إمامة الإمام المهدي عج بين النص والتواتر:حقيقةٌ عقدية قطعيَّة
مرتضى علي الحلي
منذ 10 سنواتإنّ من أقوى مانمتلكه نحن أتباع مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) في مشروعيَّة وحقانية إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) هو النصُ القطعي الدلالة والتواتر المفيد للأطمئنان النوعي في نفوس مُحَصِّليه.
وقبل البدء بالبحث لابُدَّ لنا من توضيح مفهوم النص والتواتر الَذَين نستند عليهما في تثبيت إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وحقانيتها فالنص إصطلاحاً// هو الوسيط اللغوي الذي يُنشِئُه المتكلم ويحمل في متنه دلالة يقينية وقطعية تُفيد ماأراد إيصاله إلى المتلقي للنص وبصورة صريحة وجلية لاتقبل التأويل.
وهو مانُسميه في علم الأصول بالدليل الشرعي اللفظي.
وأما التواتر // فهو إخبار جماعة يمتنع إتفاقهم عقلا على الكذب وكما يمتنع عقلاً أيضا خطئهم وإشتباههم والمعروف عن مفهوم التواتر عقلانيا أنه من القضايا العقلية الأولية في بداهتها وقطعية نتيجتها المفادية.
وبعد هذا نقول إنّ النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) قد نص صراحة وقطعا على إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وبشكل متواتر ومشهور في المجاميع الروائية وأبرز نص ذكره الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) هو قوله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) للحسين ( عليه السلام ) ( إبني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلِئت ظلما وجورا ) /إنظر/ الرسائل العشر/ للشيخ الطوسي/ص 98/.
ومن النصوص الصحيحة أيضافي صراحتها ودلالتها القطعية في إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) هو ما رواه الصحابي الجليل الثقة ( جابر بن عبد ألله الإنصاري ) : قال/لمّا قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) /59/النساء.
قُلتُ : : يا رسول ألله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) عرفنا ألله فأطعناه وعرفناك فأطعناك ، فمَنْ أولوا الأمر الذين أمرنا ألله بطاعتهم؟
قال ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ( هم خلفائي يا جابر وأولياء الأمر بعدي وفي نسخة ( أئمة المسلمين من بعدي ) أولهم أخي علي ( عليه السلام ) ثُمّ من بعده الحسن ( عليه السلام ) ولده ثُمّ الحسين ( عليه السلام ) ثُمّ علي بن الحسين ( عليه السلام ) ثُمّ محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام ثُمّ جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ثُمّ موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ثُمّ علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ثُمّ محمدبن علي ثُمّ علي بن محمد ثُمّ الحسن بن علي ( عليه السلام ) ثُمَّ محمد بن الحسن يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلِئَت ظلما وجورا ) /إنظر/ كفاية الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر/ للشيخ علي بن محمد بن علي الخزار الرازي/والذي يروي عن الشيخ الصدوق : /ص54/.
ومن النصوص الصحيحة أيضاً
ما ذكره الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) قائلاً ( إنّ ألله إختار من الأيام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر وإختار من الناس الأنبياء وإختار من الأنبياء الرسل وإختارني من الرسل وإختار مني عليا وإختار من علي الحسن والحسين وإختار من الحسين الأوصياء وهو تسعة من ولده ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وإنتحال المُبطلين وتأويل الجاهلين ) إنظر/ المُعتَبَر في شرح المُختصََر /المحقق الحلي/ج1/ص24/.
وقد نص الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) على ولادته ( عليه السلام ) وإمامته فقد أخرج الشيخ الصدوق عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمي أنه قال ( لما ولِدَ الخلف الصالح ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) على جدّي ( أحمد بن إسحاق كتاب وإذا فيه مكتوب بخطّ يده ( عليه السلام ) الذي كان يردُّ به التوقيعات عليه : ولِدَ المولود فليكن عندك مستورا وعن جميع الناس مكتوما فإنّا لم نُظِهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته والمولى لولايته أحببنا إعلامك ليسرَّكّ ألله به كما أسرّنا والسلام ) /بحار الأنوار/ ج51/ ص16/.
وروى الشيخ الصدوق أيضاً : أنّ أحمد بن إسحاق قال : ( سمعتُ أبا محمد الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) يقول : الحمدُ لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي أشبه الناس برسول ألله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) خَلقا وخُلِقا يحفظه ألله تبارك وتعالى في غيبته ثُمَّ يُظهِره فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما مُلِئَت جورا وظلما ) /المصدر السابق نفسه.
وتحدَّثَ الشيخ المفيد في كتابه /الإرشاد/ص345/ عن وفاة الإمام الحسن العسكري والد الإمام المهدي ( عليه السلام ) فقال ( وخلَّفَ إبنه المُنتَظَر لدولة الحق وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وشدّة طلب سلطان الزمان له وإجتهاده في البحث عن أمره ولما شاع من مذهب الشيعة الإمامية فيه وعُرِفَ من إنتظارهم له فلم يُظهِر ولده ( عليه السلام ) في حياته ولا عرفه الجمهور بعد وفاته ) .
وللأمانة إنّ النص على إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) جاء متواتراً وبشكل قطعي الدلالة من كل إمام معصوم قبله ( عليه السلام ) ونحن نعتقد إنّ نص الأئمة المعصومين ( عليه السلام ) هو دليل شرعي قطعي بحد ذاته ويجب التعبد به في مفاداته العقدية والشرعية وإخبارات المعصومين ( عليه السلام ) هي أيضا تُفيد التواتر القطعي بيقينية إمامة المهدي ( عليه السلام ) وذلك لأختلاف أزمانهم وعدم إجتماعهم في وقت واحد ولآستحالة صدور الكذب عنهم وحاشاهم عن ذلك إنّ ثُنائيّة النص والتواتر تُشكّل قيمة عقلانية وشرعية عالية جداً لأنّها ترتكز على نقطة محورية وهي عدم إجتماع المُخبرين في وقت واحد وإستحالة إتفاقهم على الكذب وإنتفاء المصلحة من الكذب عندهم لإختلاف طبقات وأمصار الناقلين للنصوص المتواترة لفظيا ومعنويا وحتى لودرسنا ثنائية النص والتواتر بطريقة رياضية مادية وفق نظام حساب الأحتمالات فسنصل يقينا لنتيجة قطعية يقينية المفاد والهدف لأنّ خبر بحد ذاته يُمثِّل قيمة ودرجة في حساب القرائن وتراكمها وإذا تصفحنا الروايات الكثيرة يتولد عندنا إطئمنان رياضي وعلمي بوجود حقيقة دينية وهي إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وحقانيتها.
التعلیقات