ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر
بحوث حول المؤمل
منذ 11 سنةوهذه الأخبار على ضربين :
أحدهما يتضمّن النصّ على عدد الاثني عشر على الجملة ، والثاني : يتضمّن النصّ على أعيان الأئمّة الاثني عشر على التفصيل.
فأمّا الضرب الأول منهما:
فنحو ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخلت على فاطمة عليهاالسلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم عليّ (1).
وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إنّ الله تعالى أرسل محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الجنّ والإنس ، وجعل من بعده اثني عشر وصيّا ، منهم من سبق ومنهم من بقي ، وكلّ وصيّ جرت به
__________________
(1) الكافي 1 : 447 / 9 ، وكذا في : كمال الدين : 269 / 13 و 311 / 3 و 313 / 4 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 46 / 6 و 47 / 7 ، الفقيه 4 : 132 / 459 ، الخصال : 477 / 42 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للطوسي : 139 / 103 ، وفي بعضها « وثلاثة منهم علي » بدل « وأربعة منهم علي ».
166
سنّة ، والأوصياء الذين من بعد محمد على سنّة أوصياء عيسى ، وكانوا اثني عشر ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام على سنّة المسيح عليهالسلام » (1).
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضرا لمّا هلك أبو بكر واستخلف عمر ، إذ أقبل رجل من عظماء يهود يثرب يزعم يهود المدينة أنّه أعلم [ أهل ] زمانه ، حتّى رفع إلى عمر فقال له : يا عمر ، إنّي جئتك أريد الإسلام ، فإن أخبرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنّة وجميع ما أريد أن أسأل عنه.
قال : فقال له عمر : إنّي لست هناك ولكنّي أرشدك إلى من هو أعلم أمّتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك. وأومأ إلى عليّ عليهالسلام.
وساق الحديث إلى أن قال : قال له أمير المؤمنين عليهالسلام : « سل عمّا بدا لك (2) ».
فقال : أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة.
فقال له عليّ عليهالسلام : « لم لم تقل : عن سبع »؟
فقال له اليهوديّ : إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقيّة وإلاّ كففت.
__________________
(1) الكافي 1 : 447 / 1 ، وكذا في : كمال الدين : 326 / 4 ، الخصال : 478 / 43 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 55 / 2 ، الامامة والتبصرة : 134 / 146 ، ارشاد المفيد 2 : 345 ، الغيبة للطوسي : 141 / 105 ، اثبات الوصية : 228.
(2) في الكافى زيادة : اخبرك ان شاء الله
167
[ فقال له : « سل عما بدا لك يا يهوديّ » ] (1).
قال : أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الأرض ، وأوّل شجرة غرست على وجه الأرض ، وأوّل عين نبعت على وجه الأرض.
فأخبره أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ قال له اليهوديّ : أخبرني عن هذه الامّة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيّكم محمد أين منزله في الجنّة؟ وأخبرني من معه في الجنّة؟
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّ لهذه الامّة اثني عشر إماما من ذرّيّة نبيّها وهم منّي ، وأمّا منزل نبيّنا في الجنّة ففي أفضلها وأشرفها جنّة عدن ، وأمّا من معه في منزله فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيّته وأمّهم وجدّتهم وأمّ أمّهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد ». الخبر بتمامه (2).
وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن حيّان السراج ، عن داود بن سليمان الكناني ، عن أبي الطفيل قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر حين بويع وعليّ جالس ناحية ، فأقبل يهوديّ جميل عليه ثياب حسان ـ وهو من ولد هارون ـ حتّى قام على رأس عمر بن الخطّاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أنت أعلم هذه الامّة بكتابهم وأمر نبيّهم؟ فطأطأ عمر رأسه ، فأعاد عليه القول ، فقال له عمر : ولم ذلك؟ فقال له : إنّي جئت مرتادا لنفسي ، شاكّا في ديني ، أريد الحجّة ، وأطلب البرهان.
فقال له عمر : دونك هذا الشابّ ، وأشار إلى أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(1) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي ، وكذا ما سبقه.
(2) الكافي 1 : 446 / 8 ، وكذا في : الغيبة للطوسي : 152 / 113 ، ونحوه في : كمال الدين : 300 / 8 ، وعيون أخبار الرضا : 52 / 19 ، والخصال : 476 / 40 ، والاحتجاج 1 : 226.
168
فقال الغلام : ومن هذا؟
قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ، ابن عمّ رسول الله ، وأبو الحسن والحسين ابني رسول الله ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ، وأعلم الناس بالكتاب والسنّة.
قال : فأقبل الغلام إلى عليّ عليهالسلام فقال له : أنت كذلك؟ فقال له عليّ : « نعم ».
قال الغلام : أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.
فتبسّم أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : « يا هاروني ، ما منعك أن تقول : سبعا »؟
قال : أريد أسألك عن ثلاث ، فإن علمتهنّ سألتك عمّا بعدهنّ ، وإن لم تعلمهنّ علمت أنّه ليس فيكم عالم.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « فإنّي أسألك بالإله الذي تعبده ، لئن أنا أجبتك عن كل ما تسأل لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني؟ » قال : ما جئت إلاّ لذاك.
