرّ وجهه ، وعاد كأنّه ابن عشرين سنة ، ولم يزل على ذلك حتّى أدركته الوفاة.
ولمّا شاع هذا الخبر وذاع طلبه الحاكم وأحضر (39) عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة و[ هو ] (40) الآن على ضدّها كما وصفناه ولم ير بجراحاته أثرا ، وثناياه قد عادت ، فداخله (41) في ذلك رعب عظيم ، وكان يجلس في مقام الإمام القائم (42) عليهالسلام [ في الحلّة ] (43) ويعطي ظهره القبّة (44) الشريفة ، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها وعاد يلطف (45) بأهل الحلّة ، ويحسن إلى محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ولم ينفعه ذلك ، بل لم يلبث [ في ذلك إلاّ ] (46) قليلا حتّى مات. وكان ذلك في سنته (47). (48)
الهوامش :
(١) عن البحار.
(٢) في البحار : البقاع.
(٣) في البحار : « وشهد بالعيان أبناء الزمان » بدل « وسبق هذا بالعيان لكثير من أبناء الزمان ».
(٤) في البحار : وقد.
(٥) ليست في البحار.
(٦) في البحار : الصدق.
(٧) ليست في البحار.
(٨) ليست في البحار.
(٩) في البحار : فرفع.
(10) في البحار : « بضربه » بدل « به ».
(11) عن البحار.
(12) عن البحار.
(13) في النسخة : ميلة. والمثبت عن البحار.
(14) في النسخة : « بدورانه » بدل « أن يدوروا به » ، والمثبت عن البحار.
(15) من عندنا.
(16) عن البحار.
(17) عن البحار.
(18) في البحار : بدمه.
(19) « ورم » ليست في البحار.
(20) في النسخة : « فنعوه ». وفي البحار : « فنقله أهله في الموت ». والمثبت هو الأقرب لما في النسخة.
(21) في البحار : الغد.
(22) في البحار : غدا.
(23) عن البحار.
(24) في البحار : « على أتم حالة » بدل « على أتمّ ما كان في حال صحّته ».
(25) في البحار : « واندملت جراحاته » بدل « وجراحاته قد اندملت ».
(26) عن البحار.
(27) في البحار : فعجب الناس.
(28) عن البحار.
(29) في النسخة والبحار : « فكنت » ، والمثبت من عندنا.
(30) في البحار : « صاحب الزمان » بدل « محمّد بن الحسن القائم ».
(31) في البحار : « بمولاي صاحب الزمان ».
(32) عن البحار.
(33) عن البحار.
(34) كانت في النسخة : « أبا » ، ثمّ شطب عليها وكتب « أبو » ، والأصوب « أبا » لكنّا أثبتنا ما في النسخة والبحار.
(35) في البحار : مقرّض.
(36) في البحار : « وكنت دائما أراه » بدل « وأراه ».
(37) عن البحار.
(38) في البحار : أصبحت.
(39) في البحار : وأحضره.
(40) عن البحار.
(41) في البحار : فداخل الحاكم.
(42) ليست في البحار.
(43) عن البحار.
(44) في البحار : القبلة. وهو تصحيف قطعا.
(45) في البحار : يتلطّف.
(46) عن البحار.
(47) قوله « وكان ذلك في سنته » ليس في البحار.
(48) عنه في بحار الأنوار ٥٢ : ٧٠ ـ ٧١ / الرقم ٥٥. قال : روى السيّد علي بن عبد الحميد في كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان عند ذكر من رأى القائم عليهالسلام ، قال : فمن ذلك ....
ضمن كتاب السّلطان المفرّج عن أهل الإيمان السيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي النجفي
التعلیقات