اربع شبهات حول الامام المهدي ع
السيّد أحمد الإشكوري
منذ 11 سنةالشبهة الثانية: مدسوسية الروايات:
أنَّ أحاديث المهدي أحاديث مدسوسة وموضوعة، فعن محمّد محي الدين عبد الحميد قال في آخر جزء العرف الوردي في أخبار المهدي في تعليقه: (يرى بعض الباحثين أنَّ كلّ ما ورد فيه عن المهدي وعن الدجّال من الإسرائيليات)(6).
وجوابها: كيف يمكن دعوى الوضع مع أنَّها مسجّلة في الصحاح التي اعتبروا كلّ ما فيها صحيحاً على ما تقدَّم، فقد صحَّح روايات المهدي الترمذي والذهبي وابن كثير والنيسابوري والتفتازاني والسيوطي والهيثمي، بل حكم بعضهم بالتواتر كالشوكاني(7).
الشبهة الثالثة: ضعف الروايات:
أنَّ أحاديث المهدي روايات ضعيفة كما عن ابن خلدون ومن تبعه كأحمد أمين وأبي زهرة ومحمّد فريد وجدي.
ويجاب عنها بوجهين:
1 _ أنَّه مع وجود دعوى التواتر ولو إجمالاً لا يضرُّ فرض الضعف، قال القنوجي في (الإذاعة): (لا شكَّ في أنَّ المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين لشهر وعام لما تواتر من الأخبار في الباب واتَّفق عليه جمهور الأمّة سلفاً عن خلف إلاَّ من لا يعتدّ بخلافه)، وقال: (إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة البالغة حدّ التواتر)(8).
2 _ أنَّ نفس صاحب الشبهة _ وهو ابن خلدون _ قال: (وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلاَّ القليل)(9)، وهو اعتراف بعدم النقد للبعض منها، فما الذريعة عندهم لعدم الأخذ بالسالم من النقد، بعد اعترافه بذلك.
3 _ لو سلَّمنا قبول ابن خلدون في التضعيف والتصحيح فإنّا نقول: إنَّه صحَّح أربعة أحاديث من مجموع ثلاثة وعشرين رواية ذكرها في المهدي.
الشبهة الرابعة: المهدوية فكرة شيعية:
أنَّ فكرة المهدي موجودة في فكر الشيعة فقط، دون غيره من المذاهب الأخرى، فعن عبد الرحمن محمّد عثمان في تعليقه على كتاب تحفة الآحوذي في باب: (ما جاء في الخلفاء): يرى الكثير من العلماء الثقات الأثبات أنَّ ما ورد في أحاديث خاصّة بالمهدي ليست إلاَّ من وضع الباطنية والشيعة وأضرابهم وأنَّه لا تصحّ نسبتها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وجوابها: أنَّ أحاديث المهدي ليست مختصّة بالشيعة، فالمذكور عندهم لا يقلُّ عمَّا هو المذكور عند الشيعة، فقد ألَّف الكثير من أعلام أهل السُنّة في الإمام المهدي (عليه السلام)، مثل: كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي، ومحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، ونور الدين بن صبّاغ المالكي، وسبط ابن الجوزي، ومحي الدين بن العربي، وعبد الرحمن جامي، وعبد الوهّاب الشعراني، والسيّد جمال الدين النيسابوري، والحافظ محمّد بن محمّد البخاري، والعارف عبد الرحمن الصوفي، والشيخ حسن العراقي، وأحمد بن إبراهيم البلاذري، وعبد الله بن أحمد الخشاب، والفضل بن روزبهان، وشمس الدين محمّد بن طولون الحنفي، وأحمد بن يوسف القرماني، وسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، وأحمد بن حجر الهيتمي المكّي الشافعي، وسعد الدين الحموي، وأبو المجد الدهلوي البخاري، وصلاح الدين الصفدي، وعلي أكبر بن أسد الله المؤدي، وجلال الدين السيوطي، وابن سعد صاحب الطبقات الكبرى، وابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن ماجة، وأبو داود، والبيهقي، وابن عساكر، وابن منظور، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم كثيراً.
الشبهة الخامسة: المهدوية قضيّة غيبية مشكوك فيها:
أنَّه لا شبهة ولا ريب في وجود الشكّ وعدم العلم بقضيّة المهدي، ولمَّا كانت قضيّة غيبية فلا مجال لقبولها.
وجوابها من وجهين:
1 _ وهو جواب نقضي: فإنَّ قضيّة المعاد قضيّة غيبية أيضاً، وفي تفاصيلها شكٌّ، ولكن ذلك لا يضرُّ باليقين بوجود أصل المعاد، فكذلك قضيّة المهدي.
2 _ وهو جواب حلّي: إنّا لو سلَّمنا بوجود الشكّ في قضيّة المهدي، فإنَّه شكٌّ في التفاصيل، والجزيئات، لا في أصل ثبوتها (أي وجود إمام باسم المهدي يخرج آخر الزمان)، فإنَّ هذا محلّ اتّفاق، وإجماع، وضرورة إسلاميّة، بل ضرورة دينية في أصل وجود المنقذ.
(ضن كتاب العقيدة المهدوية إشكاليات ومعالجات )
التعلیقات