قال : « فسل ».
قال : فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أيّ قطرة هي؟
وأوّل عين فاضت على وجه الأرض أيّ عين هي؟ وأوّل شجر اهتزّ على وجه الأرض أيّ شجر هو؟
( فقال عليهالسلام : « يا هاروني ، أمّا أنتم فتقولون : أوّل قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ، ولكنّه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها.
وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس ، وليس هو كذلك ، ولكنّها عين الحياة التي وقف عليها موسى
169
وفتاه ومعهما النون المالح فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميّتا إلاّ حيي.
وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أوّل شجر اهتزّ على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح عليهالسلام ، وليس هو كذلك ، ولكنّها النخلة التي اهبطت من الجنّة وهي العجوة ومنها تفرع كلّ ما ترى من أنواع النخل ».
فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لأجد هذا في كتب أبي هارون عليهالسلام كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليهالسلام » ) (1).
ثمّ قال : أخبرني عن الثلاث الأخر عن أوصياء محمد كم بعده من أئمّة عدل؟ و( أين ) (2) منزله في الجنّة؟ ومن يكون ساكنا معه في منزله؟
فقال : « يا هاروني ، إنّ لمحمّد اثني عشر وصيّا أئمّة عدل ، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسيّ في الأرض ، ومسكن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في جنّة عدن التي ذكرها الله عزّ وجل وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه أولئك الاثني عشر العدول ».
فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لأجد ذلك في كتب أبي هارون كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليهالسلام.
قال : فأخبرني عن الواحدة : كم يعيش وصيّ محمد بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟
فقال : « يا هاروني ، يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص
__________________
(1) ما بين القوسين لم يرد في الكافي ضمن الرواية المذكور سندها ، بل ورد عوضا عنه : فأجابه أمير المؤمنين عليهالسلام.
(2) في نسختي « ط » و « ق » : عن ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في الكافي.
170
يوما ، ثمّ يضرب ضربة هاهنا » ووضع يده على قرنه ، وأومأ إلى لحيته « فتخضب هذه من هذا ».
قال : فصاح الهاروني وقطع كستيجه (1) وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله وأنّك وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظّم ولا تستضعف قال : ثمّ مضى به عليّ عليهالسلام إلى منزله فعلّمه معالم الدين (2).
وقد روي هذا الخبر من طرق أخر تركناها خوف الإطالة.
وعن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوريّ ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : « إنّ الله تعالى خلق محمدا واثني عشر من أهل بيته من نور عظمته ، وأقامهم أشباحا في ضياء نوره ، يعبدونه ويسبّحونه ويقدّسونه ، وهم الأئمّة من بعد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم » (3).
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن الخشّاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن عليّ بن الحسين بن رباط ، عن ابن اذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « من آل محمد اثنا عشر إماما كلّهم محدّث من ولد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وولد عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فرسول الله وعليّ هما الوالدان » (4).
__________________
(1) الكستيج ( بالضم ) : خيط غليظ يشدّه الذمّي فوق ثيابه دون الزنار. « القاموس المحيط 1 : 205 ».
(2) الكافي 1 : 444 / 5 وكذا في : كمال الدين : 229 / 6 ، الغيبة للنعماني : 97 / 29.
(3) الكافي 1 : 446 / 6.
(4) الكافي 1 : 448 / 14 ، وكذا في : الغيبة للطوسي : 151 / 112 ، وباختلاف يسير في
171
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد ابن أبي عبد الله ؛ ومحمد بن حمزة ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن ابن العبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام قال : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لابن عبّاس : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة ، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
فقال ابن عبّاس : من هم؟
قال : « أنا وأحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون » (1).
وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : « آمنوا بليلة القدر أنّها تكون من بعدي لعلّي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده » (2).
الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد الهمدانيّ ، عن محمد بن معقل القرميسينيّ ، عن محمد بن عبد الله البصريّ ، عن إبراهيم ابن مهزم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن عليّ عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي ، وخلقهم من طينتي ، فويل للمتكبّرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي ، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي » (3).
__________________
ارشاد المفيد 2 : 347.
(1) الكافي 1 : 447 / 11 ، وكذا في : الخصال : 479 / 47 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للنعماني : 60 / 3 ، الغيبة للطوسي : 141 / 106.
(2) الكافي 1 : 448 / 12 ، وكذا في : الخصال : 480 / 48 ، ونحوه في ارشاد المفيد 2 : 346.
(3) كمال الدين : 281 / 33.
172
وعنه ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن محمد بن زياد الأزديّ ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار ، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الأئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالى على يده مشارق الأرض ومغاربها » (1).
وعنه ، حدّثنا عليّ بن أحمد ، حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الأئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم القائم ، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أمّتي بعدي ، المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر » (2).
وعنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدّثنا الحسين ابن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصريّ ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر ، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي » قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : « عليّ بن أبي طالب » قيل : فمن ولدك؟ قال : « المهديّ الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا
__________________
(1) كمال الدين : 282 / 35.
(2) كمال الدين : 259 / 4.
173
لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّ ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب » (1).
والأخبار من هذا الفنّ أكثر ممّا ذكرناه ، فلنقتصر على ما أوردناه ، ففيه كفاية ومقنع فيما نحوناه.
وأما الضرب الثاني ـ
وهو ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام ـ فمن ذلك : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمهالله قال : حدّثنا أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكّل ، ومحمد بن عليّ ماجيلويه ، وأحمد بن عليّ بن إبراهيم ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه ، وأحمد بن موسى بن زياد الهمدانيّ قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح.
وحدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميريّ جميعا ، عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد ، والحسن بن طريف ، جميعا ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال أبي عليهالسلام لجابر بن عبد الله الأنصاريّ : إنّ لي إليك حاجة ، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر : في أيّ الأوقات شئت.
فخلا به أبي فقال له يا جابر : أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أمّي فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أخبرتك به أمّي أنّ في ذلك اللوح مكتوبا.
قال جابر : أشهد بالله أنّي دخلت على أمّك فاطمة عليهاالسلام في
__________________
(1) كمال الدين : 280 / 27.
174
حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهنّئها بولادة الحسين ، فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنّه زمرّد ، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس ، فقلت لها : بأبي أنت وأمّي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت : هذا اللوح أهداه الله عزّ وجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ وأسماء الأوصياء من ولدي ، فأعطانيه أبي ليسرّني (1) بذلك.
قال جابر : فأعطتنيه أمّك فاطمة فقرأته واستنسخته.
فقال أبي عليهالسلام : فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ.
قال : نعم.
فمشى معه أبي عليهالسلام حتّى انتهى إلى منزل جابر وأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ.
قال جابر : فأشهد بالله أنّي رأيته هكذا في اللوح مكتوبا :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نوره وسفيره ، وحجابه ودليله ، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين.
عظّم يا محمّد أسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، قاصم الجبّارين ، ومذلّ الظالمين (2) ، وديّان يوم الدين ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذّبته عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين ، فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، إنّي لم أبعث نبيّا فأكملت أيّامه وانقضت مدّته (3) إلاّ جعلت له وصيّا ، وإنّي فضّلتك على
__________________
(1) في نسختي « ط » و « ق » : ليبشرني ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو موافق لما في كمال الدين.
(2) في نسخة « م » : ومبير المتكبرين.
(3) في نسختي « ط » و « ق » : عهده ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في كمال الدين.
175
الأنبياء وفضّلت وصيّك على الأوصياء ، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين.
فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه.
وجعلت حسينا خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة ، وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التّامة معه ، والحجّة البالغة عنده ، بعترته أثيب وأعاقب.
أوّلهم سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين.
وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي.
سيهلك المرتابون في جعفر ، الرادّ عليه كالرادّ عليّ ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ولاسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه.
وانتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس (1) ، لأنّ خيط فرضي لا ينقطع ، وحجّتي لا تخفى ، وأنّ أوليائي لا يشقون ، ألا من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي.
إنّ المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ أوليائي ، وعليّ وليّي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه بالاضطلاع ، يقتله عفريت مستكبر ، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح (2) إلى جنب شرّ خلقي.
حقّ القول منّي لأقرنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ، فهو وارث علمي ، ومعدن حكمي ، وموضع سرّي ، وحجّتي على خلقي ، جعلت الجنّة مثواه ، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار.
__________________
(1) الحندس : الليل الشديد الظلمة. « الصحاح ـ حدس ـ 3 : 916 ».
(2) في كمال الدين زيادة : ذو القرنين.
176
وأختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي وناصري ، والشاهد في خلقي ، وأميني على وحيي.
أخرج منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن.
ثمّ أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيّوب ، سيذلّ أوليائي في زمانه ، ويتهادون رءوسهم كما تتهادى رءوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنين في نسائهم ، أولئك أوليائي حقّا ، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل ، وأرفع الآصار والأغلال ، ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (1).
قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلاّ عن أهله (2).
قال : وحدّثنا أبو محمد الحسن بن حمزة العلويّ قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن درست السرويّ ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن عمران الكوفيّ ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، وصفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « يا إسحاق ، ألا ابشّرك؟ »
قلت : بلى جعلني الله فداك يا ابن رسول الله.
فقال : « وجدنا صحيفة بإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخطّ
__________________
(1) البقرة 2 : 157.
(2) كمال الدين : 308 / 1 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 41 / 2 ، وكذا في : الكافي 1 442 / 3 ، الغيبة للطوسي : 143 / 8 ، وباختلاف يسير في الغيبة للنعماني : 62 / 5.
177
أمير المؤمنين عليهالسلام فيها : « بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم » وذكر الحديث مثله سواء إلاّ إنّه قال في آخره : ثمّ قال الصادق عليهالسلام : « يا إسحاق هذا دين الملائكة والرسل ، فصنه عن غير أهله يصنك الله ويصلح شأنك » ثمّ قال : « من دان بهذا أمن عقاب الله عزّ وجلّ » (1).
قال : وحدّثنا عليّ بن الحسين المؤدّب وأحمد بن هارون الفاميّ قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ابن مالك الفزاريّ الكوفي ، عن مالك السلوليّ ، عن درست بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن جبلة ، عن أبي السفاتج ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقدّامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار ، فيه اثنا عشر اسما : ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة اسماء في آخره وثلاثة أسماء في طرفه ، فعددتها فإذا هي اثنا عشر ، فقلت : أسماء من هؤلاء؟ قالت : « هذه أسماء الأوصياء ، أوّلهم ابن عمّي وأحد عشر من ولدي آخرهم القائم ».
قال جابر : فرأيت فيها محمّدا ، محمّدا ، محمّدا في ثلاثة مواضع ، وعليّا ، وعليّا ، وعليّا ، وعليّا ، في أربعة مواضع (2).
قال : وحدّثنا أبو العبّاس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل قال : حدّثنا سعيد بن محمد القطّان قال : حدّثنا عبد الله بن موسى الروياني ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن عليّ
__________________
(1) كمال الدين : 312 / ضمن حديث 3
(2) كمال الدين : 311 / 2 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 46 / 5.
178
ابن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام قال : حدّثني عبد الله بن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام : أنّ محمد بن عليّ عليهماالسلام باقر العلم جمع ولده ـ وفيهم عمّهم زيد بن عليّ ـ ثمّ أخرج إليهم كتابا بخطّ عليّ عليهالسلام وإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكتوب فيه : « هذا كتاب من الله العزيز الحكيم العليم » حديث اللوح إلى الموضع الذي يقول فيه : « وأولئك هم المهتدون » ثمّ قال في آخره : قال عبد العظيم : العجب كلّ العجب لمحمد ابن جعفر وخروجه وقد سمع أباه يقول هذا ويحكيه ، ثم قال : هذا سرّ الله ودينه ودين ملائكته فصنه إلاّ عن أهله وأوليائه (1).
قال : وحدّثنا أبي قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عبد الله بن جعفر الطيّار يقول : كنّا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد. فذكر حديثا جرى بينه وبينه ، وأنّه قال لمعاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « إنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثمّ أخي عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم ابني الحسين بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا عليّ ، ثمّ ابنه محمد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا حسين ، ثمّ تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين ».
__________________
(1) كمال الدين : 312 / ذيل حديث 3.
179
قال عبد الله : ثمّ استشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس ، وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية.
قال سليم بن قيس الهلالي : وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذرّ والمقداد وأسامة بن زيد أنّهم سمعوا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (1).
وحدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبان بن تغلب ، عن سليم قيس الهلالي ، عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول : « أنت سيّد ابن سيّد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم » (2).
قال : وحدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين عليهمالسلام قال : « سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم
__________________
(1) كمال الدين : 270 / 15 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 47 / 8 ، الخصال : 477 / 41 ، وكذا في : الكافي 1 : 444 / 4 ، والغيبة للنعماني : 95 / 27 ، والغيبة للطوسي : 137 / 101.
(2) كمال الدين : 262 / 9.
180
حتّى يردوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حوضه » (1).
قال : وحدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق النهديّ ، عن الحسين بن علوان ، عن عمر بن خالد ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عبّاس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون » (2).
قال : وحدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان ، حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، حدّثنا الفضل بن الصقر العبديّ ، حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا سيّد النبيّين ، وعلي بن أبي طالب سيّد الوصيّين ، وأنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ ابن أبي طالب وآخرهم القائم » (3).
قال : وحدّثنا غير واحد من أصحابنا ، حدّثنا محمد بن همّام ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاريّ ، عن الحسين بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن جابر ابن يزيد الجعفيّ قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لمّا أنزل الله تعالى على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (4) قلت : يا رسول الله ، عرفنا الله
__________________
(1) كمال الدين : 240 / 64 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 57 / 25.
(2) كمال الدين : 280 / 28 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 64 / 30 ، وكذا في كفاية الأثر للخزاز : 19.
(3) كمال الدين : 280 / 29 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 64 / 31.
(4) النساء 3 : 59.
181
ورسوله ، فمن أولي الأمر الذي قرن الله طاعتهم بطاعتك؟
فقال عليهالسلام : « هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثم عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي ، حجّة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ، ابن الحسن ابن عليّ ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان ».
قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إي والذي بعثني بالنبوّة انّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاّها سحاب ، يا جابر : هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله فاكتمه إلاّ عن أهله » (1) إلى آخر الخبر.
قال : وحدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفيّ حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة ، عن سعيد ابن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله تعالى اطّلع على الأرض اطّلاعة فاختارني منها فجعلني نبيّا ، ثمّ اطّلع الثانية فاختار منها عليّا فجعله إماما ، ثمّ أمرني أن أتّخذه أخا ووصيّا
__________________
(1) كمال الدين : 253 / 3.
182
وخليفة ووزيرا فعليّ منّي وأنا من عليّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطيّ الحسن والحسين ، ألا وإنّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججا على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيّتي ، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهديّ أمّتي ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله ، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة فيعلن أمر الله ويظهر دين الله ويؤيّد بنصر الله وينصر بملائكة الله ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا » (1).
وبهذا الإسناد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حدّثني جبرئيل عن رب العزة جلّ جلاله أنّه قال : من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي ، وأنّ محمّدا عبدي ورسولي ، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، وأنّ الأئمّة من ولده حججي ، أدخلته الجنّة برحمتي ، ونجيته من النار بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من خاصّتي وخالصتي ، إن ناداني لبيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن ( رجع إليّ قبلته ، وإن قرع بابي فتحت له.
ومن لم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وحدي ، أو ) (2) شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمدا عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي ، وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني
__________________
(1) كمال الدين : 257 / 2 ، وكذا في : كفاية الأثر للخزاز : 10.
(2) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ط » و « ق » واثبتناه من نسخة « م ».
183
حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه ، وإن رجاني خيّبته ، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلاّم للعبيد ».
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ، ومن الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟
قال : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ، ثمّ الباقر محمد بن عليّ. وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرئه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمد ، ثمّ الكاظم موسى جعفر ، ثمّ الرضا عليّ بن موسى ، ثمّ التقيّ محمد بن عليّ ، ثمّ النقيّ عليّ بن محمد ، ثمّ الزكيّ الحسن بن عليّ ، ثم ابنه القائم بالحقّ مهدي أمّتي ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها » (1).
قال : وحدثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن أبيه ، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن محمد بن داود ، عن محمد بن الجارود العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة قال : خرج علينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن عليهالسلام وهو يقول : « خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم ويده في يدي هكذا وهو يقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا وهو إمام كلّ مسلم وأمير كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّي
__________________
(1) كمال الدين : 258 / 3.
184
أقول : إنّ خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كرب وبلاء ، أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة ، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه ، خلفاء الله في أرضه ، وحججه على عباده ، وأمناؤه على وحيه ، أئمّة المسلمين ، وقادة المؤمنين ، وسادة المتّقين ، وتاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نورا بعد ظلمتها ، وعدلا بعد جورها ، وعلما بعد جهلها.
والذي بعث أخي محمدا بالنبوّة ، واختصّني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرئيل ، ولقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا عنده ، عن الأئمّة بعده فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم للسائل : والسماء ذات البروج إنّ عددهم بعدد البروج ، وربّ الليالي والأيّام والشهور إنّ عدّتهم كعدد الشهور. قال السائل : فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده على رأسي فقال : أوّلهم هذا وآخرهم المهديّ ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن أحبّهم فقد أحبّني ، ومن أبغضهم فقد أبغضني ، ومن أنكرهم فقد أنكرني ، ومن عرفهم فقد عرفني ، بهم يحفظ الله دينه ، وبهم يعمّر بلاده ، وبهم يرزق عباده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات الأرض ، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين وموالي المؤمنين » (1).
قال : وحدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبيّ بمدينة السلام قال : حدّثنا محمد بن الفضل النحوي قال : حدّثنا محمد بن عليّ بن عبد الصمد
__________________
(1) كمال الدين : 259 / 5.
185
الكوفيّ ، قال : حدّثنا عليّ بن عاصم ، عن محمد بن عليّ بن موسى ، عن أبيه عليّ بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهمالسلام قال : « دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرض ، قال له أبيّ : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟
فقال : والذي بعثني بالحقّ نبيّا ، إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض ، وإنّه لمكتوب على يمين عرش الله : مصباح هاد ، وسفينة نجاة ، وإمام غير وهن ، وعزّ وفخر ، وعلم وذخر ، وإنّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام ، أو يجري ماء في الأصلاب ، أو يكون ليل أو نهار ، ولقد لقّن دعوات ما يدعو بهنّ مخلوق إلاّ حشره الله عزّ وجلّ معه ، وكان شفيعه في آخرته ، وفرّج الله عنه كربه ، وقضى بها دينه ، ويسّر أمره ، وأوضح سبيله ، وقوّاه على عدوّه ، ولم يهتك ستره.
فقال له أبي : وما هذه الدعوات يا رسول الله؟
قال : تقول إذا فرغت من صلواتك وأنت قاعد : اللهم إنّي أسألك بكلماتك ومعاقد عزّك ، وسكّان سماواتك وأنبيائك ورسلك ( أن تستجيب لي ، فقد ) (1) رهقني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسرا. فإنّ الله عزّ وجلّ يسهّل أمرك ، ويشرح صدرك ، ويلقّنك شهادة أن لا إله إلاّ الله عند خروج نفسك.
__________________
(1) في نسختي « ق » و « ط » : قد ، وما اثبتناه من نسخة « م ».
186
قال له أبي : يا رسول الله ، فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟
قال : مثل هذه النطفة كمثل القمر ، وهي نطفة تبيين وبيان ، يكون من اتّبعه رشيدا ، ومن ضلّ عنه غويّا.
قال : فما اسمه وما دعاؤه؟
قال : اسمه عليّ ، ودعاؤه : يا دائم يا ديموم ، يا حيّ يا قيّوم ، يا كاشف الغمّ ، ويا فارج الهمّ ، ويا باعث الرسل ، ويا صادق الوعد. من دعا بهذا الدعاء حشره الله مع عليّ بن الحسين ، وكان قائده إلى الجنّة.
قال له أبي : يا رسول الله ، فهل له من خلف ووصيّ؟
قال : نعم ، له مواريث السماوات والأرض.
قال : وما معنى مواريث السماوات والأرض؟
قال : القضاء بالحقّ ، والحكم بالديانة ، وتأويل الأحكام ، وبيان ما يكون.
قال : فما اسمه؟
قال : اسمه محمّد ، وإنّ الملائكة لتستأنس به في السماوات ، ويقول في دعائه : اللهم إن كان لي عندك رضوان وودّ فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي ، وطيّب ما في صلبي.
فركّب الله عزّ وجلّ في صلبه نطفة مباركة زكيّة ، وأخبرني [ جبرئيل ] (1) عليهالسلام أنّ الله تعالى طيّب هذه النطفة وسمّاها عنده جعفرا ، وجعله هاديا مهديّا ، وراضيا مرضيّا ، يدعو ربّه فيقول في دعائه : يا دان غير متوان ، يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء ، ولهم عندك رضى ، واغفر ذنوبهم ، ويسّر أمورهم ، واقض ديونهم ، واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من كلّ
__________________
(1) ما بين المعقوفين اثبتناه من الكمال.
187
غمّ فرجا. من دعا بهذا الدعاء حشره الله أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنّة.
يا أبيّ ، إنّ الله تبارك وتعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكيّة ، مباركة طيّبة ، أنزل عليها الرحمة ، وسمّاها عنده موسى.
فقال له أبيّ : يا رسول الله ، كأنّهم يتواصفون ويتناسلون ، ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا.
قال : وصفهم لي جبرئيل عن ربّ العالمين جلّ جلاله.
قال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟
قال : نعم يقول في دعائه : يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ، يا فالق الحبّ ، ويا بارئ النسم ، ومحيي الموتى ومميت الأحياء ، ودائم الثبات ، ومخرج النبات ، افعل بي ما أنت أهله. من دعا بهذا الدعاء قضى الله حوائجه ، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر.
وإنّ الله عزّ وجل ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة ، زكيّة مرضيّة ، وسمّاها عنده عليّا وكان لله في خلقه رضيّا ، في علمه وحكمه ، وجعله حجّة لشيعته يحتجون به يوم القيامة. وله دعاء يدعو به : اللهم أعطني الهدى وثبّتني عليه واحشرني عليه ، آمنا أمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع ، إنّك أهل التقوى وأهل المغفرة.
وإنّ الله عزّ وجل ركّب في صلبه نطفة مباركة طيّبة ، زكيّة مرضيّة ، وسمّاها محمد بن عليّ ، فهو شفيع شيعته ، ووارث علم جدّه ، له علامة بيّنة ، وحجّة ظاهرة ، إذا ولد يقول : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، ويقول في دعائه : يا من لا شبيه له ولا مثال ، أنت الله لا إله إلاّ أنت ، ولا خالق إلاّ أنت ، تفني المخلوقين وتبقى أنت ، حلمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك. من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن عليّ شفيعه يوم القيامة.
188
وإنّ الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة ، طيّبة طاهرة ، سمّاها عنده عليّ بن محمد ، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّ مكتوم ، من لقيه وفي صدره شي أنبأه به وحذّره من عدوّه. ويقول في دعائه : يا نور يا برهان ، يا مبين يا منير ، يا ربّ اكفني شرّ الشرور ، وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور. من دعا بهذا الدعاء كان عليّ بن محمّد شفيعه وقائده إلى الجنّة.
وإنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة وسمّاها عنده الحسن ، فجعله نورا في بلاده ، وخليفة في أرضه ، وعزّا لامّته ، وهاديا لشيعته ، وشفيعا لهم عند ربّهم ، ونقمة على من خالفه ، وحجّة لمن والاه ، وبرهانا لمن اتّخذه إماما. يقول في دعائه : يا عزيز العزّ في عزّه ، يا عزيزا أعزّني بعزّك ، وأيّدني بنصرك ، وأبعد عنّي همزات الشيطان ، وادفع عنّي بدفعك ، وامنع عنّي بصنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد. من دعا بهذا الدّعاء حشره الله عزّ وجل معه ، ونجاه من النار ولو وجبت عليه.
وإن الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة زكيّة طيّبة ، طاهرة مطهّرة ، يرضى بها كلّ مؤمن (1) ممّن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية ، ويكفر بها كلّ جاحد ، فهو إمام تقيّ نقيّ ، سارّ مرضيّ هاد مهديّ ، يحكم بالعدل ويأمر به ، يصدّق الله ويصدّقه الله في قوله ، يخرج من تهامة حتّى يظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضّة إلاّ خيول مطهّمة ورجال مسوّمة ، يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وحلاهم وكناهم ، كرّارون مجدّون في طاعته.
__________________
(1) في نسخة « م » زيادة : امتحن الله قلبه للإيمان.
189
فقال له أبيّ : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟
قال : له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، وأنطقه الله فناداه العلم : أخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله. وهما رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عزّ وجل فناداه السيف : أخرج يا وليّ الله (1) فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله. فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ، ويحكم بحكم الله ، يخرج وجبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وشعيب بن صالح على مقدّمته ، وسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله ولو بعد حين.
يا أبيّ طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به ، ينجيهم الله من الهلكة ، وبالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمّة تفتح لهم الجنّة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي تسطع ريحه فلا يتغيّر أبدا ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا.
قال أبي : يا رسول الله كيف [ جاءك ] (2) بيان هؤلاء الأئمّة عن الله عزّ وجل؟
قال : إنّ الله عزّ وجلّ أنزل عليّ اثنتي عشرة صحيفة ، باثني عشر خاتما ، اسم كلّ إمام على خاتمه وصفته في صحيفته » (3).
قال : وحدّثنا محمد بن عليّ ماجيلويه قال : حدّثنا عمّي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن محمد بن عليّ القرشيّ ،
__________________
(1) في نسخة « م » زيادة : وأمرني بأمرك يا حجة الله.
(2) في نسخنا : جاء ، وأثبتنا ما هو موافق لما في بعض نسخ كمال الدين.
(3) كمال الدين : 264 / 11 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 59 / 29.
190
عن محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن محمد بن عليّ الباقر ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهمالسلام قال : « دخلت أنا وأخي على جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأجلسني على فخذه وأجلس أخي الحسن على فخذه الاخرى ، ثمّ قبّلنا وقال : بأبي أنتما من إمامين صالحين ، اختاركما الله منّي ومن أبيكما وأمّكما ، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمّة تاسعهم قائمهم ، وكلّكم في الفضل والمنزلة عند الله سواء » (1).
قال : وحدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميريّ ، ومحمد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعا قالوا : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدّثنا أبو هاشم داود ابن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر محمد بن عليّ الثاني عليهالسلام ، قال : « أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ وسلمان الفارسيّ ، وأمير المؤمنين عليهالسلام متكئ على يد سلمان ، فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس ، فسلّم على أمير المؤمنين عليهالسلام فردّ عليهالسلام ، فجلس ثمّ قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنّ علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الاخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : سلني عمّا بدا لك.
فقال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟
__________________
(1) كمال الدين : 269 / 12
191
فالتفت أمير المؤمنين عليهالسلام إلى الحسن فقال : يا أبا محمد أجبه.
فقال عليهالسلام : أمّا ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه ، فإنّ روحه متعلّقة بالريح ، والريح متعلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة ، فإن أذن الله عزّ وجلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها ، وإن لم يأذن الله عزّ وجلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم تردّ على صاحبها إلى وقت ما يبعث.
وأما ما ذكرت من [ أمر ] الذكر والنسيان ، فإنّ قلب الرجل في حقّ وعلى الحقّ طبق ، فإن صلّى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامّة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ ، فأضاء القلب ، وذكر الرجل ما كان نسي ، وإن هو لم يصلّ على محمد وآل محمد أو نقص (1) من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحقّ ، فاظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره.
وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله ، فإنّ الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب ، فأسكنت بذلك تلك النطفة في جوف الرحم ، خرج الولد يشبه أباه وأمّه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب ، اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق ، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق لأخوال أشبه الولد أخواله.
فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أن
__________________
(1) في نسختي « ط » و « ق » : انتقص.
192
محمدا رسول الله ، ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنّك وصيّ رسول الله والقائم بحجّته ـ وأشار إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ـ ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته ـ وأشار إلى الحسن عليهالسلام ـ وأشهد أنّ الحسين بن علي وصيّ أبيك والقائم بحجّته بعدك ، وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين من بعده ، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ ، وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد ، وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى ، وأشهد على عليّ بن محمد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ ، وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمّد ، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن عليّ ، لا يكنّى ولا يسمّى حتّى يظهر من يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، أنّه القائم بأمر الحسن بن عليّ ، والسلام عليكم أيّها المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
ثمّ قام ومضى فقال أمير المؤمنين : يا أبا محمّد ، اتبعه فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن عليّ عليهماالسلام على إثره.
قال : فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد فما رأيت أين أخذ من أرض الله ، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته فقال : يا أبا محمّد أتعرفه؟
فقلت : الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم.
فقال : هو الخضر عليهالسلام » (1).
__________________
(1) كمال الدين : 313 / 1 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 65 / 35 ، علل الشرائع : 96 / 6 ، وكذا في : تفسير القمي : 2 / 44 ، اثبات الوصية : 136 ، غيبة النعماني : 58 / 2 ، الاحتجاج : 266 ، دلائل الامامة : 69.
193
قال : وحدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهرويّ قال : أخبرنا وكيع ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام : « منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحقّ ، يحيي الله به الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون ، له غيبة يرتدّ فيها قوم ، ويثبت على الدين فيها آخرون فيؤذون ، ويقال لهم : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (1).
قال : وحدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق قال : حدّثنا محمد بن هارون الصوفيّ ، عن عبيد الله بن موسى ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ قال : حدّثني صفوان بن يحيى ، عن إبراهيم بن أبي زياد ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي خالد الكابليّ قال : دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام فقلت له : يا ابن رسول الله ، أخبرني بالذين فرض الله طاعتهم ومودّتهم ، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال لي : « يا كنكر (2) ، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله أئمّة للناس ، وأوجب عليهم طاعتهم : أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ثمّ
__________________
(1) كمال الدين : 317 / 3 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 68 / 36 ، وكذا في : مقتضب الأثر : 23.
(2) كنكر : لقب لأبي خالد الكابلي يعرف به.
194
الحسين ابنا عليّ بن أبي طالب ، ثمّ انتهى الأمر إلينا ».
ثمّ سكت ، فقلت له : يا سيّدي ، روي لنا عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على عباده ، فمن الحجّة والإمام بعدك؟
فقال : « ابني محمّد ، واسمه في التوراة باقر ، يبقر العلم بقرا ، هو الحجّة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق ».
فقلت : يا سيّدي ، فكيف صار اسمه الصادق وكلّكم الصادقون؟
فقال : « حدّثني أبي ، عن أبيه عليهماالسلام : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فسمّوه الصادق ، فإنّ الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراء على الله وكذبا عليه ، فهو عند الله جعفر الكذّاب المفتري على الله ، والمدّعي بما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد على أخيه ، ذلك الذي يروم كشف سرّ الله عند غيبة وليّ الله ».
ثمّ بكى عليّ بن الحسين عليهماالسلام بكاء شديدا ، ثمّ قال : « كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله ، والمغيّب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم (1) أبيه جهلا منه بولادته ، وحرصا على قتله إن ظفر به ، طمعا في ميراث أبيه حتّى يأخذه بغير حقّه ».
قال أبو خالد : فقلت له : يا ابن رسول الله ، وإنّ ذلك لكائن؟
فقال : « إي وربّي ، إنّ ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر
__________________
(1) في نسختي « ط » و « ق » : بحرمة ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو : الموافق لما في كمال الدين.
195
المحن التي تجري علينا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
قال : فقلت له : يا ابن رسول الله ، ثمّ يكون ما ذا؟
قال : « ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام بعده.
يا أبا خالد ، إنّ أهل زمان غيبته ، القائلين بإمامته ، والمنتظرين لظهوره ، أفضل من أهل كلّ زمان ، لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالسيف ، أولئك المخلصون حقّا ، وشيعتنا صدقا ، والدعاة إلى دين الله سرّا وجهرا » (1).
قال : وحدّثنا محمد بن عليّ ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكّل قالا : حدّثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن عبد الله بن الصلت القمّي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليهالسلام في منزل بمكّة ، فقال محمد بن عمران : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « نحن اثنا عشر محدّثا » ، فقال له أبو بصير : تالله لقد سمعت ذلك من أبي عبد الله عليهالسلام؟ فحلف مرّة أو مرّتين أنّه سمعه منه.
فقال أبو بصير : لكنّي سمعته من أبي جعفر عليهالسلام (2).
قال : وحدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أبي ، عن
__________________
(1) كمال الدين : 319 / 2.
(2) كمال الدين : 335 / 6 ، الخصال : 478 / 45 ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 1 : 56 / 23.
196
محمد بن الحسين بن زيد الزيّات ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عليّ بن سماعة ، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن رباط ، عن أبيه ، عن المفضّل بن عمر قال : قال الصادق عليهالسلام : « إنّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا ».
فقيل له : يا ابن رسول الله ، ومن الأربعة عشر؟
فقال : « محمد ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، والأئمّة من ولد الحسين ، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال ، ويطهّر الأرض من كلّ جور وظلم » (1).
قال : وحدّثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطّار قال : حدّثنا عليّ بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال : حدّثنا حمدان بن سليمان ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حيّان السرّاج ، عن السيّد ابن محمد الحميريّ في حديث طويل يقول فيه : قلت للصادق عليهالسلام : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحّة كونها فأخبرني بمن تقع؟
فقال عليهالسلام : « إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي ، وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وآخرهم القائم بالحقّ بقيّة الله في الأرض وصاحب الزمان ، ولو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما » (2).
وقد تقدّم ذكر هذا الحديث في أخبار الصادق عليهالسلام ، وكرّرته
__________________
(1) كمال الدين : 335 / 7.
(2) كمال الدين : 342 / 23.
197
هاهنا للحاجة إليه ، وأمثال هذه الأخبار كثيرة لا يحتمل هذا الكتاب أكثر ممّا ذكرناه ، وقد ذكر كثيرا منها الشيخ أبو جعفر بن بابويه في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة ، في إثبات الغيبة وكشف الحيرة » فمن أراد الزيادة فليطلب من هناك.
وقد صنّف الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمّد بن النعمان في ذلك كتابا مفردا ، ذكر فيه الأخبار الواردة في هذا المعنى ، بأسانيدها على التفصيل.
198
( ضمن كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى - ج 2 الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي )
التعلیقات